
الشيخ محمد الصغير: سيدنا محمد أول الداعين للحجر الصحي وابن العاص أول الآمرين بالتباعد الاحترازي
قال الشيخ محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف عضو مجلس الشورى السابق في مصر إن تعطيل الصلاة في المساجد وإغلاق الحرمين الشريفين بسبب فيروس كورونا لا يحدثان لأول مرة في التاريخ، مذكرا بأن الأوبئة ظهرت كثيرا في تاريخ الإنسان، وأن المسلمين شهدوا في أكثر من مناسبة ظهور الطاعون خلال شهر رمضان المبارك.
وأضاف الصغير في تصريحه لبرنامج "بلا حدود" أنه في مثل هذه الأزمات الكبيرة الناتجة عن تفشي أوبئة كانت تظهر المعادن الطيبة للمسلمين، وكان الأغنياء يعجلون بالزكاة ويحاولون دعم جهود الدولة، واستشهد بما حدث خلال ما عرفت "بالشدة المستنصرية" في مصر، حيث كانت امرأة ثرية تساهم في إطعام الحاكم المستنصر شخصيا لما أصاب البلاد من مجاعة ومحن.
آداب الإسلام بزمن الأوبئة
وأكد الشيخ محمد الصغير أن الصلاة عُطلت وأغلق المسجد النبوي في عهد الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- بسبب ظروف أقل خطورة من المنتشرة حاليا، وأن الجملة التي نسمعها في الأذان الآن "صلوا في رحالكم" كانت من أمر النبي عليه الصلاة والسلام، والسبب حينها كان شدة هطول الأمطار، وأن الغاية كانت حماية المصلين من المرض والرفق بهم من شدة الوحل، وروى مثالا آخر عن فتوى سمحت لأهل العراق بعدم تأدية فريضة الحج خوفا على أرواح وسلامة الحجاج بسبب تفشي ظاهرة قطع الطريق.
وذكّر بطاعون "عمواس" زمن الخليفة عمر بن الخطاب، والذي هلك فيه عدد غفير من الناس والصحابة مثل أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح ومعاذ بن جبل، وبأن سيدنا عمر وهو على تخوم الشام سمع بانتشار الطاعون فعقد مجلس الشورى واستشار أهل الذكر والاختصاص من المهاجرين والأنصار، ثم قرر العودة وعدم دخولها.
وأضاف أن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف قدم بعد انعقاد الشورى، فعلق على قرار سيدنا عمر قائلا إن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا جاء الطاعون وأنتم في بلاد فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم خارجها فلا تدخلوا إليها"، كما أمر عمرو بن العاص الناس والقبائل حينها بالتفرق بين الجبال حتى يخففوا من تفشي الوباء، وهو ما يعرف الآن بالتباعد الاحترازي.
صلاة التراويح بزمن كورونا
وشدد الصغير على أن المساجد لن تعطل تماما أثناء أزمة الجائحة وشهر رمضان المبارك، وأن الإمام يصلي جماعة بالمؤذن وبعض العاملين في المسجد، وهو ما سيحصل في الحرمين الشريفين، ويجب أن يعمم على بقية الدول، لتتم صلاة التراويح بعدد محدود من المصلين في مسجد واحد في كل بلد، ويتم نقلها مباشرة عبر التلفاز ليصلي بقية الناس من بيوتهم، كما أوضح أن صلاة التراويح ليست فرضا بل نافلة ويجوز القيام بها من البيت حتى في الظروف العادية، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة".
دفن الموتى خلال الوباء
وقال الصغير إن صلاة الجنازة آخر ما يأخذه الميت من عمل الأحياء، وتعتبر من شعائر الإسلام العظيمة، وإنه لا خوف من العدوى بعد الموت لأن خطر انتقال الفيروس يوجد أساسا عند الأحياء من خلال تنفسهم ورذاذهم والعطس، وأشار إلى أن العديد من الأطباء والممرضين والعاملين في قطاع الصحة صلوا صلاة الجنازة على الميت المريض بكورونا بعد تجهيزه، وهو ما يجنب الناس الاضطرار للتجمع والقيام بالصلاة جماعة، وأنه في صورة تعذر القيام بذلك في المستشفيات أو في المقابر عن بعد وبعدد محدود جدا من المصلين يمكن الصلاة على الميت صلاة الغائب.