بعد انسداد قناة السويس.. هل نتخلص من سفن الشحن العملاقة؟ ولماذا تسبب هذه المشاكل؟
حادثة انسداد قناة السويس إثر عبور ناقلة حاويات عملاقة أثارت تساؤلات علمية عديدة تتعلق بمدى جدوى مثل هذه الناقلات الضخمة
على الرغم من النجاح المهم الذي حققته مصر لإعادة ناقلة الحاويات "إيفر غيفن" (Ever Given) الجانحة إلى مسارها الصحيح بعد أن تسببت في انسداد واحد من أهم شرايين الملاحة البحرية العالمية لمدة 6 أيام فإن قدرة سفينة شحن واحدة على سد وتعليق العمل في واحد من أكثر ممرات الشحن ازدحاما حول العالم أثارت عددا من التساؤلات تتعلق بماهية الحاجة إلى سفن شحن عملاقة مثل "إيفر غيفن".
وبحسب التقرير الذي نشره موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation)، تعتبر "إيفر غيفن" من بين أكبر 1% من أساطيل العالم، إذ يبلغ طولها 400 متر، مما يثير موجة جديدة من التساؤلات التي تتعدى حدود مياه قناة السويس لتطال صناعة النقل البحري، والتي تستوجب التفكير فيما إن كانت هذه السفن تتسبب في ضرر أكبر من نفعها أم لا.
العامل الاقتصادي وراء السفن العملاقة
من الملاحظ أن حجم سفن الحاويات يزداد منذ عقود حتى يمكنها حمل المزيد من الحاويات في الرحلة الواحدة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsسفينة أبحاث متجمدة تستكشف الحياة الليلية في شتاء القطب الشمالي
أول دراسة علمية.. كارثة تنتظر البشر والأحياء البحرية حال تسرب النفط من "صافر"
“البط العابر للقارات”.. كيف غيرت حادثة لشركة إيفرغرين علوم المحيطات؟
ووفقا للتحليل الإحصائي الذي أجرته شركة "أليانز" (Allianz)، فإن عدد حاويات الشحن الـ20 قدما (6.1 أمتار) -وهي نوع من الحاويات التي يمكن للسفن أن تحملها- قد زاد بنسبة 1500% على مدار الـ50 سنة الماضية.
ولهذا السبب، فقد تزايد حجم سفن الحاويات أيضا، ففي عام 2006 قدمت شركة "ميرسك" (Maersk) سفينة حاويات هي الأكبر من نوعها، والتي ضاعفت بها قدرة أكبر السفن السابقة حتى تتمكن من حمل 15 ألف حاوية.
ومنذ ذلك الحين تم تصنيع حوالي 133 سفينة عملاقة -وتعتبر "إيفر غيفن" إحداها- بقدرة استيعابية تراوحت بين 18 و24 ألف حاوية.
وتجتذب السفن العملاقة اهتمام شركات الشحن الدولية، فكلما كانت السفينة أكبر في الحجم زادت قدرتها على نقل المزيد من البضائع، مما يعني انخفاض التكلفة.
وبينما تحمل السفن الكبيرة 9 آلاف حاوية فقط تستطيع السفن العملاقة مثل "إيفر غيفن" حمل 20 ألف حاوية، وبالتالي فإن ذلك يوفر الوقود ويقلل تكلفة النقل لكل حاوية، ويقلل الأثر الضار الذي تتركه كل سفينة في البيئة.
لكن، هل تستخدم تلك السفن العملاقة جل طاقتها الاستيعابية؟ تشير الأدلة إلى حدوث ذلك بالفعل، وهو ما رأيناه جليا في سفينة "إيفر غيفن" التي كانت تحمل 18 ألف حاوية، غير أن الأمر لا يسلم من بعض السلبيات.
سلبيات السفن العملاقة
وقد ظهر جليا أن تشغيل هذه السفن العملاقة في المجاري المائية الضيقة يعد أمرا بالغ الصعوبة، إذ إن تكديس الحاويات في هذه السفن يصعّب السيطرة عليها، والذي قد يكون السبب وراء جنوح سفينة "إيفر غيفن".
كما أن هذه السفن العملاقة تعتبر أكثر عرضة لأن تفقد حاوياتها أثناء مرورها بعاصفة في أعالي البحار، فقد أشار تقرير حديث إلى أن 5 من أكبر سفن الحاويات -على أقل تقدير- قد فقدت بعض حاوياتها أثناء العاصفة الشتوية لهذا العام.
كما تتطلب هذه السفن العملاقة إعداد بنى تحتية مخصصة من موانئ ومضايق وقنوات وممرات مؤهلة لاستيعابها، وبالطبع، فإن تكلفة هذه المشاريع باهظة، إذ تطلب توسيع قناة بنما عام 2016 حوالي 5 مليارات دولار حتى تتمكن من استيعاب السفن الأكبر حجما.
حجم اللوم
ولا يعلم السبب الدقيق وراء جنوح سفينة "إيفر غيفن"، إذ لا يزال التحقيق جاريا، ولكن بالاستناد إلى الحوادث السابقة فإن هناك عددا من الأسباب الأخرى -إلى جانب الحجم- قد تدفع السفن إلى الجنوح، مثل الرياح القوية والآلات المعطوبة والخطأ البشري.
وبالنظر السريع إلى إحصائيات الحوادث فإنه لا توجد سوى حادثتين أو 3 حوادث مشابهة وقعت جراء مرور سفن عملاقة في القناة كل عام، وذلك من بين 19 ألف حالة عبور سنوي، وفي معظم هذه الحالات تكون الحوادث طفيفة، وبالتالي فإن لوم حجم السفن العملاق لا يفسر حجم اللوم الذي طالته هذه السفن بعد هذه الحادثة.
وبالطبع، فإن حدثا كهذا يستدعي اتخاذ المزيد من تدابير السلامة البحرية الجديدة لتجنب وقوع حوادث أخرى في المستقبل، وذلك بدلا من التخلص من هذه السفن العملاقة التي تمتلك أدلة سلبية قليلة تقطع بمنع تصنيعها.