لغز قطعان "الفئران الجليدية" في القطب الشمالي

"الفئران الجليدية" تتكون من مستعمرات لأنواع متعددة من الطحالب الموجودة على بعض الأنهار الجليدية (من تصريح للدكتورة روث موترام)

لعقود من الزمان كان العلماء مفتونين بكرات صغيرة من الطحالب الخضراء الجميلة التي تشق طريقها ببطء عبر الأنهار الجليدية في جميع أنحاء القطب الشمالي، وأطلقوا عليها اسم "الفئران الجليدية" لأنها تتحرك.

وفي حين تم نشر العديد من البحوث التي تصف تلك الكرات الطحلبية إلا أنه لم يتم إجراء سوى القليل جدا من الأبحاث بشأن كيفية تطورها وتحركها.

وفي محاولة للحصول على بعض الإجابات نشرت دراسة جديدة يوم 14 مايو/أيار الجاري في دورية "بولار بيولوجي" (البيولوجيا القطبية).

وحلل الباحثون في الدراسة ثلاثين من هذه "الفئران الجليدية" الغريبة على نهر روت الجليدي في ألاسكا، وقاسوا تحركاتها عبر فترة زمنية تعدت أربع سنوات.

موائل للافقاريات

"الفئران الجليدية" أو الكرات الطحلبية الجليدية هي مستعمرات من الطحالب الموجودة على بعض الأنهار الجليدية.

وتتكون الكرات من أنواع متعددة من الطحالب، كما تستضيف أنواعا أخرى من اللافقاريات، مثل القافزات بالذنب، والديدان الخيطية، والدببة المائية.

وكان قد تم وصف الفئران الجليدية لأول مرة في عام 1950 من قبل عالم الأرصاد الجوية الآيسلندي جون إيورسون.

وأثبتت الأبحاث السابقة أن الفئران الجليدية تتحرك وتتدحرج ربما ليتمكن كل جانب منها من التعرض لضوء الشمس الذي يمنح الحياة.

إعلان

وتظهر الدراسة الجديدة أن الكتل تتحرك بالفعل كما لو كانت قطيعا يتحرك معا في اتجاهات محددة.

كما تظهر قياسات الفئران الجليدية أنها تحتفظ بالحرارة والرطوبة، مما يخلق نظاما بيئيا مناسبا للكائنات الحية الدقيقة التي لولاها ما كانت تستطيع العيش على نهر جليدي.

ويقول الباحثون إن "هذه التكتلات التي تظهر على شكل بيضاوي من الأوساخ والطحالب لا توجد إلا على بعض الأسطح الجليدية وتوفر موائل رئيسية لاستعمار اللافقاريات".

ويعتقد الباحثون أن الفئران الجليدية تبدأ من الصخور الصغيرة أو الشوائب الأخرى في الجليد، مما يتسبب في تراكم أنواع مختلفة من الطحالب والرواسب.

أسئلة جديدة

وفي الدراسة الجديدة سجل الباحثون مجموعة تتكون من ثلاثين من هذه الفئران الجليدية، ووجدوا أنها تتحرك بمتوسط 2.5 سم (تقريبا بوصة واحدة) في اليوم، واتضح للباحثين أن هذه الفئران الجليدية تتميز بحركة منسقة بطريقة أو بأخرى.

ويقول تيم بارثولوماوس المختص في علم الجليد بجامعة أيداهو للإذاعة الوطنية الأميركية العامة "تتحرك مستعمرة كاملة من كرات الطحالب بنفس السرعات وفي نفس الاتجاهات، ويمكن لهذه السرعات والاتجاهات أن تتغير على مدار أسابيع".

وأضاف أنه "بالعودة عاما بعد عام يمكننا أن نكتشف أن هذه الكرات الطحلبية الفردية تعيش على الأقل خمس أو ست سنوات وربما أكثر".

وبينما تجيب الدراسة الأخيرة عن بعض الأسئلة -لا تبدو حركة الفئران الجليدية عشوائية- إلا أنها تثير المزيد من الأسئلة أيضا بشأن سبب انتقال هذه الكتل في نفس الاتجاه لفترة من الوقت قبل تغيير الاتجاه مرة أخرى.

وخلص الباحثون إلى أنهم لم يتمكنوا من تفسير اتجاه حركة الفئران الجليدية (الكرات الطحلبية) من خلال النظر في السطح المادي للجليد (أي اتجاه المنحدر)، وكثافة قطع الجليد، وأنماط الإشعاع الشمسي.

الفئران الجليدية تستطيع استضافة أنواع أخرى من اللافقاريات مثل القافزات بالذنب والديدان الخيطية والدببة المائية (ويكيبيديا)

قوى غير مرئية

ومع وجود كرات الطحالب التي تعد واحدة من مصادر قليلة جدا من المغذيات للكائنات اللافقارية على الأنهار الجليدية يحرص العلماء على محاولة معرفة المزيد عن كيفية عملها والقوى التي تؤثر عليها.

إعلان

وتقول عالمة المناخ في المعهد الدانماركي للأرصاد الجوية الدكتورة روث موترام -لم تشارك في الدراسة- في تصريح خاص عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت إن "الفئران الجليدية تثير الفضول حقا، وهي تظهر أن هناك الكثير من الحياة على سطح الأنهار الجليدية أكثر بكثير مما نعتقد".

ويرى الباحثون أن هناك بعض القوى غير المرئية التي توجه هذه الفئران الجليدية إلى أين تذهب، وقد يكون هذا اللغز هو السؤال المثالي لدراسة مستقبلية لمعرفة ما الذي يتحكم في حركة هذه الكرات الجليدية.


إعلان