اكتشاف ميكروبات هاضمة للبلاستيك في كرش الأبقار
هذه الإنزيمات تظهر في العديد من الأماكن في الطبيعة، حيث إن بعض الكائنات البحرية تفرزها، وكذلك الفطريات المتنوعة التي تتطفل على النباتات البرية.
اكتشف باحثون من النمسا أن الميكروبات الموجودة في كرش الحيوانات المجترة كالبقر والأغنام لها القدرة على التهام البلاستيك كمادة "البولي إيثيلين تيريفثاليت" (PET) المستخدمة في زجاجات الصودا وتغليف الأطعمة والأقمشة الصناعية.
ويعتبر الكرش أكبر حجرة في معدة الحيوانات المجترة، التي تعتمد على الكائنات الحية الدقيقة لهضم أو تخمير الأطعمة التي تستهلكها في نظامها الغذائي، الذي يحتوي على مادة البوليستر النباتي الطبيعي التي تسمى أيضا بالـ "كيوتين cutin".
الكيوتين والبوليستر الصناعي
يشكل الكيوتين معظم القشرة أو الطبقة الخارجية الشمعية لجدران الخلايا النباتية، ويمكن العثور عليه بكثرة في قشور الطماطم والتفاح، كما أنه يشبه مادة البولي إيثيلين تيرفثالات أو"البوليستر الصناعي" من حيث البنية الكيميائية. وقد أثار هذا التشابه فضول العلماء للبحث في قدرة الميكروبات الموجودة في كرش البقر على هضم مادة البوليسترات.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمواد بلاستيكية جديدة ونظيفة من رؤوس وعظام وجلود الأسماك
كل أجهزة جسمك والبيئة المحيطة بك معبأة بجزيئات البلاستيك المجهري
العالم يصم آذانه.. البشر يأكلون الأسماك ملوثة بالبلاستيك منذ أكثر من 70 عاما
ووفق تقرير نشر على موقع لايف ساينس، أوضحت دوريس ريبيتش من المركز النمساوي للتكنولوجيا الحيوية الصناعية (ACIB) في غراتس أن "الفطريات أو البكتيريا الموجودة في سائل كرش البقر تنتج إنزيمات قادرة على تكسير الكيوتين المغلف للخلايا النباتية تلك، أو أنها تقوم بتقسيم الروابط الكيميائية داخل المادة".
وأضافت "يمكن لفئة خاصة من الإنزيمات تسمى بـ"كيوتينيزس" (Cutinases) "أن تحلل الكيوتين حيث إنها قادرة على تقسيم جزيئات المادة إلى أجزاء صغيرة".
وقد نشرت نتائج الدراسة الجديدة بتاريخ 2 يوليو/تموز الجاري في دورية "فرونتيرز إن بيوإنجنيرنغ آند بيوتكنولوجي" (Frontiers in Bioengineering and Biotechnology).
وتوصل الباحثون فيها إلى أن قدرة ميكروبات كرش البقر لا تقتصر على تكسير البولي إيثيلين تيريفثاليت فحسب، بل تمتد لتحلل أو تكسر نوعين آخرين من البلاستيك وهما: "بولي بيوتيلين أديباتي تريفثالات" (Polybutylene adipate terephthalate) الذي يستخدم في الأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، و"فيورانوات البولي إيثيلين" (PEF) الذي يُصنع من المواد المتجددة المستخلصة من النباتات.
مزرعة ميكروبية
للوصول إلى تلك النتائج، قام الفريق باحتضان كل نوع من أنواع البلاستيك الثلاثة في سائل الكرش لمدة تراوحت من يوم إلى 3 أيام. ووجدوا أن سائل الكرش يكسر أنواع البلاستيك الثلاثة جميعا، إلا أنه كان أكثر كفاءة في تكسير فيورانوات البولي إيثيلين المستخلص من النباتات.
ولمعرفة الميكروبات التي قد تكون مسؤولة عن تحلل البلاستيك، قام الباحثون بأخذ عينات من الحمض النووي من سائل الكرش، ووجدوا أن ما يقارب 98٪ من الحمض النووي ينتمي إلى البكتيريا المثبتة علميا بقدرتها على تكسير البلاستيك، وأن الجنس الأكثر انتشارا منها هو "السودوموناس" (Pseudomonas) أو ما تعرف أيضا باسم الزائفة الأرجوانية.
وقد ظهرت أيضا بكتيريا من جنس الجرثوم الجريبي الراكد (Acinetobacter) بكميات كبيرة في السائل وهي تعرف أيضا بقدرتها على تكسير البوليستر الصناعي.
آكلات البلاستيك منتشرة في الطبيعة
وتسعى ريبيتش وفريقها حاليا إلى تحديد خصائص البكتيريا آكلة البلاستيك الموجودة في سائل كرش المجترات، وتحديد الإنزيمات المحددة التي تستخدمها البكتيريا لتفكيك البلاستيك. ومن ثم سيتوجب عليهم هندسة الميكروبات التي تنتج تلك الإنزيمات بكميات كبيرة وراثيا وبتكلفة زهيدة لاستخدامها في الصناعة، وذلك من دون الحاجة إلى جمعها مباشرة من معدة البقر.
ويرى الباحثون أن التحدي الحقيقي الآن يتمحور حول العثور على إنزيمات قادرة على تكسير الروابط القوية ما بين الجزيئات البلاستيكية المعقدة.
وقد يمثل كرش البقر بيئة أخرى لاكتشاف هذه الأنواع من الإنزيمات المفيدة، وهنا لا بد من التنبيه إلى أن هذه الإنزيمات تظهر في العديد من الأماكن في الطبيعة، حيث إن بعض الكائنات البحرية تفرز إنزيمات الكيوتينيز التي يمكن أن تكسر البلاستيك، كما تفعل الفطريات المختلفة التي تتطفل على النباتات البرية.