علماء يابانيون يوثقون أغرب عملية لتجديد الجسد لدى نوعين من الرخويات البحرية
لا يعتقد الباحثون أن هذه الخطوة تساعد الرخويات على الهروب من الحيوانات المفترسة نظرا إلى أن عملية الانفصال بطيئة نسبيا وتستغرق عدة ساعات حتى ينفصل رأس سبيكة البحر عن الجسد
وثق علماء يابانيون مؤخرا أحد أكثر الظواهر غرابة في عالم الكائنات الحية، والتي تتمثل في فصل بعض الرخويات البحرية لرؤوسها عن أجسادها وإعادة تكوين أجسام جديدة بالكامل بما في ذلك القلب وبقية الأعضاء الدقيقة.
من المعروف أن بعض أنواع الحيوانات كالسحالي أو التماسيح أو قنافذ البحر، تكتسب قدرة طبيعية على التخلص من جزء من الجسم كالذيل أو الساق التالفة بحيث يمكن استبدال أطراف جديدة تماما بها.
قدرة تجديد مذهلة
لكن ما لاحظه العلماء مؤخرا، بحسب تقرير لموقع "يوريك أليرت" (EurekAlert)، لدى نوعين من الرخويات البحرية من قدرة على تجديد الجسم كان أكثر إثارة وغرابة، إذ يمكنها فصل رأسها عن جسمها لتجديده بالكامل بما في ذلك القلب والأعضاء الحيوية الأخرى.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي تجربة فريدة.. الحبار يجتاز اختبارا إدراكيا مصمما لأطفال البشر
التلوث بالمعادن الثقيلة يهدد ربع المأكولات البحرية في العالم
هل اعتمد البشر الأوائل على المحار في هجرتهم من أفريقيا للجزيرة العربية؟
تم وصف هذا الاكتشاف المذهل في دراسة نشرت مؤخرا في مجلة "كارنت بيولوجي" (Current Biology) من قبل باحثين في جامعة نارا النسائية في اليابان (Nara Women’s University).
يقول الباحثون إنهم لاحظوا، أثناء رفع العديد من العينات في المختبر لدراستها، وجود شكل نادر للغاية من الاستئصال الذاتي، وهو القدرة على فصل جزء من الجسم طواعية لدى نوعين من أنواع البزاق البحري المعروفين علميا باسم (Elysia cf. marginata) و(Elysia atroviridis).
ويظهر مقطع فيديو أعده الباحثون لتوثيق جميع مراحل هذه العملية المدهشة، عملية الانفصال التي تستمر لبضع ساعات قبل أن يزحف رأس البزاقة البحرية وحيدا ويستمر في التغذي على الطحالب، في الوقت الذي يبدأ فيه الجسم "المهجور" في الذبول والموت تدريجيا.
الخلايا الجذعية والتركيب الضوئي
تقول ساياكا ميتو، المؤلفة الرئيسة للدراسة، "لقد فوجئنا برؤية الرأس يتحرك مباشرة بعد الاستئصال الذاتي. ومع عدم وجود قلب وأعضاء حيوية أخرى، اعتقدنا أنها ستموت بسرعة، ولكن في النهاية تطور حولها جسم كامل".
وجد الفريق أن جسم البزاقة البحرية ورأسها تحركا بشكل مستقل بعد انفصالهما، وفي غضون أيام قليلة التأمت إصابة الجزء الخلفي من الرأس، وظهر قلب جديد في الجسم بعد 7 أيام. واستغرق الأمر يومين إضافيين لتتجدد الأجساد بالكامل، بينما استمرت الأجسام المنفصلة في التحرك والاستجابة للمس لبضعة أشهر.
تثير هذه النتائج المختلفة العديد من الأسئلة لدى العلماء الذين يجهلون الطريقة التي تتم بها عملية الانفصال، لكنهم يعتقدون أن أعناق الرخويات قد تحتوي على خلايا جذعية أو ذات صلة.
وحول قدرة رأس هذا النوع من الحلزون البحري المدهشة على الحياة وتجديد الجسم بالكامل، يقول مؤلفو الدراسة إن السر قد يعود إلى التمثيل الضوئي، عن طريق استيعاب البلاستيدات الخضراء الموجودة في الطحالب التي تستهلكها، والتي من شأنها إبقاء الرأس على قيد الحياة لفترة كافية لتشكيل جسم جديد.
لماذا يحدث الانفصال؟
لكن لماذا تقوم هذه الكائنات بتجديد جسمها؟ لا يعتقد الباحثون أن هذه الخطوة تساعد الرخويات، على سبيل المثال، على الهروب من الحيوانات المفترسة نظرا إلى أن عملية الانفصال بطيئة نسبيا وتستغرق عدة ساعات حتى ينفصل رأس سبيكة البحر عن الجسد.
في المقابل، فهم يرون أن الجسم القابل للانفصال يمنح هذه الرخويات البحرية طريقة جذرية وفعالة لمحاربة الطفيليات. ومثل الكلاب التي تصاب بالبراغيث، يمكن أن تصاب الرخويات البحرية بمجدافيات الأرجل، وهي أبناء عمومة صغيرة من سرطان البحر والروبيان، يعلق بعضها على الرخويات البحرية.
وقد رصد الباحثون في عينة الدراسة 82 من الرخويات البحرية الموبوءة بمجدافيات الأرجل. تخلت 3 منها عن أجسادها وتمكن اثنتان منها من إنماء جسم جديد. بينما ترك 39 من الرخويات الأخرى المصابة بالطفيليات أجزاء من أجسادها تنفصل ببطء.
في المقابل، لم تقم 64 من الرخويات السليمة بالتخلص من أجسادها، مما يدعم فكرة أن الطفيليات يمكن أن تدفع رؤوس البزاقات للانفصال والزحف بعيدا عن أجسادها.
غير أن مؤلفي الدراسة يعتقدون أن الأسباب الحقيقية وراء هذه الطقوس الغريبة وآليات حدوثها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الدراسة.