بسبب تغير المناخ.. 93% من السلاحف البحرية إناث بحلول 2100
عمر الحداد
لا تقتصر التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على ذوبان الجليد فقط، بل تتعداه إلى التسبب في حدوث تغييرات في النظام البيئي أيضا؛ حيث توصلت دراسة حديثة إلى أن تغييرات كبيرة ستحدث في جنس أنواع السلاحف، وأنه بحلول عام 2100 قد تصل نسبة المواليد بين السلاحف إلى 93% من الإناث مقابل 7% من الذكور.
وترجع الدراسة، التي أجراها باحثون بجامعة "إكستر" البريطانية ومركز العلوم البحرية والبيئية في البرتغال؛ هذا التغير في نوعية المواليد إلى التغيرات المناخية والارتفاع المتزايد في درجات الحرارة.
ووفق الدراسة، التي نشرت في مجلة "غلوبال تشينج بيولوجي" في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن المعدل الحالي للمواليد في السلاحف الخضراء يصل إلى 52% من الإناث، مقابل 48% من الذكور.
وتعد السلاحف الخضراء نوعا ضمن سبعة أنواع أخرى من السلاحف البحرية تشمل السلاحف جلدية الظهر، وسلحفاة لوغرهيد، وسلحفاة منقار الصقر، وسلحفاة كيمب ريدلي، وسلحفاة ريدلي الزيتونية، وسلحفاة فلاتباك.
درجات حرارة "مميتة"
ووفق نتائج الدراسة الحالية، فإن نسبة التغير في النوع ستؤدي في البداية إلى زيادة في نسبة تعشيش الإناث، وهو ما سيؤدي إلى زيادة عدد السلاحف الإناث، قبل حدوث انخفاض في الأعداد بشكل عام مع اقتراب درجات الحرارة من المستويات المميتة أثناء عملية فقس الأفراخ، وعندما تقترب درجات حرارة أعشاش بيض السلاحف من المستويات المميتة، فإنها ستتوقف عن النمو وتبدأ أعدادها في الانخفاض.
وتتنبأ الدراسة بارتفاع منسوب مياه البحر بنسبة تتراوح بين 33 و43% من مناطق التعشيش الحالية التي تستخدمها السلاحف الخضراء على الشواطئ التي أجريت فيها الدراسة.
وتتوقع الدراسة حصول زيادة في نسبة الإناث بنسبة بين 76 و93% بحلول عام 2100 في المناطق التي صنفتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على أنها أعلى في درجات الحرارة، وفق الدراسة الميدانية التي أجراها الباحثون في غينيا بيساو (غربي أفريقيا)، وهي النتيجة التي يتوقع الباحثون نتيجة أن تتشابه مع المناطق المماثلة في درجات الحرارة على مستوى العالم.
وليست درجات الحرارة فقط هي ما يهدد حياة السلاحف البحرية، إذ تشير دراسة سابقة نشرت عام 2017 في دورية العلوم البيئية والتكنولوجيا (إنفيرونمنتال ساينس أند تكنولوجي جورنال)، إلى أن الأنهار الرئيسية العشرة في العالم تلقي بنحو 410 آلاف إلى أربعة ملايين طن من المخلفات البلاستيكية سنويا في البحار والمحيطات، بنسبة 88 إلى 95% من جملة المخلفات البلاستيكية التي تتلقاها البحار المفتوحة سنويا.
ووفق المسح الذي أجراه فريق من الباحثين من جامعة "إكستر" على المحيطات الرئيسية في العالم، حيث تعيش السلاحف، فإن 91% من السلاحف العالقة في النفايات البلاستيكية قد عُثر عليها ميتة.
كما تمكن الباحثون من التحقق من وجود جروح خطيرة على أجساد هذه السلاحف نتيجة هذا التشابك الذي تسبب في حدوث تشوهات على أجسادها أو بتر أطرافها، أو وفاتها بالاختناق، في حين اضطرت السلاحف الناجية لحمل المخلفات أو الحطام معها في رحلتها بعد عجزها عن نزعه.
تباعد الشواطئ
تقول الباحثة في مركز البيئة بجامعة إكستر، والباحثة الرئيسية في الدراسة، ريتا باتريشيو إن السلاحف الخضراء ستواجه مشكلة في المستقبل بسبب فقدان الموائل وارتفاع درجات الحرارة، إذ تشير النتائج التي توصلت إليها هي وفريقها البحثي إلى أن عشيرة السلاحف الخضراء التي تعشش في أرخبيل "بيجاغوس" في غينيا بيساو سوف تتمكن من التكيف مع آثار تغير المناخ حتى عام 2011.
ويعد أرخبيل بيجاغوس من أهم موائل تعشيش السلاحف الخضراء في أفريقيا، ومكان التكاثر الرئيسي لكثير من الأنواع في جنوب المحيط الأطلسي.
ووفق باترشيو، فإن درجات الحرارة الأكثر برودة سواء في نهاية موسم التعشيش أو في المناطق الظليلة، ستضمن تفريخ سلاحف ذكور جديدة، على الرغم من أن ارتفاع درجات الحرارة سيسهم في زيادة تعداد السلاحف الإناث مع توقع ارتفاع بمعدل تعشيش الإناث بين 32 و64% بحلول عام 2120. لكن مع اقتراب درجات الحرارة من مستويات مميتة فإن تعداد السلاحف سيتوقف عن النمو ويبدأ الانخفاض.
وتوضح المؤلفة الرئيسية للدراسة أنه مع استمرار درجات الحرارة في الارتفاع، قد يصبح من المستحيل بالنسبة للسلاحف غير مكتملة النمو البقاء على قيد الحياة. وتضيف أن الشواطئ قد تكون ملاذا جيدا في بعض المناطق، لكن السلاحف التي فحصتها الدراسة كانت تعشش على جزيرة صغيرة، لذلك فإن الشاطئ محدود للغاية، كما أنه قد تكون هناك حواجز طبيعية أو منشآت بشرية في أماكن أخرى تمنع وصول الأعشاش للشواطئ.
هذا، وتعد السلاحف البحرية من أكثر الأنواع عرضة للانقراض بنسبة 85%، تليها الطيور البحرية بنسبة 27%، والأسماك الغضروفية 26%، والثدييات البحرية 15%، والأسماك العظمية 11%، وفق دراسة سابقة نشرت عام 2014 في مجلة "أكواتك كونزيرفيشن".
كما تشير دراسة سابقة أخرى نشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" عام 2011، إلى أن تأثيرات تغير المناخ وارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو يؤديان إلى انخفاض إنتاجية الأنواع البحرية وتدهور المصايد السمكية.