نظرية جريئة: آيسلندا ليست إلا قمة قارة مفقودة غارقة في المحيط

النظرية الجديدة عن آيسلنديا تتعارض مع النظريات السائدة لتشكيل منطقة شمال الأطلسي، الأمر الذي دفع عددا من الجيولوجيين والجيوفيزيائيين البارزين إلى نفي هذه الفكرة ومعارضتها بشكل جذري.

آراء متعارضة بشأن النظرية القائلة بأن آيسلندا قمة قارة آيسلنديا الغارقة (بيكسابي)

وفقا لنظرية جديدة اقترحها فريق دولي من الجيوفيزيائيين والجيولوجيين، قد تكون آيسلندا آخر بقايا مكشوفة لقارة -بمساحة ولاية تكساس الأميركية تقريبا- تسمى قارة "آيسلنديا" (Icelandia)، كانت قد غرقت تحت شمال المحيط الأطلسي منذ نحو 10 ملايين سنة.

النظرية الجديدة طرحتها جيليان فولجر، الأستاذة الفخرية للجيوفيزياء في "جامعة دورام" (Durham University) البريطانية، في فصل من كتاب حديث صادر عن الجمعية الجيولوجية الأميركية يحمل اسم "على خطى وارن بي. هاملتون: أفكار جديدة في علوم الأرض" (Footsteps of Warren B. Hamilton: New Ideas in Earth Science).

وفي حال تمكنت الدراسات الجيولوجية من إثبات هذه النظرية، فإن تبعات المصادقة على وجود القارة المفقودة سيكون لها بالغ الأثر على ملكية الوقود الأحفوري تحت قاع البحر، الذي ينتمي بموجب القانون الدولي إلى البلد الذي يمتد على الجرف القاري المحمل بالوقود.

امتدت قارة "آيسلنديا" بين غرينلاند والدول الاسكندنافية لمدة 10 ملايين عام (دييغو ديلسو – ويكيميديا كومونز)

آيسلنديا الكبرى

وفي تقرير نشر على موقع "لايف ساينس" (Live Science) بتاريخ 29 يوليو/تموز الجاري، أوضحت جيليان أنه من المحتمل أن تكون قارة "آيسلنديا" قد امتدت بين غرينلاند والدول الاسكندنافية على مدار 10 ملايين عام مضت، بينما شكلت منطقة أخرى مغمورة الآن غرب بريطانيا وأيرلندا جزءا من "آيسلنديا الكبرى".

وأضافت "مع مرور الزمن غرقت أجزاء منها في الغرب والشرق تحت سطح الماء، وفي حال انخفض مستوى سطح البحر 600 متر، سنتمكن من رؤية المزيد من الأراضي فوق سطح المحيط.

وعلى الرغم من أنها تتعارض مع الأفكار القديمة حول تكوين آيسلندا وشمال المحيط الأطلسي، يؤكد الباحثون أن النظرية الجديدة تشرح كل السمات الجيولوجية لقاع المحيط والسبب الكامن وراء زيادة سماكة قشرة الأرض أسفل أيسلندا عن الحد الطبيعي.

القارة المفقودة

لطالما اعتقد الجيولوجيون أن حوض شمال المحيط الأطلسي كان قد تشكل عندما بدأت "بانجيا" (Pangaea) القارة العملاقة بالانهيار قبل 200 مليون سنة، وأن آيسلندا قد تشكلت قبل حوالي 60 مليون سنة فوق عمود بركاني بالقرب من وسط المحيط.

إلا أن فولجر وفريقها يدعمون نظرية مختلفة، مفادها أنه مع تفكك القارة العملاقة بدأت المحيطات بالظهور جنوب وشمال آيسلندا وليس غربا وشرقا. وأن المناطق الواقعة إلى الغرب والشرق ظلت متصلة بما يعرف الآن بغرينلاند والدول الاسكندنافية.

ويرى العلماء، وفقا للبيان الرسمي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert) أن هذه النظرية تعلل السبب الكامن وراء سمك صخور القشرة الأرضية تحت آيسلندا الحديثة -الذي يقدر بـ40 كم بدلا من 8 كيلومترات- وهو ما كان متوقعا في حال تشكلت آيسلندا فوق عمود بركاني. وهكذا أدرك الباحثون أن المنطقة القارية كانت أكبر بكثير من آيسلندا نفسها، وبالتالي لا بد من وجود قارة مخفية هناك تحت سطح البحر.

امتدت آيسلنديا على أكثر من 600 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الجافة بين غرينلاند والدول الاسكندنافية (جيليان فولجر – غوغل مابس)

الجرف القاري

قدرت فولجر وزملاؤها أن آيسلنديا امتدت قديما على أكثر من 600 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الجافة بين غرينلاند والدول الاسكندنافية، وهي مساحة أصغر قليلا من تكساس. واقترحوا وجود منطقة مجاورة بحجم مماثل لتلك التي غرقت تحت الأمواج، حيث تمثل "آيسلنديا الكبرى"، وتقع إلى الغرب مما يعرف الآن ببريطانيا وأيرلندا.

وقد أظهرت الأدلة الأحفورية أن بعض النباتات متطابقة في كل من غرينلاند والدول الاسكندنافية. وهي نتيجة تعزز فكرة وجود قطاع عريض من الأراضي الجافة كان يربط المنطقتين. ومع ذلك، لم يتمكن الباحثون من العثور على دليل أحفوري لحيوانات في القارة المفقودة.

أخيرا، يمكن القول بأن مفهوم النظرية الجديدة لآيسلنديا يتعارض مع النظريات السائدة لتشكيل منطقة شمال الأطلسي، الأمر الذي دفع العديد من الجيولوجيين والجيوفيزيائيين البارزين إلى نفي هذه الفكرة ومعارضتها بشكل جذري.

المصدر : لايف ساينس + يوريك ألرت