هل تقسم الصفائح التكتونية أفريقيا قسمين؟

شرق أفريقيا (غوغل)
جدد ظهور الصدع الكبير الأسئلة المتعلقة بإمكانية انفصال جزء من شرق قارة أفريقيا عن القارة الأم (غوغل)

محمد الحداد

تتسم الأرض بالتغير الدائم، وعلى مدار ملايين السنين تطور شكل الأرض وتغيرت مظاهر سطحها حتى وصلت إلى الشكل الذي نعرفه بها الآن. لكن رغم أن التغيرات الكبرى في الكتلة اليابسة للأرض تستغرق ليس أقل من آلاف السنين، ظهر مؤخرا صدع كبير يمتد لكيلومترات في جنوب غرب كينيا.

تسبب الصدع الذي لا يزال ينمو، في انهيار جزء من طريق نيروبي-ناروك السريع. وربط جيولوجيون ظهور الصدع بالنشاط التكتوني على امتداد شرق أفريقيا.

وقد جددت الظاهرة الأسئلة المتعلقة بإمكانية انقسام قارة أفريقيا إلى قسمين، أو على الأقل انفصال جزء من شرقها.

ورغم أن الجيولوجيين يعتقدون أن هذه الظاهرة على الأرجح ناتجة عن عمليات تعرية تسببت فيها مياه الأمطار، فإن الأسئلة تظل قائمة حول سبب تكونها في هذا الموقع تحديدا وما إذا كان مظهرها مرتبطا بشرق أفريقيا المتصدع.

الصفائح التكتونية
ينقسم الغلاف الصخري للأرض إلى عدد من الصفائح التكتونية، هذه الصفائح تتحرك بسرعات متفاوتة، وينتج عن تصادمها نشوء مظاهر جديدة مثل جبال البحر الأحمر. عندما تضغط الصفيحة المحيطية على الصفيحة القارية، ينتج عن ذلك تكوين سلسلة جبلية من الصخور الحديثة.

وتتكون الأرض من تسع صفائح كبيرة و12 صغيرة، تمثل الطبقة الصخرية الصلبة التي تحيط بالكرة الأرضية، وتتكون من القشرة الأرضية والطبقة العليا لوشاح الأرض التي تسمى بالغلاف الصخري (ليثوسفير) الذي بدوره ينقسم إلى "الصفائح التكتونية". وتكون الصفائح إما قارية أو محيطية، أو قارية ومحيطية معا.

تتسم حركة الصفائح التكتونية بالبطء الشديد جدا فوق الطبقة اللدنة لوشاح الأرض، وقد يصاحب تحركها أنشطة زلزالية وبركانية على طول حدودها، إضافة إلى تكون مظاهر تضاريسية جديدة مثل الجبال الشاهقة والصدوع والأخاديد والفوالق وغيرها، ويستغرق ذلك ملايين السنين.

أحد هذه الحركات التكتونية أنتج جبال الهيمالايا الشاهقة (سقف العالم) في وسط آسيا، وفق دراسة نشرتها مجلة "ساينس" منتصف مارس الماضي.

الوادي المتصدع الكبير في شرق أفريقيا (ناسا)
الوادي المتصدع الكبير في شرق أفريقيا (ناسا)

 لماذا يحدث الصدع؟
يمتد الأخدود (الصدع) في شرق أفريقيا أكثر من 3000 كيلومتر من خليج عدن في الشمال باتجاه زيمبابوي في الجنوب، ويقسم الصفيحة الأفريقية إلى جزءين غير متكافئين: الصفيحة الصومالية، والصفيحة النوبية. أصبح النشاط على طول الفرع الشرقي من الوادي المتصدع، الذي يمتد على طول إثيوبيا وكينيا وتنزانيا واضحا عندما ظهر التصدع الكبير فجأة في جنوب غرب كينيا.

وعندما يخضع الغلاف الصخري لقوة التمدد الأفقية، فإنه سوف يمتد ليصبح أرق ثم يتمزق في النهاية مؤديا إلى تشكيل الوادي المتصدع. ترافق هذه العملية مظاهر سطحية على طول الوادي في صورة نشاط بركاني وزلزالي.

تمثل الانقسامات المرحلة الأولى من الانهيار القاري، وفي حالة نجاحها، يمكن أن تؤدي إلى تكوين حوض محيطي جديد مثل المحيط الأطلسي الجنوبي الذي نتج عن تفكك أميركا الجنوبية وأفريقيا منذ حوالي 138 مليون عام.

وتتطلب عملية التصدع القاري وجود قوى تمدد كبيرة بما يكفي لكسر الغلاف الصخري. ويوصف صدع شرق أفريقيا بأنه نوع نشط من الصدوع، حيث يكمن مصدر هذه الضغوط حول الوشاح الأساسي. وأسفل هذا الصدع، يضغط عمود كبير صاعد من الوشاح على الغلاف الصخري لأعلى، مما يتسبب في إضعافه نتيجة لزيادة درجة الحرارة، ويخضع للتمدد والكسر عن طريق التصدع.

عثر الباحثون على أدلة على وجود هذا العمود الأكثر سخونة من المعتاد في البيانات الجيوفيزيائية. هذا العمود الفائق ليس فقط مصدر مقبول على نطاق واسع لعوامل التفكك التي تؤدي إلى تشكيل الوادي المتصدع، ولكن جرى استخدامه أيضا لشرح التضاريس المرتفعة غير المألوفة للهضاب الجنوبية والشرقية في أفريقيا.

جزيرة القرن الأفريقي
ورغم أنه لا يمكن ملاحظة معظم أجزاء الصدع، فإن تشكيل شقوق جديدة أو تجدد الحركة على طول الشقوق والفوالق القديمة حيث تتواصل الصفائح النوبية والصومالية يمكن أن يؤدي إلى حدوث زلازل.

مع ذلك، تنتشر معظم هذه الزلازل في منطقة واسعة عبر الوادي المتصدع وذات حجم صغير نسبيا في شرق أفريقيا. البراكين أيضا هي مظهر آخر من مظاهر عملية الانقسام القاري قرب الغلاف الساخن المنصهر من سطح الأرض.

كما اكتست أرضية الوادي المتصدع بالكامل بصخور بركانية في منطقة عفار في إثيوبيا، ما يعد مؤشرا على أن الغلاف الصخري في هذه المنطقة قد خف إلى حد الانقسام التام. وعندما يحدث هذا سيبدأ تكوين محيط جديد وستصبح القارة الأفريقية أصغر وستكون هناك جزيرة كبيرة في المحيط الهندي تتألف من أجزاء من إثيوبيا والصومال ومنطقة القرن الأفريقي.

المصدر : الجزيرة