كيف تستطيع الأسماك العيش تحت الجليد؟
فكرت المهدي
باستخدام تقنية تتبع جديدة، قام باحثون من جامعة تورونتو ميسيسوجا بإلقاء نظرة خاطفة على سلوك أنواع معينة من أسماك المياه العذبة التي تعيش تحت الجليد الشتوي، وكشفت دراستهم عن معلومات جديدة مفاجئة تخص البيئات المائية في فصل الشتاء.
ونشرت نتائج الدراسة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري في الأرشيف البيولوجي المجاني "bioRxiV " للدراسات الأولية في علوم الحياة.
التفضيلات الحرارية للأسماك
أجرى فريق الباحثين بقيادة باحثة الإيكولوجيا المائية "بايلي مكمينز" -الأستاذة المساعدة في علم الأحياء- دراسة على أسماك المياه العذبة في مختبر هاركنس لبحوث الثروة السمكية في بحيرة أوبونجو في حديقة مقاطعة ألجونكوين في أونتاريو.
ووجدوا أن سلوك الأسماك في فصل الشتاء يختلف اختلافا جذريا عن سلوكها خلال أشهر الصيف.
حيث يلعب انخفاض كل من درجة الحرارة والضوء دورا هاما في سلوكيات الأسماك للتعايش مع الظروف البيئية القاسية.
درس الفريق سمك السلمون المرقط في البحيرة، وسمك القاروس ذو الفم الصغير وسمك البربوط وسمك الجاحظ باعتبار أنها من الحيوانات المفترسة في المياه العذبة كما أن لها أهمية في المصايد الترفيهية بالنسبة للسكان الأصليين هناك.
وتختلف الأسماك في تفضيلاتها لدرجات الحرارة بشكل كبير، ففي فصل الصيف يفضل سمك القاروس ذو الفم الصغير المياه الضحلة الدافئة، بينما يظل سمك السلمون المرقط في المناطق الأكثر عمقا والأكثر برودة في البحيرة، وبهذا لا تتنافس تلك الأسماك على مصادر الطعام.
تتبع درجات الحرارة
تم توصيل مجموعة مختارة من الأسماك بمستقبلات صوتية متمركزة في قاع البحيرة تتعقب حركة الأسماك على مدار الثانية، الأمر الذي زود الباحثين بمعلومات ثابتة حول موقع الأسماك وعمقها ومدى سرعة تحركها في البحيرة.
وبعد فترة من التعقب والمراقبة دامت حوالي عامين، توصل الباحثون إلى نتائج مفاجئة حيث كشفت البيانات أنه عند انخفاض درجة حرارة البحيرة ما بين صفر وأربعة درجات مئوية، انتقل سمك السلمون المرقط للعيش في المياه الضحلة -أي بشكل يعاكس سلوكه في الصيف- كما أنه يبقى نشطا طوال فصل الشتاء.
بينما استمر سمك القاروس ذو الفم الصغير بالعيش في المياه الضحلة شتاء كما هو حاله صيفا، إلا أنه دخل في حالة تشبه السبات الشتوي، حيث كان خاملا في حركته وغذائه.
وبهذا يعتقد الباحثون أن سمك السلمون المرقط يتابع درجات الحرارة، ويحدد مكان وجوده بناء عليها. نتيجة لذلك، لا يتنافس النوعان على الغذاء شتاء رغم أنهما يشغلان المنطقة نفسها.
وتقدم هذه الدراسة نتائج جديدة يمكن أن تفيد في إدارة أكثر فعالية لهذه الأسماك الهامة في مجتمعات الصيادين. لا سيما أنها تواجه ضغوطا قاسية عند تغير درجات الحرارة ما بين الصيف والشتاء.
وحاليا مع آثار الاحتباس الحراري تواجه تلك الأسماك تحديات أشد من حيث درجات الحرارة الأكثر دفئا وفترة الشتاء التي باتت أقصر مما كانت عليه.
ولهذا يأمل الباحثون الاستفادة من نتائج دراستهم في تعديل محاور الأبحاث في تغير المناخ المستقبلية، لإلقاء الضوء على التفاعلات البيولوجية في البيئة المائية بهدف الوصول إلى إدارة أفضل لهذه النظم في مواجهة تغير المناخ.