
طبيعة الأسلحة الإسرائيلية في الحرب على غزة
– أنواع الأسلحة الجديدة وآثارها على الناس والبيئة
– مخاطر اليورانيوم والفوسفور الآنية والمستقبلية
– نوعيات الطائرات والقنابل ودلالات الدخان الكثيف
– التحديات التي تواجه الأطباء وأهمية توثيق الحالات
![]() |
![]() |
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود. مليون كيلوغرام من القنابل والصواريخ والمتفجرات ألقتها الطائرات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 2500 غارة جوية شنتها في حربها على القطاع، شارك فيها نصف سلاح الجو الإسرائيلي وذلك وفقا لمصادر من القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي وأشارت هذه المصادر إلى أن هذه الكميات الهائلة من المتفجرات لا تشمل ما أطلقته المدفعية والدبابات وألوية المشاة البرية والمدمرات وسفن الصواريخ في سلاح البحرية الإسرائيلي مما يعني أن حجم ما ألقي من متفجرات على غزة ربما يفوق عدة ملايين من الكيلوغرامات، كثير منها كما تشير التقارير أسلحة غير تقليدية مثل القنابل الفوسفورية والدايم وربما بعض القنابل ذات الرؤوس النووية التكتيكية الصغيرة المشبعة باليورانيوم. وقد نتج عن هذا خسائر هائلة في صفوف الفلسطينيين الذين بلغ عدد شهدائهم أكثر من 1300 شهيد و 5500 جريح، أما الخسائر المادية فقد تجاوزت وفق التقديرات المبدئية ثلاثة مليارات من الدولارات حيث دمر أكثر من عشرين ألف منزل وستين مدرسة وثلاثين مركزا للشرطة و15 مقرا وزاريا علاوة على معظم شبكات المياه والكهرباء والاتصالات وأكثر من 1500 محل تجاري علاوة على الجسرين الرئيسيين في غزة. وفي حلقة اليوم نحاول التعرف على تلك الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل وحققت من خلالها هذا الدمار الهائل في كافة مناحي الحياة في غزة وذلك مع خبير الأسلحة البريطاني المعروف داي وليامز. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على أرقام هواتف البرنامج التي ستظهر تباعا على الشاشة. 4888873 (974 +). داي مرحبا بك.
أنواع الأسلحة الجديدة وآثارها على الناس والبيئة
أحمد منصور: كثر الحديث، داي، عن المعدن الكثيف الخامل المعروف اختصارا باسم الدايم واستخدامه في الحرب الإسرائيلية التي قامت بها في غزة وأثره في تشويه الجثث وحتى الأحياء من الناس، باختصار ما هو سلاح الدايم؟
داي وليامز: هذه هي واحدة من الأجيال الجديدة الأسلحة ذات التقنية العالية المصممة ليكون لها تأثير كبير على الأشخاص داخل منطقة صغيرة فبدلا من أن تكون القنبلة داخل غطاء من الفولاذ تكون من ألياف الكربون تشبه الغطاء البلاستيكي وفي داخلها جزيئات صغيرة من معدن ثقيل مثل التانغستون يكون مثل حبات الرمل داخل المتفجرة عند انفجارها تكون ذات تأثير قوي بمدى خمسة إلى عشرة أمتار ثم تسقط على الأرض لأنها عبارة عن أجزاء صغيرة وكل من يكون قريبا منها يتقطع إلى أشلاء والوضع الأسوأ هو لمن يكون ليس قريبا ليقتل بل لأن فيها شظايا صغيرة جدا للغاية وهذه مشكلة مع هذا النوع من الذخائر لأن قوانين الحرب لم تحدث لتتعامل مع هذه التكنولوجيا الحديثة.
أحمد منصور: ما هي الآثار المباشرة، الآن قلت كيف تفعل لكن ما هي الآثار التي تسببها الدايم بالنسبة للإنسان وبالنسبة للبيئة وبالنسبة للحياة بشكل عام؟
داي وليامز: بعد الهجوم والانفجار الأولي لا يوجد هناك آثار على البيئة واضحة التي نحن على اطلاع عليها لكن بالنسبة للضحايا ومن ينجون من الهجوم سيكون من الصعب للغاية على الأطباء أن يعالجوهم لأنه سيكون داخل أجسامهم مئات القطع من الشظايا تنبت داخل أجسادهم ومن المستحيل إجراء عملية لإستخراجها وهذا يجعل هذا السلاح سلاحا لا إنسانيا وفقا لاتفاقيات الحرب وضد الذخائر الإنسانية التي هي امتداد لاتفاقية جنيف للعام 1948.
أحمد منصور: أنت الآن تتحدث عن أجيال جديدة من القذائف أجيال جديدة من الأسلحة تستخدم ضد الناس، لا يوجد في القوانين، القوانين والبروتوكولات كلها التي تتحدث عن الأسلحة معظمها قديمة والآن هناك عملية تقدم هائل في تصنيع السلاح مقابل تلك القوانين البالية التي تستند أحيانا إلى قوانين صدرت في العام 1948.
هناك أنواع من الأسلحة مثل الدايم والأسلحة الحرارية وأسلحة اليورانيوم لم تدرج بعد في قائمة الأسلحة التي حظرتها القوانين والبروتوكولات الدولية |
داي وليامز: نعم إن اتفاقيات جنيف معظمها ظهرت إلى الوجود بعدما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية والفظائع التي ارتكبت فيهما وحتى قبل الحرب العالمية الأولى لذا حظرت وحرمت غازات الأعصاب وأسلحة الفوسفور التي كان مقصودا منها إحداث موت قاس ومريع عمدا ولكن تطوير هذه القوانين يستمر أو البروتوكولات لأنها تحدد وتدرج أنواعا مختلفة مثل القنابل العنقودية والألغام الأرضية، ليست كل البلدان دخلت في هذه الاتفاقيات وبالتأكيد هناك أنواع جديدة من الأسلحة مثل الدايم والأسلحة الحرارية وأسلحة اليورانيوم الجديدة التي ليست مطروحة حتى على النقاش من حيث السيطرة على الأسلحة ولا توجد بروتوكولات ضد الأسلحة المشعة أيضا.
أحمد منصور: داي، هناك بعض الأطباء تحدثوا عن استخدام قنابل تحتوي على غاز الأعصاب وربما غازات أخرى لم يفهموها لا سيما الأطباء الدنماريكيين أو الغربيين الذين ذهبوا إلى غزة، هل توصلت إلى معلومات عن نوعيات من بعض قنابل الغازات التي تملكها إسرائيل والتي ربما تكون استخدمتها ضد السكان في غزة؟
داي وليامز: لم أر تقاريرا حول هذا الشيء تحديدا ولم أجر أبحاثي عن غازات الأعصاب، ركزت في أبحاثي على الأسلحة الحارقة ولكن يقينا نحن نعلم أن قطاع صناعة السلاح يجري اختبارات وتجارب على الكثير من أسلحة تستخدم فيها الغازات وتخلق سحب دخان وتتسبب بآلام كثيرة وهي دون الأسلحة الفتاكة، إنها مقصود منها أن لا تقتل ولكن تتسبب بآلام مريعة وجروح فظيعة لكي يقضي العدو، بين مزدوجين، كل وقته وهو يقوم برعاية هذه الجراحات التي ليست قابلة للعلاج والمشافاة.
أحمد منصور: قبل ذلك كنا نتحدث عن اليورانيوم المنضب واستخدامه في الذخائر وفي الصواريخ وفي القنابل وتأثيره، استخدم في الحرب الأولى في عام 1991 بل حتى هناك تقارير تقول إنه استخدم في حرب العام 1973 بين مصر وإسرائيل وإن هناك مناطق كبيرة في غزة مشبعة باليورانيوم المنضب، الآن هناك حديث عن أن اليورانيوم يستخدم اليورانيوم الطبيعي الذي يستخدم في القنابل النووية دخل الآن في الصناعات العسكرية الإسرائيلية والأميركية وأصبح جزءا من هذه الأشياء، هناك حديث عن قنابل نووية تكتيكية صغيرة تلقى في بعض المناطق تسبب بعض الدمار الهائل، هناك حديث عن يورانيوم مشبع موجود في بعض الأسلحة التي استخدمت، ما هي معلوماتك عن بعض أنواع الأسلحة التي استخدمت والتي تحتوي على اليورانيوم الكامل المشع؟
داي وليامز: من المهم أن نميز بين ما هو تكهنات وما هو حقائق ومن المهم أن لا نخلق نوعا من المخاوف غير المبررة في غزة أو في مناطق في إسرائيل قريبة من قطاع غزة لأنه لو أن أسلحة اليورانيوم استخدمت في تلك المنطقة فإن آثارها ستشمل مناطق واسعة وقد تمضي إلى مئات الكيلومترات عشرات ومئات الكيلومترات، نحن لا نمتلك أية وسائل لنجري اختبارات حول استخدام اليورانيوم حتى الآن في غزة..
أحمد منصور (مقاطعا): هناك مساعي الآن، لم يستطع أحد أن يحصل على عينات إلى الآن وإن كان الحصول على عينات وعمل التحاليل هو شيء مهم لكشف نوعية كثير من الأسلحة التي استخدمت.
داي وليامز: من أبحاثي التي أجريتها وأنا أتابع ما شُك في أنه استخدام لليورانيوم في حرب البلقان في 1999 وأفغانستان وحرب الخليج في العراق 2003 وفي لبنان وأيضا الهجوم الذي وقع مؤخرا في سوريا أيضا، ما توضح أنه بعد كل من هذه العمليات بالقصف الشديد بالقنابل ظهرت تقارير بوجود غبار يورانيوم في مناطق قريبة حتى مناطق بعيدة في العالم لذا بدأنا نشك في أن هناك تلوثا باليورانيوم. في لبنان ذهبت إلى لبنان بعد خمسة أسابيع من حرب عام 2006 وزرت الحفر التي نجمت عن الأضرار والقصف وأنا والدكتور الكبيسي وزملاؤه لنر هل أن هذه الأدلة صحيحة والتقطت صورا للحفر التي كانت فيها درجة الإشعاع سبعمائة وأكثر أي عشرين مرة أكثر مما رأيته في بيروت نتيجة للقصف أيضا، الحفرة نفسها كان فيها إشعاع مؤقت والعينات التي أخذناها وأيضا من حفر قريبة منها عندما قمنا باختبارات في مختبارت مدينة هيل العسكرية البريطانية بعض العينات وجدنا أن فيها مستويات عالية مما يشبه اليورانيوم شبه الطبيعي أو غير المنضب، عينات أخرى كانت تدل على وجود يورانيوم مخصب لكن بدرجة منخفضة ولكي نوضح هذه القضية، هذه كميات صغيرة جدا لكنها تؤشر وتبين بما لا يدع مجالا للشك بأن الحفر التي نجمت عن هذا القصف أو الأسلحة التي تسببت بهذه الحفر كانت فيها يورانيوم إما في غلاف القنابل أو في داخل المتفجرات. الأمر الذي يثير الفضول حول آخر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي طلبت أميركا منها أن تفحص الموقع الذي قيل إنه موقع نووي في الكبر في سوريا عندما الوكالة الدولية للطاقة الذرية نشرت جزءا من نتائجها وليس كل النتائج في نوفمبر قالوا إن ما عثروا عليه لم يكن وقودا نوويا لمفاعل وكان لهم خبراء وهم يعرفون ذلك لو أن الوقود كان وقود مفاعل لعلموا ذلك لكن قالوا إنه يورانيوم يكاد يكون شبه طبيعي لكنه مصنوع من قبل الإنسان وقدروا أنه يمكن أن يميز ما بين اليورانيوم الطبيعي الموجود في التربة أو هو نتيجة للقصف أو الذخائر المستخدمة في القصف.
أحمد منصور: نعم، يعني الآن الأمم المتحدة حينما أعلنت عن وجود آثار لليورانيوم في الموقع الذي ضرب في سوريا كان هذا يعني أن القنابل التي استخدمتها إسرائيل في ضرب هذا الموقع كانت تحتوي على اليورانيوم؟
القنابل التي استخدمت في ضرب أفغانستان ولبنان وأماكن أخرى كانت تحتوي اليورانيوم غير المنضب |
داي وليامز: هناك احتمالان، أولا لم يكن يورانيوم طبيعي من الأرض موجود في التربة أصلا، ثانيا لم يكن يورانيوم آت من وقود للمفاعلات لكن حسب ما وجدنا في التقارير التي نشرت وجدنا أن اليورانيوم يشبه اليورانيوم الذي عثرنا عليه في عيناتنا في الخيام في لبنان وهو يورانيوم غير منضب ونسبة النظائر المشعة التي فيه تبين أنه ليس طبيعيا 100% لكن الاحتمال أن نميز بينه وبين الطبيعي قليل جدا. ما ينبغي أن نقوله حول اليورانيوم المنضب فهناك قرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة مرر في أكتوبر الماضي حول البحث عن أسلحة اليورانيوم المنضب وأيضا القرار كله تركز على هذا الجانب، الأدلة التي جمعتها أنا وزملائي من أفغانستان ومن لبنان ومن أماكن أخرى تدل أنهم لو أن هذه القنابل ربما تستخدم ليس اليورانيوم المنضب بل اليورانيوم غير المنضب للتمويه..
أحمد منصور (مقاطعا): معنى ذلك أنه أخطر من المنضب؟
داي وليامز: ليس.. هو أكثر خطرا من اليورانيوم المنضب، اليورانيوم المنضب..
أحمد منصور (مقاطعا): اليورانيوم المنضب هو -يعني أكثر من حلقة أجريناها- وهو من اليورانيوم المستخدم، لكن هذا يورانيوم طبيعي من الذي يستخدم في القنابل النووية.
داي وليامز: لا، اليورانيوم المنضب الذي يبقى من بقايا الوقود النووي وهذا استخدم في الثمانينيات والتسعينيات كقذائف مضادة للدبابات وفيه يورانيوم 235 والإشعاع فيه قليل لكن اليورانيوم الطبيعي لديه ضعف قوة اليورانيوم المنضب وهناك أنواع من اليورانيوم المخصب قليلا وإذا كان فيه 235 يكون أكثر خطرا من المنضب. إذاً من المهم لو أن الأمم المتحدة تجري اختبارات عن أسلحة جديدة أن تجري اختبارات على كل أنواع اليورانيوم، تنسى أمر اليورانيوم المنضب وما كان معروفا منه تاريخيا، أنا لا أعتقد أنها تستخدم منذ 2004 من جانب الأميركيين لكن ما يستخدم الآن وهذا التلوث باليورانيوم كلما يحدث قصف بعد ذلك نعثر على تلوث في التربة وفي الهواء وفي الماء وفي بول المصابين أيضا.
مخاطر اليورانيوم والفوسفور الآنية والمستقبلية
أحمد منصور: هناك بعض الصور سنعرضها على المشاهدين من خلال الحرب التي وقعت في غزة ومن خلال خبرتك تخبرنا ما نوعية السلاح ونوعية الأشياء بالتقريب من خلال الصور حتى يستطيع الناس أن يفهموا وأن يقربوا هذا الأمر. عندي بعض الصور الثابتة ربما هي أكثر ما تكون شبها ببعض الصور التي ظهرت في بغداد من قصف بغداد وفي بيروت أيضا من قصف بيروت. لدينا صورة، الآن هذه الصورة ما تعليقك عليها، هذه من غزة؟
داي وليامز: هذه الصورة تقلقني كثيرا لأن هذه تشبه إلى حد كبير القنابل التي استخدمت في بغداد وفي الخيام وأيضا في ضاحية بيروت الجنوبية لدينا صور فوتوغرافية..
أحمد منصور (مقاطعا): في أبحاثك رأيت كثيرا من هذه الأشياء، يعني لو..
داي وليامز: في أبحاثي في لبنان كان هناك تعاون كبير من وسائل الإعلام التي جمعت مئات الصور لانفجارات وجراح واستطعت أن أقارن بينها وبين صور مشابهة لها من بغداد..
أحمد منصور (مقاطعا): ما هي المخاوف التي لديك من محتويات القنبلة التي ضربت والتي ظهرت آثارها في هذه الصورة؟
داي وليامز: هذا ليس سلاحا تقليديا من مواد شديدة الانفجار لأن مثل هذه المواد سوف تنفجر بسرعة كبيرة لكنك ترى الانفجار شديدا وترى المواد ألسنة اللهب تنبعث في خطوط مستقيمة، ترى هنا ما يشبه كرة النار إذا ما رأيت اللهب في الليل سوف ترى وميضا كبيرا ثم كرة النار تخرج من الأرض مولدة دخانا كثيفا وبسبب حرارتها تشبه الفطر الذي يشبه انفجار السلاح النووي والمعلومات التي لدي هذه ليست أسلحة نووية لكننا نعتقد أنها تستخدم اليورانيوم بطرق أخرى كمواد متفجرة.
أحمد منصور: ما هي المخاطر التي تشكلها مثل هذه الأسلحة على الحياة وعلى الناس وعلى البيئة؟
داي وليامز: إن هذه الأسلحة من حيث الأساس اليورانيوم يحترق ليصبح ذرات غبار تشبه ذرات الفلفل المجفف ويرتفع في سحابة دخان ثم ينتشر إلى مدى مئات الآلاف من الكيلومترات ثم ينزل ويبقى في التربة وفي مصادر المياه.
أحمد منصور: نحن لدينا صور سنعرضها بعد قليل لسماء غزة وهي مغطاة بالدخان تقريبا جراء كثير من هذه القنابل. لكن هناك صورة أخرى عرضتها عليك وأنت قلت إن هذا الشخص ربما يكون مصابا بالدايم، لو نعرض الصورة صورة المصاب بالدايم. حتى نعرف كيف.. هذا الشخص نعم.
داي وليامز: هذا كان ضمن مجموعة..
أحمد منصور: مجموعة الشرطة الذين ضربوا، نعم.
داي وليامز: أنا لا أدري إن كان بقي على قيد الحياة أم توفي لكن المجموعة معظمها قتلوا وإذا ما نظرتم عن كثب ستجدون المئات من الثقوب الصغيرة وفي يده الجلد تطاير عن لحمه، هذه عبارة عن مئات الشظايا الصغيرة وليست قطعة شظية كبيرة ومن ثم هذا سلاح وحشي وقاس ومريع للغاية فأنا حتى بمجرد النظر أشعر بصدمة، اسألني السؤال مرة ثانية لو سمحت.
أحمد منصور: أرجو أن تغير الصورة، لدينا صورة أخرى أيضا، يعني أنا أريد أن أبدأ بالصور الفلمية، هناك نحن رصدنا تقريبا قمنا بتسجيل معظم أحداث القصف الذي وقع في غزة واخترنا أشياء قليلة لنعرضها على المشاهدين حتى يفهموا طبيعة الأشياء ويعرفوا كيف يتابعون وأن أيضا من خلال خبرتك تخبرنا عن النوعية التي يمكن أن تستخدم. القنابل الفوسفورية الكل يتحدث عن القنابل الفوسفورية ونحن لدينا الآن بعض الصور لما قيل إنه قنابل فوسفورية، نشاهدها؟ وائل نشاهدها.
داي وليامز: هذه قنبلة ضد الأشخاص… هذه قنبلة فوسفور حسب فهمي وهي قنبلة فوسفور ضد الأشخاص من قذيفة مدفعية وهي صورة ليلية الآن فيها حوالي 160 قطعة صغيرة من الفوسفور وإذا ما أطلقت قرب مستوى الأرض فهي ستتوزع في أرجاء المكان بعضه فوسفور بطيء وبعضه فوسفور سريع، الذي رأيتموه نوع مختلف قليلا، في النوع الأول لديك فرصة، النوع الثاني لا فرصة لديك وإطلاق مثل هذا السلاح على مناطق مدنية.. أنا سأشعر بأسف للجندي الذي أطلق هذه القذيفة لأنه لن يستطيع أن ينام في الليل، هناك فيلم سينمائي أنتج في العام الماضي "رقصة الفالس مع بشير" حول مجموعة من الجنود الإسرائيليين الذين كانوا ضالعين في مذابح صبرا وشاتيلا وكيف أنهم عانوا من فقدان الذاكرة على مدى عشرين عاما، وأنا أوصي أيا كان إسرائيليا أو عربيا أو غير ذلك أن يشاهدوا ذلك الفيلم لأنه فيلم ضد..
أحمد منصور (مقاطعا): ما اسمه الفيلم؟
داي وليامز: "رقصة الفالس مع بشير" حول هجوم عام 1982 على لبنان وأعتقد أن العلماء النفسيين أو المعالجين النفسيين يقولون إن لهذا آثارا طويلة المدى على الجنود كما على المدنيين والذين ربما عليهم بعض الناس عليهم أن يوقفوا مثل هذه الأسلحة المجنونة.
أحمد منصور: نشاهد الآن القصف الليلي وأخبرنا عن نوعية هذه القنابل وتأثيرها… نشاهد، هذا الوهج الشديد..
داي وليامز: هذا مثال نموذجي ترى النجوم البيضاء الصغيرة، هذا يعتقد أنه يورانيوم… أما هذا فيبدو أنه قذيفة فوسفور سقطت وانفجرت على الأرض بدلا من أن تنفجر في السماء. هذه تستخدم بطريقة تشبه استخدامها في الحرب العالمية الثانية لذلك صدرت قوانين حظرها دوليا لأن أي إنسان في تلك المنطقة سيعاني من حروق فظيعة.
أحمد منصور: هل هذه الأشياء تأثيرها وقتي في المكان والزمان أم أن هناك تأثيرا ممتدا على البيئة على الجو على التنفس على تلوث الجو ببقايا ومخلفات هذه الأشياء؟
داي وليامز: سيكون هناك أكثر من مائة نوع من الأسلحة التي ربما استخدمت في مثل هذا النزاع كما حدث في العراق وفي أفغانستان ولها آثار تلوث مختلفة، الفوسفور والتلوث بالفوسفور سيخلق حامضا ممكن أن تغسله مياه الأمطار إذا ما أمطرت السماء في غزة لكن لو أن قطعا من ذلك تبقى في الغرف أو الأماكن عندما تتعرض للهواء القطعة المتبقية تبدأ بالاشتعال والاحتراق هذا يشبه أنواعا من القنابل العنقودية، أنا لم أسمع عن استخدام قنابل عنقودية هذه المرة في غزة وإن شاء الله آمل أنها لم تستخدم، لكن بالتأكيد الفوسفور هو خطر على المدنيين كأفراد فإذاً هو مادة غير مسؤولة إذا ما استخدمت. أما المواد الأخرى فأكبر بواعث قلقي لو أن اليورانيوم وأسلحته قد استخدم وأكثر الاحتمالات سيكون ضد الأنفاق في رفح والهدف من ذلك هو تسميم الأرض لأنه كلما حاول شخص أن يفتح نفقا بعد ذلك سيستنشق غبار اليورانيوم وعند ذاك ربما سيموتون بسبب الفشل الكلوي في غضون أسابيع.
أحمد منصور: هذا أمر خطير للغاية أن يعني أشرت إليه أن قصف المنطقة الحدودية بين مصر وغزة عن طريق الأنفاق ليس الهدف منه هو تدمير الأنفاق الحالية فقط وإنما الحيلولة دون بناء أي أنفاق أخرى جديدة.
داي وليامز: نعم، نعم هذا هو ما هو متوقع. في لبنان الهجوم الإسرائيلي استخدم كميات كبيرة من القنابل العنقودية لغلق مناطق الحدود في نهاية الحرب في عام 2006 ولو كنت أنا مكان المخطط الإسرائيلي سأتساءل كيف يمكن أن نغلق الحدود بحيث لا يستطيع أحد حفر أنفاق من خلالها، وإذا ما أردت أن أكون في فريق الأمم المتحدة لحماية البيئة فسوف أول تجاربي ستكون بحثا عن التلوث باليورانيوم في تلك المناطق تحديدا مناطق الحدود.
أحمد منصور: معنى ذلك أن مصر أيضا تضررت ضررا كبيرا من وراء هذا لأن هذا على الحدود المصرية الفلسطينية.
داي وليامز: نعم، نعم، وهناك برنامج في الكمبيوتر يبين لك بأي اتجاه ستهب الرياح وإلى أي مدى ستنتشر إليه مساحة التلوث، هو البرنامج يعرف اختصارا بنوح وهو موجود على الإنترنت، وقد أجريت بعض الاختبارات باستخدام هذه البرمجيات ومعظم الرياح في خلال أسابيع القصف كانت تهب إما جنوبا أو شرقا فإما توجهت الرياح إلى داخل سيناء أو عبرت عبر جنوب إسرائيل وفي الأيام المبكرة حوالي 29 ديسمبر الرياح كانت تتجه صوب القدس، السؤال هو أي الأسلحة استخدمت؟ وهل أي من الأسلحة المستخدمة كان فيها مواد مشعة؟ إضافة..
أحمد منصور (مقاطعا): معنى ذلك أن المصريين أيضا يجب أن يفحصوا منطقة سيناء والحدود، ربما تلوثت هي الأخرى باليورانيوم؟
أطالب المجتمع الدولي بأن يضغط على الأمم المتحدة وفريقها المعني بحماية البيئة للبحث عن اليورانيوم في غزة وعلى الحدود مع مصر |
داي وليامز: أعتقد أن المصريين سيكون من مصلحتهم أن يطلبوا من الأمم المتحدة إجراء تجارب، نعم، في تلك المناطق. أنا لست متأكدا من أن إسرائيل ستسمح للأمم المتحدة أن تدخل إلى غزة ومعها أجهزة لإجراء مثل هذه الاختبارات أو أخذ عينات ولكنني أطلب من المجتمع الدولي أن يضغط بأقصى حدود الضغط على الأمم المتحدة وفريقها المعني بحماية البيئة الذي يسمى يونيب اختصارا أو برنامج حماية البيئة التابع للأمم المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتذهب إلى تلك المنطقة وتجري تجاربها. والتجارب التي أجريت في لبنان استخدمت فيها التجارب الخاطئة بحثا عن اليورانيوم المنضب ولم يبحثوا عن اليورانيوم غير المنضب لذا أعطوا معلومات لمجلس حقوق الإنسان قالوا لم توجد أدلة على استخدام أسلحة اليورانيوم وهذا لم يكن صحيحا، لأنني ذهبت معهم في المرة الثانية.
أحمد منصور: أكثر من باحث ومتخصص وبعض الأطباء الذين يعملون في الإشعاع حينما اتصلت عليهم قالوا إن هناك معلومات الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية والصليب الأحمر وغيرها عادة ما لا تكون دقيقة بشكل معين وهناك تشكيك في هذه الأشياء أنها تكون منحازة لإسرائيل، لكن الآن من المفترض أن يتم أخذ عينات من كل ما حدث في غزة وأن يتم تحليلها وأن يتم إثبات ما تعرض له الناس من أشياء. بعد الفاصل سنرى معك سماء غزة والدخان يغطيها بشكل تام، كما قلت أنت إن آلاف القنابل التي أطلقت، وهم قالوا فقط الطائرات وليس المدفعية أو الدبابات أو غيرها، أطلقت مليون كيلوغرام من المتفجرات من السماء على أهالي غزة. نعود إليكم بعد فاصل قصير لنتابع تلك الصور المرعبة عن هذه الأسلحة المدمرة وربما الممنوعة دوليا التي استخدمتها إسرائيل ضد المدنيين في غزة، فابقوا معنا.
نوعيات الطائرات والقنابل ودلالات الدخان الكثيف
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود في هذه الحلقة التي نحاور فيها خبير الأسلحة البريطاني داي ويليامز حول الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في غزة لا سيما الأسلحة الحديثة وبعضها المحرم دوليا وانعكاساتها على المنطقة ربما لسنوات طويلة قادمة وكذلك على دول الجوار. اسمح لي داي نشوف سماء غزة وقل لنا يعني هذه الكثافة من الدخان هي نتاج لماذا؟
داي وليامز: الدخان الأسود الذي نراه في هذه الصورة وربما من واحدة من الأسلحة التي.. ربما هي أسلحة حرب، الدخان الأبيض هو فوسفور أبيض وترون أن هذه قذائف مدفعية تأتي ثم تنفجر في الجو ثم مادتها الحارقة تنزل بزاوية سقوط تشبه نوعا من الأسماك الهلامية.
أحمد منصور: أيضا عندي قصف كان بالطائرات، نشوف الطائرات المروحية أيضا في قصفها، كان عندي قصف بالطائرات المروحية وطائرات F16 نريد أن نعرف نوعيات القنابل ونوعية القصف الذي تستخدمه هذه الطائرات الإسرائيلية، هذه طائرات بدون طيار، طائرات استطلاع، ما فائدة هذه الطائرات؟
داي وليامز: لا أعرف الكثير من التفاصيل حول قذائف المدفعية ومن الصعب أن نفرق بين الصواريخ والقنابل وقذائف المدفعية، هذا يتطلب خبيرا عسكريا، لكن بعض الطائرات غير المأهولة أو من دون طيار تطلق صواريخ من نوع (هيل فاير) وأيضا مروحيات أباتشي تستخدم هذه الصواريخ..
أحمد منصور (مقاطعا): هذه ليست مروحية، هذه طائرات الاستطلاع، هذه طائرات استطلاع. نريد أن نرى الطيارات المروحية لو سمحتم… اعطني الأباتشي..
داي وليامز: بعض طائرات الاستطلاع الآن مسلحة بصواريخ تطلق بالسيطرة عن بعد..
أحمد منصور (مقاطعا): طائرات الاستطلاع تكون مسلحة؟
داي وليامز: لا أدري إن كانت تستخدم أو استخدمت في غزة أو لا لكن بالتأكيد تم استخدامها في أماكن كثيرة.
أحمد منصور: طبعا الولايات المتحدة استخدمتها كثيرا. هذه الطائرات وما تلقيه من أسلحة، أعتقد أنها طائرات أباتشي… و الـ F16..
داي وليامز: هذا النوع ربما هو مواد مشعة ضد الصواريخ لتحمي الطائرات، هذا ليس سلاحا..
أحمد منصور: هذه F16..
داي وليامز: هذه ربما لإيقاف الصواريخ التي تنطلق وراء مصادر الحرارة من الطائرة، منبعثة من محرك الطائرة لكن الأفضل أن نسأل خبيرا عسكريا.
أحمد منصور: لنر بعض نوعيات القنابل.. نرى بعض نوعيات القنابل وهي بعض النوعيات التي بقيت حتى على الأرض. هل هذه الأباتشي أيضا.. هذه بالونات حرارية كما يقال مضادة للصواريخ أم هي قنابل للقصف؟
داي وليامز: الطريقة التي تطلق عشوائيا تجعلني أشك في أنها بالونات حرارية مضادة للصواريخ أكثر من كونها أسلحة.
أحمد منصور: نحن عندنا صور ثابتة لبعض القذائف التي ربما تستخدم في المدفعية والدبابات، أرجو أن تعرضها يا وائل حتى.. هذه الصورة، ما نوعية هذه القذائف وهل هي من القذائف التي يدخل فيها اليورانيوم سواء العادي أو اليورانيوم المنضب؟
داي وليامز: هذه الصورة التي ظهرت في إحدى الصحف البريطانية أعتقد أن المدهونة بلون أخضر فاتح هي قنابل فوسفور أبيض دخانية ولديها رقم يبدأ بـ 8651001 والتي تعرف بأنها قذيفة فوسفور، لكن السؤال هو لماذا تستخدم؟ إذا كانت تستخدم لوضع ستائر دخانية في داخل معركة ميدان صحراء ربما يمكن، هذا تصميم يعود إلى أكثر من ثلاثين عاما لحروب من طرز قديمة لا يدخل فيها مدنيون ومن حيث اتفاقيات جنيف أنا حقيقة أريد أن أسمع أي رجل قانون يبرر استخدام مثل هذه الأسلحة إذا ما انفجرت في السماء في مناطق مدنية..
أحمد منصور (مقاطعا): إسرائيل تقول إنها تستخدم أسلحة، لا سيما حينما تحدث الناس عن الفوسفور الأبيض، قالت إنها أسلحة يسمح القانون باستخدامها لحرق الناس وتدميرهم.
داي وليامز: أعتقد أن هذه الأسلحة كان مسموحا بها لنشر ساتر دخاني في معارك تتم في أراض صحراوية مفتوحة وليس في مناطق مدنية لأنهم إذا ما استخدموا على مستوى سطح الأرض سوف تعتبر أسلحة مضادة للأشخاص وليست أسلحة ساتر دخاني، والفوسفور الأبيض يجعلني أشك أنه نوع من التمويه والذي سيكون نوعا من أسلحة الرعب بديلة عن أسلحة عنقودية في المناطق المأهولة لكن بالنسبة لاستخدام الفوسفور الأبيض لأسباب عسكرية سوف يفسر الحروق السيئة لأن أي شخص أي طبيب يفحص جريحا ويرى في جسده آثار حروق سيربطها بالفوسفور الأبيض لأن الكل يعتقد أن كل الحروق تنجم عن الفوسفور الأبيض لكن أنا أبحاثي تدل أن الأمر ليس كذلك لأن الفوسفور الأبيض حروقه في درجات حرارة منخفضة، بعض الجروح تدل على درجات حرارة عالية جدا..
أحمد منصور: كم درجة الحرارة التي يسببها الفوسفور وكم درجة الحرارة التي تسببها بعض هذه القنابل التي شاهدناها وهي تنفجر وشاهدنا لهيبها وشاهدنا صورها، كم درجة الحرارة تقريبا؟
داي وليامز: من الأبحاث التي رأيتها الفوسفور يحترق بتسعمائة درجة مئوية، النابالم 1300..
أحمد منصور: تسعمائة؟!
داي وليامز: تسعمائة للفوسفور، النابالم 1300، اليورانيوم خمسة آلاف درجة مئوية.
أحمد منصور: خمسة آلاف درجة مئوية؟!
داي وليامز: نعم. هذه هي حرارة سطح كوكب الشمس، إذاً أي شخص يكون قريبا من مكان الانفجار عندما تكون لديهم حروق وميضية بدلا من النابالم الذي يحرق حرقا كاملا فالشخص القريب يحترق من حرارة الانفجار ورأيتم ذلك في العراق في العام 1991، تتذكرون صور بعض الناس الذين حرقتهم أسلحة يورانيوم في الدبابات تحولوا إلى فحم والأجزاء من أجسادهم التي تعرضت للنار، أيضا مطار بغداد في العام 2003 كانت هناك تقارير حظرت من النشر من قبل الرقابة، الضحايا كانت تجد جزءا منهم أسود متفحما تماما والجزء الثاني من الجسم سليم تماما هذا يعني أن هناك قنابلا حرارية شديدة الحرارة. من وجهة نظر غزة الأمر الجيد بالنسبة لهم هو أنني لم أر الكثير من هذه الحروق الشديدة في التقارير التي رأيتها حتى الآن لكن هذا يعني أن الأطباء في تلك المناطق عليهم أن يتعلموا عن الأسلحة الجديدة والذخائر الجديدة لأنهم سيرون حروقا جديدة ولا شك وهذا ربما سببه الفوسفور أو مواد متفجرة أو ربما يورانيوم أو مواد متفجرة أخرى حارقة.
التحديات التي تواجه الأطباء وأهمية توثيق الحالات
أحمد منصور: أنا حرصت أن يشاركنا حتى على الهاتف البروفسور كريس باسبي الأستاذ في جامعة أليستر وهو الأمين العلمي للجنة الأوروبية للإشعاع أيضا وهو عنده خبرة طويلة وشاركك في كثير من الأبحاث وأنت شاركت معه، لكن للأسف هناك مشكلة فنية حالت دون ذلك. لأنه يبدو أن الأطباء سيكون لديهم تحديات كبيرة في الفترة القادمة حول نوعيات هذه الأسلحة التي تستخدم والنتائج الهائلة التي تسببها للإنسان.
داي وليامز: بعض الآثار التي.. سيرون جملة من الآثار المختلفة ناجم عن أسلحة مختلفة، لو كان بالإمكان أن يستطيعوا توثيق الجروح التي رؤوها وإذا كان بالإمكان أن نرى سجلات توثق الحوادث التي استخدمت فيها هذه الأسلحة فإن مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة قد يجري تحقيقا حول ارتكاب جرائم حرب للربط بين هذه الجروح والأسلحة المستخدمة وهو ما أحاول أن أفعله أنا اعتمادا على تقارير مختلفة ونحن بحاجة..
أحمد منصور (مقاطعا): أنت لك تقارير الأمم المتحدة نشرتها في تقاريرها لك وللبروفسور باسبي وغيرها ومعك أحد هذه التقارير الذي صدر في شهر نوفمبر من العام 2008 ومنشور تحت علم الأمم المتحدة وتحت شعارها. يعني أنا أقدر هذا ولكن أيضا ما تقدمه الأمم المتحدة قليل جدا جدا لا سيما إذا كان المصاب في غزة أو في فلسطين أو في العراق أو في أفغانستان بينما تقوم الدنيا ولا تقعد إزاء صواريخ مصنوعة يدويا يضرب بها الإسرائيليون. الشاهد في الموضوع أنه الآن المطلوب من الأطباء في غزة إذا كانوا يسمعوننا أن يقوموا بتوثيق هذه الجروح بالصور سواء الصور المتحركة أو الصور الثابتة وأن يقوموا بتسجيل أوضاع هذه الحالات لأنها ستفيد جدا في أي عملية تحقيق أو أي عملية رصد أو أي عملية تحقق من الأسلحة التي استخدمت، هذا ما تقصده وتنصح به هؤلاء الناس الذين يقولون نحن أمامنا حالات عاجزون عن توصيفها أو تشخيصها أو معرفة ما بها.
داي وليامز: وكثير من الأطباء الآن بدؤوا بعمل ذلك فعلا، هناك طبيب نرويجي الذي تحدث وأعرب عن مخاوفه حول الإصابات باليورانيوم وسماها يورانيوم منضب لكن لأسباب ذكرتها الأطباء لم يسمعوا حتى الآن بأنواع السلاح المصنوع من اليورانيوم المختلف وهذه مشكلة كبيرة لأننا حوالي 1300 قتيل وخمسة آلاف جريح..
أحمد منصور: وخمسمائة جريح، نعم..
داي وليامز: هذا نفس مستوى الإصابات في حرب لبنان من حيث عدد الوفيات وهذا يتطلب جهدا لوجستيا كبيرا..
أحمد منصور (مقاطعا): هناك حوالي خمسمائة شخص جراحهم خطيرة من التي هي الإصابات التي لا يعرف الأطباء كيف يتعاملون معها، هناك من الجرحى حوالي خمسمائة شخص أو ربما يزيد أيضا أوضاعهم خطيرة. نحن نريد الآن كيف يستفيد الأطباء من خبرتك من معرفة هذا، أنت تقول إن هناك قنابل تسبب خمسة آلاف درجة من الحرارة، أي إنسان موجود في هذا اللهب ما هو مصيره؟ يعني ما الذي يمكن أن يحدث له في خمسة آلاف درجة من الحرارة تسببها القنابل؟ الفوسفور الأبيض هذا الذي كان مثل المياه ترشه إسرائيل يسبب تسعمائة درجة، من يتحمل تسعمائة درجة من البشر؟
داي وليامز: أحد الأمثلة على هذا كنت أتحدث مع الدكتور ديفد هالبن والذي كان للملكة المتحدة وهو طبيب يساعد الأطباء في غزة وقد أطلعني على صور للطفل الذي أصيب في بغداد والذي فقد ذراعيه ولكن قبل بتر ذراعيه… علي عباس؟
أحمد منصور: علي عباس نعم.
داي وليامز: وهو طفل شجاع حقيقة وتعافى ولكن ما لم تظهره الصحف من قبل، قبل بتر ذراعيه أن ذراعيه كانتا محترقتين للعظم من هنا إلى هنا وباتت حركة يده مشلولة وبقية يده كانت سالمة، ربما كان يخرج يديه من الشباك عندما استخدمت إحدى هذه الأسلحة السرية الحارقة التي قتلت أهله لكن بقية جسده كانت محمية لأنها كانت وراء الجدران، فقط مقدمة بطنه ويديه، لا أحد يقول أو لم يتحدث أحد عن.. جعلوه رمزا للحرب على العراق وهذا أمر شنيع لكن لا أحد قال ما هو نوع السلاح الذي قتل أهل هذا الولد وأحدث فيه هذه الحروق المريعة لأنه لم يكن أي نوع من السلاح التقليدي، كان سلاحا جديدا. إذاً لماذا الـ (بي. بي. سي) ووسائل الإعلام الدولية لم تثر أية أسئلة حول هذه الأسلحة الجديدة؟ أنا أتحدث هذا عن بلدي تحديدا.
أحمد منصور: هناك قصص كثيرة الآن نسمعها من بعض الأطفال وبعض الناجين من العائلات يتحدثون عن هذا، نتمنى على الأطباء في غزة، هناك طفلة ظهرت مبتورة الرجلين في الجزيرة وتحدثت وهناك أطفال آخرون كثيرون، الطفل الذي ظهر أيضا وعيناه قد ذهبتا وأعتقد أن الصحف البريطانية نشرت صورته أيضا عندكم ويتحدثون عن أسلحة غامضة موجودة. نتمنى من الأطباء الذين يعالجون هؤلاء في غزة أن لا يكونوا قد شغلوا بعلاج الحالات عن تصويرها قبل وبعد العمليات الجراحية أو في حالة وصولها إليهم لأنه أنت قلت إن هذا يوثق ويبين نوعية الأسلحة.
90% من أسلحة إسرائيل مصنوعة في الولايات المتحدة |
داي وليامز: أعتقد أن الأطباء يقومون بذلك وقد قاموا بذلك في نزاعات سابقة لكن المشكلة تكمن بأنه أين هي العملية التي ستأخذ هذه الأدلة وتترجمها إلى تحقيق قضائي قانوني كامل وتحقيق كامل حول الأسلحة؟ أيضا هذا لا يتعلق بإسرائيل فقط، 90% من أسلحة إسرائيل مصنوعة في الولايات المتحدة ولو أن هناك تحقيقا يتم حول ما حدث في غزة من أحداث وأن أي بواعث قلق حول مدى قانونية الأسلحة ولا إنسانيتها مثل الدايم أعتقد أن بعض الناس في الولايات المتحدة يجب أن يعودوا إلى مصممي هذه الأسلحة والشركات التي تنتجها وتجني أرباحا من ورائها ليسألوا أنفسهم هل هي جريمة حرب أن نصنع هذا السلاح ونجني الأرباح من ورائه؟ فقط أريد أن أضيف نقطة أخرى، هذا يبدو كأخبار سيئة للغاية وحتى إذا ما نظرنا إلى الصور لعلمنا أن كارثة ومأساة تحدث في غزة لكن ليس كل الدخان المنبعث كان من الأهداف التي استهدفت وضربت لأن الهدف إذا كان عبارة عن شاحنة تعمل بوقود الديزل أو مستودعا للمواد الغذائية فهذا سينتج عنه دخان أسود كثير وليس من السلاح..
أحمد منصور (مقاطعا): هذا جيد داي لكن إذا القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي قالت إن سلاح الجو الإسرائيلي فقط دون الدبابات ودون البحرية ودون كل الأسلحة الأخرى ألقى مليون كيلوغرام من المتفجرات فوق غزة، نتخيل أن هناك أيضا الأسلحة البرية أيضا ألقت مليون كيلوغرام، هذه الأسلحة التي كانت ترش وكذلك الدبابات، ربما نشاهد صور الدبابات الآن وهي أيضا تقصف بشكل غزير جدا على غزة، كل هذا يعني لو قلنا إن هناك أربعة مليون كيلوغرام قصفت على هذه المنطقة المحدودة في العالم. هذه الصور التي تبين نوعية الأسلحة المرعبة التي كانت مثل الحمم على أهل غزة بالليل والنهار، أما يدل ذلك على أن غزة أصبحت بيئة غير صالحة للحياة؟
داي وليامز: لكي نعطي بصيصا من الأمل..
أحمد منصور (مقاطعا): نحاول نعطي أملا لكن أيضا الواقع مرير..
داي وليامز: نعم إن… هناك أنواع مختلفة من الدمار حقيقة، عندما ذهبت إلى لبنان دهشت بمدى صمود وصلابة السكان المدنيين في جنوب لبنان وعملهم لإخلاء الطرق والمواقع ولقوا دعما كبيرا من بلدان عربية لإعادة بناء المدارس في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر، أعتقد أن كثيرا من البلدان العربية تبنت بلدات وقرى وشاركت في برامج إعادة إعمار سريعة وهذا نموذج مشجع ليطبق على غزة لكن السؤال هل ستسمح إسرائيل بذلك؟ هل ستسمح إسرائيل بإعادة إعمار غزة؟ إذا لم يسمحوا فسنواجه مشكلة كبيرة ولكن على المجتمع الدولي أن يتحرك أيضا.
أحمد منصور: داي ويليامز خبير الأسلحة البريطانية أشكرك على هذه المعلومات القيمة التي قدمتها للمشاهدين والتي آمل أن تكون قد أفادتهم كما نأمل من الأطباء في غزة أيضا أن يعملوا على الاستفادة من المعلومات التي طلبها داي وكذلك البروفسور كريس باسبي الذي كان من المفترض أن يكون معنا، ربما نخصص معه حلقة كاملة فهو من أفضل أو من أكبر الأطباء المتخصصين في الإشعاع وآثاره وهو بريطاني أيضا. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.