دودة ألفية مكتشفة حديثا تحطم الرقم القياسي العالمي لذوات الألف رجل
رغم أن الأنواع التي تعيش على عمق كبير يمكن أن تبدو بعيدة عن الحياة على السطح، فإن هذه النظم البيئية تلعب دورا بيئيا مهما مرتبطا بالحياة فوق سطح الأرض.
اكتشف الباحثون نوعا جديدا من الديدان "ألفية الأرجل" (millipede)، لديها أرجل أكثر من أي مخلوق آخر على هذا الكوكب، حيث يصل عدد أرجلها إلى 1300، وتعيش هذه المخلوقات الطويلة في أعماق سطح الأرض.
حامل الرقم القياسي العالمي الجديد هو مخلوق شاحب عديم العينين له جسم طويل يشبه الخيوط وطوله نحو 100 مرة أطول من عرضه. ويحتوي رأسه المخروطي الشكل على هوائيات هائلة للتنقل في عالم مظلم تحكمه الفيرمونات ومنقار مُحسَّن للتغذية على الفطريات. وقد تم وصفه في الدراسة التي نشرت في دورية "ساينتفيك ريبورتس" (Scientific Reports) 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالكشف عن أسرار أغرب دودة على كوكب الأرض
ديدان العلق الطفيلية.. هل هي كائنات مفيدة أم ضارة؟
تسببت في تدمير مراكب كريستوفر كولومبوس.. لغز ديدان السفن لا يزال دون حل
يقول بول ماريك، عالم الحشرات في "جامعة فرجينيا للتكنولوجيا" (Virginia Tech University) والمؤلف الرئيسي للدراسة التي تصف الأنواع المكتشفة حديثا، لموقع "لايف ساينس" (Live Science) "لطالما كانت كلمة الدودة الألفية تسمية خاطئة إلى حد ما"، ويضيف أن "جميع الديدان الألفية المعروفة الأخرى تمتلك أرجلا أقل بكثير مما يوحي به اسمها، حيث يحتوي العديد من الأنواع على أقل من 100 رجل"، مؤكدا أنه "من الصعب حساب الأرجل لأن الحيوان يميل إلى الالتفاف مثل زنبرك ساعة صغير".
الديدان الألفية
الديدان الألفية، أو ذوات الألف رجل، هي حيوانات من شعبة مفصليات الأرجل لديها زوجان من الأرجل في كل قسم من أقسام جسدها، عدا القسم الأول الذي يقع خلف الرأس، وقليل من الأقسام اللاحقة تحوي زوجا واحدا من الأرجل فقط. وكل قسم يحوي زوجين من الأرجل هو في الواقع عبارة عن قسمين ملتحمين مع بعضهما بعضا يُشكلان قسما واحدا، وفقا لباحثين.
وتمتلك معظم الديدان الألفية جسدا أسطوانيا طويلا، والبعض الآخر منها مفلطح ضخم الظهر، كما أن هناك ديدانا ألفية تعرف باسم الديدان الألفية الكروية، وهي أقصر من بقية الأنواع، وهي بطيئة الحركة وقادرة على التدحرج كالكرة، كما تفعل الحشرات الكروية.
تقتات معظم أنواع الديدان الألفية على أوراق النباتات المتعفنة وغيرها من بقايا النبات المتيبس، ويمكن لهذه الحيوانات أن تُشكل طفيليات مزعجة للحدائق المنزلية، وبشكل خاص في الدفيئات الزجاجية حيث يمكنها أن تسبب ضررا كبيرا للبذور النامية.
ويمكن تمييز الديدان الألفية بسهولة عن أقاربها الشبيهة بها، أي الديدان المئوية أو ذوات الـ100 رجل، أو كما تُعرف عند العامة "أمهات 44″، فهذه الأخيرة تتحرك بسرعة وتمتلك زوجا واحدا من الأرجل على كل قسم من أقسام جسدها.
تحطيم الرقم القياسي
وعلى الرغم من اسمها فإن هذه الحيوانات لا تمتلك ألف رجل، وتمتلك الأنواع المألوفة ما بين 36 و400 رجل. لكن الأنواع المكتشفة حديثا "إيوميليبس بيرسيفوني" (Eumilipes persephone)، التي سميت على اسم بيرسيفوني -ابنة زيوس التي أخذها هاديس إلى العالم السفلي حسب الأساطير اليونانية- هي أقدم حيوان معروف على هذا الكوكب. عينة واحدة حللها ماريك بها 1306 أرجل، وهو ما حطم الرقم القياسي الحالي.
توفر المجموعة الغزيرة من الأرجل أيضا إشارة إلى عمر هذه المخلوقات، حيث تنمو الديدان الألفية مضيفة أجزاء من الجسم تسمى الحلقات، ويمكن لعلماء الحشرات حساب هذه الأجزاء مثل حلقات الأشجار لتحديد الأعمار النسبية بين الأفراد من النوع نفسه. وقال ماريك "أظن أن هذه الحيوانات معمرة للغاية".
تم رصد هذه المخلوقات لأول مرة في منطقة بغرب أستراليا معروفة باسم "غولد فيلدز"، وهي منطقة تنتشر بها الشركات التي تنقب وتستخرج المعادن وتحفر ثقوبا عميقة وضيقة يتراوح عمقها بين 20 و100 مترا، وإذا لم يعثر عمال المناجم على أي من المعادن، فيتم سد الثقوب وإهمالها.
توصل علماء الحشرات من أستراليا الغربية إلى فكرة أخذ عينات من هذه الآبار لأنها توفر فرصة مثالية للتعمق في النظم البيئية الجوفية، وتتيح للباحثين أخذ عينات من مجموعة واسعة من الحياة المزدهرة تحت أقدامنا.
وعلى الرغم من أن الأنواع التي تعيش على عمق كبير يمكن أن تبدو بعيدة عن الحياة على السطح، إلا أن هذه النظم البيئية تلعب دورا بيئيا مهما مرتبطا بالحياة السطحية، حيث تساعد تلك المُحلِّلات الجوفية على إعادة تدوير العناصر الغذائية التي تعتمد عليها الحياة السطحية، وتسهم في ترشيح السموم من مياه الشرب. مع ذلك، فإننا لا نعرف سوى القليل عن العالم تحت أقدامنا. وقال ماريك إن الاكتشاف الجديد يظهر أن "هناك الكثير من الاكتشافات التي يتعين القيام بها".
لا تتوقع أن ترى واحدا من هؤلاء يفتش في فضلات أوراق الفناء الخلفي، حيث تم اكتشاف هذا النوع على عمق 60 مترا تحت سطح الأرض في بيئة غير مستكشفة نسبيا مبنية من تشكيلات حديدية ذات نطاقات وصخور بركانية.