حجمها كالسيارة.. أكبر ديدان ألفية عاشت منذ 326 مليون سنة

يعود تاريخ هذه الحفرية إلى ما قبل ذروة الأكسجين في الغلاف الجوي في أواخر فترات العصر الكربوني والبرمي، عندما كان تركيز الأكسجين في الغلاف الجوي 23% فقط.

إعادة بناء للحفرية المكتشفة (مجلة الجمعية الجيولوجية البريطانية)

يبدو أن هذا الشهر الأخير من عام 2021 يأبى أن ينقضي من دون الكشف عن أسرار جديدة عن الدودة الألفية، فما كاد العلماء يعلنون عن اكتشافهم دودة ألفية حطمت الرقم القياسي العالمي لذوات الألف رجل، حتى أعلن علماء بريطانيون مؤخرا عن حفرية صادمة كشفت وجود ديدان ألفية بحجم سيارة زحفت على الأرض منذ 326 مليون سنة.

الحفرية من جنس "أرثروبيليورا" (Arthropleura)، وهي من مفصليات الأرجل الألفية المنقرضة، وظهرت في العصر الكربوني (من 340 إلى 280 مليون سنة مضت)، وأظهرت تلك الحفرية أنها كانت أكبر اللافقاريات التي عاشت على اليابسة في كل العصور، وأنها أكبر من عقارب البحر القديمة التي كانت صاحبة الأرقام القياسية السابقة.

تم العثور على العينة على شاطئ نورثمبرلاند على بعد أكثر من 64 كيلومترا شمال نيوكاسل، وتتكون من عدة أجزاء، وتشبه إلى حد كبير في شكلها الديدان الألفية الحديثة.
تم نشر نتائج هذه الدراسة في "مجلة الجمعية الجيولوجية" (Journal of the Geological Society) يوم 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

أجزاء الحفرية مرئية بوضوح في الحجر (ساينس ألرت)

اكتشاف عن طريق الصدفة

ويقول الدكتور نيل ديفيز -من قسم علوم الأرض في "جامعة كامبريدج" (University of Cambridge) والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية في بيان صحفي للجامعة- "لقد كان الاكتشاف بأكمله صدفة… الطريقة التي سقطت بها الصخرة فتحت وتصدعت وفضحت الحفرية تماما، والتي تصادف أن اكتشفها أحد طلاب الدكتوراه السابقين عند المشي بجوارها"، وأضاف أنه "كان اكتشافا مثيرا بشكل لا يصدق، لكن الحفرية كبيرة جدا لدرجة أن الأمر تطلب 4 منا لحملها إلى أعلى المنحدر".

وعثر على حفريتين فقط من حفريات "أرثروبيليورا" في ألمانيا من قبل، وكانتا أصغر في الحجم، وتشير تلك النتائج السابقة إلى أن اللافقاريات تميل إلى العيش حول مستنقعات الفحم (مناطق واسعة بها كميات هائلة من الكتلة الحيوية التي تراكمت عند موتها، وتحولت في النهاية إلى فحم).

لكن الحفرية الجديدة اكتشفت في الحجر الرملي الذي سقط من جرف، والتي تمثل ما يحتمل أن يكون جزءا من الهيكل الخارجي للمفصليات، ملئت في النهاية بالرمل الذي حفظه بعد ذلك. وهذا النوع من الحفظ نادر جدا، ويمكن أن يعلمنا كل اكتشاف جديد المزيد حول كيفية عيش هذه المخلوقات القديمة وتطورها.

الحفرية المكتشفة هي أكبر اللافقاريات التي عاشت على اليابسة في كل العصور (جامعة كمبريدج)

ويقول ديفيز "من النادر العثور على هذه الأحافير العملاقة للدودة الألفية، لأنه بمجرد موتها، تميل أجسامها إلى التفكك، لذلك من المحتمل أن تكون الحفرية عبارة عن درع مذاب يتساقط منه الحيوان أثناء نموه". ويضيف "لم نعثر على رأس متحجر حتى الآن، لذلك من الصعب معرفة كل شيء عنها".

وهي فقط ثالث أحفورة يتم العثور عليها على الإطلاق. وهي أيضا الأقدم والأكبر، إذ يبلغ طول الجزء المكتشف من الحفرية نحو 75 سنتيمترا، في حين يقدر طول المخلوق الأصلي بنحو 2.7 متر ووزنه حوالي 50 كيلوغراما.

سر الأكسجين

ويقدر الفريق -بحسب التقرير المنشور على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)- أن الدودة الألفية المكتشفة حديثا يمكن أن تزن حوالي 50 كيلوغراما، وبالإضافة إلى كونها محطمة للأرقام القياسية، تقوم الحفرية بتعليم الخبراء المزيد عن الديدان الألفية القديمة.

ومن المعروف أن المفصليات (المجموعة التي تضم الحشرات والديدان الألفية) اليوم لا يمكنها أن تصل إلى هذا الحجم جسديا، لأن مستويات الأكسجين ليست عالية بما يكفي لتسهيل طريقة تنفسها بأحجام أكبر.

علماء يزيلون حفرية الدودة الألفية العملاقة من شاطئ شمالي إنجلترا (فيز. أورغ)

ومع ذلك، يعود تاريخ هذه الحفرية إلى ما قبل ذروة الأكسجين في الغلاف الجوي في أواخر فترات العصر الكربوني والبرمي، عندما كان تركيز الأكسجين في الغلاف الجوي 23% فقط، وليس أعلى بكثير من 21% اليوم. ويشير هذا إلى أن ارتفاع الأكسجين لا يمكن أن يكون العامل الوحيد الذي يسمح للمفصليات بالوصول إلى مثل هذه الأحجام المذهلة.

ويقول ديفيز إنه "في حين أننا لا نستطيع أن نعرف على وجه اليقين ما كانت تأكله، كان هناك كثير من المكسرات والبذور المغذية المتاحة في فضلات الأوراق في ذلك الوقت، وربما كانت حيوانات مفترسة تتغذى على اللافقاريات الأخرى وحتى الفقاريات الصغيرة مثل البرمائيات".

وعاشت حيوانات أرثروبيليورا حول خط الاستواء لما يقرب من 45 مليون سنة، وفي العصر الكربوني، كانت المملكة المتحدة قريبة من خط الاستواء بالفعل، وانقرضت تلك الحيوانات خلال العصر البرمي (299-252 مليون سنة مضت).

وسبب هذا الانقراض غير واضح، وربما يرجع جزئيا إلى ارتفاع عدد الزواحف التي تفوقت عليها في النهاية.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية

إعلان