باحثة في ستانفورد: الدكتاتوريات الناشئة تهدد الإنترنت

آبل وغوغل تستسلمان للضغوط السياسية الروسية
آبل وغوغل تستسلمان للضغوط الروسية (وكالات)

حذر مراقبون دوليون من أن أساليب روسيا والتي لجأت إليها للتحكم في شبكة الإنترنت يمكن أن تلهم دولا أخرى لتحذو حذوها. واستخدمت أستاذة العلوم السياسية في جامعة "ستانفورد" (stanford) كاثرين ستونر لفظ "الدكتاتوريات الناشئة" لأول مرة للتعبير عن صعود تيار معاد للحريات الرقمية في العالم.

وقالت في تصريحات نقلتها عنها وكالة الأنباء الفرنسية، "دعونا ننظر إلى الدكتاتوريات الناشئة، مثل المجر، التي يمكنها أن تلجأ إلى مثل هذه الأدوات أيضًا".

وأضافت أن على شركات التكنولوجيا "أن تفكر في كيفية عملها في هذه الأسواق وإلى أي مدى تقبل تقويض الحريات".

جاء ذلك بعد أن أُعلن أن "آبل" (Apple) و"غوغل" (Google) قد استسلمتا للضغوط السياسية، وهو ما دفع مدافعين عن حقوق الإنسان للقول إن خدمة الإنترنت الجوالة بأكملها في أيدي الأنظمة الاستبدادية، وذلك بعدما خضعت شركتا التكنولوجيا العملاقتان لمطلب موسكو بسحب تطبيق للمعارضة من منصتيهما.

أزالت المجموعتان، ومقرهما في كاليفورنيا، تطبيقًا للهاتف المحمول صممته حركة المعارض المسجون أليكسي نافالني لإبلاغ الناخبين بأسماء المرشحين المعارضين للرئيس فلاديمير بوتين.

وقال مصدر مطلع على القضية إن الأمر انتهى باستسلام آبل أمام "مضايقات وتهديدات بالاعتقال" لموظفين محليين. كما خضعت غوغل "تحت ضغوط غير مسبوقة"، بحسب مصدر آخر.

ولم يعد من الممكن استخدام التطبيق سوى لمن حمّلوه سابقًا ولكن من دون إمكانية تحديثه.

وقالت ناتاليا كرابيفا، محامية التكنولوجيا لدى جمعية "أكسس ناو" (Access Now)غير الحكومية، إن "متاجر التطبيقات هي الحدود الجديدة للرقابة.. إننا نشهد هجومًا جديدا على الحقوق الرقمية، طريقة جديدة لتقويض أمن البنية التحتية وحرية التعبير. هذا مقلق جدًا".

نظرًا لأنه لم يُسمح تقريبًا لأي شخص مناهض لبوتين بالترشح للانتخابات التشريعية التي بدأت يوم الجمعة الماضي وتستمر لثلاثة أيام، وضع أنصار نافالني إستراتيجية تُعرف باسم "التصويت الذكي" تهدف إلى دعم المرشح الأوفر حظًا في مواجهة مرشح حزب روسيا الموحدة الحاكم.

فالتطبيق يتيح معرفة المنافس الذي ينبغي اختياره في كل دائرة انتخابية. في الماضي، حقق هذا النهج بعض النجاح، خاصة في موسكو في العام 2019.

خنق المعارضة

قالت كرابيفا التي تبقى على اتصال منتظم مع منظمات روسية، إنه في بلد تتعرض فيه وسائل الإعلام لضغوط كبيرة والمعارضون مهددون بالسجن أو بما هو أسوأ من ذلك، "يعتبر الناس عمالقة الإنترنت آخر فضاءات الحرية، فهم ممتنون لهذه الشركات ويعتمدون عليها".

وتابعت "إنهم يشعرون بالخيانة فعلا لهذا القرار المفاجئ صباح أول يوم انتخابي من دون أي تفسير".

ولكن الضغوط اشتدت في الأسابيع الأخيرة. وغرمت المحاكم الروسية فيسبوك (Facebook) و"تويتر" (Twitter) وغوغل لرفضها إزالة المحتوى، واتهمت موسكو غوغل وآبل بـ"التدخل في الانتخابات".

لكن حتى ذلك الحين، كانت الشركات تقاوم. وقالت كرابيفا بأسف "هذه سابقة كارثية للعالم بأسره، وليس لروسيا فقط".

ويرى بعض النشطاء أن المشكلة ما كانت ستكتسي كل هذا الحجم لو أن آبل وغوغل لم تكونا مهيمنتين.

فمنصة أندرويد التابعة لغوغل تمثل نحو 85% من تدفق الإنترنت عبر الهواتف المحمولة في العالم، في حين تمثل منصة آبل نحو 15%، لذلك عندما تتنازلان عن فضائهما، فإنهما تتنازلان عن الفضاء كله.

علاوة على ذلك، لا تسمح آبل بتنزيل تطبيقات من خارج متجرها "آبل ستور" (Apple Store).

قال إيفان غرير من جمعية "فايت فور ذا فيوتشر" (Fight for the future) المدافعة عن حقوق الوصول إلى الإنترنت، إن "الأداء الاستبدادي لمنصة آبل يجعل من السهل على الأنظمة الاستبدادية القضاء على المبادرات الديمقراطية".

وأضاف أنه إذ لم تعدل الشركة لوائحها "سيبقى متجر تطبيقات آبل بالنسبة للحكومة وسيلة سهلة لخنق" أي ميل للمعارضة.

صمت

من الناحية النظرية، حددت شركات التكنولوجيا الأميركية لنفسها مهمة الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أهدافها المالية.

لكن الواقع أكثر تعقيدًا، خاصة في الصين حيث تُحظر الشبكات الاجتماعية الغربية، وفي روسيا وكذلك في الهند، حيث على سبيل المثال اعتمدت الحكومة لوائح جديدة لإجبار المنصات على تزويدها بمعلومات معينة يفترض أن تبقى سرية.

وقالت ناتاليا كرابيفا إن غوغل وآبل لديهما مسؤوليات انطلاقا من حضورهما الواسع، مبدية أسفها لأنهما لم تعبرا عن موقفيهما بشكل رسمي، وتركتا السلطات الروسية تنعم بانتصارها عليهما.

وكتبت على تويتر "يجب أن تقولا الحقيقة: الأوامر التي تلقتاها تنتهك القانون الدولي ونُفذت بالإكراه. إنهما تتعرضان لهجوم من الحكومات الاستبدادية، لكن يجب ألا تنسيا أن ملايين المستخدمين يعتمدون عليهما".

المصدر : الفرنسية