لأول مرة العلماء يتمكنون من قياس المجال المغناطيسي لزهرة

يمكن استخدام القياس المغناطيسي لدراسة الإشارات الكهربائية بعيدة المدى في مجموعة من الأنواع النباتية، ولتطوير تشخيص أمراض النبات وأسباب ضعفها

زهرة فينوس تولد مجالات مغناطيسية قابلة للقياس عندما تنغلق أوراقها (بيكسلز)

بالإضافة لكونه نباتا آكل لحوم رائع بحد ذاته، فإن العلماء في ألمانيا اكتشفوا شيئا آخر مدهشا حول زهرة خناق الذباب أو صائدة فينوس Dionaea muscipula، فهي تولد مجالات مغناطيسية قابلة للقياس عندما تنغلق أوراقها. وتعد هذه المرة الأولى التي يمكن فيها قياس المغناطيسية الحيوية في النباتات، رغم محاولات سابقة عام 2011 باءت بالفشل.

وفقا للباحثين فإن هذه الدراسة الأخيرة، المنشورة في دورية نيتشر ساينتفيك ريبورتس Scientific Reports، يمكن أن تعلمنا الكثير عن كيفية استخدام الحياة النباتية لإشارات المجال المغناطيسي من أجل التواصل وكمؤشر على المرض، وهو شيء نراه أيضا في البشر والحيوانات الأخرى.

التقاط الإشارات المغناطيسية

من المعروف أن النباتات تستخدم الإشارات الكهربائية كنوع من الجهاز العصبي، لكن التقاط المغناطيسية الحيوية كان صعبا جدا. عام 2011، حاولت إحدى الدراسات الكشف عن المجال المغناطيسي حول زهرة "تيتان أروم" Amorphophallus titanium، ذلك النبات الضخم ذو الرائحة الكريهة، من خلال استخدام مقاييس مغناطيسية ذرية قادرة على اكتشاف أصغر التقلبات.

لكن الدراسة كشفت حينها أن النبات لم يولد أي مجال مغناطيسي أكبر من جزء من المليون من قوة المجال المغناطيسي المحيط بنا على الأرض، مما أدى إلى اعتبار التجربة فاشلة. وصرح الباحثون المشاركون بدراسة عام 2011 بأن خطوتهم التالية، في حال قاموا بها، ستكون التركيز على نبات أصغر.

حاولت إحدى الدراسات الكشف عن المجال المغناطيسي حول زهرة "تيتان أروم" (سيلنغ مووس– ويكيبيديا)

بالنسبة للدراسة الحالية، فإن مجموعة مختلفة من الباحثين قرروا أن يستعينوا بنبات أصغر بالفعل في تجربتهم الجديدة. تقول آن فابريكانت، عالمة الفيزياء من جامعة جوهانس غوتنبرغ في ماينز الألمانية Johannes Gutenberg University of Mainz (JGU) في البيان الصحفي المنشور على موقع الجامعة في 2 فبراير/شباط الجاري "لقد تمكنا من إثبات أن جهود الفعل في نظام نباتي متعدد الخلايا تنتج مجالات مغناطيسية قابلة للقياس، وهو أمر لم يتم تأكيده من قبل".

و"جهود الفعل" (Action potentials) اندفاعات سريعة للنشاط الكهربائي، ويمكن أن يكون لمصيدة ذباب فينوس عدة محفزات لإطلاق جهود الفعل هذه، إذا تم لمس النبات أو إصابته أو تأثره بالحرارة أو البرودة أو تحميله بسائل.

استخدم الباحثون في دراستهم التحفيز الحراري لتفعيل النشاط الكهربائي لدى النبات، إضافة لمقياس مغناطيسي للخلية الزجاجية glass cell magnetometer لقياس الاضطرابات المغناطيسية. هذه الطريقة كانت ناجحة جدا، فقد قللت ضوضاء الخلفية إلى الحد الأدنى، وكان له مزايا مقارنة بالتقنيات الأخرى من حيث إنه يمكن تصغيره ولا يتطلب عملية التبريد الشديد.

تموج صغير يمكن قياسه

ارتفعت الإشارات المغناطيسية التي تم قياسها إلى سعة 0.5 بيكوتيسلا، وهو ما يمكن مقارنته بالنبضات العصبية التي تطلق في البشر لكنها أضعف بملايين المرات من المجال المغناطيسي للأرض، إنه تموج صغير، لكنه يمكن اكتشافه.

تعود فابريكانت فتقول إن التحقيق يشبه إلى حد ما إجراء فحص بالرنين المغناطيسي على البشر. المشكلة أن الإشارات المغناطيسية في النباتات ضعيفة للغاية، وهو ما يفسر سبب صعوبة قياسها بمساعدة التقنيات القديمة.

ولدى البشر، يمكن قياس المجالات المغناطيسية من خلال فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، والتقنيات الأخرى مثل تخطيط كهربية الدماغ (EEG) وتخطيط الدماغ المغناطيسي (MEG) مما قد يؤدي لتحديد المشكلات دون أية إجراءات صعبة.

أما بالنسبة للنباتات، فإنه بمساعدة هذا البحث الحالي، قد يكون هذا النوع من المسوحات ممكنا الآن أيضا، حيث يمكن فحص المحاصيل بحثا عن التغيرات في درجات الحرارة أو التغيرات الكيميائية أو الآفات دون الحاجة إلى إتلاف النباتات نفسها. وكتب الباحثون بورقتهم المنشورة "تمهد نتائجنا الطريق لفهم الأساس الجزيئي للمغناطيسية الحيوية في النباتات الحية".

الإشارات المغناطيسية بالنباتات ضعيفة للغاية مما يفسر سبب صعوبة قياسها بالتقنيات القديمة (بياتريس مويست– ويكيبيديا)

في المستقبل، يمكن استخدام القياس المغناطيسي لدراسة الإشارات الكهربائية بعيدة المدى في مجموعة متنوعة من الأنواع النباتية، ولتطوير تشخيص أمراض النبات وأسباب ضعفها. ويمكن إضافة نتائج الدراسة أيضا إلى القاموس المعرفي المتزايد مؤخرا حول كيفية إرسال النباتات للإشارات داخليا وخارجيا، والتواصل عبر شبكة مخفية، والتي بدأ العلماء للتو في استكشافها بشكل صحيح.

المصدر : الصحافة الأسترالية + مواقع إلكترونية

إعلان