شركة ناشئة للمركبات الكهربائية بدعم من يو بي إس تستغني عن خطوط الإنتاج

روبوتات التصنيع في شركة أرايفل بإنجلترا (نيويورك تايمز)

أرادت شركة مركبات كهربائية صغيرة تدعمها شركة "يو بي إس" (UPS) استبدال خطوط التجميع التي طالما استخدمها مصنعو السيارات لأكثر من قرن بشيء مختلف جذريًا، وذلك بمصانع صغيرة توظف بضع مئات من العمال.

حيث تعمل شركة "أرايفل" (Arrival)، على إنشاء "مصانع صغيرة" تعمل بشكل آلي للغاية، ويتم فيها تجميع شاحنات التوصيل والحافلات الخاصة بها بواسطة روبوتات متعددة المهام، مما يخالف النهج الذي ابتكره هنري فورد واستخدمه معظم صانعي السيارات في العالم. حيث ستنتج المصانع عشرات الآلاف من السيارات سنويًّا، وهذا أقل بكثير من مصانع السيارات التقليدية، التي تتطلب ألفي عامل أو أكثر، وتنتج عادةً مئات الآلاف من السيارات سنويًّا.

والميزة -وفقًا لأرايفل- هي أن المصانع الصغيرة ستكلف حوالي 50 مليون دولار بدلا من المليار دولار أو أكثر المطلوبة عادة لبناء مصنع تقليدي. وتقول الشركة -التي يوجد مقرها في لندن، والتي تؤسس مصانع في إنجلترا والولايات المتحدة- إن هذه الطريقة ستنتج شاحنات تقل كلفتها كثيرًا عن النماذج الكهربائية الأخرى، وحتى السيارات القياسية التي تعمل بالديزل اليوم.

وقال أفيناش روغوبور، رئيس شركة أرايفل والمدير التنفيذي السابق في جنرال موتورز (General Motors)، "نهج خط التجميع قائم على كثافة رأس المال، وعليك الوصول إلى مستويات إنتاج عالية جدًّا لتحقيق أي هامش". وتابع "يسمح لنا المصنع الصغير بصناعة سيارات بشكل مربح وبأي كمية حقًا".

وتأمل الشركة أن تؤدي سياراتها الكهربائية إلى إرباك سوق شاحنات التوصيل، التي تكون عادة سوقا غير نشطة. تلك السيارات مناسبة تمامًا لإدخال الكهرباء عليها لأنها تسافر عددًا محددًا من الأميال في اليوم، ويمكن شحنها أثناء الليل. واستطاعت شركة أرايفل بالفعل استمالة "يو بي إس"، التي تمتلك حوالي 4% من أسهم الشركة وتخطط لشراء 10 آلاف شاحنة من أرايفل خلال السنوات العديدة القادمة.

وفي مصانع أرايفل، يتم نقل السيارات غير مكتملة على منصة متحركة بين 6 مجموعات مختلفة من الروبوتات الآلية، التي تضيف مكونات مختلفة في كل وقفة. وتقوم الشركة أيضًا باستبدال معظم أجزاء السيارات الفولاذية بمكونات مصنوعة من خلائط متطورة، وهي مزيج من البولي بروبلين، والبوليمر المستخدم في صناعة البلاستيك، علاوة على الألياف الزجاجية. ويتم تثبيت هذه الأجزاء معًا بواسطة مواد لاصقة هيكلية بدلًا من اللحامات المعدنية.

وسيؤدي استخدام الخلائط، التي يمكن إنتاجها بأي لون، إلى القضاء على 3 من أغلى أجزاء مصانع السيارات، وهي ورشة الطلاء، والمطابع العملاقة التي تشكل الرفارف والأجزاء الأخرى، والروبوتات الآلية التي تلحم الأجزاء المعدنية لتكوين الجسم السفلي للسيارات. ويكلف عادة كل من تلك الأجزاء عدة مئات من ملايين الدولارات.

موظفون يعملون على خط الإنتاج في مركز البحث والتطوير التابع لشركة أرايفل (نيويورك تايمز)

وتأمل أرايفل -التي بدأت التداول في بورصة ناسداك في مارس/آذار الماضي- تدشين إنتاج حافلات بحلول نهاية هذا العام، لكن أفكارها لم يتم تجريبها بعد. ومن المعروف أن تحويل مصانع السيارات للإنتاج الآلي التلقائي أمر معقد، حيث ألقت تسلا اللوم على الاعتماد المفرط على الروبوتات الآلية في البداية المضطربة لخط إنتاجها من الطراز 3 في عام 2018.

وتتم عادة برمجة روبوتات التصنيع للقيام بمهمة أو مهمتين، في حين أن أرايفل تعتمد على أن تقوم روبوتاتها بالتعامل مع مجموعة متنوعة من المهام.

وقالت كريستين دجتشيك نائب الرئيس الأول للأبحاث في مركز أبحاث السيارات في مدينة آن أربور بولاية ميشيغان؛ "بالنسبة لتطبيقات الإنتاج الضخم، لا يعد هذا أمرا مجديا". وقالت إن "التشغيل الآلي رائع بالنسبة للأشياء المتكررة والدقيقة، ولكن إذا كانوا يتحدثون عن حجم متدن جدا، فقد يكون ذلك قابلا للتطبيق".

وقال لوك ويك نائب رئيس الصيانة والهندسة في مجموعة يو بي إس للسيارات إن الشركة تعمل مع أرايفل منذ تأسيس الشركة الناشئة تقريبًا.

هذا وقد ساعد عملاق الشحن هذا في تصميم شاحنة توصيل توفر نطاق رؤية أوسع للسائقين من الشاحنة التقليدية، كما أنها سهلة التحميل والتفريغ. وقال ويك إنه راقب تقدم أرايفل عن كثب، وإنه كان في المتوسط يزور الشركة مرتين أو 3 مرات في الشهر.

كما أقر بأن نهج أرايفل غير المجرب في إنتاج الشاحنات يشكل مخاطرة ما، إلا أنه قال إن ذلك يمكنه التعجيل باستخدام السيارات الكهربائية في تسليم الطرود.

فقال "يمكن للأشياء أن تتغير بسرعة عندما تكون جميع الأسس في مكانها الصحيح". وتابع "لقد استثمرنا في أرايفل وعملنا جنبًا إلى جنب من أجل تطوير السيارة".

وقد اجتذبت شركات السيارات الكهربائية اهتماما محموما من المستثمرين، الذين يأملون العثور على تسلا أخرى، التي تقدر قيمتها بأكثر من 650 مليار دولار، أي أكثر من كل من جنرال موتورز وفورد موتور (Ford Motor) وتويوتا موتور (Toyota Motor) وفولكس فاجن (Volkswagen) مجتمعة. وقد شجع اهتمام وول ستريت قافلة من الشركات الناشئة على إدراج أسهمها في البورصة، والتي بعضها -بما في ذلك أرايفل- لم تبع بعد سيارات، ناهيك عن تحقيق الربح.

يتوقف نجاح الشركة إلى حد كبير على قدرة مصانعها الصغيرة على البقاء (نيويورك تايمز)

وحازت العديد من الشركات الناشئة العاملة في مجال السيارات الكهربائية على أدراج أسهمها من خلال الاندماج مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، المعروفة اختصارا بحروف "سباكس"، وهي شركات تم إنشاؤها باستخدام ثروة من المال وأسهم مدرجة. وتسمح عمليات الدمج هذه للشركات الناشئة بالانضمام إلى سوق الأوراق المالية من دون المرور بالتدقيق المصاحب لعمليات الاكتتاب العام الأولي للأسهم.

وأكملت أرايفل اندماجها مع شركة للاستحواذ ذات أغراض خاصة في مارس/آذار الماضي، لكن لا يزال الطريق طويلًا أمام تحويل رؤيتها إلى عمل تجاري قابل للبقاء. فلقد جمعت الشركة عددًا قليلًا من نماذج الشاحنات الأولية، ولكنها لم تبدأ بعد اختبارها على الطرق العامة. وقد بدأت أسهم الشركة التداول في 25 مارس/آذار عند 22.40 دولارًا، لكنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى نحو 14 دولارًا.

هذا وقد تم تأسيس شركة أرايفل عام 2015 على يد دينيس سفيردلوف، أحد عمالقة قطاع الاتصالات الروسي، الذي عمل فترة وجيزة نائب وزير للإعلام الروسي، وله القليل من الخبرة في صناعة السيارات. وسفيردلوف مُدرج كرئيس تنفيذي للشركة، ويسيطر على 76% من أسهم الشركة من خلال صندوق استثماري مقره لوكسمبورغ.

ويتوقف نجاح الشركة إلى حد كبير على قدرة مصانعها الصغيرة على البقاء، في روك هيل بولاية كارولينا الجنوبية، وفي شارلوت بكارولينا الشمالية، وفي بيستر بإنجلترا.

وبعد ظهر أحد الأيام مؤخرًا، عرض مايك أبيلسون، الرئيس التنفيذي لأعمال السيارات في شركة أرايفل في أميركا الشمالية والمدير التنفيذي السابق الآخر لشركة جنرال موتورز، بعض نماذج روبوتات الإنتاج في مصنع أرايفل للحافلات الصغيرة في إنجلترا عن طريق برنامج زوم (Zoom).

وقال أبيلسون "لقد كنا سعداء للغاية لأننا نجعل المعدات تعمل في برامج المحاكاة الخاصة بنا". وتابع "والآن عملية التكليف بالمهام. إنها تركيب المعدات وضبطها".

 © مؤسسة نيويورك تايمز 2021

المصدر : نيويورك تايمز