تعتمد على حالة المستعمرة.. مشاركة اللعاب تساعد النمل في عملية التمثيل الغذائي
كشفت دراسة حديثة نشرت في دورية "إي لايف" (eLife) في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أن النمل يتبادل السوائل عبر الفم في سلوك اجتماعي يشبه القُبلَة عند البشر، يُمَكِّنه من أداء دوره في مجتمع النمل، سواء كان ملكة أو شغالة أو جامعا للكلأ.
وطبقا للبيان الصحفي الذي نشرته دورية "إي لايف" تعقيبا على الدراسة، فإن تبادل سوائل الفم في أحد أنواع النمل الذي تمت دراسته -والمعروف علميا باسم "كامبونوتَس فلوريدانَس" (Camponotus floridanus)- قد خَلَّقت نوعا من الأيض (بناء أو هضم المواد العضوية للاستفادة منها) الجمعي الذي يسع المستعمرة كلها، وهو ما يُؤمّن لكل فرد في المستعمرة ما يحتاجه للوفاء بدوره.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبشرى لمن يعانون من الرهاب.. رائحة النمل تكفي لطرد العناكب من المنزل
شاهد: أروع الفيديوهات الفائزة بمسابقة التصوير العلمي المجهري لعام 2021
سر صلابة أسنان النمل.. الزنك يجعل منها حادة كمبضع الجرّاح
معدتا النمل الحيويتان
وتذكر أدريا لوبوف قائدة الدراسة وعالمة الأحياء التطورية في جامعة فريبورغ في سويسرا، أن "للنمل معدتين: واحدة لهضم الطعام الخاص بها، ومعدة اجتماعية أخرى تأتي أولا وتقوم بتخزين السوائل التي تتشاركها مع غيرها من أفراد النمل في المستعمرة".
وتضيف لوبوف قائلة إن "تبادل السوائل يتيح للنمل مشاركة الطعام والبروتينات المهمة الأخرى التي ينتجها النمل بنفسه".
وعلى غرار هذه المشاركة الاجتماعية، فإن هناك حشرات اجتماعية أخرى -مثل ذبابة الفاكهة- يُعتَقد أنها تستخدم اللعاب لإنشاء نظام تداولي فيما بينها، يمكّنها من تبادل الأغذية والدفاعات المناعية والهرمونات. غير أن الوظيفة الدقيقة لهذه "السوائل الاجتماعية" ليست معروفة بالشكل الجيد حتى الآن.
تباين ملحوظ في البروتينات المُشارَكة
ولذا، فقد عمد الباحثون إلى تقصي هذه الظاهرة بشكل أكبر في النمل الحفار (Carpenter ants)، مما مكّنهم من اكتشاف دليل يشير إلى أن هذه السوائل الاجتماعية ترتبط بدور الفرد في المستعمرة.
فعندما حلل الباحثون جميع البروتينات الموجودة في لعاب النمل الحفار، وجدوا أنه يحتوي على مؤشرات حيوية مختلفة تعتمد على حالة المستعمرة.
وقد اكتشف الباحثون -بعد دراستهم 70 مستعمرة و40 عينة سوائل لأفراد من النمل- أن اللعاب يحتوي على 519 بروتينا، ويظهر منها 27 بروتينا بشكل عام في جميع المستعمرات، بغض النظر عن دورة حياة المستعمرة أو طورها أو ظروفها البيئية. أما البقية الباقية من هذه البروتينات فكانت متباينة تماما.
فعلى سبيل المثال، فقد تشاركت مستعمرات النمل الأصغر سنا اللعاب الغني بالبروتينات التي تعمل على المعالجة السريعة للسكريات، بينما تشاركت مستعمرات النمل الأكبر سنا البروتينات اللازمة للنمو، وكذلك أيضا البروتينات التي تساعد صغارها على التحول والانسلاخ (Metamorphosis)، وتلك البروتينات التي تمنحها عمرا أطول.
هرمونات تشاركية
ومن ثم، فإن ذلك يشير إلى أن اللعاب الذي تتشاركه المستعمرات البالغة يؤدي دورا مثل الهرمونات التي تتدفق في الجسم، إذ تحدد هذه "الهرمونات" الدور الذي يلعبه أفراد النمل في المستعمرة.
وعلى سبيل المثال، فإن أفراد النمل من الشغالات التي تعتني بالصغار كان لديها وفرة أكبر من البروتينات المرتبطة بالإجهاد التأكسدي (حالة من عدم التوازن التأكسدي قد تؤدي إلى أنواع من الخلل أو الأمراض إن لم تتم معالجتها) في اللعاب الخاص بها.
غير أن هناك أفرادا أخرى في المستعمرة "غير أنانية" تشارك الجزيئات التي تمنح العمر الأطول مع الشغالات، حتى تعيش فترة أكبر تمكنها من تنشئة الجيل التالي من المستعمرة.
غير أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة لمعرفة الكيفية التي يؤثر بها كل بروتين تتم مشاركته على المستعمرة كلها وعلى أفراد النمل، لكن دراسة الحالة تشير إلى أن مشاركة اللعاب في النمل يعد نموذجا مفيدا لفهم الكيفية التي طورت بها المجتمعات الحيوانية طريقة فيما بينها لتقاسم العمل.
وتختتم لوبوف قائلة "إننا لم نكن نعرف كم المعلومات التي يتناقلها أفراد النمل في معانقة واحدة، غير أن من الصعب قياس الكيفية التي يتشارك بها النمل النشاط الأيضي بين الخلايا".