أصغر بمليار عام من المتوقع.. دراسة جديدة تؤجج الجدل بشأن عمر الكون

كم يبلغ عمر الكون؟ سؤال ما زال دون إجابة حاسمة (ناسا)

تمكن فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية من إجراء قياس لعمر الكون وسرعة تمدده باستخدام طريقة جديدة وبناء على بيانات من تلسكوب سبيتزر الفضائي.

وأظهر القياس الجديد أن عمر الكون يقدر بحوالي 12.6 مليار عام، أي ينقص بأكثر من مليار سنة من القيمة التي رجحتها في السابق قياسات علمية دقيقة، وهو ما يطرح تساؤلات عن أسباب هذا التفاوت.

ثابت هابل

ما زال الكون يلعب لعبة التخفي مع العلماء، ويتمنع في الكشف عن عمره الحقيقي الذي ظن العلماء أنهم اهتدوا إليه خلال السنوات الماضية وحددوه بما يقارب 13.77 مليار عام.

وها هو يراوغهم من جديد من خلال ما أظهرته نتائج دراسة علمية قام بها فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية بقيادة باحثين من جامعة أوريغون University of Oregon الأميركية لحساب عمر الكون وسرعة تمدده بقياس ثابت "هابل".

هذا الثابت وضعه عالم الفلك الأميركي إدوين هابل في عشرينيات القرن الماضي ضمن قانون رياضي لقياس سرعة تباعد المجرات وعلاقتها بالمسافة التي تفصلها عنا، وبناء على قيمته يقوم العلماء بحساب عمر الكون.

ويعتمد العلماء اليوم على العديد من المقاربات لتحديد الفترة الزمنية التي تفصلنا على الانفجار العظيم أو بداية الكون، كالرياضيات والنمذجة الحاسوبية، واستخدام تقديرات المسافة للنجوم الأقدم، وحركة المجرات وانفجارات النجوم، ومعدل توسع الكون وإشعاع الخلفية الكونية الميكروي.

العلماء يستخدمون طرقا مختلفة لقياس سرعة تمدد الكون (ناسا)

طريقة جديدة ونتائج مختلفة

إعلان

في الدراسة الجديدة المنشورة في دورية "ذا أسترونوميكال جورنال The Astronomical Journal" في 17 يوليو/تموز الماضي استخدم الباحثون لأول مرة معادلة رياضية معروفة تربط بين كتلة مجرة حلزونية وسرعة دورانها حول نفسها والمسافة التي تفصلنا عنها، وتعرف بمعادلة "تالي-فيشر".

وبحسب ما جاء في تقرير موقع يوريك ألرت Eurek Alert عن الدراسة، فقد تم استخدام قياسات دقيقة لمسافات 50 مجرة أخذت بواسطة تلسكوب سبيتزر الفضائي (Spitzer Space Telescope)، واستطاع علماء الفيزياء الفلكية بذلك حساب المسافات التي تفصلنا عن 95 مجرة أخرى.

ومكنت المعادلة الرياضية المستخدمة الباحثين من تحديد كتل هذه المجرات وسرعة دورانها بشكل دقيق، وهو ما أتاح في مرحلة تالية حساب عمر الكون وسرعة تمدده.

وبناء على ذلك، توصل العلماء إلى حساب قيمتي عمر الكون وثابت هابل، ووجدوا أن عمره يقدر بحوالي 12.6 مليار عام، كما حددوا قيمة ثابت هابل بحوالي 75.1 كلم في الثانية في كل ميغابارسك (البارسك أو الفرسخ في علم الفلك مسافة تبلغ 3.3 سنوات ضوئية)، وهذا يعني أنه مقابل كل 3.3 ملايين سنة ضوئية تتحرك المجرات بعيدا عنا بسرعة 75.1 كلم في الثانية.

وبحسب الباحثين، فإن هذه القيم تتوافق مع تلك التي تم قياسها باستخدام المستعرات الأعظمية (انفجارات النجوم) في وقت سابق، لكنها تختلف كثيرا عن القيمة الأكثر قبولا اليوم لدى العلماء لعمر الكون والمحددة باستخدام إشعاع الخلفية الكونية الميكروي وهي 13.77 مليار عام، وباعتبار أن ثابت هابل لا يتجاوز 67.1 كلم في الثانية في كل ميغابارسك.

ويؤكد مؤلفو الدراسة الجديدة أن النتائج التي توصلوا إليها تشير كذلك إلى أنه من المستبعد جدا أن تكون لثابت هابل قيمة أقل من 70 كلم في الثانية في كل ميغابارسك، وهو ما يضع علماء الكونيات في حيرة كبيرة.

الباحثون استخدموا طريقة جديدة لحساب تباعد المجرات وسرعة تمدد الكون (فليكرز)

أين الخلل؟

إعلان

إذًا، ما هي أسباب هذا التفاوت الكبير في عمر الكون وسرعة تمدده والذي لا يبدو أنه ناتج عن هامش خطأ أو عدم دقة الوسائل المستخدمة؟

لا شك أن الدراسة الجديدة -التي تستند جزئيا إلى الملاحظات التي تم إجراؤها باستخدام تلسكوب سبيتزر الفضائي- تضيف عنصرا جديدا إلى كيفية حساب ثابت هابل، وذلك من خلال تقديم طريقة تجريبية بحتة باستخدام الملاحظات المباشرة لتحديد المسافة إلى المجرات.

لكنها تغذي في نفس الوقت النقاش طويل الأمد بين العلماء بشأن قيمة ثابت هابل وعمر الكون، وهي تشير إلى أن "فهمنا لفيزياء الكون ما زال غير كامل، في انتظار بناء فيزياء جديدة في المستقبل" كما قال جيمس شومبيرت المؤلف الرئيسي للدراسة في بيان لجامعة أوريغون.

المصدر : الصحافة الأميركية

إعلان