
الآثار القانونية والسياسية لقرار توقيف البشير
– مهام المحاكم الدولية وإلزاميتها
– تسييس القضية وتعدد المعايير
– خيارات العرب القانونية لمواجهة قضية السودان
– أبعاد القبض على كراديتش واحتمالات المستقبل
![]() |
![]() |
لونه الشبل: مشاهدينا الكرام السلام عليكم. وصف بالسابقة في العلاقات الدولية والقانون الدولي وبأحد أخطر التعديات الخارجية على السودان ودول غيرها وعلى استقلالها وسيادتها واستقرارها السياسي، بالطبع نتحدث عن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية توجيه أول مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، ذلك بعد ستة أعوام على تأسيس المحكمة وأربعة ملفات فتحتها ولم تغلق أياً منها و12 متهما لم تتمكن من اعتقال نصفهم، فما هي أبرز القواعد القانونية للمحكمة؟ وهل تنطبق على الحالة السودانية ورئيسها؟ وماذا عن غيره من الدول والرؤساء؟ وماذا عن الخلفيات القانونية وأبعادها السياسية؟ وما هي نتائجها وآثارها على ما يسمى العدالة الدولية؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول فهمها في هذه الحلقة من بلا حدود والتي أنوب فيها عن زميلي أحمد منصور، نحاول فهمها مع ضيفنا لهذا اليوم الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي والمقارن وعضو المجلس الرئاسي للاتحاد الدولي للمحامين. أرحب بك دكتور علي، طبعا شغلت وما زلت الكثير الكثير من المناصب الحقوقية الدولية ولا مجال لذكرها كلها في مقدمتي لكن سأحاول أن أستفيد منها تقريبا جميعا في سياق هذه الحلقة.
مهام المحاكم الدولية وإلزاميتها
لونه الشبل: لنفهم سأبدأ معك بأكثر خبر ربما اليوم إثارة حول المحاكم وهو تسليم كراديتش عندما أصدر أوكامبو هذه المذكرة قيل بأنها سابقة بحق رئيس دولة ما زال على رأس الدولة، وبعدها قيل بأنه لا، كان هناك طلب لميلوسوفيتش وكراديتش وبالتالي بعدها أيضا قيل مرة أخرى بأن هذه المحاكم كانت خاصة بيوغسلافيا السابقة وهذه محكمة دائمة. كبداية لنفهم ما الفرق بين المحكمتين؟
علي الغتيت: في واقع الأمر فكرة المحكمة الدولية التي تتصدى للمخالفات والإخلال بأحكام القانون الدولي وعلى وجه الخصوص ما اتصل بحقوق الإنسان كانت أملا كبيرا منذ الأربعينات عندما صدر إعلان حقوق الإنسان ثم بعد ذلك العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية وظلت هذه الجهود حرصا على تحقيق معنى العدالة الدولية بحيث لا يتكرر ما رأيناه من المآسي الإنسانية الرهيبة التي رأيناها في الأربعينات ورأيناها في الحرب السبعينية بين فرنسا وألمانيا على وجه المثال من قبل، وهذا التصور كان من طبيعة الحرص على حقوق الإنسان التي أصبح التعامل معها داخليا ودوليا أمرا يشغل الضمائر خاصة في زمن بعض المفكرين يحرصون على الفصل بين السياسة والأخلاق وأيضا بين القانون والأخلاق وهذه طبعا محنة كبيرة، أقصد هذا الفصل محنة كبيرة، إنما لو تحدثنا عن المحكمة الجنائية الدولية وهي التي أبرمت اتفاقيتها في سنة 1998 في روما وبدأ نفاذ هذا الاتفاق في سنة 2002 ومنذ ذلك الوقت أصبحت قضية المحكمة الجنائية الدولية التي تجلس باختصاص العام وهذا الاختصاص ليس مخصصا أو ليس منصرفا فقط إلى حالة دولة واحدة كمثل مثلا المحكمة الجنائية الخاصة بجرائم يوغسلافيا السابقة وغيرها من المحاكم المتخصصة الأخرى التي أنشئت لوقائع انفردت بها دون غيرها من الوقائع الكلية..
لونه الشبل(مقاطعة): إذاً دكتور هناك محاكم أنشئت تحديدا لدول كالمحكمة الخاصة بيوغسلافيا السابقة مختلفة عن المحكمة الجنائية الدائمة التي تم التوقيع على اتفاقياتها في روما عام 1998 وباتت سارية المفعول في عام 2002 ورغم ذلك هناك عدد من الدول لم توقع على هذا الاتفاق ومنها السودان وهذا ما يرفع السودان لواءه ويقول نحن من غير الموقعين، هل عدم توقيع السودان قانونا يعفي السودان من الالتزام بما قد يتمخض عنه قرار للمحكمة؟
علي الغتيت: هي دي النظرة التي لم تتفحص في أحكام اتفاقية معاهدة روما لأن هذه المعاهدة تتحدث عن اختصاص ليس فقط قاصرا على الدول التي وقعت عليها وصدقت عليها وإنما في واقع الأمر هذا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يفتح الباب كاملا لمجلس الأمن في أن يحيل إلى المحكمة الجنائية الدولية ما يراه هو مجلس الأمن من جرائم يجب التحقيق فيها أو يجب تقديم من تثبت عليه تهمة أو في حقه تهم الخاصة.. تقريبا في كل عدوان على حقوق الإنسان سواء كان منها الوارد في اختصاص المحكمة بشكل صريح وهي كبيرة جدا وعديدة جدا وصياغتها أيضا واسعة فيكفي إذاً وضع على فرض حضرتك أن مجلس الأمن..
لونه الشبل(مقاطعة): إذاً ما فائدة أن توقع بعض الدول عليها وأن لا توقع إذا كانت بالنهاية تستطيع ربما بشكل عبر مجلس الأمن أن تطبق قرارا ما قد تصل إليه؟
الخضوع للمحكمة الجنائية الدولية يكون بشكلين أن تكون الدولة طرفا في الاتفاق أو أن مجلس الأمن يطلب أن تعامل وكأنها طرف في الاتفاق |
علي الغتيت: يعني كيف هذا موضوع آخر، إنما الوسيلة كيف تحقق هذا هو عن طريق منح هذه السلطة لمجلس الأمن وتصبح الدول التي يبلغ عنها أو يصدر في شأنها قرار مجلس الأمن في إطار البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة دولة خاضعة ولا تستطيع تدعي أنها مش خاضعة يعني وسيلة الدخول.. إذاً أوضح لك اسمحي لي أوضح لك، ببساطة الخضوع للمحكمة الجنائية الدولية يكون بشكلين أن تكون الدولة طرفا في الاتفاق أو أن مجلس الأمن يطلب أن تعامل وكأنها طرف في الاتفاق.
لونه الشبل: أيضا وعند هذه النقطة ضمن القانون للمحكمة هناك نقطة بأن مثل هذه المحاكم تتولى أمر القانون في حالتين إما إذا كانت الدولة غير قادرة أو مجلس الأمن أحالها في نقطة معينة بأن هذه الدولة التي نتحدث عنها أيا كانت، وأنا الآن أتحدث عن السودان، ليس فيها محاكم للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. الآن هناك مسعى سوداني يقول بأنه سينشئ هذه المحكمة وسيحاكم بعض المتهمين، هل ذلك يسحب البساط نوعا ما من المحكمة الجنائية الدولية؟ هل هو حل ما للسودان؟
علي الغتيت: هو طبعا يعني الحديث حتى يكون دقيقا المسألة التي نحن في صددها والسؤال الذي تفضلت بإثارته يثير ثلاث مسائل أساسية، المسألة الأولى أن المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها تكميلي في نظر الجرائم التي تقدم لها، الاختصاص الأصلي الأصيل هو اختصاص القضاء الوطني في الدولة المعنية، دي نمرة واحد، إذاً لا يجوز الالتجاء للمحكمة الجنائية الدولية ولا يجوز الاستمرار في الإجراءات أمام المحكمة الجنائية الدولية إلا إذا كانت الدولة التي تختص أصلا بهذه الجرائم غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيقات أو غير قادرة على القيام بذلك أو إذا كانت التحقيقات قد انتهت إلى أن عدم رغبة الدولة وهي من اختياراتها المحضة أو إذا كان الشخص المعني سبق محاكمته أو برئت ساحته، هذه المسألة الأولى. المسألة الثانية، أننا عندما نتحدث عن هل ده سبيل لخروج حكومة السودان من المأزق؟ أقول إن هذا ليس مأزقا إنما الأصل الذي أعرفه قراءتنا أنه كانت هناك لجان تحقيق في سنة 2004 كانت هناك إعلانات عن محاكمات تجري وعلمنا أن هناك ثمة أحكام قضائية في السودان بإعدام بعض الذين نسبت إليهم هذه الجرائم، إنما في مسألة مهمة جدا أود أن أوضحها تماما وهي أن أوضاع القضاء في كل دولة تحكمه أعرافها هي وأوضاعها، فعندما ننظر إلى القضاء في السودان نعرف أنه قضاء قائم على أساس الأعراف والقضاء العرفي والقضاء الذي يتفق مع التقاليد والنواميس الاجتماعية التي يعيش فيها السودان وكذلك بالنسبة لأي دولة أخرى، إنما عندما نتحدث عن القضاء الجنائي فلا شك أن هناك محاكم في السودان تستطيع أن تقوم بهذا الدور وقامت بهذا الدور على ما سمعنا لا نعرف تفاصيل حقيقة عن هذه القضايا ولكن نعلم أن النيابة العامة السودانية قامت بإنشاء لجان للتحقيق وقامت بتحقيقات وهذه مسألة الطبيعي في شأنها عندما نتعامل في المسائل الدولية أن الإعلام يجب أن يكون له دور في هذا يعني..
لونه الشبل(مقاطعة): وعند هذه النقطة سأبقى معك دكتور أنت تلمح بشكل ما إلى تسييس القضية وهذا سنتطرق له رغم أنك خبير قانوني لكن المعلومات يعني، قيل بأن هناك حوالي آلاف الصفحات والتحقيقات التي تمت لكننا لم نفهم أو لم يتوضح، وهذا ما قام به أوكامبو ليس شخصيا لأنه لم يزر السودان حسب المعلومات، لكن المحققين لم نفهم هذه الوثائق ما هي؟ مع من تم التحقيق؟ من الذي أدلى بشهاداته؟ هذا الغموض هل هو طبيعي منطقي في مثل هذه الحالات؟
علي الغتيت: هو يعني ما قدرش أقول إنه في غموض ده أنا متصور أنه في بيان الاتهام الذي أذاعه أوكامبو واضح فيه أنه أجرى هذه التحقيقات بسماع شهود يعني أدلته هي التي يصفها في البيان يقول إنه استمع لشهادة شهود في 18 دولة فإذاً الدليل الجنائي هنا دليل محل تساؤل وعدم اطمئنان لأنه إذا كانت الأدلة هي شهادة شهود قائمين ومقيمين في 18 دولة منتشرين هكذا السؤال الحقيقي في مثل هذه الجرائم ده متصل مش بشهادة شهود، شهادة شهود قد تساند الأدلة الأصلية الفعلية كما رأينا على شاشات التلفزيون وغيرها من أدوات الإعلام في الحالات الأخرى بحيث يثبت من قام بماذا، فبيان أوكامبو ماهوش مقنع بأنه كانت ثمة تحقيقات أو زيارات واقعية في السودان مع أهل الوقائع في موقعها، أما أن تكون الشهادة السماعية هذه في القانون الجنائي وضعها مشكوك في جديته عندما تقف وحدها..
لونه الشبل(مقاطعة): طيب دكتور المادة 17 من قانون هذه المحكمة يقول بأنه على المدعي العام أن يوسع نطاق التحقيق ليشمل جميع الوقائع والأدلة المتصلة بتقدير ما إذا كانت هناك مسؤولية جنائية. من كلامك نفهم بأن هذا البند تماما وبحذافيره لم يطبق بدقة من قبل أوكامبو في هذا التحقيق؟
علي الغتيت: هو البيان الذي تقدم به لا يفصح إطلاقا عن أن هناك تحقيق بالمعنى الجنائي الدقيق، أعتقد أن البيان في حد ذاته قاصر عن أن يفصح عن مثل هذا التحقيق الجاد إلا إذا كان في تحقيق جاد ولم يشر إليه البيان فمصداقية البيان محل شك كبير من الناحية القانونية الصرف.
لونه الشبل: طيب هذا عن مصداقية البيان، ماذا عن مصداقية أوكامبو؟ خاصة وأن بعض الصحف تحدثت عن تهمة وجهت له أو أثارها على كل الأحوال ناطقه الرسمي واستقال، تهمة التحرش الجنسي.
علي الغتيت: هذه المسألة حقيقة المفروض أن لا صلة لها بالواقع الذي نتحدث فيه، هو قدراته اللي تهمنا كمراقبين كمواطنين الشعب العالمي وأقول الشعوب العالمية لأن القضية أصبحت قضية عالمية ومكشوفة فما يقدمه دليل إما على أنه مؤهل أو غير مؤهل ويتضح من العبارات التي وقعها وقدمها في هذا البيان أن هذا أمره مشكوك فيه كثيرا.
لونه الشبل: كي فقط نوضح أكثر ونخرج من هذه التفاصيل التي أصريت أنا أن تكون واضحة لدى المشاهد في البداية، بعض المواد في قانون المحاكمة يعني إذا كانت التهمة الرئيسية بتبسيط هكذا بأن السودان حكومة وعلى رأسها عمر البشير ضرب بقوة وبشكل عسكري وبجرائم حرب بين قوسين متمردي دارفور، طيب أنا كمواطن عادي كيف لي أن أفهم بأن متمردي الباسك مثلا كان يتم ضربهم عسكريا؟ الجيش الجمهوري الإيرلندي أيضا كان يتم ضربه عسكريا وكان بشكل ما يبرر لهذه الدول بأن هؤلاء متمردون، وبالتالي لها الحق الدولة بين قوسين بأن تحافظ على استقرارها، لماذا نشهد هنا محاكمات لجرائم حرب إذا ما كان السودان قد تعامل بقوة أو بضرب مع المتمردين في دارفور وهناك لا نشهد شيئا؟
علي الغتيت: يعني المفهوم والمعروف والذي لا يمكن أن يجادل فيه أحد أن الدولة مسؤولة عن أمن مجتمعها ولمجتمعها أن يسائلها عن عدم قيامها أو إخلالها بواجبها في القيام بتأمين السكينة وحياة الأفراد في المجتمع، فإذا ظهر متمردون وهم أصبحوا في شلل ومجموعات متعددة في جنوب وغرب السودان وعلى نحو واضح، فعندما نسأل أنفسنا هل الدولة أليس من حق الدولة أن تتخذ الإجراءات التي تحمي مجتمعها وأمنه من متمردين؟ طبعا هذا التزام أساسي إذا أخلت به الحكومة يجب أن تسقط وتغير فهذا أمر مشروع لا جدال فيه. إنما القضية المطروحة الآن أن تحقيق أوكامبو في بيانه الذي قدمه لم يشر إطلاقا إلى أن هناك ثمة متمردين ولا ما قاموا به ولماذا كان هناك رد فعل عسكري من الحكومة السودانية، وكما تفضلت حضرتك في كافة وقائع التمرد ومحاولات الانقسام في الدول التي ذكرتها حضرتك من باب أولى في الدفاع عن حقوق الإنسان الذي تحتل أرضه وتغتصب ويغتال المحتل ويبيد ويرتكب جرائم حرب بلا جدال لا يلتفت إليها أحد.
لونه الشبل: طيب دكتور سأبقى عند هذه النقطة يعني هنا لا ندافع على الإطلاق عن أي طرف من الأطراف إذا كان هناك من مسؤولية لأي شخص أيا كان منصبه وموقعه وإذا ما جرم فليحاكم، ولكن من هذا المنطلق تحديدا يعني أذكر مثالا آخر عندما اغتالت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين وهو على كرسي وتغتال نشطاء وما زالت، وتقول بأن هؤلاء يهددون أمن دولة إسرائيل، لماذا لم نشهد محاكمة لإسرائيل؟
علي الغتيت: شروط محاكمة إسرائيل متوفرة وموثقة وأكثر من هذا فمحكمة العدل الدولية أصدرت، بيسمونه فنيا أنه رأي استشاري إنما هو في حقيقة الأمر إعلان قضائي، كيف يرى 14 قاضيا في محكمة العدل الدولية يجلسون ممثلين لـ 14 نظاما قانونيا في العالم وأدانوا إسرائيل في بناء الجدار وفي جرائم حرب وجرائم إبادة، والسؤال منذ 2004 ماذا حدث؟ هل استطاع أحد من أصحاب الحق في هذا الحكم في هذا الرأي أن يأخذه وهو مليء بالأدلة الدامغة؟ هل أخذه وتحرك به إلى مجلس الأمن؟ وإذا تحرك، هل فكر أحد في هذا؟ طبعا لماذا توقفوا عن العمل في هذا الاتجاه؟
لونه الشبل(مقاطعة): ربما لأن هناك فيتو أميركي سيقف في وجه أي تحرك.
علي الغتيت: منظمة الأمم المتحدة فيها ما يسمى بالاتحاد من أجل السلم وهذا نظام أوجده النظام والشرعية الدولية في وقت 1956 في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر، واجتمعت الأمم المتحدة في صيغة الاتحاد من أجل السلم وقامت بدور مجلس الأمن وتستطيع إذا انعقدت الإرادة وكان الحكام القادرين وأصحاب الحق وأصحاب الدور في تحريك هذه المسائل قادرين على أن يقوموا بهذا الدور وهذا أمر دستوريا عليهم أن يقوموا به خصوصا بعد هذه التطورات، هناك بدائل وطرق ولا يمكن على شاشات التلفزيون أنا أستطيع أن أتحدث عن ما يجب أن يتم لأن المسائل دي مسائل لها أهمية وإستراتيجية والبحث عنها في خصوص حماية الشرعية الدولية حتى تكون حقيقة حماية الشرعية الدولية وليست أداة من أدوات الحرب. وأريد أن أقول مسألة أخرى لا يجوز أيضا وأريد أن أنبه أنه لا يجوز الخلط في شأن المسألة المطروحة الآن بين ما يمكن أن يصدر عن الحكام من أفعال يجب أن يعاقبوا عليها وبين حقوق هذه الشعوب في حماية أنفسها مما تخترقه من قوى خارجية لضرب الشعوب وقد يكون أيضا لإخلاء الإقليم من أفراده ومن شعبه ترصدا للثروات التي يتنافس عليها المتنافسون، وهذا هو..
لونه الشبل(مقاطعة): عبر القانون..
علي الغتيت (مقاطعا): لا مش عبر القانون اصطناعا لوسائل قانونية.
لونه الشبل: بالضبط يعني بتبسيط أيضا مرة أخرى أنا كمواطن عربي أو عراقي هل أستطيع أن أحاكم جورج بوش فيما يجري في العراق مثلا؟ هل أستطيع أن أحاكم شارون على الأقل، هو الآن في غيبوبة حتى هذه الساعة حسب المعلومات، على صبرا وشاتيلا؟ أليست صبرا وشاتيلا جرائم حرب وإبادة جماعية؟
علي الغتيت: ومضى عليها 26 سنة، أكثر من هذا أريد أن أقول إن هناك من رجال القانون الكبار في الولايات المتحدة من يتحدثون عن وجوب محاكمة هنري كيسنجر عن جرائم إبادة، لكن السؤال من الذي.. أديها عاملة زي الجرس ومن يعلقه في رقبة القط.
لونه الشبل: سنحاول أن نفهم من الذي يستطيع القيام بذلك؟ وما هي الخيارات أمام السودان خاصة بعد تحركه العربي؟ وأين كان العرب منذ أن تحولت قضية دارفور إلى مجلس الأمن منذ حوالي ثلاث سنوات ونصف؟ أيضا سنعرج على اعتقال كراديتش في هذا التوقيت بالذات، كل هذه الملفات بعد الفاصل، ابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
خيارات العرب القانونية لمواجهة قضية السودان
لونه الشبل: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة من بلا حدود وضيفنا اليوم الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي والمقارن وعضو المجلس الرئاسي للاتحاد الدولي للمحامين. دكتور علي، في 31 من آذار مارس عام 2005 تبنى مجلس الأمن القرار 1593 محيلا الوضع في دارفور إلى المدعي العام، يعني حتى الآن حوالي ثلاث سنوات ونيّف. أعلم بأنك قانوني ولكن أود أن أفهم منك جانبا سياسيا خاصة وأنك لمحت منذ بداية هذه الحلقة إلى تسييس هذه القضية، الآن السودان يحاول أن يجد حلا عربيا واحدا، هل بإمكان العرب فعلا قانونا الخروج من هذه القضية فيما يتعلق بالسودان وكيف؟
علي الغتيت: هذا السؤال سؤال ملغم (ضحك)، القضية مش خروج العرب، هم العرب مش عارفين يخرجوا من حاجة خالص لأن الاستمرار في قبول التمويه وقبول التشويش وقبول التشتيت الذي يجري في إطار السياسة العالمية أو السياسة الدولية تجاه الدول العربية والدول الإسلامية قائم على إستراتيجية وهذه الإستراتيجية محكومة بتراكم والذين يقومون بها يقومون بها لأنهم يريدون حقا الوصول لهدف وهذا الهدف في طبائع الأشياء والأصول الكلية الأولية غالبا غير مشروع لأنها هي محاولات للوصول إلى مصادر الثروة الطبيعية عند شعوب وبحجتها يقضون على الشعوب ويؤنقون الكلام ويموهونه فيتحدثون عن الديمقراطية ويضربون ويتحدثون عن الحرية ويقتلون ويتحدثون عن حقوق الإنسان ويجردون الشعوب كلها من حقوق الإنسان في سجون، في دول في سجون وفي دول بالإبادة، وفي دول بتشتيت أهلها وتهجيرهم، لأن المناطق التي نراها قائمة كلها على ثروات من العراق إلى السودان إلى سوريا إلى لبنان إلى فلسطين وإلى غيرها من الدول التي..
لونه الشبل(مقاطعة): دكتور علي يعني، عذرا لمقاطعتك، هذا الواقع بالطبع واضح وبات الكثيرون يعرفونه إذا لم نكن جميعنا في العالم العربي نفهمه، لكن فقط لكي أستفيد من خبرتك القانونية أكثر ما يمكن..
علي الغتيت (مقاطعة): لا أنا لا أتحدث عن ده..
لونه الشبل(مقاطعة): نعم فقط اسمح لي حول هذه النقطة، صحيفة الأهرام قالت أو تحدثت عن ثلاثة مخارج قانونية يستطيع العرب فعلا أن يخرجوا بالسودان من خلالها، أحدها أن يتقدم العرب بطلب لمجلس الأمن وقف إجراءات المحكمة الجنائية الدولية لمدة 12 شهرا إلى أن يقضي الله أمرا كان.. هل هذا مخرج أصلا؟ وهل ممكن أن يقبل مجلس الأمن مثل هذا الطلب؟
علي الغتيت: شوفي حضرتك، هو مجرد التقدم بطلب على هذا الشكل أنا في تقديري لو أنا سألتني حضرتك كمراقب أقول إن هذا الطلب لن يؤخذ بجدية ولن يقبل، وإنما إذا قدم بعد أن توضح حكومة السودان أنها قامت بتحقيقات وأن هناك تحقيقات ما زالت مستمرة وأن هناك اتهامات موجهة إلى أشخاص محددين إلى آخره، يعني ما أريد أن أقوله مش الدول العربية فقط إنما حكومة السودان يجب أن تدرك أنها وإن كانت ليست طرفا في الاتفاقية وإنما هي بحكم قرار مجلس الأمن، وعاوز أقول قرار مجلس الأمن مش صادر في إطار عام لا يتحدث عن أن القرار صادر في إطار وعلى أساس البند السابع من الميثاق، البند السابع اللي بيتكلم على القوة العسكرية، القوة العسكرية تتخذ ضد مين؟ ضد الرئيس البشير ولا ضد الوزراء الذين قرر المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أنهم حاولوا اختطافهم وفشلوا؟ القوة العسكرية المطلوبة هي المطلوب استخدامها في مواجهة الشعب لأن من الذي سوف يصاب كما اتخذت إجراءات كان يسمونها إجراءات ضد صدام حسين وكان في واقع الأمر الضحايا فيها هم الأطفال، مات مليون طفل خلال الفترة من 1991 لـ2001 ومات مليون من وقت ما دخل القوات الأميركية في العراق إلى اليوم، هل دي إجراءات ضد صدام حسين؟ هل دي إجراءات للقوى الـweapons of mass destruction؟ فين الكلام ده كله.
لونه الشبل: طيب إذا كان على السودان أن يقوم بإجراءات واقعية وواضحة، مرة أخرى أعود للدور العربي لأنه الآن عليه تركيز كبير والسودان أصلا يعول عليه، يعني ذكرت صدام حسين وهو شنق أمام العالم كله وليس العالم العربي، ياسر عرفات مات وهو في المقاطعة، أتحدث بشكل عام وليس عن مكان وفاته، بالنهاية هل العرب قادرون قانونا على فعل شيء ليس لحماية أشخاص بل على الأقل يعني نصل إلى مرحلة للتعاطي معهم ببعض الاحترام؟
علي الغتيت: سيدتي الفاضلة مش التعامل مع الأشخاص ببعض الاحترام يجب أن يكون هناك الاحترام الحقيقي أولا لشرعية القانون والقانون الجنائي الحقيقي، نمرة اثنين أنهم يحاكمون وتتاح فرصة المحاكمة لمن هو متهم سواء قام بهذه المحاكمة القضاء السوداني الداخلي، وأنا أعلم بأن هناك إجراءات فعلا قضائية وتحقيقات جارية وبعضها اكتمل وصدر فيها أحكام والبعض الآخر ما زال مستمرا، المشكلة في العرب أنهم يستعملون الإعلام للإعلام فقط إنما الإعلام يجب أن يكون قائما على خدمة القضايا الموضوعية وطرحها على الرأي العام العالمي حتى يكونوا على بينة حتى يكون العالم وشعوب العالم على بينة وأيضا يشكل الرأي العام فيها بالنسبة لقضايا العرب على النحو الذي يكشف الحقيقة والذي أيضا يمنع حكومتهم من اتخاذ الإجراءات والقرارات التي تصبح في بشاعة ما يتخذونه بالنسبة مثلا لشعب العراق. إذاً القضية أن العرب يستخدمون إما القانون بكفاءة ويصدر فيها حكم ويصدر في شأنها حكم كحكم محكمة العدل الدولية وهذا أمر يجب أن يسجل ودور الجامعة العربية فيه كان رائعا ورجال القانون العرب دورهم أهم من هذا لا يمكن أن يوصف به، إنما السؤال هل نحن نستعمل نفس الأدوات باستمرار ولا لا؟ عندما نتخلى عن الأدوات الحقيقة وهي الأدوات التي تشكل ضفيرة مش حزمة، ضفيرة من السياسة والاقتصاد فهم للسياسة وفهم الاقتصاد وفهم القانون وفهم الإستراتيجية الدولية والنفس الطويل والتكتيك والتفريق بين التكتيك والإستراتيحية، هذه مش حزمة هذه ضفيرة كاملة يجب علشان أشكل هذه الضفيرة يجب أن تكون الضفيرة لها هدف وهدف واضح..
لونه الشبل(مقاطعة): على ذكر هذه الضفيرة هناك من يرى بأن الآخر هو من استعملها بشكل ما وهو الغرب عموما أو أميركا بمعنى تسييس هذه القضية حتى النخاع..
علي الغتيت (مقاطعا): لا، لا، شوفي حضرتك أنا لا أتكلم عن تسييس القضية تسييس القضية أنها تمثيلية قانونية بتخفي السياسة لا، أنا أتحدث عن الضفيرة بمعنى أن هذه المسائل كلها اعتبارات يجب أن تكون محل دراسة ويقين وفهم وأيضا وضع إستراتيجية وتعامل معها وأعرف كيف أتعامل سياسيا في المسألة القانونية، وكيف أتعامل في المسألة القانونية سياسيا، وأعرف الاعتبارات الاقتصادية الداخلة فيها أنا لا أتحدث عن ما فعلوه، ما فعلوه هو نوع من الـshame الغش زي ما قلت التشتيت والتمويه وتغليف القانون..
لونه الشبل(مقاطعة): الملفت دكتور بأن التسريب الأولي بأنها ستصدر مذكرة أو طلب لمذكرة لاعتقال الرئيس السوداني كان من الإدارة الأميركية قبل أن يعلنه أوكامبو نفسه. في مقال لمحمد خليفة في صحيفة الخليج قال المحكمة سوف تتحول إلى أداة في يد الولايات المتحدة تستخدمها للانتقام من أعدائها في الوقت الذي تبقى هي بعيدة عن متناول يدها. ومعروف بأن أميركا كانت ضد التوقيع وكانت ضد هذه المحكمة كيف لنا أن نفهم يعني الآن جنود الولايات المتحدة الأميركية خارج القانون؟
علي الغتيت: باتفاق قبلته الدول أن يخرجوا جنودا من إطار.. يحصنوا ضد ما يرتكبونه ضد شعوب الدول التي وقعت على الاتفاقيات الخاصة هذه، بإرادة من؟ بس في مسألة مهمة جدا أرجو الإشارة إليها أن الولايات المتحدة الأميركية كانت من أكبر مؤيدي تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ووقعت على الاتفاقية ثم سحبت التوقيع، والأمر الهام الذي يجب أن نتنبه إليه أنه عندما أضيفت المادة الخاصة باختصاص مجلس الأمن بطرح قرارات ويتخذ قرارات ويبلغ بها المحكمة للتحقيق استنادا إلى المادة السابعة، هو ده سيطرة أميركا على المحكمة وإنما هو في نفس الوقت حماية نفسها من هذا كله وحماية جنودها من الاتفاقيات المبرمة مع الدول المعنية، فإذاً الولايات المتحدة الأميركية مش ضد.. المحكمة الجنائية الدولية للأسف منذ..
أبعاد القبض على كراديتش واحتمالات المستقبل
لونه الشبل: نعم دكتور نحن نعاني مشكلة فقط في الصوت لأن صوتي يصلك متأخرا لذلك أعذرني فقط كي أطرح السؤال كاملا، منذ حوالي أسبوع أو أكثر تم إلقاء القبض على كراديتش بعد حوالي 13 عاما من الاختباء، هل نحن أمام مصادفة إلى هذه الدرجة؟
علي الغتيت: بطبيعة الحال لا، وإنما هناك ممكن نتكلم عن نظريات كثيرة في التاريخ يعني متصلة بوقائع سياسية لا نعرف حقيقتها إلا بعد تاريخ طويل فهذا الذي حدث أمر كان محل انتقاد شديد وليس مصادفة هو طبعا تم تسليمه ولكن لماذا تم تسليمه في هذا الوقت بالتحديد؟ وإذا نظرنا لرد الفعل القائم في صربيا نتيجة تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية نعرف أن هذه المسألة أتت مفاجأة يعني هذا على غير ما كان يحتسبونه وأعتقد أنه مخالف لاتفاق قد تم عليه..
لونه الشبل(مقاطعة): ويقال أيضا بأنه تم تسليمه عبر معلومات من المخابرات الأميركية والبريطانية عن مكان وجوده وبعد تشكيل حكومة جديدة ما فهم بأنه ربما اتفاق ما، هل هذا صحيح؟
علي الغتيت: اتفاق ما يخدم قضايا أخرى وهو قد تم الاستغناء عنه وليست هذه مسألة جديدة.
لونه الشبل: هناك نظرية أخرى تقول بأن تسليم كراديتش الآن في هذا التوقيت ربما ينفي صبغة المؤامرة على العرب والإسلام فيما يتعلق بعمر البشير فها هو كراديتش المعروف بما فعله بالمسلمين في حكمه وها هو يسلم للعدالة، وبالتالي ليس هناك استهداف لجهة أو لعرب أو لإسلام بالتحديد.
كراديتش جرائمه ثابتة منذ زمن طويل وصدر القرار باعتقاله من 13 سنة وأدلته أدلة مصورة |
علي الغتيت: أنا لا أتفق مع هذا التحليل تماما إنما بعضه حقيقي إنما الأهم من هذا في فرق كبير جدا بين البشير وكراديتش، كراديتش جرائمه ثابتة منذ زمن طويل وصدر القرار باعتقاله من 13 سنة وأدلته أدلة مصورة وأدلة منه هو وهو يفعل، إنما بالنسبة للبشير -وليس هذا دفاعا عن الرئيس البشير لأنه إذا كان ارتكب شيئا هو لازم يحاسب عنه ولا أريد أن أضم صوتي لموقف فقط لاعتبارات سياسية إطلاقا- إذاً المقابلة بين البشير وكراديتش يجب أن تكون مصحوبة بهذا التوضيح الهام، بالنسبة لكراديتش هناك جرائم ثابتة عليه وتحقيقات ثابتة عليه وووجه وإلى آخره، ومع ذلك تركوه حرا لمدة 13 سنة.
لونه الشبل: ترك حرا بأي معنى؟ باتفاق ما، برغبة دولية أن يترك حرا؟ لماذا؟
علي الغتيت: طبعا، لا لماذا أنا لست في حل؟
لونه الشبل: تفسيرك لماذا؟
علي الغتيت: لا مفهوم يعني عندما يكون قادة الـ.. هو وزميله الذين كانوا قادة التنفيذ قادة تنفيذ الإبادة في.. يعني ده في حكم صادر ضده كمان..
لونه الشبل(مقاطعة): طيب واضح بأنك لا تريد أن تجيبني على هذه النقطة على كل حال هل نحن أمام تعاطي الآن..
علي الغتيت (مقاطعا): ما أريد أن أقوله إن هذه مسائل يجب أن تكون محلا للدراسة الدقيقة الإستراتيجية مش الاجتماعات السياسية الإعلامية والوفود إلى آخره، سياسة الوفود لا تصلح في مثل هذا.
لونه الشبل: هل نحن الآن بشكل ما وأريد أن أوسع القضية القانونية ربما إلى بعض الجوانب السياسية وقد بدأنا بذلك، هل نحن أمام التعاطي مع هذه المحكمة بمنطق التوظيف بل وربما عدالة المنتصر والتي يقال بأن كل مجلس الأمن أصلا قائم عليها فيما يتعلق بالخمس دول صاحبة حق النقض بأنها انتصرت في الحرب العالمية؟ بمعنى آخر هل هناك تفسير ما أو هل هو منطقي بأن نقول حسبما يرى البعض بأن المشروع الأميركي في المنطقة فشل، المشروع الإسرائيلي أيضا فشل؟ وبالتالي تحويل نظر عن هذا الفشل فيما يتعلق الآن بقبض على كراديتش ومذكرة بحث وإحضار للرئيس السوداني؟
علي الغتيت: أولا أنا أريد أن أقول إن المشروع الأميركي لم يفشل، المشروع الأميركي مستمر في النجاح إنما قدرته على.. قدرة القائمين على مقاومته ده موضوع آخر..
لونه الشبل(مقاطعة): لكن كيف لم يفشل؟ على الأقل لأكون هنا متبنية لوجهة هذه النظر على الأقل نفهمها منك، كيف لم يفشل إذا كان يعني قتلى يوميا في العراق من الجنود، الداخل الأميركي متصدع، جورج بوش بأدنى شعبيته في الولايات المتحدة، هناك مشروع شرق أوسط جديد لم يلد حتى الآن وواضح بأنه ربما لن يولد، كيف له أن ينجح؟ أين مواطن النجاح في المشروع الأميركي في هذه المنطقة؟
علي الغتيت: أنا حأصحح الكلمة التي قلتها، هو مشروع لم يفشل بعد هو مشروع يستمرون فيه ومستمرون فيه وعندما نعبر عن تأخير تحصيل نتائجه فهذا التأخير هو فضل المقاومة في العراق وفي لبنان وفي فلسطين وأيضا انتباهه إلى السودان هو نوع من لفت النظر، التفات إلى السودان حتى تصبح الجهود العربية مشتتة وهذا كله دليل على أنه لن يستطع أن يحقق مشروعه أو نتائجه المقصودة انتهائها، وعلى كل حال المشروع يشمل المنطقة ويتسع لها كلها وهذا ما يقتضي من كل عربي في كل دولة أن يعرف أن الحدود.. أن العالم العربي يجب أن ينظر إليه بلا حدود بينه.
لونه الشبل: دكتور هل نحن أمام ربما طلب لرؤساء آخرين إذا كان عمر البشير على رأس الدولة يعني وها هو يطلب بشكل ما؟
علي الغتيت: هو مش عمر البشير المطلوب، المطلوب تفتيت السودان وتقسيمه يعني أنا أتحدث حديث بسيط كأي مواطن عادي ما هي أهمية وجود الرئيس فلان أو الرئيس الفلان على نظام حكم مش قادر يسيطر على دولته نتيجة التدخل الصهيوني الإسرائيلي الأميركي المتنافس على الحقوق والثروات الطبيعية في البلاد ويترك يعني عندما يتحدثون عن المجاعة في أفريقيا وأفريقيا هي أغنى قارات العالم من كل نوع؟ كيف يجري هذا ومع ذلك يرسلون المعونة وده الضحك على الذقون لأنني أنا أستطيع..
لونه الشبل(مقاطعة): ولكن بشكل ما يعني أنا كمواطن عربي الآن هل ربما سأشهد غدا يعني اليوم كراديتش سلم لا ندري إن كان البشير غدا، صدام حسين قبل عامين تقريبا شنق، هل نحن.. من ننتظر بعد غد ربما؟
علي الغتيت: يا سيدتي الفاضلة الرؤساء ليست القضية خالص، الرؤساء يكادون يكونوا مع احترامي الكامل لهم يكادون يكونوا في نظر القوى الغربية يعني ما بيساووا شيء بيحلوا واحد مع التالي مالهاش أهمية، إنما هي القضية أن هذه القرارت كلها المستهدف الحقيقي فيها هي الشعوب لأنه إذا كان..
لونه الشبل(مقاطعة): طيب وأنا كمواطن عربي أو سوداني ربما مم سأخشى في الأيام القادمة؟
علي الغتيت: أخشى من انفراط الحكم والسلطة السياسية في البلاد واقتسام المتمردين المناطق اللي موجودين فيها والاعتداء يصبح مفتوحا وتشجيع التمرد واختفاء السلطة اللي هي بتمثل في الجيش السوداني والتدخل فيه بشكل أو بآخر، أيضا تهديد للوجود السوداني المواطن السوداني، أنا كمصري أشعر بنفس الفزع مش الفزع الذي يعميني عن الواقع لكن الفزع لما أراه آتيا.
لونه الشبل: أليست صورة متشائمة ربما كثيرا دكتور؟
علي الغتيت: لا، أنا أقول لحضرتك حاجة، الصورة أنا باتكلم بناء على تفويض الشعوب العربية لحكامها في التصرف في هذه المسائل، الشعوب يجب أن يكون لها صوت في حماية حقوقها في إصرارها على أن يكون القانون مصدره الشعوب مش مصدره إرادة الحاكم، عندما نرى يعني أنا مش عاوز أخرج عن الإطار الأصلي، المواطن يجب أن يدافع عن حقوقه ويستعمل الحقوق الدستورية المنصوص عليها في كل من الدساتير. المسألة الثانية..
لونه الشبل(مقاطعة): يا دكتور كيف له أن يستخدم حقوقه سواء تتحدث عن الداخل في أي دولة أو حتى دوليا، ذكرت ما جرى فيما يتعلق بالجدار العازل في محكمة العدل الدولية ونفسك ذكرت بأنه لم يتغير شيء على أرض الواقع، أنا كمتضرر ربما أو كفاقد لأحد أهلي في مجزرة ما قام بها الاحتلال الإسرائيلي في أي مكان في العراق كيف لي أن أتصرف كيف لي أن أفعل إذا كان القانون الدولي ليس في صفي وقانون الدول تقمعني، ماذا أنا فاعل في النهاية؟
علي الغتيت: هذا أمر يحتاج مش لمؤتمر ولا لوفد وإنما يحتاج لدراسات هادئة عاقلة حازمة تجمع الإرادة لأنه بغير إرادة حقيقية واستعداد يعني الأبطال الموجودين في فلسطين وفي لبنان وفي العراق اليوم دول من غير هؤلاء كان تحققت الأهداف للكل، الوضع الحقيقي للمسألة هو يجب أن يكون هناك اتفاق وأن يكون هناك حرص على إرادة وعزم واستعداد لتضحية مش بكلمة التضحية..
لونه الشبل(مقاطعة): نتمنى ذلك، شكرا جزيلا لك الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي والمقارن وعضو المجلس الرئاسي للاتحاد الدولي للمحامين كنت ضيفنا في هذه الحلقة من بلا حدود، مرة أخرى أشكرك، كما أشكر مشاهدينا الكرام على تفضلهم بالمتابعة، الحلقة انتهت نستودعكم الله.