في عالم الأفيال.. هكذا يؤثر الأشقاء الأكبر على عمر الصغار وتكاثرهم وكتل أجسادهم

يستفيد صغار الفيلة من وجود أشقاء أكبر سنا (يوريك ألرت – فيربي لوما)

يعيش العديد من أفراد الثدييات مع أشقائهم خلال حياتهم. إذ تؤدي العلاقات فيما بينهم إلى ظهور سلوك تعاوني أو تنافسي أحيانا. غير أننا لا نعرف الكثير عن الأثر الذي يلعبه الأشقاء الكبار على الإخوة الأصغر سنا، خاصة في الثدييات طويلة العمر؛ حيث من الصعب تتبع العواقب طويلة المدى في الحيوانات طويلة العمر.

نشأة الفيلة الصغار مع أشقاء أكبر سنا تزيد من فرص البقاء على المدى الطويل (يوريك ألرت – فيربي لوما)

تأثير الإخوة

غير أن فريق دولي من العلماء من فنلندا والمملكة المتحدة وميانمار قد تغلبوا على هذا العائق بدراستهم لمجموعة من الأفيال شبه الأسيرة والمملوكة للحكومة في ميانمار. إذ تُستخدم هذه الأفيال في النهار كوسائل للنقل والركوب والجر، بينما تتركها الحكومة ليلا دون إشراف لتتفاعل وتتزاوج مع الأفيال البرية والمروضة.

وتقوم الأم عادة بتربية الفيلة الصغار حتى سن الخامسة، وهي السن التي يبدأ عندها تدريبهم على العمل. ويتم الاحتفاظ بسجلات المعلومات الخاصة بهذه الأفيال لفترات طويلة.

وقد كشفت الدراسة البحثية -التي نشرت بدورية "جورنال أوف أنيمال إيكولوجي" (Journal of Animal Ecology) في 20 سبتمبر/أيلول الجاري- أن الأشقاء الأكبر سنا في الأفيال الآسيوية شبه الأسيرة يؤثرون على الأبناء الأصغر منهم منذ نعومة أظافرهم حتى المراحل المتأخرة من حياتهم.

وأشارت الدراسة إلى أن نشأة الفيلة الصغار مع أشقاء أكبر سنا -سواء كانوا ذكورا أم إناث- تزيد من فرص بقائهم على المدى الطويل. غير أن تأثير الإناث الأكبر سنا كان أكبر من تأثير الذكور الكبار على أشقائهم الصغار.

السلوكيات التعاونية ضرورية للنمو والبقاء وللحفاظ على القدرة الإنجابية للأفيال (يوريك ألرت – فيربي لوما)

للشقيقة الكبرى أثر أكبر

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشرته "الجمعية البيئية البريطانية" (British Ecological Society) تعقيبا على الدراسة، فقد أظهرت النتائج أن إناث الأفيال الصغار التي نشأت مع إخوة إناث أكبر سنا قد حظيت بعمر أطول. كما أمكنها التكاثر أبكر من المستوى المتوسط بعامين، وذلك مقارنة بالفيلة التي نشأت مع ذكور أكبر سنا. إذ يلعب التكاثر في سن مبكرة دورا في زيادة نسل الفيلة.

وعلى النقيض من ذلك، فقد حظيت ذكور الأفيال الصغيرة -التي نشأت مع إخوة إناث أكبر منها- بعمر أقصر ووزن أكبر، وذلك مقارنة بأولئك الذين نشؤوا مع ذكور أكبر سنا. إذ تضيف زيادة كتلة الجسم أعباء إضافية على كلفة حياة الكائن في وقت لاحق، وكأنها تتبع إستراتيجية "عِش سريعا ومت شابا".

وتعقيبا على هذه النتائج تقول فيران بيرغر المؤلفة الرئيسة للدراسة -من "جامعة توركو" (University of Turku) في فنلندا- إن "علاقات الإخوة تشكل حياة الأفراد، وخاصة في الأنواع الاجتماعية كالأفيال. إذ تعتبر السلوكيات التعاونية ضرورية للنمو والبقاء وللحفاظ على القدرة الإنجابية للأفراد".

وتضيف ميركا لادينبيرا المؤلفة المشاركة في الدراسة قائلة إن "هذه الأفيال تعيش في بيئاتها الطبيعية، ومن ثم فهناك الكثير من أوجه التشابه بينها وبين الأفيال البرية، كبحثها الغريزي عن الطعام".

المعلومات الخاصة بكتلة جسم الأمهات عند الولادة قد تمكن من فصل تأثير الأمومة عن تأثير الأخوّة (بيكسابي)

أوجه للتشابه وعوامل خارجية

وتقول لادينبيرا إنه "على الرغم من كبر حجم المجموعات العائلية في الفيلة البرية، فإن أوجه التشابه أكبر بكثير من تلك الاختلافات. ولذا، فإنه من الممكن أن تنطبق هذه العلاقات التي وجدناها على الفيلة البرية أيضا. غير أننا بحاجة إلى مزيد من البحث للتأكد من الأمر".

ولدراسة العلاقات بين الأبناء، اعتمد الباحثون على بيانات السجلات الخاصة بمجموعة الفيلة الآسيوية والتي ضمت 2344 من الأفيال التي ولدت بين عامي 1945 و2018. إذ استُخدمت هذه البيانات لمعرفة التأثير الذي يلعبه وجود أشقاء -ذكور أو إناث- أكبر سنا على كتلة الجسم والتكاثر وفترة العمر الخاصة بالأشقاء الأصغر، مع وضع جنسهم في الاعتبار.

غير أن هذه الدراسة لم يمكنها استبعاد تأثير العوامل الخارجة عن تأثير الإخوة؛ مثل مدى الرعاية التي يوفرها الآباء، ومدى عبء العمل على الأفيال الصغار والكيفية التي تدار بها. ولذا فإن بيرغر تأمل أن تجمع "المزيد من المعلومات المتعلقة بكتلة جسم الأمهات عند الولادة، حتى يمكننا فصل تأثير الأمومة عن تأثير الأخوّة".

وتختتم بيرغر قائلة إن "جمع المزيد من البيانات سيمكننا من استكشاف تأثيرات البيئة على العلاقات بين الإخوة. إضافة لذلك، فإنه قد يمكننا من معرفة بعض الجوانب المتعلقة بصحة الأفيال الأصغر سنا؛ مثل مناعتها ووظائفها العضلية وتغيراتها الهرمونية".

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية

إعلان