الدروس المستفادة من الجائحة.. نصائح المديرين التنفيذيين لرواد الأعمال
سمحت الخدمات المالية الفورية بالقيام بعمليات الدفع الإلكتروني عبر الهواتف الذكية، وهو ما مكّن الناس من إنجاز عمليات عدة في كنف الأمان والراحة من دون الاضطرار للتنقل أو التواصل مع آخرين.

تقول الكاتبة تيغان تروفاتو -في تقرير نشرته مجلة "فاست كومباني" (fastcompany) الأميركية- إن الأزمة التي سببها تفشي فيروس كورونا -على خلاف كل الأزمات الاقتصادية السابقة- مثلت تحديا جديدا للشركات ورواد الأعمال.
فإلى جانب الخوف من البطالة وانعدام الموارد؛ واجه الموظفون أزمات نفسية وتنظيمية، خلّفت لديهم حالة من عدم الارتياح.
وفي وقت يسير فيه العالم نحو فترة ما بعد الوباء، اجتمع بعض القادة في مناسبة فريدة لتناول هذه الأزمة التنظيمية، وتأكيد ضرورة خلق ظروف نفسية مواتية، عبر التركيز على الأهداف ذات المعنى، والأمان والدعم، لاستعادة الراحة النفسية لدى الموظفين، من خلال إظهار الترابط بينهم وبين المديرين والقادة، والتعاطف والاستماع الجيد لهم.
وتقول الكاتبة إنه خلال تجاربها في تدريب المديرين التنفيذيين للشركات لاحظت أن كثيرا من القادة يحاولون التعامل مع الأزمة التنظيمية عبر هذه المبادئ والممارسات، ونجحوا بذلك في دعم الموظفين والزبائن على حد سواء.
وقامت الكاتبة باستجواب أبرز المديرين في الشركات العالمية، بشأن طريقتهم في مساعدة موظفيهم على التخلص من مخلفات الصدمة التي سببها التفشي السريع والمفاجئ لفيروس كورونا.
الدرس الأول: القيادة المتعاطفة
تقول الكاتبة إن كثيرا من الشركات حرصت مع بداية الأزمة على التحلي بالمزيد من المرونة، وتوفير خيار العمل من المنزل، وتقديم حلول للموظفين ليحافظوا على صحتهم الجسدية والنفسية.
ومع بداية انفراج الأزمة حاليا، تعد هذه فرصة مواتية لمديري الشركات للمواصلة في هذه الثقافة حتى بعد اختفاء الفيروس.
وتشير الكاتبة إلى أن 93% من مديري الشركات يتفقون على أن الحرص على راحة الموظفين ودعمهم يمثل شرطا أساسيا لجذب المواهب والحفاظ عليها داخل الشركة.
الدرس الثاني: الإدماج الانتماء
توضح الكاتبة أن الانتماء يعني الشعور بأنك جزء من شيء ما، وأنك مهم بالنسبة لبقية الزملاء. ويتم خلق هذا الشعور عبر مساعدة الموظفين على الاندماج بخطوات مدروسة. ولا يحتاج الموظف إلى أن يكون شعبيا ومحبوبا من الجميع، ولكنه يحتاج إلى إقامة بعض الروابط التي تشده إلى مكان العمل.
ويمكن تطوير هذا الشعور أو الثقافة عبر بعض التجارب، مثل إقامة مناسبات اجتماعية لا علاقة لها بالعمل، أو تخصيص وقت يومي للمشاهدة الجماعية للتلفزيون، أو إدارة حوارات بين الموظفين. هذا الوقت القصير المستقطع من العمل لا يعد إهدارا، بل له تأثيرات كبيرة على الإنتاجية والأجواء داخل الشركة.
وتشير الكاتبة إلى بعض الأفكار الأخرى التي تمت تجربتها من قبل المديرين الناجحين، مثل السماح للوالدين بجلب أطفالهم، أو حيواناتهم الأليفة، لإدخال روح جديدة على الشركة، وخلق ذكريات جميلة.
الدرس الثالث: الجوانب غير المرئية
مع توقف الحركة في الشوارع في مارس/آذار 2020، انتقلت أغلب الشركات إلى عقد لقاءات العمل عبر تطبيق "زوم"، وتعودت فرق الموظفين على التواصل عبر الإنترنت، إلا أن كثيرين اشتكوا من أن هناك جزءا ناقصا عند التواصل عن بعد.
لذلك تؤكد الكاتبة ضرورة أن يستوعب الموظفون الفرق بين طريقتي العمل التقليدية والمعتمدة في فترة الوباء، إذ إن بعض المشاعر والتفاصيل التي نعيشها وجها لوجه لا يمكن الحصول عليها افتراضيا، وهذا يصعّب بناء العلاقات.
وتضيف الكاتبة أن بناء رأس المال الاجتماعي بين الموظفين كان صعبا في الفترة الماضية، إذ إن التواصل عبر البريد الإلكتروني وتطبيقات الهاتف يفتح الباب أمام سوء الفهم والتوترات التي قد تنشب أحيانا من دون قصد.
الدرس الرابع: إعادة تصميم التكنولوجيا
تقول الكاتبة إن هناك درسا آخر فريدا من نوعه يمكن استخلاصه من أزمة فيروس كورونا، وهو أن الشركات بإمكانها إعادة تصميم التكنولوجيا من أجل المزيد من دعم الموظفين والزبائن. فخلال الفترة الماضية، سمحت الخدمات المالية الفورية بالقيام بعمليات الدفع الإلكتروني عبر الهواتف الذكية، وهو ما مكّن الناس من إنجاز عمليات عدة في أمان وراحة، ومن دون الاضطرار للتنقل أو التواصل مع أي شخص.
وتقول كارول جويل نائبة المدير التنفيذي في مؤسسة "سانكروني" (Synchrony) للخدمات المالية إن "كل شيء تم بناؤه بالاعتماد على التكنولوجيا السحابية والذكاء الاصطناعي". وتضيف كارول أنها لم تتخيل يوما أن مؤسستها ستعيد تصميم التكنولوجيا من أجل التماشي أكثر مع التجارب الشخصية للزبائن، ومنح الأولوية المطلقة للأمان والحفاظ على الصحة، وتغير فجأة مركز الاهتمام، وظهرت أزمة وبائية يجب التعامل معها، مما دفع العقول المبدعة للتعاون في ما بينها وابتكار حلول جديدة من أجل مراعاة ظروف الزبائن.
وتشير الكاتبة إلى وجود مؤسسات أخرى اتبعت السياسة نفسها، وحاولت تجديد طريقتها في تقديم الخدمات الرقمية، وذلك عبر اعتماد الذكاء الاصطناعي للتعامل مع احتياجات الموظفين، ومساعدتهم على التدرب والتعلم بالنسق الذي يفضلونه.
وفي الختام، قالت الكاتبة إن الشركات من خلال الاستجابة الممتازة للاحتياجات الإنسانية للزبائن والموظفين، إلى جانب الالتزام بالدروس المستفادة خلال الأزمة التي مر بها العالم، باتت الآن أكثر استعدادا للنجاح في معركتها لجذب أفضل الكفاءات والمواهب في مجالات نشاطها.