المسافة صفر

مطاردو السيسي.. كيف يعيشون؟ وكيف سلّمت ماليزيا أربعة منهم لمصر؟

استعرض فيلم “مُطاردون في المنفى”، ضمن تحقيقات برنامج “المسافة صفر”، قصص بعض المعارضين المصريين الذين غادروا مصر عقب الانقلاب العسكري، وكشف معاناة لجوئهم بين الدول بحثا عن الأمن.

باتت الأنباء عن الترحيل إلى القاهرة كابوسا يقض مضاجع اللاجئين السياسيين المصريين بمختلف أصقاع العالم والذين غادروا بلدهم عقب الانقلاب العسكري عام 2013.

استعرض فيلم "مُطاردون في المنفى" ضمن تحقيقات برنامج "المسافة صفر"، قصص بعض المعارضين لنظام السيسي الذين لاحقتهم المطاردة الأمنية أينما حلّوا، وسلّط الفيلم الضوء على دور الأجهزة الأمنية وبعض وسائلها الجديدة للإيقاع بالمطاردين من قبل النظام المصري في دول اللجوء.

من كوالالمبور إلى القاهرة.. التسليم الغامض
تتبّع التحقيق خيطا يكشف مصير أربعة شبان مصريين مطلوبين لدى سلطات بلدهم سلّمتهم ماليزيا في الأول من مارس/آذار 2019 بتهمة علاقتهم بعنصرين من جماعة أنصار الشريعة المحظورة، وهم محمد فتحي وعبد الله هشام وعبد الرحمن عبد العزيز وعظمي السيد، ثم اختفى كل أثر لهم بمجرد وصولهم الأراضي المصرية.

وقال المفكر والباحث الماليزي شاندرا مظفر إنه في تلك الفترة كانت للحكومة الماليزية صلات وثيقة بالرياض وأبو ظبي كُشِفَت للرأي العام بعد الإعلان عن أكبر قضية فساد في البلاد، وتم على إثرها إيقاف رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق، وبعد هذه الفضيحة تمت إقالة رئيس جهاز الشرطة محمد فوزي هارون الذي قيل إنه لعب دورا في تسريع عملية ترحيل الشبان المصريين الأربعة إلى القاهرة.

واعتبر مظفر أن الشباب المصريين قُدِّموا كبش فداء في ظل صراع ماليزي داخلي بين حكومتين وفي فترة انتقالية معقدة.

وكشف "المسافة صفر" أن السفارة المصرية في كوالالمبور هي من حجزت تذاكر العودة للشباب الأربعة، وهو ما دفع الشرطة الماليزية إلى محاولة إغلاق الملف سريعا منعا لكشف المزيد من المخالفات التي ارتكبت فيه.

وبحسب المحلل بمركز مكافحة الإرهاب في ماليزيا أحمد المحمدي، فإنه كان على السلطات الأمنية الماليزية عدم الإسراع في ترحيل المتهمين اعتمادا على معلومات رسمية مصرية دون فتح تحقيق خاص والقيام باستشارات واسعة خاصة حينما يتعلق طلب التسليم بحكومة عرف عنها سوء معاملة مواطنيها.

وأوضحت المحامية والناشطة الحقوقية الماليزية ميليسا ساسيدارا للبرنامج أن شرطة بلادها لم تلتزم بالإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات، وحرمت الموقوفين من حقوقهم الأساسية، حيث لم يسمح لهم حتى بمقابلة محاميهم وذويهم، وأشارت المحامية إلى حالات مماثلة سابقة كقضية الإيغور المسلمين الفارين من سجون الصين، حيث رفضت حينها ماليزيا تسليمهم لبكين، ونقلتهم إلى تركيا بعد اتفاق سابق.

أما المقربون من أحد المرحّلين وهو عبد الرحمن المعروف بكنية "زيزو"، فقد أثاروا الشكوك حول هوية الشخصين اللذين قالت السلطات الماليزية إنهما ضالعان مباشرة في قضية "إرهابية"، معربين عن اعتقادهم بأنهما كلفا باستدراج الشباب الأربعة، كما يُرجّح أن لهما علاقة بالأجهزة الأمنية المصرية.

وكشف مصدر دبلوماسي مصري "مطّلع" للـ"مسافة صفر" أن الشخصين المشبوهين اللذين وصلا إلى ماليزيا كانا يحملان جوازي سفر مزورين، وأن السلطات الأمنية في مصر كانت على علم بهما.

أين جماعة الإخوان؟
وأثار الكثير من المتابعين للقضية أسئلة عن دور جماعة الإخوان التي ينتمي لها الشبان المتهمون بماليزيا في الدفاع عنهم ومنع ترحيلهم طيلة شهر كامل من حجزهم، إضافة إلى بقية حالات الترحيل القسري في تركيا ولبنان، خاصة وأن أغلبهم من المنتمين للجماعة أو من الناشطين المقربين منها.

وأجاب إبراهيم منير نائب المرشد العام للإخوان المسلمين بأن بعض الحالات شابتها أخطاء مثل الشاب المرحّل من تركيا محمد عبد الحفيظ المحكوم بالإعدام هو من أخطأ في طريقة التعريف بنفسه لدى الأمن التركي، ورغم ذلك عاقبت السلطات التركية رجل الأمن المسؤول على تنفيذ الترحيل، أما قضية ماليزيا فأكد أن الشباب لم يحسنوا التنسيق والإعلام عن حالاتهم قبل أو عند وصولهم إلى ملجئهم في ماليزيا.

شهادة مُرحَّلٍ سابق
وفي شهادة له للفيلم، روى مسعد البربري تجربته كأول معارض لاجئ يُرحل إلى مصر، وكان ذلك من بيروت وبتعليمات شخصية من وزير الداخلية اللبناني آنذاك  إيهاب المشنوق.

وتحدّث البربري عن تفاصيل نقله عبر الطائرة بحضور أمنيين مصريين، وكيف كانت ردة فعل الكابتن قائد الرحلة عندما اتهمه البربري بأنه يختطفه، إضافة إلى ظروف التحقيق معه فور وصوله لمطار القاهرة.

كما أكد البربري أن السفارة المصرية في بيروت هي من نسقت عملية ترحيله كاملة وحجزت تذكرة الطائرة على الخطوط المصرية.