رصد فلكي نادر يكشف كيف تولد الكواكب من رحم النجوم
شادي عبد الحافظ
تمكن فريق بحثي دولي من تحقيق رصد نادر، هو الأدق إلى الآن، لمراحل مبكرة جدا من تكون الكواكب حول أحد النجوم صغيرة السن، والذي يقع على مسافة مئات السنوات الضوئية من الأرض، الأمر الذي يمكن أن يساهم في فهم أفضل لنشأة المجموعة الشمسية.
وللوصول لتلك النتائج التي نشرت في الأول من مايو/أيار بدورية "أسترونومي آند أستروفيزيكس"، استخدم الباحثون أربعة تلسكوبات تابعة للمرصد الأوروبي الجنوبي في صحراء دولة تشيلي القاحلة، وتعد أفضل مكان لعمل الأرصاد الفلكية في العالم.
بعد ذلك، استخدم الباحثون تقنية "بايونير" التابعة للمرصد من أجل تجميع البيانات الصادرة من التلسكوبات الأربعة، في نطاق الأشعة تحت الحمراء، ثم دمج تلك البيانات معا عن طريق خوارزومية حاسوبية بالطريقة نفسها التي جمعت بها صورة الثقب الأسود منتصف العام 2019.
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن تلك هي الصور الأولى من نوعها التي يمكن أن تصف بدقة المحتويات القريبة جدا من النجم، تلك التي تشبه مدارات الكواكب الداخلية في المجموعة الشمسية (عطارد والزهرة والأرض والمريخ).
وتمكن الفريق البحثي من التقاط 15 صورة لتلك المنطقة حول أحد النجوم. ولغرض التشبيه، فإن الأمر يشبه أن تحاول رصد شخص يقف على سطح القمر من الأرض، أو تمييز شعرة على بعد عشرة كيلومترات.
تاريخ المجموعة الشمسية
وبحسب أرصاد سابقة للتلسكوب هابل، فنحن نعرف أن النجوم تنشأ في قلب السحب الغبارية الزاخرة بالهيدروجين، الغاز الذي يمثل وقود النجوم، والذي تحتاجه لكي تنمو وتزدهر لتصبح يافعة بعد ملايين من السنين.
لكن يحدث في بعض الأحيان أن تكون السحابة المحيطة بالنجم كبيرة، فتترك حوله قرصا من الغاز والغبار نسميه "القرص النجمي الدوار" Circumstellar Disc.
وعادة ما يتسبب الإشعاع النجمي في تبدد تلك السحابة مع الزمن، لكن إن كانت كثيفة بما فيه الكفاية فقد يبقى جزء منها ليصنع كواكب تدور حول النجم، يحتاج الأمر إلى حوالي 10 ملايين سنة حتى يحدث ذلك.
وفي بداية حياتها، تكون المجموعات الشمسية عبارة عن كميات هائلة من القطع الصخرية والثلجية الصغيرة، ترتطم تلك القطع معا، يدمر بعضها بعضا، وبعضها يلتصق ببعض، بالتالي ترتفع قدرتها على جذب المزيد من الصخور إليها مع ارتفاع كتلتها بحسب قوانين الجاذبية.
وتتجمع تلك القطع شيئا فشيئا، ثم تصل إلى مرحلة تزداد فيها كتلة تجمعات الصخور للدرجة التي تتمكن خلالها من اتخاذ الشكل الكروي بسبب جاذبيتها القوية لذاتها، ذلك لأن الشكل الكروي هو صاحب أقل مساحة سطح ممكنة.
تعطينا دراسة الأقراص النجمية الدوارة حول المزيد من النجوم فرصة أفضل لفهم التاريخ السحيق لمجموعتنا الشمسية قبل حوالي خمسة مليارات سنة، الأمر الذي قد يساعدنا بدوره على إجابة الكثير من الأسئلة عن نشأة الحياة على سطح الأرض أو مصير المجموعة الشمسية مستقبلا.