أدلة جديدة على وجود "القيامة" أسفل كندا

الباحثان وو وفوستون أمام الصور المقطعية التي تكشف وجود الصفيحة المفقودة (جامعة هيوستن)

قال فريق من العلماء إنهم اكتشفوا دليلا على وجود صفيحة تكتونية قديمة كانت جزءا من القشرة الأرضية الواقعة أسفل شمالي كندا، وتنبأت بوجودها بعض الدراسات الجيولوجية في السابق.

لكن هذه الصفيحة التي يطلق عليها اسم غريب هو "القيامة"، ظلت موضوعا مثيرا للجدل بين الجيولوجيين بعد أن شكك في وجودها الكثير من العلماء.

صفيحتان أم ثلاث؟

في دراسة نشرت في نشرة الجمعية الجيولوجية الأميركية (GSA Bulletin) يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حدد باحثون من جامعة هيوستن (University of Houston) بقايا الصفيحة القديمة التي اختفت في الغالب قبل حوالي 40 مليون سنة على عمق مئات الكيلومترات أسفل أراضي يوكون (Yukon) الكندية.

من المعروف أن الصفائح التكتونية هي عبارة عن ألواح ضخمة من قشرة الأرض تسبح فوق الوشاح السائل المكون من المواد المنصهرة، وهي في حالة حركة دائمة، وإن كانت بطيئة للغاية. وتميل المناطق التي تلتقي فيها هذه الصفائح إلى أن تكون نشطة زلزاليا وبركانيا.

ويعرف الجيولوجيون منذ مدة طويلة أن صفيحتين تكتونيتين، تسمى الأولى "كولا" (Kula) والثانية "فارالون" (Farallon)، كانتا موجودتين في بداية عصر "حقب الحياة الحديثة" (Cenozoic Era) قبل 66 مليون عام في المحيط الهادي قبالة الساحل الغربي لأميركا الشمالية.

لكن المناطق الشاسعة من الصهارة الموجودة في المنطقة تشير إلى أن النشاط البركاني كان أكبر مما هو متوقع إذا افترضنا وجود صفيحتين فقط، مما دفع البعض للاشتباه في وجود صفيحة ثالثة.

لذلك اقترح بعض الخبراء أن صفيحة ثالثة تسمى "القيامة" (Resurrection) ربما تكون قد رافقت كولا وفارالون لفترة من الوقت قبل أن تغرق في الغالب تحت سطح الأرض خلال الفترة ما بين 60 و40 مليون سنة في الماضي، في عملية تعرف باسم "الاندساس".

وعندما انزلقت "القيامة" تحت صفيحة أميركا الشمالية، والتي تضم معظم القارة بالإضافة إلى غرينلاند وشمال الكاريبي وأجزاء من سيبيريا وآيسلندا وجزر الآزور في المحيط الأطلسي، ذابت وتشوهت بسبب الحرارة الشديدة داخل الأرض، لتصبح أصغر حجما بشكل ملحوظ.

صورة مقطعية تبيّن كيف ابتلع الوشاح المنصهر صفيحة القيامة (جامعة هيوستن)

العثور على "القيامة"

وبحسب بيان لجامعة هيوستن، يقول مؤلفو الدراسة الجديدة من الجامعة ذاتها إنهم عثروا على جزء كبير من القشرة التي يعتقدون أنها تمثل بقايا الصفيحة المفقودة.

للوصول إلى هذه النتيجة، حلل العلماء في مرحلة أولى صورا مقطعية لتضاريس الوشاح الموجودة في باطن الأرض أسفل أميركا الشمالية. وكشف هذا التحليل عن وجود قطعة من الصخور على عمق يتراوح بين 400 و600 كيلومتر تحت "يوكون" أقصى شمالي غربي كندا.

أطلق الباحثون عليها اسم لوح "يوكون" (Yukon slab)، ثم استخدم الفريق في مرحلة ثانية تقنية النمذجة الحاسوبية من أجل إعادة بناء شكل الصفائح المغمورة في المنطقة، وكشفت النتائج عن تطابق شكل اللوح بشكل وثيق مع الشكل المفترض لصفيحة "القيامة" في بداية عصر حقب الحياة الحديثة.

رسم افتراضي لموقع صفائح كولا وفارالون والقيامة قبل 60 مليون عام (جامعة هيوستن)

يقول سبنسر فوستون من جامعة هيوستن "نعتقد أن لدينا الآن دليلا مباشرا على وجود صفيحة القيامة". ويضيف المؤلف المشارك في الدراسة "نحن نحاول أيضا إنهاء الجدل القائم والدفاع عن الجانب الذي تدعمه بياناتنا".

وبحسب الباحثين، فإن النتائج الأخيرة يمكن أن تحسّن قدرتنا على التنبؤ بالمخاطر البركانية في المنطقة وتحديد الرواسب المعدنية، مع توفير رؤى جديدة حول مناخ الأرض.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة جوني وو "البراكين تتشكل على حدود الصفائح، وكلما زاد عدد الصفائح لديك، زاد عدد البراكين. والبراكين تؤثر أيضا على تغير المناخ. لذلك، عندما تحاول نمذجة الأرض وفهم كيف تغير المناخ في الماضي، فإنك تحاول بالتالي معرفة عدد البراكين الموجودة على الأرض".

المصدر : الصحافة الأسترالية