من السماء والبحر إلى الأرض والكواكب.. 9 أسئلة حول الألوان في الطبيعة تعرف إلى إجاباتها

لو كانت السماء تحتوي على اللون البنفسجي فقط لكانت عيوننا تراها بنفسجية مع مسحة من الحمرة، لكن عند تداخل الضوأين البنفسجي والأزرق نراها باللون الأزرق الشاحب

إذا تمكنا من رؤية الأشعة فوق البنفسجية بكفاءة عالية، فمن المحتمل أن تظهر السماء أكثر باللون البنفسجي (بيكساباي)

ربما تكون قد تعرضت من قبل لبعض المفاهيم الخاطئة حول سبب زرقة السماء، مثل أن السماء تعكس المحيط أو أن الأكسجين غاز أزرق اللون، أو أن ضوء الشمس له لون أزرق، بينما -في الحقيقة- يرجع سبب زرقة السماء إلى 3 عوامل بسيطة، حينما تجتمع معا يكون لا مفر من زرقتها.

أولها أن ضوء الشمس مكون من أطوال موجية مختلفة، وثانيها أن الغلاف الجوي للأرض يتكون من جزيئات تبعثر الضوء ذو الأطوال الموجية المختلفة بكميات مختلفة، إضافة إلى حساسية أعيننا.

مم يتكون ضوء الشمس؟

ينبعث من الشمس طيف واسع من الضوء، يتكون من الأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء. ويشكل الضوء المرئي حوالي 50% من طيف ضوء الشمس، وكما يبدو من اسمه فهو الجزء الوحيد من الضوء الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة، بينما تكون الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء غير مرئيتين.

ويتكون ضوء الشمس المرئي من اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي.

ويحتوي الضوء البنفسجي -ويليه الأزرق- على أقصر طول موجي، مما يعني أنه يحتوي على أعلى تردد وطاقة، أما الأحمر فله أطول طول موجي وأقصر تردد وأقل طاقة.

بالرغم من اعتقاد كثير من الناس أن المحيط لونه أزرق لأنه يعكس السماء، فإن هذا ليس صحيحا (بيكساباي)

كيف ينتشر الضوء على الأرض؟

يصل ضوء الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض وينتشر في جميع الاتجاهات بواسطة جميع الغازات والجزيئات الموجودة في الهواء.

والجسيمات الدقيقة غير المرئية التي تشكل غلافنا الجوي -مثل جزيئات النيتروجين والأكسجين والماء وثاني أكسيد الكربون وكذلك ذرات الأرجون- كلها تشتت الضوء من جميع الأطوال الموجية، لكنها تشتت الضوء ذي الطول الموجي الأقصر بشكل أكثر كفاءة.

ما هو "تشتت رالي" الذي يسبب زرقة السماء؟

يتم تفسير زرقة السماء وفقا لظاهرة تسمى "تشتت رالي" (Raleigh scattering) التي تشير إلى تشتت الإشعاع الكهرومغناطيسي، والذي يعتبر الضوء شكلا منه، وذلك بواسطة جسيمات ذات طول موجي أصغر بكثير، وهي جسيمات الغلاف الجوي.

وما يصل إلى الأرض -نتيجة تبعثر الإشعاع الشمسي- يسمى إشعاع السماء المنتشر، وعلى الرغم من أن حوالي ثلث الضوء فقط يتناثر، فإن أصغر الأطوال الموجية للضوء هي ما تتبدد وتنتشر بسهولة، وهذا يتوافق مع اللون الأزرق صاحب ثاني أقصر طول موجي بعد اللون البنفسجي، ولهذا السبب عندما ننظر إلى السماء نراها زرقاء.

ينبعث من الشمس طيف واسع من الضوء، يتكون من الأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء (بيكساباي)

لماذا السماء ليست بنفسجية؟

إذا كان اللون البنفسجي صاحب أقصر طول موجي، واللون الأكثر تشتتا، فمن الطبيعي إذن أن تظهر السماء باللون البنفسجي وليس الأزرق، ولكن لماذا لا يحدث ذلك؟

السبب في ذلك يرجع إلى حساسية عيوننا للضوء، فبالرغم من أن اللون البنفسجي هو السائد في الغلاف الجوي الذي يحيط بنا فإن خلايا العين ليست حساسة بما يكفي لهذا اللون كما هو الحال مع اللون الأزرق.

وهناك كمية أكبر من الضوء البنفسجي القادم من الغلاف الجوي أكثر من الضوء الأزرق، إلا أن أعيننا تستجيب بقوة أكبر للأطوال الموجية للضوء الأزرق والسماوي والأخضر مقارنة بالبنفسجي، ولذا فإنه بالرغم من وجود الكثير من الضوء البنفسجي، فإنه لا يكفي للتغلب على الإشارة الزرقاء القوية التي ترسلها أدمغتنا.

وإذا تمكنا من رؤية الأشعة فوق البنفسجية بكفاءة عالية، فمن المحتمل أن تظهر السماء أكثر باللون البنفسجي.

ولو كانت السماء تحتوي على اللون البنفسجي فقط لكانت عيوننا ترى السماء بنفسجية مع مسحة من الحمرة، لكن عند تداخل الضوأين البنفسجي والأزرق نرى السماء باللون الأزرق الشاحب.

وكذلك إذا كانت أعين البشر تشبه تركيب أعين الكلاب، فسيتمكنون من رؤية السماء الزرقاء في أثناء النهار، ولكنهم لن يتمكنوا من رؤية الأحمر والبرتقالي والأصفر عند غروب الشمس.

ما سر الشفق البرتقالي؟

عند غروب الشمس وشروقها، تتغير الزاوية التي يدخل منها ضوء الشمس إلى الغلاف الجوي بشكل كبير، وتتناثر معظم الأطوال الموجية للضوء الأزرق والأخضر حتى قبل الوصول إلى الغلاف الجوي السفلي، لذلك نرى المزيد من الألوان البرتقالية والحمراء في السماء.

عندما ننظر إلى الأرض من الفضاء نجد أنه يغلب عليها اللون الأزرق بوضوح، ويرجع ذلك لغلبة مساحة المسطحات المائية ذات اللون الأزرق (بيكساباي)

هل يعكس المحيط لون السماء؟

بالرغم من اعتقاد كثير من الناس أن المحيط لونه أزرق لأنه يعكس السماء، فإن هذا ليس صحيحا، فالماء يظهر في الواقع باللون الأزرق بسبب امتصاصه للضوء الأحمر.

وفي المياه العميقة لا يمكن لجميع الأطوال الموجية للضوء أن تخترق السائل بشكل كامل، حيث يوجد الكثير من جزيئات الماء في طريق الفوتونات، وتمتص جزيئات الماء كل الأطوال الموجية الحمراء من الضوء، مما يجعلها تعكس اللون الأزرق.

ولهذا السبب أيضا تظهر المياه الضحلة أقل زرقة من المياه العميقة، والامتصاص الأقل يعني انعكاسا أقل.

وفي المسطحات المائية الضحلة -ككأس الماء الذي تشربه على سبيل المثال- لا يوجد ماء كاف لامتصاص عدد كاف من الفوتونات، فيخترق الضوء مياه الكأس بالكامل، لذلك نرى الماء عديم اللون.

لماذا يظهر كوكب الأرض باللون الأزرق من الفضاء؟

عندما ننظر إلى الأرض من الفضاء، نجد أنه يغلب عليها اللون الأزرق بوضوح، لكن الغلاف الجوي لا علاقة له بالأمر هذه المرة، حيث يرجع ذلك لغلبة مساحة المسطحات المائية ذات اللون الأزرق (70.8%) على مساحة اليابسة (29.2%).

هذا السبب أيضا وراء كون كوكبنا هو الكوكب الأكثر لمعانا، فالمسطحات المائية الهائلة على سطحه تعكس ضوء الشمس فيبدو الكوكب كلؤلؤة زرقاء براقة.

هل الشمس صفراء أو برتقالية؟

عادة ما يلون الأطفال الصغار الشمس باللون الأصفر أو البرتقالي أو حتى الأحمر، وقد يكون العامل الثقافي له يد في ذلك، وفي حين يقوم الأطفال في الولايات المتحدة عادة بتلوين صورة الشمس بالأصفر، يقوم الأطفال في اليابان بتلوينها بالأحمر، إلا أن هذا كله ليس أحد ألوان الشمس الحقيقية، فالشمس بيضاء.

إن الشمس في الأساس تمثل جميع الألوان مختلطة معا، والتي تبدو لأعيننا بيضاء، ومن السهل التأكد من ذلك من خلال الصور المأخوذة للشمس من الفضاء.

الأغلفة الجوية للكواكب تحتوي على مزيج متنوع من الغازات، وهو ما يعطي لكل كوكب اللون الخاص به (بيكساباي)

هل تبدو السماء زرقاء على الكواكب الأخرى؟

كل هذا يتوقف على ما هو موجود في الغلاف الجوي، والغلاف الجوي في الكواكب الصخرية مثل الأرض، يكون عادة هو الطبقة الخارجية الأخف والأرق والتي تحتوي على مجموعة متنوعة من الغازات، وهذا المزيج هو ما يعطي الغلاف الجوي للكوكب لونه.

وعلى سبيل المثال، يتمتع المريخ بطبقة جوية رقيقة للغاية، تتكون في الغالب من ثاني أكسيد الكربون إضافة إلى جزيئات الغبار الدقيقة، وتقوم هذه الجسيمات بتشتيت الضوء بشكل مختلف عن الغازات والجسيمات الموجودة في الغلاف الجوي للأرض.

وقد أظهرت الصور الملتقطة من مركبات "ناسا" (NASA) أن ما يحدث على كوكب المريخ يكون عكس ما يحدث على الأرض؛ حيث تأخذ سماء المريخ لونا برتقاليا أو ضاربا إلى الحمرة خلال النهار، وتبدأ السماء حول الشمس في اتخاذ مسحة زرقاء رمادية وقت الغروب.

أما بالنسبة للغلاف الجوي للعملاقين الجليديين "نبتون" و"أورانوس" فكلاهما يبدوان باللون الأزرق، ولكن ذلك ناتج عن كميات غاز الميثان الهائلة هناك.

ويحتوي الغلاف الجوي لـ "أورانوس" على بعض "الأمونيا" أيضا، مما يجعل الكوكب أكثر خضرة قليلا من اللون الأزرق الغامق الذي نراه على كوكب "نبتون".

أما بالنسبة لكوكب "زحل" فإن بلورات الجليد المصنوعة من مادة "الأمونيا" في الغلاف الجوي العلوي تجعله يميل إلى اللون الأصفر الشاحب.

أما كوكب "المشتري" فيحتوي على شرائط بنية وبرتقالية مميزة، وذلك بفضل الغازات التي قد تحتوي على عنصري "الفوسفور" و"الكبريت"، وربما حتى مواد كيميائية أكثر تعقيدا تسمى "الهيدروكربونات".

وبالنسبة لكوكب "عطارد"، فليس له غلاف جوي على الإطلاق.

المصدر : ذا كونفرسيشن + مواقع إلكترونية

إعلان