"حيث يحدث السحر".. تحذيرات من إهمال الأنهار الجبلية المدارية

محمد الحداد
كشفت دراسة حديثة عن أن أنظمة الأنهار الجبلية الاستوائية الكبيرة لا تحظى بالقدر اللازم لها من الصيانة والدراسات والبحوث الميدانية، رغم أهميتها كنظام بيئي فريد يتعرض لعمليات تدهور سريعة بسبب تغير المناخ. وحدها أدوات الخدش وعوامل النحت هي التي تسود الأنظمة النهرية الجبلية.
وتوضح الدراسة -التي أعدها باحثون من جامعات أميركية، ونشرت في 13 سبتمبر/أيلول الجاري في مجلة "ساينس"- أنه من دون هذه النظم النهرية لن يكون نهر الأمازون في أميركا الجنوبية على صورته الحالية من الامتلاء والتنوع الأحيائي.
ويعتقد الباحثون إنه من دون هذه الأنظمة الطبيعية فما كان لمدينة دار السلام أن تكون أكثر مدن تنزانيا اكتظاظا بالسكان، حيث تقوم الحياة في العاصمة السابقة لتنزانيا على موارد المياه التي توفرها الأنهار الجبلية الاستوائية، مثلها مثل جبال الغاتس الغربية في الهند التي تعد أكثر مناطق التنوع البيولوجي كثافة في العالم.
تقول إليزابيث أندرسون -الباحثة المشاركة في الدراسة والأستاذة المساعدة في معهد الأرض والبيئة بجامعة "فلوريدا الدولية" في الولايات المتحدة- إن الغابات الاستوائية المطيرة لها أهمية كبيرة على الكوكب، كما أن أنهار الجبال الاستوائية هي أيضا أنظمة بيئية مهمة وتستحق المزيد من الاهتمام على مستوى العالم، داعية إلى مزيد من الاهتمام بهذه الأنهار الاستوائية والرقابة على الملوثات التي تؤدي إلى تدهورها.

وتشير الباحثة إلى أن الواقع هو أن أنظمة الأنهار مسؤولة عن الكثير من الأدوار البيئية على المستوى العالمي؛ فالغابات المطيرة في الأراضي المنخفضة مثل الأمازون هي مراكز للتنوع البيولوجي وتخزين الكربون. كما تنقل أنظمة الأنهار كميات هائلة من الماء والمواد الغذائية والرواسب التي تدعم هذه الغابات وتنوعها البيولوجي والأشخاص الذين يعتمدون عليها. وتحذر الباحثة من أن تجاهل أنظمة الأنهار الجبلية الاستوائية يعني تجاهل المصادر التي تغذي العديد من الغابات الاستوائية المطيرة.
"حيث يحدث السحر"
ويدعو الباحثون في الدراسة إلى تكثيف الدراسات المعنية بدراسة النظم النهرية بأكملها، وليس فقط ينابيع مياه الأمطار التي تزود التجمعات البشرية بالمياه في كثير من المناطق، أو أنهار الأراضي المنخفضة التي تنحدر عبر الغابات الاستوائية.
وتصف أندرسون المسافة الكبيرة التي يخترقها النهر بين نقطة المنبع والأراضي المنخفضة التي تحتضن مجراه بالنطاق الحيوي، أو كما تقول الباحثة إنها "حيث يحدث السحر".
ففي كثير من الحالات تقطع سدود الطاقة الكهرومائية تدفق المياه والرواسب والأسماك على طول شبكات الأنهار. وتتعرض الأنهار للتلوث أو تستخدم بشكل غير مستدام للصناعة والزراعة. وتشدد الدراسة على أنه يمكن أن تركز الأبحاث القادمة على العوامل المسؤولة عن إحداث التغييرات على طول مجاري الأنهار، بالإضافة إلى فرص صيانة هذه الأنهار.