قبيل انطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي.. ماذا ينتظر العلماء منه؟
تدريجيا، تساعد البيانات الفلكية العلماء على تكهن أحداث الماضي في الكون، ولكن على الرغم من توفر العديد من التلسكوبات الحديثة، فإن مجموعة البيانات الحالية لا تستطيع الإجابة عن كل التساؤلات.
قدرات غير مسبوقة
إذا نظرنا إلى مسافات مختلفة فإنها تقترن بأزمنة مختلفة في الماضي منذ الانفجار العظيم، ورغم أن مراصدنا الحديثة قد أعادتنا إلى ماضي كوننا السحيق، لكن تظل هناك أسئلة عديدة حول ما حدث في أوقات مبكرة جدا، وكذلك حول تفاصيل أحداث الأوقات اللاحقة التي لا تزال غامضة ليومنا هذا.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsما مدى سرعة تمدد الكون؟ المجرات تقدم الإجابة
نسبة الحديد وثخانة القشرة يحددان أي الكواكب أصلح للحياة
إليك أهم الأحداث العلمية المتوقعة في 2021
فقط المراصد ذات القدرات الفائقة هي التي ستحل هذه الألغاز. فبعد سنوات من التطوير، اكتمل الآن تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا، وتبقى عملية النقل وجاهزية موقع الصاروخ وموقع الإطلاق بمثابة عقبات ما قبل الإطلاق الذي يتوقع أن يتم في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
سيتم إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي على صاروخ آريان 5، وهو جزء من المساهمة الأوروبية في المهمة، وقد حقق آريان 5 سلسلة من أكثر من 80 عملية إطلاق ناجحة متتالية، قبل فشل جزئي منذ بضع سنوات، وهي واحدة من أكثر مركبات الإطلاق نجاحا في تاريخ الفضاء.
وبعد نجاح الإطلاق، فإن 5 ثورات علمية قد أصبحت وشيكة حين يمدنا التلسكوب ببيانات حولها:
1- الكشف عن أول النجوم
رأينا أقدم النجوم، ولكن لم نر بعد أول نجوم ما بعد الانفجار العظيم، فمن المتوقع أن تكشف عيون ويب التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء عن أشياء تعود إلى 13.6 مليار سنة: وهو وقت مبكر بشكل غير مسبوق.
تحاط النجوم الأولى في الكون بذرات متعادلة (غالبا) من غاز الهيدروجين، والتي تمتص ضوء النجوم، ويجعل الهيدروجين الكون معتما للأشعة فوق البنفسجية، والمرئية، وجزء كبير من ضوء الأشعة القريبة من تحت الحمراء، لكن الأطوال الموجية الأطول قد تكون قابلة للرصد ومرئية لمراصد المستقبل القريب.
وقد تسمح عيون جيمس ويب التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء باختراق هذا الغبار، لتكشف عن تفاصيل أقدم النجوم التي شوهدت على الإطلاق.
يساعد أبعد تدفق للأشعة السينية في الكون من الكويزار "جي بي 1428" ("Quasar "GB 1428) في توضيح مدى سطوع هذه الأجسام، فإذا تمكنا من معرفة كيفية استخدام الكويزار (الذي يعرف أيضا بالنجم الزائف أو شبيه النجم) لقياس تمدد الكون، فإننا يمكننا أن نفهم طبيعة الطاقة المظلمة كما لم يحدث من قبل.
2- كيف تتشكل الثقوب السوداء
أصغر الكويزارات ضخمة جدًا، ويجب أن يكشف ويب عن الكويزارات وصولا إلى المجرات المضيفة، ليكشف عن نمو الثقب الأسود في الكون المبكر.
إذا بدأت بثقب أسود أولي عندما كان عمر الكون 100 مليون سنة، فهناك حد لمعدل نموه: حد إدينغتون. فإما أن تكون هذه الثقوب السوداء قد بدأت أكبر مما تتوقعه نظرياتنا، أو أنها قد تشكلت في وقت أبكر مما ندركه، أو أنها تنمو بشكل أسرع مما يسمح فهمنا الحالي بتحقيق قيم الكتلة التي نعرفها.
3- مراحل تطور النجوم
النجوم في خضم فنائها تخلق عناصر ثقيلة في جميع أنحاء الكون، ومن خلال دراسة الغبار بين النجوم سيكشف ويب كيف أن النجوم الضخمة والمستعرات العظمى القديمة تثري الكون.
وقد كشفت صور ألما العالية الدقة عن "نقطة" ساخنة في قلب المستعر الأعظم "1987 إيه" (Supernova 1987A) الغباري، يمكن أن تكون موقع النجم النيوتروني المفقود، حيث يُظهر اللون الأحمر الغبار والغاز البارد في وسط بقايا المستعر الأعظم، مأخوذا بأطوال موجات الراديو باستخدام ألما.
ويكشف اللونان الأخضر والأزرق عن مكان اصطدام موجة الصدمة التوسعية من النجم المتفجر بحلقة من المواد حول المستعر الأعظم. سيقدم ويب رؤية أشياء مثل هذه بشكل أفضل من نواح كثيرة.
قد يكون القرص الكوكبي الدوار حول النجم "إتش إل توري" (HL Tauri) في العناقيد النجمية أفضل نظير لنجم شبيه بالشمس. كان هذا أول قرص كوكبي دوار من ألما يعرض الحلقات والفجوات. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، قادتنا معرفتنا بتطور الكواكب الأولية إلى فهم كامل لهذه الأنظمة.
4- كيف تتشكل مجموعة الكواكب
يعتبر القرص الكوكبي الدوار مختبرا طبيعيًا لتكوين الكواكب، وسيراقب ويب مراكز أقراص الكواكب الدوارة، ويحدد بدقة وفرة العناصر والجزيئات من خلالها.
يحتوي النجم الأولي "آي إم لب" (IM Lup) على قرص كوكبي دوار حوله، لا يعرض الحلقات فحسب، بل يُظهر أيضًا الشكل الحلزوني باتجاه المركز.
ومن المحتمل أن يكون هناك كوكب ضخم للغاية يسبب هذه السمات الحلزونية، لكن هذا لم يتم تأكيده بشكل قاطع.
وفي المراحل الأولى من تكوين نظام شمسي، تسبب أقراص الكواكب الدوارة احتكاكا ديناميكيا، مما يتسبب في دوران الكواكب الصغيرة نحو الداخل بدلا من الأشكال الإهليجية الكاملة والمغلقة.
5- القياس المباشر للإكسوسفير
الإكسوسفير هي الطبقة الأخيرة من الغلاف الجوي للكواكب، وسوف يحجب مرسام الإكليل الخاص بويب ضوء النجم ويكشف عن الكواكب التي تدور حوله، وربما اكتشاف جزيئات الحياة الأولية، وربما حتى البصمات الحيوية.
يُعتقد أن الكوكب النجمي "بروكسيما بي" (Proxima b) غير مضياف للحياة بسبب سلوك نجمه المتعرج في الغلاف الجوي، حيث دائمًا ما يظل أحد الجانبين مواجها للشمس ويظل الجانب الآخر متجمدًا دائمًا. باستخدام ويب، سنتمكن من التصوير المباشر والقياسات الطيفية، بما في ذلك رصد ثاني أكسيد الكربون.
تم فحص الغلاف الجوي للكوكب النجمي "واسب-33 بي" (WASP-33b) أثناء ترشيح ضوء النجوم عبر الغلاف الجوي للكوكب قبل أن يصل إلى أعيننا.
ويمكن أن تعمل تقنيات مماثلة مع الكواكب النجمية الأخرى أيضا، ولكن لتصوير الغلاف الجوي لكواكب بحجم الأرض -على عكس واسب 33 بي الذي هو بحجم كوكب المشتري- فإننا نحتاج إلى مراصد أكبر وأكثر تقدمًا من تلك الموجودة لدينا اليوم. سيقوم ويب بتحطيم جميع سجلات حجم التحليل الطيفي العابر لدينا حاليا.