بين المقاتلين في سوريا
أكثر من عشرين يوما اقترب فيها فريق الجزيرة أقرب مسافة ممكنة من مقاتلي المعارضة السورية في شمال سوريا الذي يعد أوسع امتداد جغرافي يخضع لسيطرة المعارضة، والخزان البشري لكافة مقاتليها بمختلف توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية.
جاء ذلك ضمن أولى حلقات البرنامج التحقيقي الميداني "المسافة صفر" الذي بثته الجزيرة الأحد (2016/11/13) وتنقلت فيه الزميلة سلام هنداوي وفريق البرنامج في جبهات القتال بريف حماة الشمالي، وآخر معاقل النظام المحاصرة في مدينة إدلب في ظروف أمنية معقدة ومواقع تتسم بالخطورة والحساسية.
تدار مدينة إدلب عبر غرفة عمليات جيش الفتح الذي أعلن عنه مع انطلاق عمليات السيطرة عليها، وجمع فصائل ثورية مع أخرى جهادية، ومع الأمل في توحد المعارضة إلا أن واقع المحاصصة بقي الأقوى في ظل قصف وحشي لم يتوقف على أحيائها.
اتجه فريق العمل إلى ريف حماة، حيث معقل جيش النصر أحد أهم فصائل الجيش الحر الذي يضم نحو مئة ضابط منشق.
يقول القائد في جيش النصر قتيبة حبابة إن الجيش الحر يتشكل من فصائل صغيرة تعمل كلا على حدة، مما تسبب في عدم بروز اسم "الجيش الحر" بوصفه مسيطرا على الشمال السوري.
وتابعت كاميرا البرنامج إدارة جيش النصر لصواريخ تاو المضادة للدروع والتي يحصل عليها من غرفة عمليات الموم في تركيا.
في مطار تفتناز وبعد انتظار ساعات كان اللقاء مع مسؤول الأنفاق في حركة أحرار الشام الذي قال إنهم بدؤوا حفر أنفاق بطول 150 مترا وباستخدام المعاول، والآن بعد استشارات "مع الإخوة في غزة" يحفرون أنفاقا بطول ثلاثة كيلومترات.
ولأن الجهاديين المهاجرين إلى سوريا أثاروا الكثير من الجدل وأصبحوا مع مرور السنوات أمرا واقعا وجزءا لا يتجزأ من المشهد فقد سلطت الحلقة الضوء على المهاجرين في أول ظهور إعلامي لهم.
أبو عبد البخاري -وهو أحد المهاجرين- يقول إن هذه الرحلة ليست الأولى له، فقد قاتل من قبل في أفغانستان والبوسنة، وقد دخل فريق البرنامج إحدى المدارس الخاصة في الأوزبك حيث يقوم على تدريسهم مع أبناء السوريين النازحين.
يذكر البخاري أن المئات من الأوزبك منضوون في القتال ضد عدة أعداء يحيطون بهم مثل "النظام وحزب العمال الكردستاني والنصيريين والدواعش سرطان الأمة".
الواقع الأمني في مناطق المعارضة المحررة من أكبر التحديات، ويقول عضو المكتب السياسي في حركة أحرار الشام كنان نحاس إن ضغوطا كبيرة تقع على هذه المناطق عبر اختراقات النظام وتنظيم داعش وملاحقة الطيران الروسي.
لا تتبنى "أحرار الشام" الخطاب الجهادي ولا ترفع علم الثورة السورية أيضا رغم تبنيها شعار "ثورة شعب"، ويقول قائد لواء السنة في الحركة حسام سلامة قال إن قادة في الحركة رفعوا العلم في مظاهراتهم ضد النظام ولكن ما ينقص هو تبني ذلك رسميا.
من جهة أخرى، تابعت كاميرا البرنامج الانغماسيين بحركة أحرار الشام وتابعت تدريبا متقدما وقاسيا لهم في معسكر بأحد الجبال، ويقول قائد المعسكر أبو الفاروق "نحن لا نزود الانغماسي بحزام ناسف بل نطلب منه أن يثخن في أعداء الله ويعود".
ولم تمض الرحلة دون المرور على التصنيع العسكري الذي برعت فيه حركة أحرار الشام بما أتيح من إمكانيات، وجالت الكاميرا على مراحل تصنيع قذائف الهاون وهي ضمن عدة خطوط إنتاج لأسلحة مختلفة تنتجها الحركة منذ سنوات.