تمويل الإنترنت السريع والسيارات الكهربائية أبرز أولويات الكونغرس الجديد

يعود البرلمانيون الأميركيون الاثنين إلى واشنطن وأمامهم جدول أعمال مثقل.
يعود البرلمانيون الأميركيون الاثنين إلى واشنطن وأمامهم جدول أعمال مثقل (غيتي إيميجز)

يعود البرلمانيون الأميركيون -الاثنين القادم- إلى واشنطن وأمامهم جدول أعمال مثقل، مع مصير خطط الاستثمار الهائلة المدفوعة من الرئيس جو بايدن، والتي تشمل استثمارات باهظة تؤثر بشكل مباشر على الشركات الناشئة، وكذلك احتمال نضوب أموال الحكومة وتخلفها عن دفع الدين الأميركي.

ويشهد مبنى الكابيتول -مقر الكونغرس الأميركي- مفاوضات منذ أسابيع عدة. وفي حين تبدو المواجهة محتدمة على بعض الجبهات بين الديمقراطيين والجمهوريين، ثمة أمل على صعد أخرى باحتمال التوصل إلى تسوية بين الحزبين.

وفي ما يأتي جولة حول أفق الرهانات الوشيكة في الكونغرس الذي يتمتع فيه الديمقراطيون بغالبية ضئيلة جدا، تجعل المفاوضات محفوفة بالخطر.

خطتان غير مسبوقتين لبايدن

ربط الديمقراطيون بشكل وثيق مصيري خطتين غير مسبوقتين وعد بهما بايدن.

فمن جهة، ثمة خطة لاستثمار 1200 مليار دولار في البنى التحتية المتداعية في القوة العظمى الأولى في العالم. ومن جهة أخرى، العزم على إصلاح النسيج الاجتماعي الأميركي مع سلسلة من النفقات تصل إلى 3500 مليار دولار.

ومن أجل إقرار الخطتين، ينبغي على الزعماء الديمقراطيين في البرلمان الذين لا يمكنهم التفريط بأي صوت في صفوفهم، إرضاء الجناح اليساري في الحزب، فضلا عن الوسطيين، وهذا ليس بتوازن سهل.

البنى التحتية

ويشمل الفصل الأول من خطة الاستثمار في البنى التحتية الطرق والجسور ووسائل النقل، فضلا عن خدمة الإنترنت السريع والسيارات الكهربائية، وهو مدعوم من الديمقراطيين فضلا عن الجمهوريين، في توافق نادر الحصول في الكونغرس.

وتبلغ قيمة هذه الخطة 1200 مليار دولار، وقد أقرها مجلس الشيوخ في أغسطس/آب الماضي، ويجب أن تخضع الآن لتصويت نهائي في مجلس النواب بحلول 27 سبتمبر/أيلول، بحسب ما وعدت به الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي. لكن عند هذه المرحلة تزداد حسابات المفاوضين تعقيدا.

فثمة وسطيون يطالبون بإقرار الخطة فورا، مما يحقق انتصارا كبيرا لجو بايدن الذي أضعفه الانسحاب من أفغانستان، إلا أن الجناح اليساري يطالب أولا بإقرار مشروع الإصلاحات الاجتماعية الواسع، خشية أن يرفض "المعتدلون" دعم هذا الجزء المكلف جدا إذا ما حصلوا على أموال البنى التحتية.

 الإصلاحات الاجتماعية

وتشمل الخطة التي سماها بايدن "بيلد باك بيتر" (Build Back Peter) توفير دور حضانة للأطفال وجامعات رسمية مجانية وتوسيع التأمين الصحي ورعاية المسنين والاستثمار في المساكن الشعبية، وقد تصل قيمة هذه الخطة الضخمة إلى 3500 مليار دولار.

ويعارض الجمهوريون بشراسة هذه الخطة معتبرين أن النفقات "غير مسؤولة"، بينما يدافع بايدن عن برنامج "تاريخي" قد "يغير مسار" الولايات المتحدة.

وللالتفاف على التعطيل الحاصل من جانب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، اختار الديمقراطيون مسارا تشريعيا خاصا يسمح لهم بإقرار النص بغالبيتهم الضئيلة، إذ يتمتعون بـ50 مقعدا من أصل 100 في المجلس، إضافة إلى صوت نائبة الرئيس كامالا هاريس.

إلا أن الكتلة الديمقراطية لم تتوصل بعد إلى نص نهائي، إذ يؤكد وسطيون أنهم لن يقروا خطة تتجاوز 1500 مليار دولار.

وقد تستمر المفاوضات أسابيع عدة إضافية بعد، مما قد يؤخر التصويت على خطة البنى التحتية.

 تهديد بالإغلاق

في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، اليوم الأول من السنة المالية الأميركية، قد تنضب أموال الحكومة فجأة في حال لم يقرّ الكونغرس الميزانية الجديدة قبل ذلك الموعد، وهذا ما يعرف بـ"الإغلاق" (shutdown) أي إغلاق الإدارات الأميركية.

ويحتاج الديمقراطيون لإقرار مشروع الميزانية الجديد إلى دعم الجمهوريين، الذين قد يعرضون للتصويت في مجلس النواب -اعتبارا من الأسبوع المقبل- اقتراحا يشمل مساعدات مالية للولايات التي تضربها الأعاصير، وجزء كبير منها ولايات جمهورية.

 سقف الدين

تهديد إدارة بايدن واضح، إذ ستفتقر الولايات المتحدة إلى المال خلال أكتوبر/تشرين الأول، في حال لم يرفع سقف الدين بحلول ذلك الموعد.

وتخلف الولايات المتحدة عن التسديد سيكون بمثابة انفجار مالي على مستوى العالم. ولا يزال احتمال الإقرار في الكونغرس بعيدا جدا، لأن الجمهوريين والديمقراطيين يدافعون عن مواقف متناقضة.

ويؤكد الزعماء الديمقراطيون أن الجمهوريين يجب أن ينضموا إليهم لإقرار هذا الإجراء، ويقولون إنهم أقدموا بأنفسهم على هذه الخطوة خلال ولاية الجمهوري دونالد ترامب، يضاف إلى ذلك أن الدين الحالي (28 ألفا و780 مليار دولار) آتٍ أيضا من تدابير أقرت في عهد ترامب.

ويرد الجمهوريون بالقول إنهم لن يؤيدوا بأي شكل من الأشكال هذا الإجراء الهادف برأيهم إلى تمويل خطة بايدن.

ويؤكد الديمقراطيون أنهم قادرون على القيام بذلك بمفردهم بفضل المسار التشريعي الاستثنائي الذي سلكوه لخطة الإصلاحات الاجتماعية، لكنهم لم يقدموا على هذه الخطوة بعد.

المصدر : الفرنسية