بسبب تغيّر المناخ.. ذوبان جليد إيفرست يكشف عن ضحاياه

A tourist is silhouetted as he takes pictures of Mount Nuptse (C) as Mount Everest (L) is covered with clouds in Solukhumbu district, also known as the Everest region, in this picture taken November 30, 2015. To match Insight QUAKE-NEPAL/SHERPAS REUTERS/Navesh Chitrakar
قمة إيفرست (وسط) لا تزال تستهوي الكثير من المتسلقين رغم الأرواح العديدة التي حصدتها (رويترز)

فكرت المهدي

ساهم الاحتباس الحراري بذوبان الأنهار الجليدية في جبل إيفرست، لكن ما يثير القلق حقا هو أن فرق الرحلات الاستكشافية باتت تتعثر في الآونة الأخيرة بجثث أولئك الذين قضوا أثناء تسلّقهم الجبل.

فمنذ التسعينيات مات مئات الأشخاص أثناء محاولاتهم تسلّق الجبل، ويعتقد أن معظم الجثث ما زالت مدفونة تحت الثلوج. والآن يتم الكشف عن تلك الجثث بفضل ذوبان الأنهار الجليدية بسبب الاحتباس الحراري العالمي.

ليس في إيفرست فقط
وقد صرح الرئيس السابق لرابطة تسلق الجبال في نيبال أنج تشيرينج شيربا لـ"بي بي سي نيوز" بأنه "نشهد في الآونة الأخيرة ذوبانا سريعا لكل من الطبقة الجليدية والأنهار الجليدية وذلك بسبب الاحتباس الحراري".

وأضاف "لقد أنزلنا جثث بعض متسلقي الجبال الذين لقوا حتفهم في السنوات الأخيرة، إلا أن الجثث القديمة التي بقيت مدفونة على أعماق كبيرة بدأت بالظهور الآن".

ووفقا للمركز الوطني الأميركي لبيانات الثلوج والجليد (أن أس آي دي سي)، فإن ذوبان الأنهار الجليدية بات يمثل مصدر قلق متزايد ليس فقط في جبل إيفرست، ولكن في جميع أنحاء العالم. فقد تضاءلت الأنهار الجليدية بسرعة منذ أوائل القرن العشرين، حيث اندثرت العديد من أغطية الجليد والأنهار الجليدية والجرف الجليدي بالكامل.

إعلان

على سبيل المثال، انخفض عدد الأنهار الجليدية في متنزه غلاسير الوطني إلى ما يقل عن 30 نهرا جليديا، في حين أنه كان يحتوي على ما يقارب 150 نهرا جليديا عندما أنشأه الرئيس تافت عام 1910.

متسلقون يعودون إلى مروحيتهم بعد إلغاء مهمة تسلق قمة إيفرست.. ويظهر في وسط الصورة نهر جليدي (رويترز-أرشيف)
متسلقون يعودون إلى مروحيتهم بعد إلغاء مهمة تسلق قمة إيفرست.. ويظهر في وسط الصورة نهر جليدي (رويترز-أرشيف)

ليست الجثث فقط، بل الميكروبات أيضا
وقد أشارت إليزابيث كولبير في مقالها الصادر عام 2016 في مجلة "نيويوركر" بعنوان "ذوبان غرينلاند"، إلى أن درجات الحرارة العالمية في السنوات الأخيرة قد تسببت في إيقاظ الغطاء الجليدي في غرينلاند من سباته، وكتبت "منذ الفترة التي تلت أحداث العصر الجليدي.. بدأ موسم الذوبان هذا العام (2016) في وقت مبكر للغاية، في شهر أبريل/نيسان، وعندما ظهرت الوقائع المترافقة مع هذا الذوبان المبكر، لم يستطع الكثير من العلماء تصديقها".

لقد كشف الجليد المتراجع عن اللغز المترافق مع أشكال الحياة القديمة المتجذرة في أعماق سطح الأرض والتي لم تظهر إلا مؤخرا، وعن لغز الأمراض القديمة وجثث الموتى.

ووفقا لدراسة نشرت عام 2015 في "بي ناس" (PNAS)، فقد تم العثور على فيروس عمره 30 ألف عام في الطبقة المتجلدة في القطب الشمالي، الأمر الذي يثير القلق من أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى انبعاث الأمراض الفتاكة القديمة من جديد.

في إيفرست..الموت حاضر دائما
وفي تصريح لـ"سي أن أن" قال أمين صندوق الرابطة الوطنية لمرشدي الجبال في نيبال تنزيج شيربا إن "تغير المناخ كان له أثر عميق على نيبال، لكن الحكومة لا تعرف كيف تتعامل بشكل مناسب مع جثث الموتى الموجودة على الجبل". 

فبموجب القانون النيبالي، يجب إشراك الوكالات الحكومية عند التعامل مع جثث الموتى. وقد أوضح شيربا أنهم يعملون على إنزال غالبية الجثث إلى المدن، إلا أنهم لا يستطيعون إنزال كل الجثث الموجودة هناك. لذا تقوم الجمعية بتلاوة الصلوات على أرواحهم ومن ثم تغطيهم بالصخور أو الثلوج. مع العلم بأن تكلفة إنزال الجثث يمكن أن تتراوح بين 40 و80 ألف دولار.

ووفقا لـ"بي بي سي نيوز" فقد أضحت متعلقات بعض الجثث التي ما زالت عالقة في الجبل، معلما تاريخيا لمتسلقي الجبال على جبل إيفرست، مثل الأحذية الخضراء على أقدام متسلق متوفى بالقرب من القمة.

وفي تصريحه لبي بي سي نيوز أكد تشرينج باندي بوت نائب رئيس الرابطة الوطنية لمرشدي الجبال في نيبال بأن "معظم المتسلقين مستعدون ذهنيا لمواجهة مثل هذا المشهد".

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان