كلوب هاوس يفتح المجال للمؤثرين

في هذه الصورة، يظهر شعار كلوب هاوس معروضًا على شاشة الهاتف الذكي (بواسطة رافاييل هينريكي/ SOPA Images / LightRocket عبر Getty Images) (غيتي إيميجز)

تمكنت كل منصات التواصل الاجتماعي تقريبا من تحويل أبرز مستخدميها إلى نجوم، وهذا ينطبق على المؤثرين في منصات يوتيوب، وفاين، ودابسماش، وتيك توك، وحتى لينكد إن. والآن يسعى كلوب هاوس -وهو تطبيق للإنتاج الصوتي فقط كان قد اكتسب شهرة لدى المستثمرين في التكنولوجيا قبل أن يوسع نشاطه ليشمل الترفيه- من أجل صنع مشاهير خاصين به.

ويعكف التطبيق حاليا على اختبار برنامج تجريبي لصناع المحتوى يكون الانضمام له بالدعوات الخاصة، وذلك بالتعاون مع أكثر من 40 مؤثرا على هذا التطبيق يمثلون طبقة جديدة من مشاهير العالم الافتراضي. وحتى الآن تلقى هؤلاء وعودا بعقد لقاءات دورية مع أحد مؤسسي كلوب هاوس، إلى جانب إمكانية الولوج المبكر إلى أدوات خاصة مصممة للمستخدمين المميزين فقط.

يشار إلى أن كلوب هاوس -الذي أُطلق في مايو/أيار الماضي، ويضم 600 ألف مستخدم مسجل حاليا- يسمح بالانضمام إلى غرف محادثة (دردشة) صوتية منبثقة من البرنامج. وقد حقق هذا التطبيق في البداية شهرة لدى جمهور وادي السيليكون. وفي مايو/أيار تم تقييمه بمبلغ ناهز 100 مليون دولار، بعد جولة استثمارية قادها أندريسين هوروفيتس.

لكن خلال الأشهر الأخيرة اتسعت قاعدة مستخدمي كلوب هاوس؛ فإلى جانب احتضان المحادثات بين مستثمري المخاطر، يقدم التطبيق تشكيلة متنوعة من البرامج الحوارية مع النجوم، وسهرات مع منسقي الموسيقى، ولقاءات عمل، ومواعدات سريعة، وعروض مسرحية ونقاشات سياسية.

يشار إلى أن أغلب المستخدمين الذين تم اختيارهم لاختبار البرنامج التجريبي الجديد لتطبيق كلوب هاوس يستضيفون برامج رائجة تجذب متابعين بالآلاف، ومن بينهم أيضا مؤثرون يحظون بجماهيرية أقل لكنهم أكثر إخلاصا. ويمكن تصورهم على أنهم جزئيا مذيعو بث مباشر ومستضيفو برامج صوتية ومديرو مجموعات.

ويقول جوش كونستين -وهو مستثمر في شركة رأس المال المخاطر سيغنال فاير (Signal Fire)، ويستثمر في الشركات الناشئة، وهو أيضا مشارك في البرنامج التجريبي لصناع المحتوى- "إن أبرز صناع المحتوى أشخاص يتميزون بشخصية جذابة ويستطيعون شد انتباه المتابعين ليس فقط بسبب أسمائهم وإنجازاتهم، بل لأن المستخدمين يرغبون في الاستماع إلى أفكارهم مع فرصة الإدلاء بدلوهم هم أيضا. منتجو المحتوى سيقومون بجذب جمهور كبير على منصة كلوب هاوس حتى لو لم يكونوا يمتلكون عدد متابعات كبيرا على شبكات تواصل اجتماعي أخرى".

وخلال الأسبوع الماضي، تمت دعوة هؤلاء المستخدمين للتطبيق للانضمام "لنادٍ" رقمي خاص اسمه "إيفريثينك إين موديريشن" (Everything in Moderation)، إلى جانب مجموعة محادثة مغلقة على واتساب مع قيادات الشركة. هذا البرنامج تقوده ستيفاني سايمون، وهي خبيرة تسويق ومستشارة سابقة في شركة غوتشي.

وواحدة من التحديات التي ستواجهها ستيفاني ستكون المساعدة على توحيد طريقة جني المال على هذا التطبيق؛ إذ إن صناع المحتوى حتى الآن لا يتلقون مكافأة على عملهم. وقد سأل أحد المشاركين "أين المال؟" خلال أول "مائدة مستديرة لصناع المحتوى"، وهو لقاء خاص بين قيادات الشركة والمؤثرين، جرى في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي. هذا التساؤل كان في ذهن الكثير من الحاضرين في تلك الغرفة، وقد تم اقتراح التذاكر، والبقشيش والاشتراكات كمصادر محتملة للدخل.

تمت أيضا مناقشة مقاييس التقييم، فقد قالت الشركة إنها ستوفر خدمة تحليل البيانات لصناع المحتوى في مرحلة من المراحل، ولكن لا فكرة لديها حاليا حول ما ستبدو عليه هذه التحليلات. وقد تم تفسير مقترح حول ضرورة تحقيق نمو أسبوعي لعدد المتابعين بنسبة 30%، على أنه شرط للبقاء في هذا البرنامج، واعتبره آخرون مجرد تشجيع. وحسب الشركة، فإنه لا يوجد أي إلزام بشأن زيادة متابعي صناع المحتوى.

وقالت كات كول (42 عاما) -وهي سيدة أعمال ومستثمرة ومضيفة غرفة محادثة رائجة في تطبيق كلوب هاوس تسمى "ساعات العمل "(Office hours)- إن اللقاء كان يحمل نوايا طيبة ولكنه يفتقر للتنظيم. وقالت "لم يكن لقاء بين مجموعة من الموظفين، لذلك لم تكن هنالك أجندة أو قواعد لأخذ الكلمة، وكان هناك الكثير من الناس الذين يمثل هذا العمل بالنسبة لهم مسيرة مهنية ومصدر دخل كصناع محتوى، ولهذا فإنهم كانوا يأخذون الأمر بشكل جاد جدا".

وقالت متحدثة باسم الشركة في بيان "نحن نؤمن بأن الصوت وسيلة قوية للربط بين الناس والمشاركة والتعلم والتطور من خلال المحادثات الصادقة. يمكن لأي شخص أن يصبح صانع محتوى على تطبيق كلوب هاوس من خلال إنشاء غرفة واستضافة حوارات".

وكلوب هاوس يواجه ضغوطا كبيرة لتحقيق النجاح في مجال صناعة المحتوى؛ إذ إن الفشل في إعطاء الأولوية لاحتياجات المستخدمين المميزين يمكن أن ينفر هؤلاء من التطبيق. ففي عام 2015، غادر نحو 20 من أصل 50 ممن كانوا من أبرز صناع المحتوى في تطبيق فاين، غادروه بعد لقاء رفضت فيه الشركة أن تدفع لهم مبلغ 1.2 مليون دولار للاحتفاظ بهم، وبعد عام أغلق التطبيق تماما.

ولكن في عام 2020، يبدو أن المستثمرين اقتنعوا في النهاية بفكرة أن اقتصاد صناعة المحتوى المؤثر يمثل عملا تجاريا مشروعا. وقامت مؤخرا شركة ريموس لاستثمارات المخاطر في الشركات المبتدئة بتعيين جوش ريتشاردز، وهو نجم على تطبيق "تيك توك" لا يتجاوز عمره 18 عاما، كشريك في استثمارات المخاطر. وبدأ المستثمرون في تطبيق كلوب هاوس طرح الأسئلة حول كيفية تمكن صناع المحتوى في منصات أخرى مثل أونلي فانس من كسب المال من حساباتهم. ونشر أحد مؤسسي شركات التكنولوجيا مؤخرا تغريدة تحدث فيها عن أحد نجوم يوتيوب عمره 9 سنوات كان قد جنى مبلغ 30 مليون دولار هذا العام وكيف كان يفترض به كسب المزيد.

وقالت لي جين، مؤسِسة شركة أتولييه (Atelier) لرأس مال المخاطر، التي تستثمر في مجال المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي؛ "أشعر بأن هناك نقلة ملموسة حدثت العام الماضي بين المستثمرين، ويبدو الأمر حاليا كما لو أن الجميع يتحدثون عن اقتصاد صناع المحتوى ويستثمرون في أدوات هذه الصناعة".

وأشارت إلى "تيك توك" كمنصة تحدت كل الاعتقادات الشائعة في أوساط المستثمرين بأن شبكات التواصل الاجتماعي الاستهلاكية -مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام- أصبحت شيئا من الماضي. وقالت "يعزى ذلك أساسا إلى نجاح تيك توك في معاملة صناع المحتوى بوصفهم مواطنين درجة أولى وجعلهم يشعرون بأنهم يحظون بالعناية والاهتمام. أعتقد أن هذا جعل المستثمرين يفهمون أن معاملة صناع المحتوى بطريقة جيدة إستراتيجية تجارية ناجحة".

إلا أن تطبيق كلوب هاوس سيحتاج للقيام بما هو أكثر من دفع المال لصناع المحتوى لديه إذا كان يرغب في الحفاظ عليهم، إذ إن كثيرا من المستخدمين اشتكوا علنا من أن التطبيق فشل في توفير الحماية الكافية للمستخدمين، خاصة أولئك الذين ينحدرون من خلفيات مهمشة تاريخيا.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت ريان بتلر -وهي رائدة أعمال وصانعة محتوى في كلوب هاوس، تشارك في البرنامج التجريبي- أنها ستعلق برنامجها الرائج المتخصص في لعبة التخمين على التطبيق.

وقالت ريان -في إشارة إلى كلوب هاوس في تغريدة لها على تويتر- "لا يمكنني مواصلة تقديم أشياء إيجابية في ظل ضعف الإجراءات التي يقوم بها كلوب هاوس في مواجهة معاداة السامية، وكراهية المثلية والمتحولين جنسيا، وكراهية النساء والعنصرية".

وتفاعلت مستخدمة أخرى تدعى ميكيلا هيرش قائلة إن على الشركة "وضع حد لخطاب الكراهية، والقيام بحظر أو تعليق نشاط من يقومون بذلك، وتوضيح أن ذلك غير مقبول. يجب أن تعترف أكثر مبكرا بأن بعض المجموعات التي تبث الكراهية نظمت نفسها على تطبيق كلوب هاوس، وقد تأخر الوقت لإيقافها".

 © مؤسسة نيويورك تايمز 2021

المصدر : نيويورك تايمز