الاحترار والأنواع الغازية يؤديان لانهيار أعداد الرخويات في شرق المتوسط
أظهرت دراسة جديدة قام بها فريق دولي ونشرت في دورية "بروسيدنغز أوف رويال سوسيتي بي" (Proceedings of Royal Society B)، في 6 يناير/كانون الثاني الجاري، أن أعداد الرخويات البحرية قد انهارت في العقود الأخيرة بأجزاء من شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث أدى ارتفاع درجة حرارة المياه إلى جعل الظروف غير مناسبة للأنواع المحلية.
احتلال الأنواع الغازية
قام فريق الباحثين المشارك في الدراسة بالتحقيق في تأثير المياه الدافئة بشرق المتوسط على التجمعات المحلية من الرخويات البحرية، وكذلك تأثير وصول الأنواع البحرية الأخرى الغازية القادمة من البحر الأحمر عبر قناة السويس.
وبدأ الباحث الرئيسي في الدراسة، باولو ألبانو، من قسم علم الحفريات بجامعة فيينا، بالنمسا (University of Vienna)، وفقا للبيان الصحفي الصادر عن الجامعة، بمقارنة الأنواع البحرية المحلية والغازية في شرق المتوسط، وسرعان ما أدرك مدى تراجع أعداد الرخويات المحلية.
حيث تعد المياه قبالة سواحل فلسطين، من بين أكثر المياه حرارة في البحر المتوسط، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارتها 3 درجات مئوية خلال العقود الأربعة الماضية، مع وصول درجة حرارة المياه إلى 30 درجة مئوية بشكل منتظم خلال فترة الصيف.
يقول ألبانو، لوكالة الصحافة الفرنسية "كنت أتوقع العثور على نظام بيئي متوسطي إضافة لهؤلاء الوافدين الجدد"، إلا أنه "بعد الغوص الأول، أدركت على الفور أن المشكلة كانت هي عدم وجود الأنواع البحرية الأصلية للبحر المتوسط، حتى الأنواع الأكثر شيوعا التي من المفترض أن تجدها في كل مكان بالبحر المتوسط".
تراجع الأنواع المحلية
قام ألبانو وزملاؤه بمقارنة تجمعات الرخويات التي تم العثور عليها في أكثر من 100 عينة تم جمعها من قاع البحر، مع السجلات التاريخية للأنواع المحلية المفترض وجودها في البحر المتوسط.
وجد الفريق أن 12% فقط من الرخويات ما زالت موجودة في الرواسب الضحلة. أما في الشعاب الصخرية، فكانت نسب الرخويات الموجوة مقارنة بالسجل التاريخي هي 5% فقط. وقدروا أيضا أن 60% من مجموعات الرخويات المتبقية التي تمت دراستها لا تصل إلى حجم التكاثر، مما يجعل المنطقة "بالوعة ديمغرافية" لبعض الأنواع.
يقول ألبانو إنه بينما يمكن أن تلعب عوامل أخرى دورا في انهيار هذه المجموعات السكانية، وليس أقلها تأثير الأنواع الغازية والتلوث، فمن المحتمل أن يكون السبب العام هو ارتفاع درجة حرارة البحار.
ويضيف أن ارتفاع درجات الحرارة هو ما يهم حقا هنا، خصوصا أن معظم الأنواع المحلية في البحر الأبيض المتوسط تقع في أقصى الشرق منه، حيث تستطيع تحمل درجات الحرارة.
ووجد العلماء كذلك أنه على عكس الرخويات المحلية بالبحر الأبيض المتوسط التي لوحظ اندثارها بشكل كبير، كانت مجموعات الأنواع الاستوائية التي تدخل البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس مزدهرة بشكل غريب.
ووفقا لمؤلفي الدراسة، فإن حركة دوران هذه الأنواع تتسبب في ظهور "نظام بيئي جديد"، ومن المرجح أن الخسارة الهائلة للأنواع المحلية أكبر من أن تتم معالجتها أو تصحيحها.
ويقول ألبانو إن شرق البحر المتوسط يعد نموذجا لما يحدث في النظم البيئية البحرية بسبب الاحتباس الحراري، حيث إن الأنواع تستجيب للاحترار عن طريق تغيير نطاقاتها، وفي بعض المناطق هذا يعني القضاء على الأنواع المحلية.