زيادة حموضة المحيطات.. تهديد إضافي للنظام البيئي
طارق قابيل
وأفاد العلماء في دراسة نشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" يوم 26 أغسطس/آب الماضي، بأن الجدران الأرق تعني دياتومات أخف وزنا، مما يجعل الطحالب أقل قدرة على ترسيب الكربون في أعماق المحيطات.
وخلص العلماء إلى أن زيادة حموضة المحيطات لا تؤدي فقط إلى تآكل جدران الدياتومات، بل يمكن أن تبطئ أيضا من معدل بناء هذه الطحالب الصغيرة لجدران خلاياها.
الدياتومات
تعد الدياتومات من أشهر أنواع العوالق النباتية، وتوجد عادة في المحيطات والمياه العذبة والتربة وعلى الأسطح الرطبة، ويعيش معظمها في المياه المفتوحة، وتسهم بنحو 45% من إجمالي الإنتاج الغذائي في المحيطات.
معظمها من الطحالب وحيدة الخلية، ويمكن أن توجد في شكل مستعمرات خلوية بأشكال مختلفة، وتتميز خلاياها بوجود غطاء من السيليكا (ثاني أكسيد السيليكون المائي) يطلق عليه اسم فراستل. وتظهر هذه الفراستلات تنوعا كبيرا في الشكل، إلا أنها غالبا ما تتكون من صمامين منفصلين غير متماثلين مع وجود انقسام واضح بينهما، ولهذا تعرف باسم "المشطورة".
تبني الدياتومات جدران خلايا زجاجية قوية من السيليكا، وعندما تموت الخلايا تكون الجدران بمثابة ثقل، مما يؤدي إلى غرقها في قاع البحار والمحيطات، ويؤدي في النهاية لعزل الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في قاع المحيط.
لهذا تعتبر مجتمعات الدياتومات أداة مهمة لمراقبة الأوضاع البيئية، وتستخدم بشكل عام لدراسة مستوى جودة المياه في البحار والمحيطات.
زيادة الحموضة
يعمل الازدهار الضخم للدياتومات عند توافر الظروف المناسبة من الغذاء والحرارة وغيرها من المؤثرات الحيوية، كمضخة بيولوجية هائلة في المحيطات، لأنها تضيف الأكسجين إلى الغلاف الجوي وتسحب منه ثاني أكسيد الكربون.
وعندما تمتص المحيطات كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، تصبح مياهها أكثر حمضية.
وإذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في مسارها الحالي، فإن متوسط الرقم الهيدروجيني في المحيطات سينخفض من حوالي 8.1 إلى حوالي 7.8 بحلول عام 2100 (مما يعني زيادة الحموضة)، كما تقول عالمة الأحياء البحرية كاثرينا بيترو من جامعة سيدني للتكنولوجيا في أستراليا والباحث الرئيسي للدراسة لموقع "ساينس نيوز".
لكن تأثير ذلك غير واضح بالنسبة للدياتومات، ولكن تشير الأبحاث السابقة إلى أن زيادة ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تزيد من إنتاجية الدياتومات، وتساعدها على النمو بشكل أسرع.
جدران أكثر رقة
شكت بترو وزملاؤها في أن انخفاض الرقم الهيدروجيني قد يؤثر أيضا على مدى قدرة الطحالب على بناء جدرانها الزجاجية وعلى جودتها.
ولهذا قام الفريق بتجربة علمية لإثبات صحة هذه الفرضية، وملأ الفريق البحثي ستة خزانات، سعة كل منها 650 لترا، بمياه بحر من القطب الجنوبي تحتوي على حوالي 35 نوعا مختلفا من الدياتومات.
كانت مياه البحر في كل خزان مشبعة بكميات مختلفة من ثاني أكسيد الكربون، مما أسفر عن قيم رقم هيدروجيني (حموضة) تتراوح بين 7.45 و8.1.
وأظهرت الدراسة أن الدياتومات المزروعة في الخزانات التي يقل فيها الرقم الهيدروجيني (درجة الحموضة أو pH) أنتجت كميات من السيليكا أقل بحوالي 60% مقارنة بتلك المزروعة في مياه البحر التي يقدر رقمها الهيدروجيني بحوالي 8.1.
ولكن حتى عندما وصل الرقم الهيدروجيني في بعض الخزانات إلى 7.84، تقلص إنتاج السيليكا أيضا، رغم أن هذا الرقم أعلى من مستويات الرقم الهيدروجيني المتوقعة بحلول عام 2100.
ولهذا فإن زيادة حموضة المحيطات يمكن أن تؤدي إلى إنتاج الدياتومات لجدران أكثر رقة وأقل وزنا. وكما قالت بيترو "كشفت دراستنا عن تهديد جديد للنظام البيئي نتيجة لتغير المناخ".