قمة المناخ في غلاسكو.. ماذا ينتظر منها؟ وهل تحقق أهدافها؟
من المحتمل أن تكون هذه القمة أحد المؤتمرات الأخيرة التي يمكن أن تجنب الأرض تجاوز العتبة الدراماتيكية لتغير المناخ.

تستضيف مدينة غلاسكو الاسكتلندية، بين 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري و12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب26" (COP26)، الذي يعلق عليه خبراء المناخ كثيرا من الآمال لتجنب السيناريو الأسوأ لمناخ الأرض في المستقبل.
ما الذي ينتظره العالم من هذه القمة؟ وهل ستنجح فيما فشلت فيه قمة باريس قبل 5 سنوات؟
اقرأ أيضا
list of 4 itemsدراسة: تغير المناخ يزيد احتمالية الأمطار الغزيرة والفيضانات
القطار السريع لتغير المناخ.. هل توقفه زراعة 160 مليار شجرة؟
لهذا السبب.. الأرض أقل سطوعا في العقدين الأخيرين
عام 1992، أمضيت معاهدة دولية تسمى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقد حددت هذه الاتفاقية القواعد الأساسية للتعاون العالمي في مكافحة تغير المناخ.

ومنذ ذلك الحين، عقدت سلسلة من المؤتمرات لتحديث هذه القواعد، كان آخرها عام 2015 عندما وقعت الدول اتفاقية باريس للمناخ. وقد وضع هذا الاتفاق هدفا للحد من الاحتباس الحراري عند أقل من درجتين مئويتين، يفضل أن يكون 1.5 درجة مئوية، لتجنب تغير كارثي للمناخ.
ونص الاتفاق على مراجعة التزامات الدول المشاركة بعد 5 سنوات أي عام 2020، لكن جائحة كورونا التي اجتاحت العالم فرضت تأجيل المؤتمر بعام واحد ليعقد هذه الأيام بمدينة غلاسكو.
ما الذي يتوقع أن تحققه قمة غلاسكو؟
في الأثناء، كان تقرير الأمم المتحدة حول المناخ الصادر في شهر أغسطس/آب الماضي قد حذر من أن الأنشطة البشرية قد أدت إلى احترار كوكب الأرض بشكل لا لبس فيه، وأن تغير المناخ أصبح الآن واسع الانتشار وسريعا ومكثفا مع بلوغ مقدار ارتفاع متوسط درجة حرارة الكوكب 1.1 درجة مئوية.
يتفق معظم الخبراء على أن الاحترار سيتواصل خلال العقود القادمة، وسيتجاوز على أي حال مستوى 1.5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالي.
في ظل هذه التوقعات، ما الذي تبقى للقمة الجديدة أن تناقشه لإنقاذ مناخ الكوكب؟

تقول الباحثة شيلي إنغليس من جامعة "دايتون" (University of Dayton) -في مقال نشرته على موقع "ذا كونفرسيشن" (The conversation)- إن هناك نافذة ضيقة من الفرص لا تزال ممكنة إذا تمكنت الدول من خفض الانبعاثات العالمية إلى "صافي صفر" بحلول عام 2050، مما يؤدي إلى إعادة الاحترار إلى أقل من 1.5 درجة مئوية في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين. وهذا ما سيناقشه المشاركون في قمة "كوب26".
تتمثل الأهداف الرئيسية لمؤتمر "كوب26" في إلزام الدول بوضع أهداف طموحة لخفض الانبعاثات حتى عام 2030 للوصول إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية بحلول منتصف القرن.
إضافة إلى زيادة التمويل المتعلق بالمناخ لمساعدة البلدان الفقيرة على الانتقال إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ ليصل إلى 100 مليار دولار سنويا، إلى جانب التخلص التدريجي من استخدام الفحم في مجال الطاقة، والحد من إزالة الغابات، وحماية النظم البيئية، وتشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

بين متفائل ومتشائم
ويعتقد العديد من المطلعين أن قمة غلاسكو للمناخ لن تصل إلى هدفها المتمثل في الحصول على التزامات قوية من الدول بما يكفي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 45% بحلول عام 2030.
وهذا يعني أن العالم لن يكون على مسار سلس للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. ومن المحتمل أن تكون هذه القمة أحد المؤتمرات الأخيرة التي يمكن أن تجنب الأرض تجاوز العتبة الدراماتيكية لتغير المناخ.
في المقابل، يؤكد المنظمون أن الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة دون 1.5 درجة مئوية لا يزال ممكنا. ويأمل وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، الذي يقود المفاوضات الأميركية، أن يخلق عدد من الدول المؤثرة زخما للدول الأخرى لتعزيز أهداف التخفيض بحلول عام 2025.

ما يتفق عليه الجميع هو أن تكلفة الفشل ستكون باهظة جدا؛ فقد أظهرت الدراسات أن الاختلاف في متوسط ارتفاع درجة الحرارة بين 1.5 و2 درجة مئوية يمكن أن يعني غمر مناطق ساحلية كثيرة، وموت الشعاب المرجانية، وموجات حرارة أشد، وفيضانات وحرائق غابات أكثر تواترا.
مما يعني أن نجاح القمة سيجنب البشرية العديد من الوفيات المبكرة، والمزيد من الهجرات الجماعية، وخسائر اقتصادية كبيرة، ومساحات شاسعة من الأراضي غير الصالحة للعيش، والصراع العنيف على الموارد والغذاء، وهو ما أطلق عليه الأمين العام للأمم المتحدة "المستقبل الجحيم".