قد يساعد في تحسين العلاجات الوراثية.. دراسة تكشف قدرة الحبار على تعديل حمضه الريبي
عبد الحكيم محمود
عادة ما يتم وصف الحبار بأنه بعيد المنال، وهو حيوان ماهر للغاية، وخلاياه تحتوي على صبغات وخلايا عاكسة للضوء يمكنه من خلالهما التمويه في البيئة أو الوسط الذي يوجد فيه.
إلا أن هناك ميزات أخرى مثيرة اكتشفها العلماء أخيرا للحبار في المختبر البيولوجي البحري وهو مركز بحثي وتعليمي دولي مقره في ماساشوستس بالولايات المتحدة.
من أجل التكيف
في عام 2015، تمكن الفريق العلمي بقيادة الباحث جوشوا روزنتال من اكتشاف أن الحبار والأخطبوط (وهما من مجموعة الحيوانات المعروفة بسلوكها المعقد) قادران على تحرير الحمض النووي الريبوزي (RNA)، لتنويع البروتينات التي يتم إنتاجها.
والآن أصبحوا قادرين على التعمق في عملهم وملاحظة التعديلات خارج نواة خلية الحبار، حيث نشرت دورية "نيوكلييك أسيدز ريسيرش" يوم 23 مارس/آذار الماضي، دراسة علمية توصلت إلى أن الحبار من جنس "لونجفين إنشور" قادر على تعديل حمضه النووي الريبوزي داخل خلاياه العصبية.
أي أنه قادرعلى إحداث تعديلات جذرية على سلوك أجهزة جسمه حسب الحاجة، ما يساعده في التكيف بسرعة مع الأوساط الجديدة، وقد يساعد هذا الاكتشاف الغريب في تطوير علاجات وراثية أفضل للبشر.
حيلة وراثية
ووفقا لما أورده موقع "وايرد" فإن تحرير الجينات يتم عن طريق تغيير الشفرة الوراثية للكائن الحي والتي يتم إجراؤها على الحمض النووي في نواة الخلية بواسطة الحمض النووي الريبوزي ونقلها إلى السيتوبلازم، وهو الجزء من الخلية الذي يصنع البروتينات.
ووفقا للدراسة الجديدة فقد أفاد العلماء في المختبر البيولوجي البحري بأن الحبار هو أول الحيوانات المعروفة الذي يمكنه تحرير الحمض النووي الريبوزي خارج نواة الخلية، إذ إنه يستخدم حيلة وراثية لتعديل جينومه الخاص وبسرعة فائقة.
وتتمثل هذه الحيلة في قيامه بتعديل حمضه النووي الريبوزي داخل منطقة المحور العصبي التي تمتد من خلية الدماغ وتنقل الإشارات الكهربائية إلى الخلايا العصبية القريبة.
ولأن الخلايا العصبية للحبار ضخمة، فهي تمتد لعدة أقدام ولهذا فهو يقوم بتعديل حمضه النووي الريبوزي خارج النواة، ليتمكن من تغيير وظيفة البروتين بالقرب من جزء الجسم الذي يحتاج إلى التكيف.
وبهذا الصدد، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة جوشوا روزنتال "هذه الطريقة غير المعتادة لتحرير الحمض النووي الريبوزي لها علاقة بسلوك الحبار في المحيط البحري، كما أن قدرته على تعديل حمضه النووي الريبوزي في محيط الخلية، تعني من الناحية النظرية أنه قادر على تعديل البروتين لتلبية المتطلبات المحلية للخلية".
تحسين العلاجات الوراثية
ووفقا لموقع "زد إم إي ساينس"، فإن فكرة أن المعلومات الجينية يمكن تحريرها بشكل مختلف داخل الخلية هي فكرة جديدة وتوسع أفكارنا، حيث إنها ستساعد الباحثين في ضبط وظيفة البروتين للمساعدة في تلبية المتطلبات الفسيولوجية المحددة للمناطق الخلوية المختلفة.
وأضاف الموقع في تقريره أنه يمكن أن تكون لنتائج هذه الدراسة آثار على البشر، حيث يأمل الباحثون في أن تساعد الدراسة على استخدام عملية تحرير الحمض النووي الريبوزي في البشر لأغراض علاجية.
من ناحية أخرى، قال موقع مجلة "وايرد" إن هذه الدراسة، ستساهم في تحسين العلاجات الوراثية الحديثة، لأن هذه العملية تحدث خارج النواة خلافا للتعديلات على مورثات المريض التي تحتاج إلى استخدام أداة كريسبر، ولكن من المرجح أن يمضي بعض الوقت قبل أن يبدأ الأطباء باستخدام حيلة الحبار على البشر.