تحديات المرحلة الانتقالية في تونس
– طبيعة العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس
– منظومة حقوق المرأة التونسية
– المهام الأساسية للمجلس التأسيسي وصياغة الدستور
– تحديات المرحلة الانتقالية وملف الفساد
– الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة تونس وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود، يحتفل الشعب التونسي يوم السبت القادم بالذكرى الأولى لاندلاع ثورته التي اندلعت في السابع عشر من ديسمبر الماضي، وكما كان الشعب التونسي سباقاً في صناعة الثورات العربية، فقد كان سباقاً أيضاً في تأسيس أول حكومة، في تأسيس أول انتخابات برلمانية ومجلسٍ تشريعي وحكومةٍ وانتخابات رئيس، المجلس التأسيسي أخذه حزب التكتل من أجل العمل والحريات والرئاسة كانت من حظ حزب المؤتمر ورئاسة الحكومة من حظ حركة حزب النهضة الإسلامي الذين كون ثلاثتهم تحالفاً ثلاثياً أغرب من الخيال، فالحزبين الأولين كلاهما ينتمي إلى التيار العلماني فيما ينتمي حزب النهضة إلى التيار الإسلامي، وفي حلقة اليوم نحاور أحد الرؤساء الثلاثة رئيس البرلمان الدكتور مصطفى بن جعفر حول مستقبل هذا التحالف ومستقبل تونس وثورتها في الذكرى الأولى لاندلاعها، ولد مصطفى بن جعفر في العاصمة تونس في التاسع من ديسمبر عام 1940 درس الطب في فرنسا ثم عاد إلى تونس عام 1975 بدأ حياته السياسية في نهاية خمسينيات القرن الماضي منتمياً إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم بزعامة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة قبل أن يخرج عنه بعد 20 عاماً انضم بعدها إلى حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي خرج عنها لاحقاً ليؤسس عام 1994 حزب التكتل من أجل العمل والحريات الذي تم الاعتراف به في عام 2002 تمكن بعدها مصطفى بن جعفر من الترشح للرئاسة أمام زين العابدين بن علي عام 2009، نشط في جمعيات حقوق الإنسان وجذب إلى حزبه كثيراً من الناشطات العلمانيات، حل حزبه ثالثاً في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخراً ودخل في تحالفٍ مع حزبي النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية، يعرف بهدوئه الذي برز به خلال إدارته لجلسات المجلس الوطني التأسيسي خلال الأيام الماضية، لكن يقال أيضاً أن له يداً حديدية ويداً يلفها بقفاز من حرير، دكتور مرحباً بك.
طبيعة العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس
مصطفى بن جعفر: مرحباً بك في تونس.
أحمد منصور: أهلاً وسهلاً بك، كيف تجد تونس في الذكرى الأولى لاندلاع الثورة؟
مصطفى بن جعفر: متغيرة بالمقارنة على ما كانت عليه إلى سنة خلت ومليئة بالتفاؤل يعني نحن ما كنا نتصور بعد 14 يناير أن نكون قادرين كنا متفائلين لكن ما وقع تحقيقه في أقل من سنة هو شيء هام وهام جداً.
أحمد منصور: البعض يرى أن ما حدث هو شيء أقرب ما يكون إلى الخرافة أو الخيال؟
مصطفى بن جعفر: لكن نحن في تونس نقول المستحيل ليس تونسيا بحيث لم نفاجأ بنسق التغيير الذي حصل، وربما البعض منا يرى أن فيه نوع من التباطؤ، لكن في حقيقة الأمر ما أنجز منذ في أقل من سنة من تطورات ومن تنظيم هذه الانتخابات يعني هي في الحقيقة هي شيء مذهل لأن في الحقيقة كان من المفروض أن تقع هذه الانتخابات في 24/يوليو ولكن الحمد لله وقع إرجائها لإعدادها بشكل جيد وإعطائها أكثر ما يمكن من الضمانات، وحسناً فعلنا، على الأقل بالنسبة للمسؤولين الذي يتحملوا هذه المسؤولية وهذا يرجع الفضل كذلك إلى ما ساد في هذه الفترة من توافق بين كل الأطراف بما فيها الأطراف التي كانت في الحكومة الانتقالية والتي كان جزء منها شارك في النظام السابق هذا لابد أن يذكر، هذا التوافق هو الذي سمح أن نجتاز هذه الحقبة التاريخية الصعبة والدقيقة بأقل التكاليف رغم أن اليوم ربما التكاليف الباهظة هي في الحقيقة في الحقل الاجتماعي.
أحمد منصور: الكل يتساءل كيف يمكن للدكتور مصطفى بن جعفر الذي يقال أنه علماني متفرنس وكذلك الدكتور المنصف المرزوقي الذي اعترف بعلمانيته وتيار حزبه في لقائنا معه في الأسبوع الماضي، أن يتحالفا مع حركة النهضة الإسلامية المعروف أنها امتداد للإخوان المسلمين ولفكرهم كيف يمكن لهذا التحالف الثلاثي أن يقود تونس بتناقضاته في المرحلة القادمة؟
مصطفى بن جعفر: هو أولاً أرفض كلمة علماني متفرنس أنا أجيد الفرنسية لأني درست الطب بالفرنسية ثم طوال الدراسة الابتدائية والثانوية يعني غداة خروج الاستعمار كانت في مدارس تدرس بالعربية بنفس الحجم مثل تدريس الفرنسية هذا من جانب، الجانب الثاني علاقة العلمانيين أو الديمقراطيين أو الحداثيين بالإسلاميين هي في الحقيقة علاقة عريقة وهذا ربما هذا ما يميز التجربة التونسية..
أحمد منصور: ما علاقة في ظل أن الإسلاميين مطاردين في ظل الفترة الماضية إما مغيبين في السجون وإما مطاردين خارج تونس؟
مصطفى بن جعفر: الشيء الذي يميز تونس أنت ذكرت بتواجدي في حركة الديمقراطيين تحت زعامة الأستاذ أحمد المستيري آنذاك في الثمانينات كانت لنا علاقة بالإسلاميين وهم ما زالوا في طور بعث حركة الاتجاه الإسلامي آنذاك يعني كانت لجان تنسيقية، كانت ندوات كانت مواقف تخرج بيانات مشتركة يشارك فيها حتى الحزب الشيوعي التونسي آنذاك بزعامة المرحوم محمد حرمل يعني هذا فريد من نوعه هذا في الثمانينات.
أحمد منصور: هل هذا يخص تونس وحدها؟
مصطفى بن جعفر: تونس وحدها يعني حقيقةً.
أحمد منصور: يعني الآن هناك حرب طاحنة بين الإسلاميين والعلمانيين في كل العالم العربي؟
مصطفى بن جعفر: إلا في تونس.
أحمد منصور: لماذا؟
مصطفى بن جعفر: لأنهم عندما كانوا ضحية القمع كل الديمقراطيين تضامنوا معهم ضد القمع ودفاعاً عن الحريات ثم عندما أسسنا الرابطة التونسية في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات كذلك كانوا متواجدين داخل الرابطة، وكان نقاش حي خاصةً عندما بلورنا ميثاق الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ثم بعد ذلك في الفترة الأخيرة أيام الجمر كانت تجربة كذلك فريدة من نوعها وهي الهيئة هيئة الحريات هيئة 18/أكتوبر للدفاع عن الحريات، وكنا متواجدين معهم ومع أطراف مستقلة ومع أطراف من أقصى اليسار مع أطراف من الوسط وكان إطار للحوار وبلورنا الكثير من الوثائق التي نعتز بها والتي تشكل اليوم قاعدة قد ننطلق منها لصياغة الدستور، وهي تجربة فريدة من نوعها.
أحمد منصور: اسمح لي سيادة الرئيس هذا يختلف اختلافا جذرياً عن المشاركة في الحكم، الآن في حكم في حكومة في برلمان وفي رئاسة دولة، تقاسمتم السلطات الثلاثة فيما بينكم من الممكن أن تتوافقوا على إصدار بيانات، من الممكن أن تتوافقوا على المطالبة بالحريات، ولكن حكومة الآن في سلطة وفي قرارات الاتجاه الإسلامي له معتقداته وأفكاره وأنتم لكم معتقداتكم وأفكاركم على أي شيء تلتقون؟
مصطفى بن جعفر: ما أردت أن أؤكد عليه أن الاتفاق اليوم هذا الائتلاف الثلاثي لا ينطلق من عدم هو الحوارات التي دامت على عشريتين تقريباً خلقت جواً من الثقة وعرفتنا بعضنا ببعض نعرف حدود بعضنا بعض ونعرف نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف، وعلى هذا الأساس نحن في التكتل مثلاً طوال المدة الأخيرة بين 14/يناير و 23/ أكتوبر يوم الانتخابات طوال قرابة 10 أشهر كنا ننادي برفض الاستقطاب الثنائي بين العلمانيين والإسلاميين لأننا كنا نعطي الأولوية لخطر التراجع وخطر قوى الردة ما نسميه قوى الردة، القوى التي أرادت ومازالت تريد أن تحافظ على بعض الامتيازات التي كانت بين أيديها أيام بن علي، هذه الأولوية بالنسبة لنا وفي هذا الإطار كنا نطالب بتقريب الفجوة بين كل التونسيين بنوع من المصالحة لتحقيق التقريب المطلوب والاستجابة لمطالب الثورة لأن إحنا عشنا ثورة.
أحمد منصور: ممكن تقول لي إيه القواعد التي تستندوا إليها أنتم والأطراف الأخرى لاسيما الإسلاميين لإقامة تحالف قوي ومتماسك لحكم دولة؟
مصطفى بن جعفر: هو في الحقيقة القاعدة الأساسية هو إخراج تونس من هذا المنعرج الخطير الذي يبقى مهدداً من طرف قوى الردة نحن كل الأطراف المساهمة في الحكومة هي تريد تحقيق أهداف الثورة يعني طي صفحة النظام الاستبدادي هذا المشترك الأساسي، ثانياً لا نرى اختلاف في مجال الحريات، الإخوة في النهضة في كل بياناتهم في كل تصريحاتهم يؤكدون على تشبثهم وهم من الضحايا الأوائل للقمع والمس بالحريات يعني هذا كذلك نقطة التقاء مشتركة، ثم نحن ذهبنا إلى أبعد على الأقل في التكتل طالبنا قبل الانتخابات وأعلنا عن ذلك قبل الانتخابات وأن تونس في حاجة ضرورة إلى تشكيل حكومة مصلحة وطنية تضم كل الأطراف وما بين كل الأطراف الأخرى يعني أصدقاء الأمس مناضلي الذين كنا في نفس الخندق أيام بن علي إلى تكوين حكومة تحالفيه فيها كل الأطراف، لكن للأسف رفضوا ذلك وخيروا البقاء في السيناريو التقليدي المعارضة من ناحية والأغلبية من ناحية أخرى، وللأسف الشديد وجدنا أنفسنا اليوم في هذا الائتلاف الذي يجمع بين الأحزاب التي حققت انتصارا بين ظفريين في الانتخابات الأخيرة.
أحمد منصور: لكن نستطيع أن نقول الآن أن طي صفحة الماضي والحيلولة دون عودة فلول النظام القديم وإغلاق الباب أمامهم سبب رئيسي لتوحدكم؟
مصطفى بن جعفر: سبب رئيسي.
أحمد منصور: السبب الثاني هو أنكم جميعاً تؤمنون بالحريات وبالديمقراطية وبالتعددية وبالتوافق بين الأطراف المختلفة، السبب الثالث هو أنكم كنتم تريدون حكومة توافقية بين الجميع، ولكن أنتم الثلاث أحزاب توافقتم فيما بينكم فيما آثر الآخرون أن يبقوا في المعارضة، هذا التحالف هو تحالف إستراتيجي أم تحالف مرحلة محددة؟
مصطفى بن جعفر: هو تحالف مرحلة لكن قد يتطور إلى تحالف إستراتيجي لأن اليوم كل الأطراف السياسية أمام امتحان وبالخصوص أؤكد على ذلك حركة النهضة لأن طوال هذه المدة ونحن في حوار معها كانت أطراف عديدة لها تخوفات تجاهها حركة النهضة.
أحمد منصور: ولا زالت.
مصطفى بن جعفر: ولا زالت هذه التخوفات باعتبار أن النهضة لها خطاب مزدوج هي تقول أشياء وتعلن عن احترامها للحريات لكن في الممارسة قد تختلف الأمور، النهضة أمام هذا الامتحان نحن متفائلون لأننا تعرفنا عليها من قرب وسمعنا لغتها ونغمتها وشاهدنا التطورات على مر الزمن على المستوى الفكري والعقائدي وعلى مستوى العلاقة بمسألة الحريات بمسألة المساواة .
أحمد منصور: لا تستطيع أن تتجاوز ما أعلنته من التزام بالحريات وبالديمقراطية والتعددية وعدم التدخل في الشؤون الخاصة للأفراد وبأنها سيبقى الوضع على ما هو عليه في إطار دولة مدنية؟
مصطفى بن جعفر: هذا ما نعتقده وهذا ما صرحت به زعاماتها في أكثر من مناسبة ولو فيه عدم تناغم بين..
أحمد منصور: ما الذي يمكن أن يؤدي إلى شقاق أو خلاف بينكم وبين حركة النهضة ؟
مصطفى بن جعفر: إذا كان النهضة تنكرت لهذه المبادئ التي أعلنت عن احترامها.
أحمد منصور: ولكن أنت أيضاً لديك تيار علماني متطرف داخل الحزب عندك لاسيما من النساء ضد هذا التحالف؟
مصطفى بن جعفر: هو ليس متطرفا هو متخوف أكثر من اللزوم وهو تخوف مشروع هناك محيط نحن لا نعيش في عزلة عن بقية التيارات الديمقراطية العلمانية التي نتحدث ونتفاعل معها يومياً ثم هنالك تأثير وسائل الإعلام ثم اليوم إضافةً إلى كل ذلك هناك منافسة بين من حققوا نجاحات في الانتخابات الأخيرة وبين من لم يحققوا مثل هذه النجاحات، وبالطبع من خابوا في الانتخابات يحاولون وهو شيء مشروع أن يحولوا فشلهم إلى انتصار وهذا فيه تأثيرات في داخل كل الأحزاب ويخترق كل الأحزاب..
أحمد منصور: أما تخشى انشقاق في حزبك بسبب هذا التحالف؟
مصطفى بن جعفر: لا أظن أولاً لأن هناك مطروحة مسألة الثقة داخل الحزب، هنالك انسجام ثم نحن حزب ديمقراطي يعني الحوار متواصل ولنا من الحجج لإقناع كل زملائنا وزميلاتنا ما يكفي للمحافظة على هذا الانسجام، ولكن نحن دائما نحترم قبل كل شيء حرية التعبير ونحتكم إلى الضمير في كل الحالات يعني لا ننزعج عندما نشاهد نوع من النشاز داخل صفوف الحزب، لأننا نعرف أن هذا النشاز ظرفي وأنه سيزول بحكم نتائج على مستوى الممارسة ولا شك أن تصرف النهضة سيساعدنا على إقناع من ما زال له شيء من التردد.
أحمد منصور: أما ترى أن هناك تطرف من النساء التونسيات في المطالبة بحقوق المرأة التونسية في ظل الرجل التونسي غلبان المرأة هي المتسلطة هي التي تأخذ كل شيء هي قوية على الرجل، عندكم برلمان فيه 20% من النساء يعني ما يقرب من 50 عضوة في البرلمان من النساء مش موجود في الكونغرس الأميركي وربما برلمانات أوروبا مش موجود هذا العدد من النساء داخل البرلمان، ومع ذلك من المفترض أن الرجال عندكم يقولوا حقوق الرجل المرأة هنا تلح وتطالب بمزيد من الحقوق والتسلط على الرجل التونسي المسكين؟
مصطفى بن جعفر: لا نقلب الأمور يعني الملاحظ أن أغلبهن إسلاميات يعني هن تابعين ومنضويات.
أحمد منصور: في النهاية نساء، لو تقدمت نساء حتى حركة النهضة وضعت سيدة غير محجبة على قوائمها ونجحت لو تقدمت نساء ووثق بهن الشعب واختارهم.
مصطفى بن جعفر: على كل حال إذا كان في تسلط من النساء فمرحبا لا نخشى ذلك.
أحمد منصور: يعني قضية المبالغة في حقوق المرأة هنا أما تجد أنها مبالغة في المطالب في ظل المرأة التونسية وخده حقوقها ثالث ومثلث زي ما بقولوا في مصر؟
مصطفى بن جعفر: هذه سنة الكون يعني عندما نحقق مكاسب نحاول، لا أن نحافظ عليها فحسب وهذا أمر مطلوب ولكن نحاول نطورها أن نحسنها أن نقترب أكثر فأكثر من الأمم المتقدمة حتى يكون المجتمع واقف على قدميه لا على قدم واحدة.
أحمد منصور: اليوم كلف حمادي الجبالي بتشكيل الحكومة متى تتوقع أن يتم إعلان الحكومة أو تقديمها للبرلمان حتى تأخذ الاعتماد؟
مصطفى بن جعفر: أظن أن يوم الاثنين القادم سيكون موعد اجتماع للمجلس الوطني التأسيسي للاستماع إلى السيد حمادي الجبالي الذي سيقدم تشكيلة حكومته والخطوط الكبرى لبرنامجه الحكومي ستقع المصادقة عليه ثم سينطلق في العمل في الشغل.
أحمد منصور: ما حقيقة وجود خلافات بين الأحزاب الثلاث حتى الآن حول الوزارات السيادية في ظل ما أعلن أن حركة النهضة حصلت على وزارة الخارجية ووزارة الداخلية ووزارة العدل علاوة على وزارات أخرى؟
مصطفى بن جعفر: هذه كلها تسربات وهي تسربات عشناها منذ أسابيع حتى قبل انعقاد المجلس الوطني التأسيسي يعني هناك استباق للأحداث، المشاورات ما زالت متواصلة، في أغلبها الحكومة هي متشكلة ولكن ما زال هناك بعض التدقيقات وليست هناك خلافات هي تفاوضات حتى نجد أفضل السبل لتحقيق أولاً هذا الائتلاف وإعطاء صورة الشراكة أنا أأكد على هذه الصورة الفكرة السائدة والتي يتخوف منها البعض وربما ينتقدنا نحن كشركاء في هذا الوضع هو أن تكون حكومة نهضة فيها نوع من التزيين والتنميق من طرف الشركاء.
أحمد منصور: هذا الاتهام لكم أنكم تزينون الحكومة في الوقت الذي تسيطر فيه النهضة حتى أنكم أنتم كرؤساء أنت كرئيس للبرلمان والدكتور مرزوق رئيس للدولة تنازلتم عن صلاحيات كثيرة لصالح رئيس الحكومة؟
مصطفى بن جعفر: أبداً سنبين ذلك ولكن الآن نحكي على الحكومة، الحكومة ستكون وهذا ما نتمناه وحركة النهضة لها دور أساسي في ذلك لأنها تشكل الأغلبية حتى في إطار هذا الائتلاف هي مطالبة بإعطاء رسالة واضحة للرأي العام وأن هذه الحكومة هي حكومة شراكة بين 3 أطراف، بالطبع حجم النهضة أو حجم التكتل أو حجم المؤتمر أحجام مختلفة هذا شيء طبيعي.
أحمد منصور: كم وزارة ستأخذونها حزبكم؟
مصطفى بن جعفر: والله قرابة 4 أو 5 وزارات وبعض كتابات الدولة.
أحمد منصور: 4 أو 5 معنى ذلك أنه لم يتم حسم عدد الوزارات إلى الآن؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع لم يتم هذا ما أقوله اليوم وأؤكده اليوم لم يتم تشكيل الحكومة في كل ملامحها.
أحمد منصور: يعني أنت تؤكد الآن أن كل التسريبات التي خرجت ليست نهائية ويمكن أن تحدث مفاجآت في التشكيل؟
مصطفى بن جعفر: ليست نهائية لا أظنها ستكون مفاجآت لا ولكنها ستكون نوع من التغيرات في اللحظة الأخيرة.
أحمد منصور: ما أهم الوزارات التي أخذتموها أنتم؟
مصطفى بن جعفر: اسمح لي لا أنزلق في التسريبات.
أحمد منصور: بالنسبة لمصير الموظفين الكبار من عهد بن علي داخل الوزارات، مصير هؤلاء الموظفين داخل المجلس التأسيسي كموظفين موجودين كلهم كانوا يتبعون النظام السابق يعملون لمصلحة النظام السابق كيف ستتعاملون مع كبار موظفي نظام بن علي داخل مؤسسات الدولة، وهناك كعدد موظفين عام في تونس حوالي 450 ألف موظف تقريباً أسمع منك الإجابة بعد فاصلٍ قصير نعود إليكم بعد فاصلٍ قصير لمتابعة هذا البرلمان مع الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلاً بكم من جديد بلا حدود من العاصمة تونس ضيفنا هو الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي في العاصمة تونس في الذكرى الأولى لاحتفالات التوانسة باندلاع ثورتهم في 17/ديسمبر وكذلك تشكيل المجلس التأسيسي وانتخاب رئيس جديدٍ وتشكيل حكومةٍ جديدة منتخبة من الشعب للمرة الأولى منذ الاستقلال، دكتور هناك عشرات من كبار الموظفين التابعين لنظام بن علي أو مئات أو آلاف ينتشرون في الوزارات المختلفة هناك ثورة الآن، هناك نظام جديد ماذا ستفعلون بشأن هؤلاء الموظفين؟
مصطفى بن جعفر: مرة أخرى هذا ما يميز ربما هذه الثورة التي فاجأت وأبهرت العالم، نحن كنا في وقت بن علي كنا مقتنعين وأن الأغلبية الساحقة للموظفين الذين كانوا يعملون في الإدارة التونسية وفي أجهزة الدولة كانوا من الموظفين الذين يكدون ويجدون للصالح العام، لكن أغلبيتهم كانوا مغلوبين على أمرهم ولا أدل على ذلك أن بعضهم بعد هروب الطاغية كان لهم دور أساسي في المحافظة على السلم الاجتماعي على تواصل الإدارة على التواصل تأدية المرافق بالنسبة للمواطنين لم يتغير شيئا في الحقيقة.
أحمد منصور: لكن هناك وزارات آذت الناس زي وزارة الداخلية مثلاً والأجهزة الأمنية؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع هنالك شخصيات لابد من إصلاح في بعض الأجهزة، بعض الأجهزة تحتاج إلى إصلاح لكن الشخصيات، هنالك شخصيات مرموقة وموظفون في مستويات عالية هم قادرون..
أحمد منصور: أنت تؤكد أن هؤلاء لن يمسوا في وظائفهم وسيبقون في وظائفهم؟
مصطفى بن جعفر: طالما لم يشاركوا في عملية قمع واضحة طالما لم يشاركوا في عملية فساد واضحة وسيقع عند ذلك متابعتهم قانونياً، لكن الأغلبية الساحقة كانوا موظفون يأتمرون لتعليمات وكفى، الدليل على ذلك أنا في المؤسسة التي أترأسها اليوم اخترت مديراً للديوان الرئاسي أحد الموظفين السامين من نفس المؤسسة..
أحمد منصور: لم تأت بأحد من حزبك لتضعه معك رئيس للديوان؟
مصطفى بن جعفر: أبداً لأني خيرت أن تسيير الأمور من طرف الكفاءات ولم أختر التحزب.
أحمد منصور: ألم تملئون الحكومات أو الوزارات بمنتسبي أحزابكم في الفترة القادمة وتهمشون الموظفين الإداريين..
مصطفى بن جعفر: لا تهميش للموظفين لكن لابد بالنسبة للمسؤوليات ذات الطابع السياسي أن يكون فيها سياسيون هذا تغيير لابد منه ولا محيد عنه.
أحمد منصور: لكن الوظائف الإدارية والفنية والاحترافية ستبقى لموظفيها كما هي؟
مصطفى بن جعفر: أنا متأكد هذه نظرة أتقاسمها مع شركائي سواء كان في حركة النهضة أو في حزب المؤتمر أن هذه النظرة هي النظرة السائدة، المحافظة على الكفاءات لكن في إطار سياسة منهجيتها وأهدافها هي التغيير والإصلاح.
أحمد منصور: أنا تابعت مع معظم التوانسة، جلسات المجلس التأسيسي في الفترة الماضية، يعني ذهلت لشيء كل الأعضاء جدد كلهم أول مرة يدخلوا برلمان كأعضاء أنت أول مرة تدخل وتصبح رئيس لبرلمان وتمارس، ومع ذلك كانت المناقشات احترافية مع بعض الملاحظات لكن كانت احترافية إلى حد كبير، هذا النموذج أيضاً في برلمان لناس أول مرة كلهم يدخلون برلمان يبقون أعضاء برلمان هذه الممارسة أنا ما بمدحش حاجة لكن الحقيقة كانت مذهلة إلى حد بعيد، هل هذا النموذج سيبقى هو السائد في الفترة القادمة؟
مصطفى بن جعفر: هذا يعكس الثورة، أنا حقيقة أشكرك على هذا التعاطف ونحن نعلم..
أحمد منصور: يعني أنا الحقيقة لا أمتدح ولا أنتقد ولكن فعلاً حضوري الجلسات ومتابعتي لها فعلاً شيء راقي إلى حد بعيد.
مصطفى بن جعفر: أنا أقول بدون تواضع مبالغ فيه، أقول أننا ما زلنا نتدرب على الديمقراطية وما لاحظتموه هو في الحقيقة يعكس تقريباً الانتباه العام لدى المواطنين ولو أن العديد من المواطنين كانوا يتذمرون من بعض التجاوزات في الخطاب ولكن كل هذا عادي وطبيعي، وهذا يدل على أن إلى جانب ربما الانفعالات الطبيعية والتصرفات هنالك وعي بأهمية الزمن وأهمية المهمة التي كلفنا بها الشعب التونسي في هذه الحقبة التاريخية.
أحمد منصور: هل ستبقى صبوراً طويل البال أم ستستخدم اليد الحديدية للنواب وتلوح لهم بالعصا يعني؟
مصطفى بن جعفر: لا لن أشعر يوماً وأن في يدي حديدية، أنا ملتزم صارم في مبادئي لكن صبور ولو لم أكن كذلك لما صبرت 40 سنة مع بورقيبة ومع بن علي.
أحمد منصور: اسمح لي أقول لك أنا كنت مغتاظ من صبرك على النواب وكنت أقول متى ستلوح لبعض النواب بالعصا.
مصطفى بن جعفر: أبداً.
أحمد منصور: ستبقى بهذه الطريقة تدير البرلمان؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع لأني نائب لي نفس المسؤولية وأشعر أن لهم نفس المسؤولية وكل منطلق يعني لتدخلاتهم وحماسهم.
أحمد منصور: حتى مع التمادي الذي كان يحدث من بعض الأعضاء والممارسات التي كانت تتجاوز أحياناً؟
مصطفى بن جعفر: أنا متأكد أن كل ذلك سيدخل في إطار طبيعي بعد زمن، هذه مسألة تجربة والتجربة تكتسب بالزمن وبالوقت.
أحمد منصور: كثيرون يقولون أن تغطية الجلسات على التلفزيون طوال الوقت جعلت بعض أو كثير من الأعضاء يسعون لعملية الاستعراض وجذب أنظار الناس والتمادي في هذا الأمر؟
مصطفى بن جعفر: وهذا طبيعي كنت متخوفاً منه إلى حد ما عندما أقرينا بالبث المباشر، لكن هذا من المجازفات الضرورية لأننا في مرحلة تأسيس..
أحمد منصور: هل ستنقل بث المباشر في الجلسات القادمة؟
مصطفى بن جعفر: طالما كان ذلك ممكنا لم لا، لأن انطلاقا من مصادقتنا على النظام الداخلي سنبدأ في مناقشة الدستور، والدستور دائماً يمر كل النصوص تمر بمرحلتين، المرحلة الأولى هي عمل دءوب على مستوى اللجان، وعندما يكون عمل اللجان طيب وسليم أي بمشاركة أغلب ما يمكن من النواب يعني بالاهتمام بتاعهم عندما نذهب إلى الجلسة العامة يكون النقاش أولاً غير حاد يكون توافقيا ويمكن أن نربح وأن نوجز في زمن المناقشة.
أحمد منصور: متى تبدءون بالمهمة الأساسية للمجلس الوطني بمناقشة وإعداد الدستور؟
مصطفى بن جعفر: في أقرب وقتٍ ممكن يعني ربما انطلاقا من شهر يناير لأن هنالك المصادقة على قانون المالية التي لابد أن ننجزه قبل أن نوفى السنة.
المهام الأساسية للمجلس التأسيسي وصياغة الدستور
أحمد منصور: ما الذي سيقوم به المجلس من الآن وحتى نهاية العام، المهمة الأساسية مناقشة قانون ؟
مصطفى بن جعفر: المهمة الأساسية المصادقة على تشكيلة الحكومة وعلى برنامجها ثم قانون الماليات لو انتهينا بذلك قبل نهاية سنة نكون حققنا المعجزة الثالثة التي تتحدثون عنها.
أحمد منصور: هل ستقومون بصياغة دستور كامل ومناقشته أم كلما ناقشتهم أو انتهيتم من صياغة بند معين تعرضونه للنقاش؟
مصطفى بن جعفر: طبعاً نحن نناقش بندا بندا ثم في نهاية النقاش نصادق على الدستور بأكمله في نقاش نهائي ومصادقة نهائية.
أحمد منصور: لا توجد صياغة مبدئية الآن لديكم لأي دستور؟
مصطفى بن جعفر: في مشاريع حتى بين أيدينا مشروع أعدته لجنة الخبراء التي عملت في إطار الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي وهذا المشروع مشروع طيب وسليم.
أحمد منصور: قيل أنها لم تكن منتخبة ولم تكن تعبر عن الشعب؟
مصطفى بن جعفر: لكن هي لجنة خبراء والمجلس الوطني التأسيسي إلى جانب نوابه المحترمين المنتخبين هناك لابد من اللجوء إلى بعض اللجان الخبراء ولنا في المجلس لجان خبراء من بين الأخصائيين.
أحمد منصور: لم يكن عندكم لا محكمة دستورية ولا كان عندكم دستور محترم ولا أي شيء وتخوضون ربما للمرة الأولى تأسيس دستور حقيقي في البلاد ووضع أسس لدستور حقيقي في البلاد، من خلال النقاشات التي وقعت في البرلمان في الأسبوع الماضي اتضح أن هناك خبرات تونسية حتى من الشباب كانت ضربت نماذج مميزة؟
مصطفى بن جعفر: هذا ما كنا مقتنعين به قبل الثورة وأن تونس لها من المؤهلات ما يكفي لتحقيق الانتقال الديمقراطي في أفضل الظروف وبأقل التكاليف، وأثبتت هذه الثورة العظيمة هذا، وهذا يرجع إلى أن منذ الاستقلال لم نكتف أيدينا، لم ننتظر بحيث كان هناك تعميم تعليم، تعليم البنت هذه مجلة الأحوال الشخصية التي وضعت المرأة في منزلة هامة كل ذلك من المكاسب.
أحمد منصور: النساء عندكم مش مقتنعين بكل المكاسب دي يريدون المزيد؟
مصطفى بن جعفر: طيب بالطبع نحن..
أحمد منصور: في النهاية يريدون الرجال أن يجلسوا في البيت ويطبخوا..
مصطفى بن جعفر: لا أظن يردن تقاسم المسؤوليات وتقاسم الواجبات.
أحمد منصور: هل هناك دساتير لدول معينة تعتبروها مرجع بالنسبة لكم أم أنكم ستصيغون دستور خاص بتونس وبالتوانسة؟
مصطفى بن جعفر: سيكون دستورا خاصا بتونس ولكن بالطبع عندما يتعلق الأمر ببعض المبادئ والقيم الكونية مثل حقوق الإنسان مثل الحريات مثل قضية المساواة ستكون قيم كونية.
أحمد منصور: أي الدساتير الفرنسية الأميركية في دول معينة ستكون مرجعية بالنسبة لكم اعتمدتموها مثلاً كدساتير؟
مصطفى بن جعفر: هو في الحقيقة حتى الدستور القديم لو لم يقع تجاوزه ربما التشويش عليه بالعديد من النصوص على القياس لم يكن دستوراً سلبياً سنة 1959 كان من الدساتير المتميزة، واليوم نعمل على أن يكون دستورنا دستوراً متميزاً بالنسبة للمرحلة التي نمر بها، كما قلت هو على مستوى القيم سيكون مرجعيته الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على مستوى النظام السياسي على الأقل بالنسبة للتكتل هنالك يعني أفكار متنوعة سنكون نحن في صف الدفاع عن نظام رئاسي معدل شبيه بالنظام البرتغالي وهو نظام جديد ودستور جديد.
أحمد منصور: معنى ذلك أنكم هذا النظام البرلماني الذي أعتمد في المرحلة الانتقالية لن يكون هو السائد بالنسبة لتونس؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع هذا قانون ينظم توزيع المسؤوليات والمهام العمومية والسلط العمومية لهذه الفترة فقط.
أحمد منصور: لكن الدستور الدائم سيكون دستورا رئاسيا أم برلمانيا؟
مصطفى بن جعفر: هذا حسب ما سيصادق عليه النواب سنناقشه على نارٍ هادئة.
أحمد منصور: ما المطروح رئاسي أم برلماني ما هو المطروح في الدستور؟
مصطفى بن جعفر: المطروح بالنسبة لنا هو ما نطلبه نحن هو نظام رئاسي معدل.
أحمد منصور: رئاسي معدل يعني يعطي صلاحيات لرئيس الحكومة؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع لكن لا يترك رئيس دولة فقط للأعياد والاحتفالات الرسمية.
أحمد منصور: هل ستعقد الجلسات كما كنت تعقدها بالليل والنهار؟
مصطفى بن جعفر: عندما تضطرنا الحاجة إلى ذلك نحن كنا..
أحمد منصور: البرلمان يبقى للواحدة ليلاً ثم يعقد في التاسعة صباحاً؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع لأننا كنا نخشى أن ينتشر الشعور بفراغ سياسي نتيجة أن الحكومة قدمت استقالتها يعني كنا نعمل على نسق سريع، لأن هدفنا الأساسي هو وضع المؤسسات وخاصة وضع سلطة تنفيذية قادرة على مواجهة التحديات وهي تحديات كبيرة وخاصة هناك حاجات متأكدة فيما يخص التشغيل فيما يخص التفاوت بين الجهات، الاستقرار الأمني ونحن نعلم عندما يغيب الشعور بأن هنالك حكومة مسؤولة على تسيير شؤون البلد يكثر الارتباك ويكون الفضاء مفتوحاً للتفلت الأمني.
أحمد منصور: كيف يمكن لكم أن تنشغلوا في المهمة الأساسية وهي وضع دستور جديد لتونس، وفي نفس الوقت محاسبة الحكومة ومتابعة أعمالها وما يجد من تشريعات تقتضيها المصلحة والضرورة؟
مصطفى بن جعفر: هذه هي المعادلة الصعبة التي توفقنا إن شاء الله إلى تحقيقها أولا عندما ناقشنا مهام المجلس الوطني التأسيسي وفرقنا بين القوانين الأساسية والقوانين العادية، وقلنا أن في بعض المجالات قد نترك للحكومة بعض المهام حتى نتفرغ للدستور لأننا نريد أن ننضبط إلى قاعدة أقريناها قبل الانتخابات وهي احترام المدة الزمنية لسنة.
أحمد منصور: بس لم تعلنوا، لم تلتزموا بها؟
مصطفى بن جعفر: لكن هو التزام سياسي وأخلاقي أمضينا عليه ونحن ملتزمون أمام الشعب وعندما طرح الأمر كنت من النواب ولو كنت في موقف حيادي كنت ممن طالبوا بتحديد الزمن.
أحمد منصور: لكن رفض التصويت بتحديد الزمن؟
مصطفى بن جعفر: رفض التصويت، قد نرجع إلى هذه المسألة لأني أرى أن التوافق ممكن حول هذه المسالة عندما سنناقش النظام الداخلي، على كل هذه المسألة نحن ملتزمون بها سياسياً وأخلاقياً ولهذا لابد من توزيع متوازن بين اهتمامنا بالدستور وهذه مهمتنا الأساسية ومراقبة الحكومة حتى لا تفعل ما تريد.
أحمد منصور: الآن الحكومة المنصرفة زادت الرواتب ورقت الموظفين ووضعتكم في مأزق لا تحسدون عليه بالنسبة للفترة القادمة؟
مصطفى بن جعفر: هذا مؤسف، كل القرارات التي اتخذت على عجل سنحاول..
أحمد منصور: لازم يورطوكم.
مصطفى بن جعفر: لا ما كان، لازم لا أظن أن هناك سوء نية من طرف الحكومة المتخلية والمستقيلة، أنا أظن أن هنالك تسرعا وربما إرادة أن تترك أفضل صورة لها لأنها قررت بعض الزيادات في الأجور ورفعت إلى عدد من المسؤولين ومن الموظفين هذا كله سيقع مراجعته على نار هادئة لأنه لا يمكن أن نراجع كل شيء هناك بعض القرارات الإيجابية، أما القرارات التي من شأنها أن تكون شكل من أشكال التوريط فهذا بالطبع سنراجعه وسنضع له حداً عند اللزوم.
تحديات المرحلة الانتقالية وملف الفساد
أحمد منصور: الآن هناك احتجاجات أمام البرلمان، هناك معتصمون أمام المجلس التأسيسي هناك معارضة تعرقل لكم الخطوات التي يمكن أن تقوموا بها ولها منهجيتها في المعارضة، هناك وسائل إعلام تونسية توصف بأنها وسائل إعلام النظام البائد كلها غير متعاطفة معكم وبما تقومون به أمامكم تحديات كبيرة جداً كيف ستتعاملون معها؟
مصطفى بن جعفر:لابد من التعامل معها بكل رصانة، أولاً هنالك أشياء طبيعية نحن عانينا من كبح الحريات وقمعها سنوات طويلة بحيث نفهم ونتفهم وأن هنالك شيئا من الانفلات أو من الرغبة الجامحة لتحقيق كل شيء في وقت وجيز هذا شيء طبيعي، ما هو غير طبيعي هو محاولة العرقلة، وأظن أن هذه هي قضية أقلية الأقليات لا أظن أن هذا شيئا سائدا وستدخل الأمور في إطارها بشكل طبيعي المهم أن نكون متشبثين بالحريات كمكسب لا تراجع عنه وأن كل هذه التجاوزات يجب أن نتفاعل معها باحترام القانون باحترام الحريات وباحترام هذه المكاسب التي حققتها الثورة.
أحمد منصور: كان هناك تراخي من الحكومة المنصرفة كما اتهمت في محاسبة المتهمين بالفساد وفي فتح ملفات الفساد، ملفات الفساد كلها المحولة للقضاء فتحها محامون مستقلون وحولت ولم يكن هناك أي جهد من الحكومة المنصرفة في فتح هذه الملفات، ما دور المجلس التأسيسي في فتح ملفات الفساد الموجودة بالمليارات في الدولة؟
مصطفى بن جعفر: بالطبع المجلس التأسيسي مطالب بمتابعة هذه القضية وبدفع الحكومة إلى الإنجاز، لكن الحكومة اليوم ستكون حكومة شرعية وستستجيب إلى متطلبات الثورة ولأهداف الثورة وفي مقدمتها لابد من طي صفحة الماضي وطي صفحة الفساد أمامنا إجراءات البعض منها عاجل والبعض منها يتطلب شيء من الوقت لكن لابد أن نعالج هذه الملفات بحزم، ولعل الحكومة السابقة كانت تتعلل بأن لم تكن لها الشرعية اللازمة التي تسمح لها باتخاذ إجراءات صارمة، نحن ستكون لنا الشرعية اللازمة لاتخاذ القرارات والإجراءات الصارمة في إطار دولة القانون في إطار الإنصاف في إطار احترام استقلال القضاء هذا واضح لكن مع الحزم والحسم والسرعة بدون تسرع.
أحمد منصور: حينما اندلعت الثورة في 17/ديسمبر الماضي وهرب زين العابدين بن علي في 14 / يناير الماضي لم يحتفل التونسيين بهروبه وبسقوط النظام بقوا خائفين في بيوتهم غير مصدقين أن هذا الديكتاتور قد هرب وتركهم كيف ستحتفلون بذكرى اندلاع الثورة التي ستحل يوم السبت القادم؟
مصطفى بن جعفر: نحن في الحقيقة سنحتفل بها بكل الأشكال ربما نحتفل باندلاع هذه الثورة يوم 17/ ديسمبر حيث اندلعت..
أحمد منصور: في سيدي بوزيد.
مصطفى بن جعفر: في سيدي بوزيد.
أحمد منصور: سيذهب الرئيس إلى سيدي بوزيد ويذهب ممثلون.
مصطفى بن جعفر: إن شاء الله، لكن المهم هو أن لابد من أخذ قرار حتى يصبح هذا اليوم يوم عيد اندلاع الثورة ولكن هذا القرار.
أحمد منصور: هذا دور المجلس التأسيسي.
مصطفى بن جعفر: هذا دور المجلس التأسيسي وسنأخذه كذلك بكل رصانة وبكل هدوء لأن سيدي بوزيد ليست المنطقة الوحيدة والجهة الوحيدة التي قدمت ضحايا هناك جهات معتبرة مجاورة مثل القصرين هنالك..
أحمد منصور: القصرين ضمت عددا من الشهداء، وتالا والرقاب وغيرها.
مصطفى بن جعفر: منطقة سيدي بوزيد وغيرها من كل مناطق البلاد..
أحمد منصور: حتى تونس العاصمة قدمت كثيراً من الشهداء أيضاً.
مصطفى بن جعفر: طبعاً العديد من الشهداء يعني كل شبر من التراب التونسي العزيز ساهم في هذه الثورة لكن التأريخ لكل هذه الثورة سنعتمد كل المؤشرات والمعايير التقليدية المعروفة ولا شك أن يوم 17/ديسمبر هو يوم اندلاع هذه الثورة المجيدة ثورة الكرامة.
أحمد منصور: كيف تنظر لمستقبل تونس وكيف تنظر لهذا العام الذي أوكل إليكم لكي تضعوا الدستور ولكي تنقلوا الشعب التونسي إلى مرحلة جديدة؟
مصطفى بن جعفر: بكل تفاؤل ولكن بشعور ثقل المسؤولية، لأنه سيكون عاما صعبا على كل الواجهات وخاصة منها الواجهة الاجتماعية والاقتصادية نحن ننطلق من تقريبا نسبة صفر في نسبة النمو ولدينا عدد مهول من البطالين، وهذا هو مش كل المشاكل لابد من إعطاء رسالة أمل لشباب تونس، علماً وأن هذا الشباب هو الذي أطلق هذه الثورة وكان الوقود الأساسي لها لابد من إشارة واضحة من هذا الاتجاه ثم لابد أن ننكب على بعض القضايا الهيكلية، التفكير من الآن في هذا النموذج التنموي الذي كان فاشلاً في عهد بن علي وهو يحتاج اليوم إلى مراجعة جدية لكن نعلم هذه السنة هي مشغولة لبعض الإجراءات العاجلة لكن المهم..
أحمد منصور: سنة كبيسة يعني.
مصطفى بن جعفر: المهم هو الاهتمام بالدستور لأن الدستور ستكون له انعكاسات على الأجيال القادمة وعلى تونس الجديدة التي نراها مشرقة ونراها حرة، نراها متشبثة بالقيم الكونية التي انتظرنا سنوات وسنوات من أجل تحقيقها.
أحمد منصور: دكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، شكراً جزيلاً لك كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من تونس العاصمة والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من تونس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.