الباحثة سناء السيد تقود فريقا لاكتشاف حفريات أسماك بحرية بصحراء مصر الشرقية

الأسماك البحرية ازدهرت في مصر خلال الحقبة المعروفة بالعصر الباليوسيني -الإيوسيني (الجزيرة)

أظهرت دراسة -أجراها فريق من العلماء المصريين وزميل من "جامعة ميشيغان" (University of Michigaan)- حفريات لأسماك مكتشفة حديثا في موقع بالصحراء الشرقية المصرية على بعد 322 كيلومترا جنوب شرق القاهرة حملت اسم "راس غارب إيه" (Ras Gharib A).

نُشرت الدراسة في 17 مايو/أيار الجاري في دورية "جيولوجي" (Geology)، وأشارت نتائجها إلى أن الأسماك البحرية ازدهرت في مصر قبل 56 مليون سنة، خلال الحقبة المعروفة بالعصر "الباليوسيني -الإيوسيني" (The Paleocene-Eocene Thermal Maximum) (PETM)، وهو العصر الذي شهد فيه مناخ الأرض ارتفاعا في درجة الحرارة يشبه المناخ الحالي.

سناء السيد طالبة الدكتوراه بجامعة ميشيغان هي قائدة الفريق البحثي (الجزيرة)

مناخ العصر الباليوسيني ـ الإيوسيني

المؤلفة الرئيسية للورقة ورئيسة الفريق البحثي هي طالبة الدكتوراه في جامعة "ميشيغان" سناء السيد بسيوني، وقد سبق اختيارها من قبل جامعة "جونز هوبكنز" (Johns Hopkins) الأميركية، ضمن أهم الشخصيات النسائية في العالم في مجال الحفريات.

تقول الباحثة -في تواصل مع الجزيرة نت عبر وسائل التواصل الاجتماعي- "تكتسب الدراسات الجيولوجية أهمية كبيرة في فهم تاريخ التغير المناخي الناتج عن تركيز غازات الاحتباس الحراري في مناخ كوكب الأرض؛ حيث يهتم علماء الجيولوجيا والبيولوجيا بدراسة ظاهرة الاحتباس الحراري عبر التاريخ الجيولوجي للأرض، من أجل فهم ذلك الاحتباس الذي يشهده كوكبنا حاليا، والتنبؤ بسلوك التغير المناخي المستقبلي وتأثيراته على الكائنات الحية على الأرض، وبالتالي فإننا نقوم بدراسة تاريخ التغير المناخي من خلال الحفريات".

الدراسة المشتركة قام بها فريق الباحثين الجيولوجيين المصريين مع زميلة من جامعة ميشيغان (الجزيرة)

وفي هذا الاتجاه كانت الدراسة المشتركة -التي أجراها فريق الباحثين الجيولوجيين المصريين مع زميل من جامعة ميشيغان- قد ركزت على حقبة تعرف بالعصر الباليوسيني -الإيوسيني، وهي حقبة جيولوجية تمتد إلى ما قبل 56 مليون عام.

وشهد مناخ الأرض خلال تلك الحقبة فترة قصيرة من درجات الحرارة العالمية المرتفعة للغاية، والتي كثيرا ما توصف بأنها أفضل نظير قديم لظاهرة الاحتباس الحراري في الوقت الحاضر، وهو ما يمكن العلماء من صياغة رؤية مستقبلية لسلوك التغير المناخي وتأثيراته.

اكتشاف أول حفريات الأسماك

يقول البيان -الصادر من جامعة ميشيغان حول الحفريات- "تعتبر الأسماك من بين الكائنات الحية التي يُعتقد أنها أكثر حساسية للاحترار، ومن المحتمل أن تكون درجات حرارة سطح البحر الاستوائية خلال الحقبة المذكورة قد اقتربت من درجات حرارة قاتلة لبعض أنواع الأسماك البحرية الحديثة، وفقًا لبعض التقديرات.

وتقول الباحثة سناء السيد إن "ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تغيرات مورفولوجية وفيسيولوجية، وأيضا تغيرات في البيئة، فتعمل الأسماك على الهجرة من بيئتها المرتفعة الحرارة إلى بيئة أخرى مناسبة".

الدراسة توثق لمجموعة من حفريات الأسماك التي تكتشف لأول مرة في النصف الجنوبي من الأرض (الجزيرة)

وتستطرد الباحثة سناء قائلة إن "الدراسة التي قمنا بها توثق لمجموعة من حفريات الأسماك التي تكتشف لأول مرة في النصف الجنوبي من الأرض في فترة زمنية هي العصر الباليوسيني ـ الإيوسيني؛ حيث إنه -وللأسف- كل معلوماتنا عن سلوك الحيوانات أو الكائنات الحية في ظروف الاحتباس الحراري كانت فقط معلومات من النصف الشمالي من الكرة الأرضية من خلال حفريات موجودة في أوروبا أو في آسيا".

وتضيف "لم نكن نعرف عن الأسماك القريبة من خط الاستواء شيئا، حيث لم يكن لدينا دليل عن سلوك الأسماك في هذه الفترة الزمنية التي شهدت ارتفاعا في درجات الحرارة".

هاجرت الأسماك أو انقرضت في تلك الحقبة في مناطق مختلفة، بينما ازدهرت في مصر (الجزيرة)

مفاجأة الحفريات المصرية

كان الفريق البحثي قد أجرى دراسة عن هذه المنطقة من خلال 6 رحلات بحثية استغرقت 6 سنوات تقريبا، وفي أثناء هذه الرحلات الاستكشافية وجدنا اكتشافا لم يكن معروفا من قبل.

وهو أنه -في ذلك الوقت الذي شهد ارتفاع درجات حرارة البحار والمحيطات، والذي شهد هجرة وانقراض بعض الأسماك في مناطق مختلفة من العالم وخاصة المناطق الواقعة في شمال الكرة الأرضية- كانت الأسماك في مصر مزدهرة جدا وتضم نفس المجموعات من الأسماك التي كانت تعيش في الشمال.

وكانت المفاجأة في الموضوع أن الأسماك لم تهاجر من مكان آخر، ولكنها انتعشت واستطاعت أن تتكيف بشكل جيد جدا مع درجة الحرارة التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

الباحثة سناء السيد هي نائبة مدير مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية (الجزيرة)

ملامح من المسيرة العلمية

قبل انتقالها لإتمام رسالة الدكتوراه، شغلت الباحثة سناء السيد منصب نائب مدير مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، وعملت مدرسة مساعدة بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة المنصورة المصرية.

وهي حاصلة على ماجستير الحفريات الفقارية من جامعة المنصورة في العام 2017، ولديها نحو 7 أبحاث علمية في مجال الحفريات الفقارية منشورة في عدد من الدوريات العلمية العالمية المحكمة.

وعملت ضمن الفريق العلمي لدراسة ديناصور المنصورة "منصوراسورس (Mansourasaurus) الذي اكتشف في 2018 ونشر عنه في دورية "نيتشر إيكولوجي" (Nature Ecology). وهي حاصلة على عدة منح منها المنحة الحالية لدراسة الدكتوراه بجامعة ميشيغان.

كما أنها حاصلة على منحة "مستكشفي ناشونال جيوغرافيك" (National geographic explorers)، لتمويل البحث الحالي في اكتشاف حفريات الأسماك المصرية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان