هل تتشابه الحيوانات والبشر في معرفة الأجداد؟

قطعان الفيلة تشتهر بأنها أمومية (شترستوك)

نحن محظوظون حقا لوجود أجدادنا في حياتنا، فهم مصدر الحكمة والراحة والفرح، الكثيرون منا نشؤوا بالفعل مع أجدادهم، فالعائلة لا تقتصر في عالم البشر على الأم والأب لتربية الأطفال، ومن هنا يحظى الأجداد بالاحترام والتبجيل.

يتميز أجدادنا ببعض السلوكيات الكلاسيكية تجاهنا كأحفاد، مثل رواية القصص القديمة والتدليل والدفاع عنا وتبرير تصرفاتنا ورعايتنا بالكامل إذا تطلب الأمر، ولكن هل تقتصر هذه السلوكيات على الإنسان العاقل فقط؟ هل تعرف أي حيوانات أجدادها بالطريقة التي يعرف بها الناس أجدادهم؟ بالنسبة لمعظم الأنواع على الأرض، الإجابة التي لا لبس فيها هي "لا".

تقول ميركا لادينبيرا، عالمة الأحياء بجامعة توركو في فنلندا (University of Turku) في التقرير الذي نشره موقع لايف ساينس (Live Science)، "عادة، لا يكون هناك أجداد عندما يولد حيوان جديد". حتى لو كان عمر الحيوان يتقاطع مع عمر أجداده فإن معظم الأنواع تنتشر لتجنب التنافس على الموارد، وبالتالي فإن احتمالات الالتقاء بالأجداد ضئيلة. ولكن هناك استثناءات قليلة ملحوظة، خاصة بين الثدييات التي تعيش في مجموعات اجتماعية متماسكة.

الإناث في قطيع الفيلة يشكلن روابط وثيقة، ويتعاون لتربية صغارهن (يوريك ألرت)

لماذا الفيلة بالذات؟

تشتهر قطعان الفيلة بأنها أمومية، إذ تولد الفيلة عادة في مجموعات تقودها جداتها، اللائي يمكن أن يعشن حتى سن 80 عاما. تقول لادينبيرا، إن الإناث في القطيع يشكلن روابط وثيقة، ويتعاون لتربية صغارهن.

أرادت البروفيسورة فيليس لي أستاذة علم النفس بجامعة ستيرلينغ (University of Stirling) بالمملكة المتحدة معرفة المزيد عن كيفية تعاون عائلات الفيلة. وفي بحثها، المنشور في مجلة شبرنجر (Springer) عام 2016، وجدت شيئا مثيرا للدهشة وهو أن وجود جدة أحدث فرقا كبيرا فيما إذا كان الطفل الجديد على قيد الحياة أم لا.

تقول لي "لقد كان اكتشافا غير متوقع بالنسبة لنا، لم نعتقد أننا سنجد تلك العلاقة الإيجابية للغاية بين وجود جدة حاضرة ومدى جودة أداء البنات من حيث الإنجاب".

بالنسبة لمعظم الحيوانات، العيش وإنجاب الأطفال مرتبطان ببعضهما، فالحيوان يتوقف عن إنجاب الأطفال فقط عندما يموت، وهذا يجعل الحيوانات مثل الفيلة، والتي يمكن أن تعيش لفترة طويلة بعد أن تنتهي من التكاثر نادرة جدا.

يأتي جزء آخر من سبب تميز الأفيال من حقيقة أنها تعيش لفترة طويلة، في حين أن العديد من الحيوانات الأخرى ببساطة لا تعيش طويلا بما يكفي لرؤية أطفالها ينجبون. ولكن، حتى لو كان الأمر كذلك، فإن الحيوانات الأخرى ليس لديها بالضرورة أي ارتباط مهم بالطفل.

في العديد من الأنواع، سينتهي الأمر بالأم والجدة إلى قتال بعضهما من أجل الموارد والغذاء إذا كانا في المنطقة نفسها، لكن ليس في الفيلة.

في مجموعات قرود اللانغور في الهند، الإناث الأكبر سنا يجتمعن ببناتهن وأحفادهن (يوريك ألرت)

جدة قرود اللانغور

في كتابها "السلوك الاجتماعي للحيوانات الأكبر سنا" (The Social Behavior of Older Animals) المنشور عام 2009، وصفت عالمة الحيوان الكندية آن إنيس داج، مجموعات قرود اللانغور في الهند بأن الإناث الأكبر سنا يجتمعن ببناتهن وأحفادهن.

ولجدة قرود اللانغور وظيفة محددة، فهي تدافع بقوة عن أطفال المجموعة ضد هجمات البشر والكلاب والقرود المنافسة حتى أن بعض إناث اللانغور يمنحن أحفادهن معاملة خاصة، ويقومن بتدريسهم والتدخل عندما يلعبون بعنف مع صغار آخرين.

العديد من أنواع الحيتان يسافر في مجموعات عائلية تضم كلا من الجدات والأحفاد (يوريك ألرت)

حيتان العنبر والأوركا

يسافر العديد من أنواع الحيتان أيضا في مجموعات عائلية تضم كلا من الجدات والأحفاد. ووفقا لداج، فإن مجموعات من حيتان العنبر، تساعد فيها الإناث المسنات في رعاية صغار المجموعة بينما تغوص أمهاتهن بحثا عن الطعام.

وغالبا ما تقود جدات الأوركا أيضا، مجموعاتهن ويمكنهن العيش لعقود بعد توقفهن عن التكاثر. (توفي أقدم أوركا معروف، والملقب بـ جراني Granny، في عام 2016 عن عمر تجاوز الـ100 عام).

وفي عام 2015، كتب العلماء في دورية كارنت بيولوجي (Current Biology) أن حيتان الأوركا الكبيرة هذه تساعد أحفادها على البقاء على قيد الحياة في الأوقات الصعبة، لأنها تتذكر أفضل الأماكن للعثور على الطعام.

حشرات المن

أغلب الأدلة على وجود الجدات في حياة الأحفاد تأتي من الثدييات. لكن في عام 2010، أفاد باحثون في دورية كارنت بيولوجي بأنه في مستعمرات الحشرات التي تسمى حشرات المن (Quadrartus yoshinomiyai)، تدافع الإناث الأكبر سنا عن أقاربهن بعد توقفهن عن التكاثر.

كما وجدت دراسة أجريت عام 2007 في دورية إيفوليوشن (Evolution) أن أنثى طائر سيشل الأكبر سنا (Acrocephalus sechellensis) تساعد أحيانا نسلها في تربية الكتاكيت.

ماذا عن الأجداد الذكور؟

تقول لادينبيرا، إن الدراسات التي أجريت على البشر في العقود الأخيرة أظهرت أن وجود الجد في حياة الأحفاد يمكن أن يحسن الصحة العقلية للشخص إضافة إلى مؤشرات أخرى خاصة بالرفاهية، إلا إنه لا يوجد دليل على وجود دور للجد الذكر في مملكة الحيوان.

تميل الأفيال الذكور على سبيل المثال، إلى الخروج من تلقاء نفسها بعد وصولها سن البلوغ. وعلى الرغم من أنها تستطيع العيش لفترة طويلة بما يكفي لرؤية أطفالها، فإنها لا تقوم بأي دور عائلي.

ونادرا ما تختلط الحيوانات الذكور مع ذرياتها، تقول لادينبيرا "تركز (الحيوانات) الذكور عادة على إنجاب المزيد من النسل، ولا تقدم الكثير من الرعاية".

المصدر : لايف ساينس + يوريك ألرت

إعلان