اكتشاف مصدر جديد للعناصر الأرضية النادرة
محمد الحداد
تسمى هذه المواد بالعناصر الأرضية النادرة، وبالنسبة لفئة كبيرة من هذه العناصر، فإن الصين هي أكبر منتج في العالم (في العام 2011 أنتجت الصين 90% من هذه العناصر)، حيث تحتوي منطقة منغوليا الداخلية في شمالي الصين على أكبر منجم للعناصر الأرضية النادرة في العالم، ولذلك كانت هناك حاجة اقتصادية وعلمية للعثور على مصادر بديلة لهذه المواد.
والعناصر الأرضية النادرة هي مجموعة من "الفلزات" تتركب من 17 عنصرا كيميائيا، 15 منها تنتمي لسلسلة عناصر "اللانثانيدات" التي توجد أسفل الجدول الدوري مثل اللانثانيوم والنيوديميوم والسماريوم، بالإضافة إلى عنصري الأتريوم والسكانديوم.
ورغم أنه يطلق عليها عناصر نادرة، فإنها ليست نادرة مطلقا، إذ إنها أكثر شيوعا ووفرة من الفضة والذهب والبلاتينيوم، وأقل هذه العناصر شيوعا هما الليوتيتيوم والثوليوم. لكن عملية استخراج هذه العناصر عملية ذات تكلفة بيئية عالية خاصة على الأرض الزراعية. فاستخراج طن واحد من هذه العناصر يتسبب في خسارة العالم 300 متر من التربة الخصبة.
مصدر بديل
مؤخرا، اكتشف باحثون من جامعة "روتجرز" مصدرا جديدا محتملا للعناصر الأرضية النادرة، وطريقة صديقة للبيئة لإخراجها، وفقا لدراسة نُشرت في دورية "كيميكال ثرموديناميكس".
ويمكن أن يفيد هذا النهج تكنولوجيا الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمركبات المتقدمة، والأجهزة الإلكترونية الحديثة مثل الهواتف الذكية، ومكبرات الصوت والأقراص الصلبة وغيرها.
وأحد هذه المصادر المحتملة هو " الفوسفوجيبسيوم"، وهو نتاج نفايات صناعة الأسمدة.
يقول الأستاذ بجامعة روتجرز والباحث الرئيسي في الدراسة ريتشارد ريمان في تصريح للجزيرة نت، إن إجمالي كمية العناصر الأرضية النادرة التي يجري التخلص منها بواسطة صناعة الأسمدة يعادل حجم العناصر الأرضية النادرة التي ينتجها العالم بأسره.
ويوضح أنه يُستخرج ما يقدر بنحو 250 مليون طن من صخور الفوسفات لإنتاج حمض الفوسفوريك للأسمدة سنويا. والولايات المتحدة وحدها استخرجت حوالي 28 مليون طن متري في عام 2017. وعادة ما تقل نسبة العناصر الأرضية النادرة عن 0.1% في صخور الفوسفات. ولكن في جميع أنحاء العالم، فإن حوالي 100 ألف طن من هذه العناصر ينتهي بها الحال إلى نفايات الفوسفوجيبسيوم.
حمض حيوي "بيولكسيفيانت"
تولد الطرق التقليدية لاستخراج العناصر الأرضية النادرة من الخامات، ملايين الأطنان من الملوثات السامة والحمضية. ولكن عوضا عن استخدام مواد كيميائية ضارة لاستخلاص العناصر، استعان الباحثون بالأحماض العضوية التي تنتجها البكتيريا.
"استخدمنا في دراستنا حمض ينتج حيويا هو "بيولكسيفيانت" الذي من المتوقع أن يكون أقل ضررا على البيئة من الأحماض المعدنية شديدة الحمضية، المستخدمة تقليديا. وأُنتج هذا الحمض المعالج الحيوي في مختبرات "أيداهو" الوطنية، وهو يتكون أساسا من حمض الجلُوكونيك الذي يستخلص من البكتيريا"، كما يوضح ريمان للجزيرة نت.
ويشير إلى أنه بالإضافة إلى اختبار بيولكسيفيانت، اختبر الفريق البحثي حمض جلوكونيك تجاريا خالصا وحمض كبريتيك وحمض الفوسفوريك، على عينات فوسفوجيبسوم صناعية تحتوي على الريتروم والسيريوم والنيوديميوم والسوماريوم واليوروبيوم والإيتربيوم.
وأنتج العلماء خليط الحمض الحيوي -الذي يتكون أساسا من حمض الجلوكونيك الموجود بشكل طبيعي في الفواكه والعسل- عن طريق زراعة بكتيريا جلوكونية على الجلوكوز.
وتشير النتائج إلى أن الحمض الحيوي قام بعمل أفضل في استخلاص العناصر الأرضية النادرة من حمض الجلوكاجون النقي. في حين فشلت الأحماض المعدنية الكبريتية والفوسفورية في استخراج أي عناصر أرضية نادرة في هذا السيناريو.