هبوط آخر رحلة لشركة أليطاليا قبل انتقالها إلى شركة "إيتا" الناشئة

أعطت المفوضية الأوروبية في أيلول/سبتمبر الضوء الأخضر لانطلاق أعمال شركة "إيتا" الجديدة.
المفوضية الأوروبية أعطت في أيلول/سبتمبر الماضي الضوء الأخضر لانطلاق أعمال شركة "إيتا" الجديدة (رويترز)

سيّرت شركة "أليطاليا"(Alitalia) آخر رحلة لها بعد 74 عاما من العمل، تخللها كثير من الأزمات، مفسحة لشركة "إيتا إيروايز" (ETA Airways) الناشئة في قطاع الطيران النهوض من تبعات وباء كوفيد-19.

وأقلعت أول رحلة لشركة "إيتا" صباح الجمعة الماضي من مطار ليناتي في ميلانو باتجاه باري (جنوبي إيطاليا)، بعد 7 ساعات على هبوط آخر رحلات "أليطاليا" مساء الخميس في روما قادمة من كالياري.

وشكلت "أليطاليا" -التي تأسست في الخامس من مايو/أيار1947- رمزا لنجاح إيطاليا الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، وصنفت في السبعينيات سابع شركة طيران في العالم، قبل أن تسجل تراجعا طويلا وتدريجيا، تفاقم في السنوات الأخيرة.

ويتداخل تاريخ الشركة مع تاريخ البلد؛ فظهرت أولى المضيفات على متن طائراتها عام 1950، وأصبحت الشركة في 1960 الناقل الرسمي لدورة روما للألعاب الأولمبية، وتخطت عتبة مليون راكب. وكان بولس السادس أول بابا يستقل إحدى طائراتها عام 1964، وفي 1989 أصبحت أنتونيلا تشيليتي أول امرأة تقود إحدى طائراتها.

أنفقت إيطاليا أكثر من 15.1 مليار دولار سعيا للنهوض "بأليطاليا"، غير أن كل هذه الجهود لم تكن مجدية، تراكمت خسائر بقيمة 13.24 مليار دولار بين عامي 2000 و2020.

وأعلنت لورا فراكيني (47 عاما) -التي تعمل مضيفة في الشركة منذ 20 عاما- بتأثر شديد "نشهد بحزن كبير نهاية أليطاليا، كانت فخرنا الوطني، ورمزا لتاريخ هذا البلد".

ومثل كثيرين آخرين، قدمت فراكيني طلبا للانتقال إلى "إيتا" ضمن دفعة أولى من 2800 شخص وظفتهم الشركة الجديدة هذه السنة، على أن يتم توظيف 5750 موظفا آخرين عام 2022 من أصل 10 آلاف و500 موظف لدى "أليطاليا".

 احتفظت شركة "إيتا" بنفس شعار" أليطاليا" مع تغيير الاسم فقط.
احتفظت شركة "إيتا" بشعار "أليطاليا" نفسه مع تغيير الاسم فقط (رويترز)

احتجاجات نقابية

وقالت فراكيني -وهي مندوبة وطنية للاتحاد الوطني للنقل الجوي- "العديد منا يائسون لأنه لم يعد لديهم عمل. كنا متمسكين بشدة بهذه الشركة، متحمّسين جدا للعمل، وكانت الابتسامة دائما على وجوهنا".

وضاعفت نقابات "أليطاليا" المظاهرات احتجاجا على "العقود بقيمة مخفضة" التي تعرضها شركة "إيتا"، والتي تتضمن تخفيضات في الأجور تصل إلى 20%، وحتى 40% للطيارين.

وإن كان قسم الطيران انتقل إلى "إيتا"، وهي شركة عامة بالكامل، فإن الخدمات على الأرض وأعمال الصيانة ستباع على حدة عبر عروض، امتثالا لما أملته بروكسل خلال مفاوضات شاقة مع روما.

وأعطت المفوضية الأوروبية في سبتمبر/أيلول الماضي الضوء الأخضر لانطلاق أعمال الشركة الجديدة، وسمحت بضخ 1.35 مليار يورو (1.57 مليار دولار) من الأموال العامة فيها. وفي ضوء "قطيعة اقتصادية" بين "أليطاليا" و"إيتا"، أعفت الشركة الناشئة من إعادة تسديد "المساعدات الحكومية غير القانونية" التي تلقتها سلفتها.

فأنفقت الدولة الإيطالية على مر السنوات أكثر من 13 مليار يورو (15.1 مليار دولار) سعيا للنهوض "بأليطاليا"، ما بين إعادة رسملة وقروض مرحلية؛ غير أن هذه الجهود لم تكن مجدية، وراكمت الشركة خسائر بقيمة 11.4 مليار يورو (13.24 مليار دولار) بين عامي 2000 و2020.

وعلق خبير الاقتصاد المتخصص في النقل في جامعة "بيكوكا" (Bicocca) في ميلانو أندريا جوريتشين لوكالة "فرانس برس" (AFP) قائلا "الخطأ الكبير كان عدم الاستثمار في سوق الرحلات الطويلة المربح".

وفي الوقت نفسه، كانت شركة الطيران متدنية التكلفة مثل "راينير"(Rainer) و"إيزي جيت" (EasyJet) تحطم الأسعار على الرحلات القصيرة، في حين خفض القطار فائق السرعة مدة الرحلة بين روما وميلانو من 6 ساعات إلى 3 فقط.

انحدار إلى الإفلاس

وبعد وصولها إلى حافة الهاوية، وُضعت "أليطاليا" عام 2017 تحت وصاية الإدارة العامة، لكن وضعها تدهور أكثر في ظل أزمة كوفيد-19 التي شلّت شركات الطيران عبر العالم.

المفوضية الأوروبية أعطت الضوء الأخضر لانطلاق أعمال شركة "إيتا" الجديدة في سبتمبر/أيلول الماضي، وسمحت بضخ 1.57 مليار دولار من الأموال العامة فيها

ووصلت خسائر "أليطاليا" في 2020 إلى مليوني يورو في اليوم، ولم تقل أكثر من 6.3 ملايين راكب، مقارنة مع 52.1 مليون راكب لشركة "راينير"، و34 مليونا لشركة "إير فرانس-كيه إل إم" (Air France-KLM).

ورأى أندريا جوريتشين أنه مع خفض أسطولها للنصف إلى 52 طائرة، من بينها 7 طائرات كبيرة فقط؛ فإن "إيتا" ستجد صعوبة في الانطلاق.

وقال إن "الصمود في وجه منافسة العملاقتين "إير فرانس-كيه إل إم" و"لوفتهانزا" (Lufthansa) على الطرق الدولية والشركات مخفضة التكلفة في السوق الداخلية أشبه بمهمة مستحيلة".

وبحثت الحكومة عبثا منذ وضع "أليطاليا" تحت وصاية الدولة قبل 4 سنوات عن شركات تعيد شراءها.

وكانت "أليطاليا" أثارت في الماضي مطامع شركات أخرى، مثل "إير فرانس-كيه إل إم" التي قدمت في مارس/آذار 2008 عرض استحواذ، لكنه اصطدم برفض سيلفيو برلسكوني، الذي وصل بعيد ذلك إلى السلطة تحت شعار الدفاع عن الهوية الإيطالية.

وفي أعقاب ذلك، قام كبار أصحاب العمل الإيطاليين بإنقاذ "أليطاليا". وفي 2014، استحوذت شركة طيران الاتحاد الإماراتية على 49% من رأسمالها، لكن من دون أن تنجح في وقف انحدارها الجنوني نحو الهاوية.

غير أن شعار شركة "أليطاليا" الأخضر على خلفية بيضاء لن يتوارى من سماء أوروبا؛ إذ فازت "إيتا" مساء الخميس بعطاء عام لشراء العلامة لقاء 90 مليون يورو.

وتعتزم "إيتا" الاحتفاظ بالشعار من دون الاسم. وقال مديرها العام فابيو لاتزيريني عارضا شركة "إيتا إيرويز" لا نريد أن ننسى ماضي "أليطاليا" وأمجادها، لكنها ولادة جديدة بالكامل" بهدف إنشاء شركة "مستديمة ومربحة".

المصدر : الفرنسية