لماذا لا تبرد الرياح الشمسية قبل وصولها إلى الأرض؟
ليلى علي
الغازات والبلازما تبردان أثناء تمددهما، هذا هو أحد مبادئ الفيزياء، لكن هذا المبدأ لا ينطبق تماما على البلازما التي تُطرد من الشمس في شكل رياح شمسية وتصل إلى الأرض؛ فرغم أنها تبرد أثناء تمددها في الفضاء، فإنها لا تبرد بالقدر الذي تتوقعه قوانين الفيزياء.
وفي دراسة نشرت في 14 أبريل/نيسان الجاري في "بروسيدينج أوف زي ناشونال أكاديمي أوف ساينس"؛ يقدم علماء الفيزياء في جامعة ويسكونسن ماديسون الأميركية تفسيرا لهذا التناقض في درجة حرارة الرياح الشمسية.
يقول أستاذ الفيزياء ومؤلف الدراسة ستاس بولدريف إن العلماء يدرسون البلازما الشمسية منذ اكتشافها عام 1959، إلا أن هناك العديد من خصائصها المهمة التي لا تزال غير مفهومة جيدا.
واعتقد الباحثون من قبل أن الرياح الشمسية يجب أن تبرد بسرعة كبيرة أثناء توسعها وابتعادها عن الشمس، لكن قياسات الأقمار الصناعية تظهر أنه عندما تصل الرياح الشمسية إلى الأرض، فإن درجة حرارتها تكون أكبر بعشر مرات مما هو متوقع.
لذا، فالسؤال الرئيسي: لماذا لا تبرد؟
الإلكترونات المحاصرة
تتكون البلازما الشمسية من مزيج منصهر من الإلكترونات سالبة الشحنة والأيونات موجبة الشحنة، التي تتأثر بالمجالات المغناطيسية التي يتم توليدها من الشمس وتمتد إلى الفضاء.
ومع هروب البلازما الساخنة من الغلاف الخارجي للشمس إلى الفضاء، تكون الإلكترونات السالبة أخف بكثير من الأيونات الموجبة، لذا فإن الإلكترونات تتحرك أسرع بنحو أربعين مرة من الأيونات.
ومع تدفق المزيد من الإلكترونات ذات الشحنة السالبة بعيدا عن الشمس، تأخذ الشمس شحنة موجبة، وهذا يجعل من الصعب على الإلكترونات الهروب من قوة السحب الموجبة للشمس، عدا بعض الإلكترونات التي تمتلك الكثير من الطاقة فهي تفلت وتستمر في السفر لمسافات في الفضاء.
أما بالنسبة للإلكترونات التي لديها طاقة أقل فلا يمكنها الهرب من الشحنة الموجبة للشمس فتنجذب إليها مرة أخرى.
يقول بولدريف إنه بسبب الظاهرة الديناميكية الأساسية التي تقول إن الجسيمات التي لا تتوافق سرعتها جيدا مع خطوط المجال المغناطيسي غير قادرة على الانتقال إلى منطقة مجال مغناطيسي قوي، فإن الإلكترونات المنجذبة إلى الشمس تعكس مسارها لتتدفق بعيدا عن الشمس مرة ثانية.
لكن لا يستمر ذلك طويلا، حيث لا يمكن لتلك الإلكترونات المنعكسة أن تهرب بعيدا بسبب القوة الكهربائية الجاذبة للشمس. لذا، فإن مصيرها هو الارتداد ذهابا وإيابا، مما يخلق عددا كبيرا مما تسمى "الإلكترونات المحاصرة".
آلة المرآة
وجد الباحثون في الدراسة أن ما يحدث أثناء عملية انتقال الرياح الشمسية وتوسعها بعيدا عن الشمس، يشبه ما يحدث في ما تسمى "آلة المرآة"، التي طورها باحثو دمج البلازما من قبل. وهي عبارة عن خطوط مجال مغناطيسي مملوءة بالبلازما على شكل أنابيب ذات نهايات مضغوطة، تشبه زجاجات ذات رقاب مفتوحة عند أحد طرفيها.
تعمل آلة المرآة عندما تنتقل الجسيمات المشحونة في البلازما على طول خطوط المجال المغناطيسي، وعندما تصل إلى عنق الزجاجة تنضغط خطوط المجال المغناطيسي، التي تعمل في هذه الحالة كمرآة، مما يعكس مسار جزيئات البلازما مرة أخرى داخل الزجاجة.
ولا يهرب من الزجاجة سوى بعض الجسيمات، التي تتدفق على طول خطوط المجال المغناطيسي الممتدة خارج الزجاجة.
ووجد الفيزيائيون في دراسات آلة المرآة أن الإلكترونات الساخنة جدا التي تهرب من الزجاجة تقوم بتوزيع طاقتها الحرارية ببطء على الإلكترونات المحاصرة داخل الزجاجة.
واعتقد بولدريف وزملاؤه أنه يمكنهم تطبيق النظرية نفسها من آلة المرآة على الرياح الشمسية، إذ يقول بولدريف "في الرياح الشمسية تتدفق الإلكترونات الساخنة من الشمس إلى مسافات كبيرة جدا، وتفقد طاقتها ببطء شديد وتوزعها على الإلكترونات المحاصرة".
وهذا يفسر سبب انخفاض درجة حرارة الإلكترون ببطء مقارنة بالمسافة التي يقطعها. وهذا يجيب عن سؤال: لماذا لا تبرد الرياح الشمسية في الفضاء قبل وصولها إلى الأرض. ويضيف بولدريف "أن نتائجنا اتضح أنها تتوافق جدا مع ملف قياسات درجة حرارة الرياح الشمسية".