دراسة: مستويات التنوع الحيوي متماثلة منذ 60 مليون سنة

طارق قابيل
فقد كان بناء صورة دقيقة لكيفية تجميع التنوع الأرضي أمرا صعبا في الماضي، لأن سجل الأحافير عادة ما يكون أقل اكتمالا ولا يرسم صورة كاملة واضحة لما حدث في الماضي. ولكن باستخدام تقنيات الحوسبة الحديثة القادرة على تحليل مئات الآلاف من الأحافير، بدأت تظهر أنماط حديثة تتحدى هذا الرأي.
التنوع الحيوي منذ 60 مليون سنة
فقد درس فريق بحثي البيانات الأحفورية التي جمعها علماء الحفريات على مدار مئتي عام في حوالي ثلاثين ألف موقع أحفوري مختلف حول العالم، مع التركيز على بيانات من الفقاريات الأرضية التي تعود إلى أقدم ظهور لهذه المجموعة منذ حوالي أربعمئة مليون سنة.
وقاد الدراسة باحثون من كلية الجغرافيا والأرض والعلوم البيئية في جامعة برمنغهام، ومؤسسات أخرى في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا.
وبحسب الدراسة فإن المستويات الغنية للتنوع الحيوي على الأرض التي نراها في جميع أنحاء العالم اليوم ليست ظاهرة حديثة، فقد كان التنوع على الأرض مماثلا على الأقل خلال الستين مليون سنة الأخيرة، وذلك بعد وقت قصير من انقراض الديناصورات.

ووجد الباحثون أن متوسط عدد الأنواع داخل المجتمعات البيئية لفقاريات اليابسة لم يزد منذ عشرات الملايين من السنين، وتشير نتائجهم إلى أن التفاعلات بين الأنواع -بما في ذلك التنافس على الغذاء والمكان- تحد من العدد الإجمالي للأنواع التي يمكن أن تتعايش.
رباعيات الأطراف من دهر البشائر
رباعيات الأطراف هي مجموعة من الحيوانات الفقارية تشمل الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات والديناصورات. وكان يعتقد أن الحياة قد بدأت في عصر الكمبري، وهو أول عصر في دهر البشائر الذي يمتد من 542 مليون سنة مضت حتى زمننا هذا، وهو أحد دهور الجدول الزمني الجيولوجي الذي ظهرت فيه الحياة المعقدة لأول مرة، وتنوعت فيه كافة أشكال المخلوقات النباتية والحيوانية البرية والبحرية.
وفي ورقتهم البحثية التي نشرت في دورية "نيتشر" لعلم البيئة والتطور، قال الباحثون إنهم يوثقون أنماط الثراء المحلي في رباعيات الأطراف الأرضية من دهر البشائر باستخدام مجموعة بيانات عالمية تضم 145 ألف و332 أصنوفة من 27 ألفا و531 مجموعة تصنيفية.
وأضافوا أن الثراء المحلي لرباعيات الأطراف غير الطائرة قد ارتفع بشكل مقارب منذ استعمارها الأولي للأرض، حيث زاد على ثلاثة أضعاف خلال الثلاثمئة مليون سنة الماضية.
وبهذا الصدد، قال كبير الباحثين روجر كلوس في بيان صحفي إن العلماء يعتقدون في كثير من الأحيان أن تنوع الأنواع يتزايد دون ضابط على مدى ملايين السنين، وأنه أكبر بكثير اليوم مما كان عليه في الماضي البعيد.
وأضاف "تظهر أبحاثنا أن أعداد الأنواع داخل الأرض تُكون مجتمعات محدودة على مدى فترات زمنية طويلة، والتي تتناقض مع نتائج العديد من التجارب في المجتمعات البيئية الحديثة، والآن نحن بحاجة إلى فهم السبب".
ووفقا للدراسة، فإن الأسباب التي تجعل التنوع الحيوي داخل المجتمعات الإيكولوجية لا يزيد دون ضابط على فترات زمنية طويلة تعود ربما لمحدودية الموارد التي تستخدمها الأنواع، مثل الغذاء والمساحة. وقد تمنع المنافسة على هذه الموارد الأنواع الجديدة التي تغزو الأنظمة البيئية، وتؤدي بالتالي إلى توازن بين معدلات التنوع والانقراض.