في إنجاز باهر.. إصدار أكبر خريطة كونية ثلاثية الأبعاد
كيف يتمدد الكون؟ وبأي سرعة يفعل؟ هل سينكمش الزمكان على نفسه يوما؟ وما المادة والطاقة المظلمتان؟
أسئلة أجابت عنها دراسة نشرت في مجلة "لايف ساينس" (Live Science) في 21 يوليو/تموز الجاري، وقام بها مرصد ماسح سلون الرقمي للسماء (Sloan Digital Sky Survey).
حيث قام المرصد بدراسة مليوني مجرة تقع ضمن مساحة تمتد إلى 19 مليار سنة ضوئية، تبعد أقصاها 11 مليار سنة ضوئية عنا، ولمدة 5 سنوات من المتابعة والتحليل، كشفت عن نتائج مهمة في علم الكون.
الكون وتمدده وانبساطه
يتكون الكون من 25% من المادة المظلمة المسؤولة عن تباطؤ حركة التمدد، و5% من المادة المرئية المعروفة "بالباريونات" (النجوم والمجرات)، و70% من الطاقة المظلمة، المسؤولة عن تمدد الكون بالطريقة وبالسرعة المرصودة حاليا، وبخطأ في القياسات يبلغ نحو 1% فقط، حسب العلماء.
ويتمدد الكون بسرعة مقدارها 68.2 كم/ث/ميغا فرسخ، بما يعرف بثابت هابل، وهو جزء من قانون هابل الذي ينص على أن "سرعة تباعد المجرات عنا تتناسب طرديا مع زيادة المسافة بيننا وبينها".
أي أن سرعة المجرات تزداد بمقدار 68.2 كم/ث كلما ابتعدت عنا مسافة مليون فرسخ، والفرسخ مسافة في السماء تعادل 3.26 سنوات ضوئية، أو ما يقارب 31 تريليون كيلومتر. وهذه القيمة تخالف التقديرات السابقة التي تقول إن الكون يتمدد بسرعة بين 72 و75 كم/ث/ميغا فرسخ.
وبناء على ذلك، فالكون منبسط (Flat Universe)، أي أنه سيستمر في التمدد بتسارع ثابت، وليس محدبا كما كان يُعتقد من نتائج نظرية النسبية العامة وغيرها، مع وجود مقدار ضئيل جدا من هذا التحدب يبلغ 0.2% فقط، أو ما يعادل جزءا من 500 جزء.
فأصحاب نظرية الكون الأحدب يفترضون أنه سيتوقف عن التمدد بعد مدة من الزمان، وتعود مادته القهقرى حتى تجتمع جميعا وينهار الكون وينسحق، ثم يعود كما كان قبل الانفجار العظيم الذي حدث قبل 13.8 مليار سنة. لكن هذا "الانسحاق العظيم" (Big Crunch) لن يحدث قبل 35 مليار سنة من الآن على أقل تقدير.
المادة المظلمة والجسيمات
يتسق وجود المادة المظلمة في الكون بشكل عجيب مع مقدار الثابت الكوني (ثابت هابل)، وليس صحيحا القول إن "كثافة الطاقة" للمادة المظلمة تتطور مع الوقت أو تتغير قيمتها من مكان لآخر.
وهذا يدلل على صحة "المبدأ الكوني"، وأن المادة موزعة فيه بانتظام في جميع الاتجاهات.
ولم يتم العثور على أية بصمة للنيوترينوهات، وهي (جسيمات كتلتها قريبة جدا من الصفر، تنطلق من التفاعلات النووية وانفجارات السوبر نوفا، ولا تتفاعل مع المادة) في المقياس الكوني الكبير.
وهذا يعني أن الكتلة الكلية لأنواع النيوترينوهات الثلاثة؛ وهي "الميون" و"الإلكترون" و"التاو"، تعادل أقل من 0.11 إلكترون فولت، مما يستلزم أن كتلة الإلكترون وحده تعادل 6.4 مليون مرة كتلة النيوترينوهات الثلاثة مجتمعة.
وفي المجمل، فقد خلصت هذه الدراسة العملاقة إلى رسم شكل ثلاثي الأبعاد للكون بمراحله المختلفة، ابتداء من تلك اللحظة التي أصبح فيها شفافا وسمح للضوء بأن ينتقل في الفضاء بعد نحو 300 ألف سنة فقط من الانفجار العظيم.
مرورا بتلك المجرات والكوازارات (مجرات شديدة النشاط يتوسطها ثقب أسود)، ووصولا إلى عصرنا الحالي والكون الواعي الذي نعيش فيه.