أشجار المنغروف في خطر ما لم يتم التحكم في الانبعاثات

خفض الكربون مع توسع غابات المنغروف خلال آلاف السنين أسهما في تقليل تركيزات الغازات الدفيئة (ويكيبيديا)

توقع علماء من جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة (NTU Singapore) وفريق بحث دولي أنه بحلول عام 2050، لن تتمكن أشجار القرم "المنغروف" من تحمل ارتفاع مستويات البحار ما لم يتم تقليل انبعاثات الكربون العالمية.

واستخدم العلماء المحفوظات الرسوبية من الوقت الذي تعرض فيه الجليد الأرضي للتدهور حتى عشرة آلاف عام، وقدروا احتمالية بقاء أشجار المنغروف تحت معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر المقابلة لسيناريوهين مناخيين، هما انبعاثات منخفضة وعالية الكربون.

وعندما تجاوزت معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر 6 ملم في السنة، وهو ما يتوافق مع ما يُقدَّر في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية لعام 2050، وجد الباحثون أن احتمالية توقف أشجار القرم عن النمو بالسرعة المطلوبة مرجحة جدا "احتمال أكثر من 90%".

في المقابل، يمكن أن تعيش أشجار المنغروف من خلال بناء نفسها عموديا عندما يظل ارتفاع مستوى سطح البحر أقل من 5 ملم في السنة، وهو ما يتوافق مع ذلك المتوقع في سيناريوهات الانبعاثات المنخفضة خلال القرن الحادي والعشرين.

يقول كبير الباحثين في الدراسة البروفيسور نيل سانتيلان من قسم علوم الأرض والبيئة بجامعة ماكواري، إن عتبة ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 6 ملم "يمكن تجاوزها بسهولة" على السواحل الاستوائية إذا لم يبذل المجتمع جهودا متضافرة لخفض انبعاثات الكربون.

ويضيف سانتيلان "نعلم أن ارتفاع مستوى سطح البحر أمر لا مفر منه بسبب تغير المناخ، ولكن لا يُعرف الكثير عن كيفية تأثير المعدلات المختلفة لارتفاع مستوى سطح البحر على نمو أشجار القرم، وهو نظام بيئي مهم لصحة الأرض".

أشجار المنغروف يمكن أن تعيش من خلال بناء نفسها عموديا عندما يظل ارتفاع مستوى سطح البحر أقل من 5 ملم في السنة (ويكيبيديا)

المنغروف وأهميته البيئية

من المعروف أن المنغروف هي شجيرة تنمو في المياه المالحة الساحلية أو المياه المالحة. وهي منتشرة في جميع أنحاء العالم في المناطق المدارية وشبه الاستوائية، بشكل رئيسي بين خطي العرض 25 درجة شمالا و25 درجة جنوبا.

ويبلغ إجمالي مساحة غابات المنغروف في العالم ما يزيد على 137 مليون كيلومتر مربع، تغطي 118 دولة ومنطقة.

وتتحمل أشجار المنغروف الملوحة، وتتكيف مع الحياة في الظروف الساحلية القاسية. وتحتوي على نظام ترشيح ونظام جذري معقد للتعامل مع غمر المياه المالحة وعمل الأمواج. وتتكيف مع ظروف الأكسجين المنخفض في الطين المغمور بالمياه.

ومع الجذور التي ترتفع من تحت الطين، تنمو حوامل المنغروف في عملية تسمى التراكم الرأسي.

هذه الميزة مهمة لنظامها البيئي لأنها تساعد في امتصاص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري "عزل الكربون" بكثافات أكبر بكثير من الغابات الأخرى، وتوفر حاجزا بين الأرض والبحر، مما يساعد في حماية الناس من الفيضانات المدمرة.

أشجار المنغروف تتحمل الملوحة، وتتكيف مع الحياة في الظروف الساحلية القاسية (ويكيبيديا)

تقليل تركيزات الغازات الدفيئة

وقد كشفت الدراسة التي نشرت يوم 5 يونيو/حزيران الجاري في دورية "ساينس"، والتي غطت 78 موقعا، كيفية استجابة أشجار المنغروف حين تباطأ معدل ارتفاع مستوى سطح البحر من أكثر من 10 ملم سنويا منذ عشرة آلاف عام إلى ظروف مستقرة تقريبا بعد 4000 عام.

حيث أسهم خفض الكربون تزامنا مع توسع غابات المنغروف خلال هذا الوقت في تقليل تركيزات الغازات الدفيئة.

ووجدت الدراسة أن أشجار القرم "المنغروف" سوف تتغلغل بشكل طبيعي في الداخل إذا أعيقت قدرتها على التراكم عموديا.

وعند القيام بذلك، سيتعين على أشجار المنغروف أن تتنافس مع استخدامات أخرى للأراضي وقد تصبح مضغوطة خلف الحماية الساحلية.

عتبة ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 6 ملم "يمكن تجاوزها بسهولة" على السواحل الاستوائية (يوريك ألرت)

يقول الأستاذ المساعد نيكول خان، المؤلف المشارك، من جامعة هونغ كونغ فيما نقله موقع يوريك ألرت "معظم ما نعرفه عن استجابة أشجار المنغروف لارتفاع مستوى البحر يأتي من الملاحظات على مدى عدة سنوات إلى عقود عندما تكون معدلات الارتفاع أبطأ من المتوقع في وقت لاحق من هذا القرن".

ويقدم هذا البحث رؤى جديدة لأننا نظرنا بشكل أعمق في الماضي عندما كانت معدلات ارتفاع مستوى سطح البحر سريعة، ووصلت إلى تلك المتوقعة في سيناريوهات الانبعاثات العالية.

وتؤكد نتائج الدراسة أهمية الحد من الانبعاثات واعتماد تدابير إدارة وتكيّف ساحلية تسمح لأشجار المنغروف بالتوسع بشكل طبيعي في المناطق الساحلية المنخفضة لحماية هذه النظم البيئية القيّمة.

المصدر : الصحافة الأميركية