ملاحظات "الهرم الأكبر".. أسرار نيوتن التي تكشف لأول مرة عن نهاية العالم
يعتبر إسحق نيوتن (1643-1727)، عالم الرياضيات الذي وضع أسس الفيزياء الكلاسيكية، وصاغ قوانين الحركة وقانون الجاذبية، أحد أشهر العلماء على مر العصور. إلا أن اهتماماته المتبحرة أخذته إلى عوالم غريبة عما نعدُّه الآن علما.
مخطوطات جديدة
فقد ظهرت مؤخرا، وبعد أكثر من 290 عاما على وفاته، جوانب أخرى كاشفة عن اهتمامات نيوتن بالخيمياء (أحد فروع الفلسفة الطبيعية القديمة) وفروع اللاهوت الغامضة. ففي مخطوطة لم تنشر سابقا -تباع حاليا من خلال دار مزادات سوذبيز (Sotheby’s) الأميركية- دوَّن نيوتن ملاحظاته، حاول من خلالها فك الرموز المخبأة في الكتاب المقدس لتحديد موعد نهاية العالم. وكرس هذه المخطوطة للكتابة عن الأهرامات المصرية اعتقادا منه باحتوائها على مفتاح اللغز.
غير أن هذه الملاحظات ليست سوى جذاذات ورقية بقيت من الحريق الذي تسبب فيه كلب نيوتن المسمى "دايموند" والذي أسقط شمعة من على طاولة نيوتن أدت إلى إشعال النيران في عدد من أوراقه. وقد وصل سعر تلك الصفحات الثلاث المتهالكة 378 ألف جنيه إسترليني أي ما يزيد على 500 ألف دولار أميركي، وذلك في المزاد العلني الذي انتهى الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
فحسب تقرير نشرته جريدة "ذا أوبزرفر" (The Observer) البريطانية، يرى غابرييل هيتون، اختصاصي المخطوطات لدى مزادات سوذبيز أنها "مخطوطات رائعة. إذ تمثل نقطة تلاق بين نيوتن والأهرامات الكبرى، والتي طالما فتنت الناس لآلاف السنين. كما تأخذنا هذه الملاحظات إلى عدد من الأسئلة المعقدة التي كانت تشغل عقل نيوتن".
الذراع الملكية
درس نيوتن الأهرامات في ثمانينيات القرن 17، وذلك خلال الفترة التي نأى فيها بنفسه عن جامعة كمبريدج إلى منفاه الاختياري في لنكولنشاير، بالمملكة المتحدة، بعد انتقادات وجهها له منافسه روبرت هوك من الجمعية الملكية.
وحاول خلال تلك الفترة الكشف عن وحدة القياس التي استخدمها القدماء المصريون في بناء الأهرامات. إذ اعتقد أنهم استخدموا ما يعرف باسم "الذراع الملكية" كوحدة لقياس الطول، وهو ما مكنهم من قياس محيط الأرض.
اعتقد نيوتن أنه لو استطاع تقدير طول تلك الذراع الملكية فربما يتمكن من صقل نظرياته الخاصة المتعلقة بالجاذبية، ومن ثم قياس محيط الأرض بشكل أكثر دقة. كما أن معرفة هذه القياسات قد تقوده إلى معرفة الأسرار الهندسية الغامضة لأماكن مثل معبد سليمان، ومن ثم التنبؤ بموعد نهاية العالم. بالطبع فإن "هذه مناح مختلفة. إلا أنها لم تكن بالشيء ذاته لنيوتن في القرن 17" كما يقول اختصاصي المخطوطات هيتون.
ورغم أن صيت نيوتن قد استند إلى اكتشافاته الرياضية والعلمية، فإن هذه الاكتشافات كانت ثانوية بالنسبة لدراساته الكبرى عن الخيمياء واللاهوت. احتفظ نيوتن بهوسه بالخيمياء ومعتقداته الدينية غير التقليدية والرافضة لعقيدة الثالوث لنفسه، ولم ينشر منها شيئا. ولم يكن ذلك خيفة من أن يؤثر إيمانه على عمله العلمي أو العكس، ولكن ذلك قد يكلفه حياته المهنية كلها.
عالم فذ وشائك
عززت كتب نيوتن "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية" والتي نشرت عام 1687 مكانته كعالم بارز. إذ وفرت نظرياته عن حساب التفاضل والتكامل والجاذبية وقوانين الحركة الأسس التي بني عليها فهمنا الجديد للكون.
ويصفه هيتون أنه "كان شخصا شائكا، وعلى استعداد للعداوة دائما". كما وصفه آخرون بأنه "كتوم وماكر وانتقامي". إلا أن عبقرية نيوتن لا يمكن التشكيك فيها، وهو ما يؤكده هيتون قائلا "لقد كان نيوتن عميقا في الطرح والأصالة حول كل شيء قام بدراسته، بدءا من الدين والخيمياء وانتهاء بالفيزياء والرياضيات والكيمياء".
ومن الجدير بالذكر أن دار مزادات سوذبيز قد حصلت على بعض من هذه المخطوطات عام 1936 بعد أن اشترتها من الاقتصادي المحب لنيوتن، جون مينارد كينز، والذي وصفه بأنه "آخر السحرة".