خبراء يحددون أكبر المشاريع الفضائية التي يتعين على ناسا إنجازها في العقد القادم

بناء مراصد عملاقة لاستكشاف الكون أحد أهم توصيات التقرير الجديد (ناسا)

دعا علماء فلك، في تقرير عن أهم المشاريع الفضائية الأميركية التي يتعين العمل على إنجازها في السنوات العشر القادمة، إلى الاستثمار في جيل جديد من المراصد الفلكية "الضخمة للغاية" أكبر بكثير من تلك الموجودة الآن على الأرض أو التي تدور في الفضاء.

وردت هذه التوصيات في تقرير أصدرته الأكاديميات الوطنية الأميركية للعلوم والهندسة والطب حديثا، ينجز بناء على استطلاع لآراء علماء الفلك الأميركيين. وحددت هذه الوثيقة التي تحظى باهتمام الدوائر الرسمية الأميركية الأولويات للمشاريع الفلكية الباهظة الثمن التي يتعين إنجازها على مدار العقد المقبل (2022-2032).

إنجاز المهام المتعددة سيجنّب تأخر المشاريع مثلما حدث مع مرصد جيمس ويب الفضائي (بيكسهير)

اعتماد المهام المتعددة

وقد أوصى التقرير، حسب موقع "ساينس نيوز" (Science News)، وكالة ناسا باعتماد مقاربة جديدة في تطوير المشاريع الفلكية العملاقة، ترتكز على تنفيذ مهام متعددة في الوقت نفسه، لتجنب أهم العوائق التي تعترضها المهام الفردية اليوم وتجعلها غير عملية أحيانا ومكلفة للغاية.

ويقول جوناثان فورتني، عالم الفيزياء الفلكية المشارك في إعداد التقرير، لموقع "ساينس نيوز"، إن "البرنامج المقترح المتعدد المهام سيعيد تشكيل كيفية التخطيط للمهام الفضائية الكبرى. فالتلسكوبات الفضائية تزداد تعقيدا وتكلفة، ولا يعمل نموذج (التصنيع) الواحد تلو الآخر بشكل جيد عندما تستغرق مهمة واحدة عقودا من المخطط إلى الانطلاق".

إعلان

وسيؤدي تطوير مهام متعددة بشكل متواز إلى تقليص وقت الانتظار الطويل بين عمليات الإطلاق وتجنب التجاوزات الكبيرة في التكلفة والتأخيرات المتكررة، مثل تلك التي يشهدها مشروع تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي طال انتظاره.

مرصد ماجلان الكبير سيشكل مع مرصد هاواي نظاما أكثر حساسية (مرصد ماجلان الكبير)

مرصد فضائي أكبر من هابل بمرتين

أول المشاريع التي اقترحها الخبراء في التقرير بناء مرصد فضائي يراقب الكون في أطوال موجات مختلفة تمتد من الأشعة تحت الحمراء إلى الأشعة فوق البنفسجية، وهو مشروع مستوحى من برنامج سابق لإنشاء مرصد لاستكشاف الكواكب التي يمكن أن تؤوي شكلا من أشكال الحياة أطلق عليه اختصارا (HabEx).

وسيملأ هذا المرصد الفراغ الذي ستخلفه الأجهزة العاملة حاليا مثل تلسكوب هابل الفضائي الذي يعمل بشكل أساسي على التقاط الضوء البصري والأشعة فوق البنفسجية، وتلسكوب جيمس ويب الذي سيرى الكون في مجال الأشعة تحت الحمراء.

يمكن لهذا المرصد الجديد الذي سيكون قطر عدسته 6 أمتار (مقابل 2.4 متر لعدسة هابل) أن يلمح الكواكب في أنظمة النجوم الأخرى التي يبلغ سطوعها عُشر المليار من سطوع نجومها، فضلا عن مراقبة النجوم والمجرات والأجرام السماوية الأخرى. وحدد الخبراء كلفته التقديرية بـ11 مليار دولار، ومن المقرر إطلاق التلسكوب في عام 2040.

المشاريع المقترحة ستتيح آفاقا أوسع لرؤية تفاصيل أكثر دقة في الكون (ناسا)

وبعد 5 سنوات من بدء العمل في تلك المهمة الرئيسية الأولى، يتعين على ناسا، وفقا للتقرير، أن تشرع في تطوير مرصدين آخرين لرؤية الأشعة تحت الحمراء البعيدة والأشعة السينية، وتبلغ تكلفة كل منهما بين 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار.

يقول فورتني "إن نافذة الأشعة تحت الحمراء البعيدة في الكون يمكن -على سبيل المثال- أن تساعد علماء الفلك في دراسة الحالات التي يكون عليها الماء أثناء تشكل أنظمة كوكبية".

إعلان

ومن المنتظر أيضا أن يكشف الخليفة المنتظر لمرصد شاندرا للأشعة السينية -الذي بلغ من العمر 22 عاما- عن تفاصيل جديدة لتطور المجرات، وسلوك الثقوب السوداء الهائلة، والظواهر النشطة الأخرى في الكون.

شبكة المراصد الراديوية الجديدة ستكون أكثر حساسية من المراصد الحالية (ناسا)

مراصد أرضية أقوى بـ100 مرة

أما على الأرض، فيقترح معدّو التقرير توحيد جهود مشروعين متنافسين، هما مرصد ماجلان العملاق في تشيلي ومرصد الـ30 مترا في هاواي الذي يواجه تنفيذه جدلا واسعا في الوقت الحالي. وبمجرد اكتمال المرصدين المزودين بمرايا تجميع أولية بقطر يراوح بين 25 و30 مترا، سيكوّنان مرصدا ضخما أكثر حساسية بنحو 100 مرة من أي تلسكوب قيد التشغيل حاليا.

وسيتيح المرصدان الجديدان لعلماء الفلك إلقاء نظرة فاحصة على قلب المجرات البعيدة، حيث تتجول الثقوب السوداء الهائلة، كما سيتيحان فهم العديد من الألغاز الكونية مثل تلك المتعلقة بالمادة المظلمة، والطاقة المظلمة، ودراسة الكواكب حول النجوم البعيدة.

ويشير التقرير أيضا إلى أن الوقت قد حان لاستبدال شبكة المراصد الراديوية الكبيرة جدا في نيو مكسيكو وتلك المنتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ويقترح الخبراء إنجاز مراصد راديوية من الجيل الجديد تضم أكثر من 260 هوائيا عملاقا موزعة في مناطق مختلفة من أميركا الشمالية وتكون أكثر حساسية بـ10 مرات.

ويأمل علماء الفلك أن تقنع رؤيتهم الجديدة صنّاع القرار في الولايات المتحدة لتوفير الميزانيات اللازمة لتنفيذها، خاصة مع تكرر التجاوزات في كلفة المشاريع السابقة، لا سيما لتلسكوب جيمس ويب الفضائي، الذي سيطلق أخيرا الشهر القادم بعد سنوات من التأخير بكلفة بلغت 10 مليارات دولار، رغم أن ميزانيته التقديرية كانت في حدود 4.5 مليارات دولار فقط.

المصدر : ساينس نيوز + مواقع إلكترونية

إعلان