
أثر الأمراض النفسية على الإنسان العربي
– مفهوم الصحة النفسية ومقوماتها وأهميتها
– أسباب الإحباط والخلل لدى الشعوب العربية
– العلاقة بين النخبة والشعوب
– الصحة النفسية للحكام والزعماء
– الإحساس بالعجز واليأس، نتائجه وعلاجه
![]() |
![]() |
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من القاهرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود. تنعقد القمة العربية يوم السبت القادم وسط حالة من الإحباط والاضطرابات والأمراض النفسية التي تجتاح الشارع العربي، فعشرات الملايين من العرب يعانون من الاضطرابات النفسية بنسب متفاوتة منهم أكثر من عشرة ملايين مصابون بالاكتئاب بينهم مليونين في مصر ونصف مليون في الأردن، بينما يعاني 61% من الفلسطينيين من الاكتئاب، أما نسبة العراقيين المصابين باضطرابات نفسية فإنها تزيد على 35%. ويشير الخبراء إلى أن الضغوط السياسية والاقتصادية التي يعيش فيها الإنسان العربي هي المتسبب الرئيسي في تفشي الاضطرابات والأمراض النفسية. وفي هذه الحلقة نحاول فهم الأسباب التي جعلت العرب من أكثر الشعوب بؤسا وإحباطا وكيفية الخروج من هذه الحالة البائسة واليائسة وذلك في حوارنا مع الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي وأستاذ الطب النفسي. حصل على بكالوريوس الطب عام 1957، أنهى دراساته العليا في كل من بريطانيا والولايات المتحدة ثم أسس ورأس وحدة الطب النفسي في جامعة عين شمس في مصر بين عامي 1965 و 1970. شارك ورأس عشرات المؤتمرات الخاصة بالطب النفسي في كثير من دول العالم كما حصل على الزمالة في معظم الجمعيات والمحافل الدولية الخاصة بالطب النفسي وألف وشارك في تأليف عشرات الكتب والمراجع الدولية في مجال الطب النفسي، ويرأس الآن الجمعية العالمية للطب النفسي. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على أرقام هواتف البرنامج التي ستظهر تباعا على الشاشة (+202 25748199). دكتور مرحبا بك.
أحمد عكاشة: أهلا وسهلا.
مفهوم الصحة النفسية ومقوماتها وأهميتها
أحمد منصور: بداية ما هو مفهوم الصحة النفسية؟
أحمد عكاشة: هو الأول نحاول نعرف الصحة، الناس كلها فاكرة أن الصحة عكس المرض، إطلاقا. الصحة حسب تعريف منظمة الصحة العالمية ليست الخلو من المرض، الصحة هي جودة الحياة…
أحمد منصور (مقاطعا): يا سلام!
أحمد عكاشة (متابعا): الجسدية والنفسية والاجتماعية. وما رضيوش منظمة الصحة يضيفوا الروحية ولكن إحنا الناس المؤمنين بالروحانيات بنضيف إليها كمان جودة الحياة الروحية.
أحمد منصور: معلش أعد لي التعريف ده ثاني.
أحمد عكاشة: هي جودة الحياة الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحية، وليست الخلو من المرض.
أحمد منصور: طيب أعطني جودة الحياة بالمواصفات دي وارميني في البحر زي ما بيقولوا.
" مفهوم الصحة النفسية يعتمد على قدرة الإنسان على التكيف مع ضغوط الحياة واستطاعته على العمل والإنتاج " |
أحمد عكاشة: ما هي دي النقطة، لكن إحنا بنقول إنه توازن، ما حدش بيأخذ كل حاجة 100%. لكن في ممكن أي واحد يكون تعيس جدا خاصة في الصحة النفسية وليس عنده مرض نفسي. لأن الصحة النفسية مفهومها غريب جدا متكونة من أربع حاجات: أول حاجة قدرة الإنسان على التكيف مع ضغوط وكروب الحياة.
أحمد منصور: يا سلام! القدرة على التكيف، لكن ما بيلغيش الضغوط والكروب، هي موجودة.
أحمد عكاشة: موجودة، لكن كل واحد له قدرة على التكيف، في ناس بينهاروا بسرعة جدا لظروف بقى اجتماعية ظروف سياسية ظروف اقتصادية ما بيبقاش عندهم القدرة اللي إحنا بنسميها الصمود القدرة على الصمود، أن هو يأخذ الضغط والألم والشدة يقف ثاني، يتضرب يقف ثاني.
أحمد منصور (مقاطعا): كيف يبني الإنسان نفسه بحيث يستطيع أن..؟
أحمد عكاشة: لها مقومات طبعا شديدة جدا ولها حاجة اللي إحنا بنسميها تجاوز الذات. ولكن أنا عاوز بس أخلص الصحة النفسية. الحاجة الثانية المهمة جدا أنه يستطيع أن يعمل وينتج ويعطي بكفاءة، بمعنى أنه إذا كان الواحد ما بيشتغلش بذمة، إذا كان الواحد ما بيقومش بالعمل الجاد، إذا كان الواحد مش قادر أنه هو يعطي أو أصبح متمركزا حول نفسه، ده صحته النفسية حتكون سيئة. يعني أنا بأدّي مثل أن الكناس اللي يكنس الشارع كويس جدا بيروح بيته بيأكل لقمة مع أولاده ومراته كويس جدا، اللي ما بيكنسش الشارع كويس ويكروته يروح يتخانق في البيت.
أحمد منصور: وقس على..
أحمد عكاشة (مقاطعا): وقس بقى على كل المستويات.
أحمد منصور (متابعا): حتى أعلى شيء.
أحمد عكاشة: حتى أعلى شيء. ثالث حاجة ودي برضه مهمة أن الإنسان يحس أن قدراته متواجبة مع تطلعاته، يعني الإنسان اللي يعمل بجدية وبكفاءة وذكي وعنده قدرات وما بيوصلش، ده صحته النفسية بتنهار جدا. الأماكن اللي هي فيها المحسوبية واللي فيها العلاقات الشخصية اللي هي بتوصل وليست الكفاءة الشخصية دي الصحة النفسية بتتأثر.
أحمد منصور: إحنا كده نقدر نفهم سر الإحباط الموجود لدى كثير من الشعوب العربية في تلك الدول والأنظمة القائمة على المحسوبية والعلاقات..
أحمد عكاشة: مظبوط. آخر حاجة بقى في الصحة النفسية أن الإنسان يحس أن هو له دور وله كلمة في المجتمع اللي عايش فيه، وأنه متمركز حول الآخر وليس حول الذات. كلما زاد الازدحام كلما زاد الإحباط كلما واحد فكر في نفسه وعيلته بس ما بيفكرش في اللي حواليه ما بيفكرش في الآخر، وده حتى ضد الدين وضد كل شيء أن الواحد لازم يعطي للآخر. دي الحاجات بتاعة الصحة النفسية إذا بصينا فيها كلها نقدر نعرف إيه الشعوب..
أحمد منصور (مقاطعا): أنا أعتقد ده معيار هائل جدا حنمشي عليه بحيث نفهم فعلا الكثير من الأشياء. بعد التعريف ده، إيه أهمية الصحة النفسية للإنسان العربي؟
أحمد عكاشة: الصحة النفسية هي مرادف لجودة الحياة هي مرادف للسعادة، بهذه البساطة.
أحمد منصور: كيف يحقق الإنسان الصحة النفسية في ظل أن النظام السياسي لا يعطيه هذه العوامل اللتي تتحدث عنها؟
أحمد عكاشة: لا، أنت بتسألني سؤال صعب جدا. هي دي المشكلة اللي فيها كثير جدا من الموجودين في الأمة العربية، أنهم بيجدوا نوعا من الإحباط الشديد جدا أنه ما عندوش حرية التعبير أنه هو يبقى له دور في المجتمع، أنه هو مش شايف أن كل حاجة يعني في أساسيات تخلي الإنسان يحس بالانتماء، يعني عندنا كده هرم موجود. أول حاجة الحاجات الأساسية في الحياة مسكن، دفء، طعام، شراب، من غير دول الواحد لا ينتمي إلى أي حاجة، لازم يحصل عليهم..
أحمد منصور (مقاطعا): بس الصحة النفسية بهذا الوضع والحياة بهذا الوضع، هل كلها النظام السياسي يوفرها أم هناك أيضا أشياء ترتبط أو تتعلق بالإنسان ذاته؟ الإنسان أحيانا يعطي على قدر ما يستطيع كما قلت حضرتك لكن المحسوبية والرشوة والفساد والعوامل الأخرى لا تعطي له الفرصة حتى يصبح كما يأمل ويتمنى.
أحمد عكاشة: طبعا ده بيؤثر على الصحة النفسية لكن في ناس بتقدر تتجاوز ذلك، يعني في ناس مثلا شايفين أن في ثقوب في الضمير، في بعض الأخلاقيات تغيرت تماما، في بعض التسامح والتكافل والشهامة والمروءة والكرم أصبحت من كثرة الازدحام والبطالة وحاجات كثير جدا أصبحت مش موجودة ولكن في بعض الناس عندهم القدرة على الصمود، ده اللي أنا كنت بأقوله في أول مرة، ورغم الكروب دي بيحاولوا برضه، مهما حصل بيحاولوا برضه ودول اللي حيوصلوا بإذن الله.
أحمد منصور: هل ده السر في أن المجتمع رغم أنه يملك كل عوامل الانهيار والانفجار والثورة وغيرها أن هذه المجموعة التي تعمل بهذه الطاقة النفسية هي الأعمدة التي تحافظ على المجتمع من هذه العوامل المخيفة؟
أحمد عكاشة: إلى حد كبير، لأن هم دول النخبة، النخبة التي بتقود الغالبية. يعني غالبية الشعوب في العالم كلها حوالي 80% يا إما متوسطي الذكاء يا إما أقل من متوسط.
أحمد منصور: هل هناك فوارق، يقول لك الشعوب دي غبية، الشعوب دي..
أحمد عكاشة: كل الأبحاث العلمية أثبتت لا يوجد فرق في الذكاء بين الأصفر والأسود والأبيض أو بين الرجل والمرأة.
أحمد منصور: عجيب!
أحمد عكاشة: إطلاقا.
أحمد منصور: هناك تساوي.
أحمد عكاشة: تساوي، ولكن…
أحمد منصور (مقاطعا): النسب كم تقريبا، وضعها إيه؟
أحمد عكاشة: النسب حوالي 60% من مجموع أي شعب من متوسطي الذكاء.
أحمد منصور: يعني لو جبنا الشعب المصري والليبي وكله حنلاقي النسب دي متقاربة؟
أحمد عكاشة: ستين، آه مظبوط.
أحمد منصور (مقاطعا): حتى الأميركي والبريطاني..؟
أحمد عكاشة: كل شعوب العالم، وسبحان الله المنحنى عامل زي الجرس.
أحمد منصور: يعني دراسات علمية دقيقة لا أحد يستطيع أن يشكك فيها؟
أحمد عكاشة: لا أحد يقول أي شيء فيها. و 20% أقل من المتوسط، أدي 80% الشعب، و 20% أذكياء أو فوق المتوسط. الـ 20% دول هم اللي بيبقوا قدوة، هم اللي بيخدموا الـ 80%، لأن دول هم…
أحمد منصور (مقاطعا): لا، أنا عايز أقف عند بيخدموا دي. فعلا لأنها مهمة جدا، في الغرب كده.
أحمد عكاشة (مقاطعا): المفروض أن الـ 20% الأذكياء..
أحمد منصور (متابعا): اسمه خادم مدني، إنما إحنا عندنا هنا الـ 80% بيخدموا الـ 20%.
أحمد عكاشة: أو الـ 20% بيخدموا نفسهم.
أحمد منصور: أو بيخدموا نفسهم.
أحمد عكاشة: وده ضد أي نظام، سواء نظام ديني أو نظام ديمقراطي أو نظام.. أنه إحنا ربنا إدّانا الذكاء علشان نخدم دول مش علشان أنه إحنا نخليهم عبيد. فبالتالي النسبة دي هي موجودة. وفي حاجة ثانية جميلة جدا أن 1% بقى بتوصل ذكاءهم لـ 140.
أحمد منصور: يعني دي عبقرية بقى.
أحمد عكاشة: ده اللي بنسميه عبقري. العبقري مش اللي شعره منكوش..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني إحنا عندنا هنا 750 ألف عبقري في مصر مثلا؟
أحمد عكاشة: آه، بقوا 800 ألف دلوقت.
أحمد منصور: وعندنا في العالم العربي ثلاثة ملايين عبقري مثلا؟
أحمد عكاشة: مظبوط. ولكن اكتشافهم، ممكن يكون لا يقرأ ولا يكتب يكون عبقري برضه. يعني هي العملية القدرة على أنه هو يقدر يفهم الشيء بطريقة مختلفة عن الثانية، ده الواحد العبقري. أنا فاكر كان في نادي في إنجلترا أثناء البعثة بتاعتي كان ما بيأخذش حد إلا إذا كان ذكاؤه عالي كذا وكذا، لما رجعت من برّه وقابلت الرئيس عبد الناصر أول سؤال سألني قال إش معنى الطب النفسي ده اللي تخصصت فيه؟ إحنا عندنا اشتراكية والاشتراكية دي حتخلي كل الناس مبسوطة بتأكل وبتشرب وبتاع وما بيحصلش فيها، قلت له يا سيادة الرئيس نسبة الأمراض النفسية والانتحار في البلاد الاشتراكية والشيوعية أكثر من البلاد الثانية، مالهاش دعوة خالص الناحية السياسية دي لأن أي نظام شمولي.. ده كان شقيقي الدكتور ثروت عكاشة قاعد فقال لي يعني ما فيش داعي للمناقشة دي مش حنوصل لحاجة، كل واحد له مفهومه الخاص يعني، وما كملناش. فاقترحت عليه أنه يبقى في نخبة..
أحمد منصور (مقاطعا): على عبد الناصر؟
أحمد عكاشة (متابعا): آه، يكون في نخبة من الأذكياء اللي هم بيسموها Think-tank مصنع الأفكار أنها تكون تحت أمره في أي موضوع أو حاجة نجيب الأذكياء دول زي النادي بتاع إنجلترا ده، فابتسم وقال ثاني حنجيب النخبة؟ أنا بتاع الجميع..
أحمد منصور (مقاطعا): هو بيدمر النخبة..
أحمد عكاشة (متابعا): أنا مش بتاع النخبة، لا يا أحمد ما فيش حاجة بالشكل ده تحصل أنكم أنتم الأذكياء تعملوا لنا أنتم نوع من أنواع النخبة وتفتكروا أنكم أنتم اللي بتحركوا الناس وتحركونا علشان أذكى من الناس الثانيين، لا ربنا ما قالش كده.
أحمد منصور: الكل يتساوى في الأمية.
أحمد عكاشة: لا مش في الأمية يعني، دي كان فكرته الخاصة يعني.
أسباب الإحباط والخلل لدى الشعوب العربية
أحمد منصور: أنا كنت أسير في أحد شوارع القاهرة وأنا أعشق السير في الشوارع القديمة وسط الناس البسطاء، استوقفني رجل في السبعين تقريبا من العمر وأمسك يدي وقال أنت أحمد منصور؟ قلت له نعم، قال أنا يعني بأسأل سؤال ونفسي ألاقي إجابة عندك، قلت له تفضل، قال لي هي البلد ده أصحابها راحوا فين؟ قلت له أي بلد؟ قال لي مصر! مصر أصحابها راحوا فين؟ كل اللي الناس اللي ما بينهبش إيده مش طايلة أو ساكت كل الناس بتنهب وبتخرب في البلد، إيه اللي وصل الإنسان المصري اللي كان زي ما حضرتك قلت مليء بالشهامة بالرجولة بالحرص على بلده على وطنه على كذا، إلى أن الناس تحولت إلى هذا الوضع؟ حتى يعني كتابك الرائع "ثقوب في الضمير" بيتناول عشرات الحالات التي وصل إليها الناس هنا في مصر، ما الذي أوصل الناس.. فين أصحاب مصر؟
أحمد عكاشة: شوف زي أنا ما قلت لك في الأول الصحة النفسية لما يحصل فيها خلل الأخلاقيات بيحصل فيها خلل، وما دام الواحد التحلي بالأخلاقيات تصبح مش موجودة، الإنسان قدرته على الانتماء وإحساسه يعني زي ما واحد أنتوني نوتينغ كان بيقول لك المصريين يعيشون في مصر ولكنهم ليسوا بمصريين. جملة غريبة جدا.
أحمد منصور: إزاي؟ آه طبعا.
أحمد عكاشة: يعني يقصد يقول إن الواحد اللي ماشي بالشارع مش حاسس أن الشارع بتاعه، اللي راكب أتوبيس مش حاسس أن الأتوبيس ده بتاعه مش حاسس أنه هو بيتخدم، فبالتالي ما بيعطيش. فالفجوة دي..
أحمد منصور (مقاطعا): على خلاف الإنسان اللي برّه اللي حاسس أن كل حاجة في الشوارع في المواصلات في كل حاجة دي بتاعته هو يعني لازم يحافظ عليها.
أحمد عكاشة: مش بس كده، ده إحنا لما بنسافر إحنا برّه بنتوحد مع أخلاقياتهم، بتبص تلاقي المصري ماشي بالسلوك بتاعهم وأحسن كمان وبيتعامل معهم بشهامة وبمروءة وبكل الأخلاقيات لأن هم..
أحمد منصور (مقاطعا): حتى داخل مصر لما يدخل مؤسسة من المؤسسات التي تفرض نظام واحترام يبقى زي الساعة جواها، بيخرج للشارع يبقى أكبر فوضوي في العالم.
أحمد عكاشة: في كتاب لواحد اسمه كوفي اسمه "The Speed of Trust" يعني الثقة بين الناس وبعضها ثقة في الحكومة ثقة في المؤسسات ثقة في الشركات، وعمل إحصائيات في العالم وجد أن أهم حاجة بتدّي جودة حياة أن الناس تثق في بعضهم، وجد أن الثقة وصلت أيام بوش دلوقت لـ 32% بس، ووجد أن في أميركا اللاتينية حوالي الـ 28%، وجد أن في أفريقيا 18%، وجد في البلاد الإسكندنافية 68%، وبعدين كاتب في جملة كده أنه هو ما عملش أي إحصائيات في البلاد العربية.
أحمد منصور: ليه؟
أحمد عكاشة: وحاطط علامات استفهام، لأنه يعني الثقة بين الناس وبعضها..
أحمد منصور (مقاطعا): منعدمة.
أحمد عكاشة (متابعا): أصبحت مش موجودة زي زمان. فهي ده أحد الأسباب..
أحمد منصور (مقاطعا): طيب حضرتك الآن أنت متخصص في السلوك الإنساني وأنا زرت المنتجع الطبي اللي حضرتك عامله وشفت الجهد اللي بتبذله على المستوى الفردي ومستوى الارتقاء بالإنسان وقرأت لك نظريات وتحدثت معك في أشياء كثيرة، من خلال هذا السلوك ما الذي يجعل الإنسان المصري أو العربي، ولا سيما وأن عندك مرضى من معظم الدول العربية، يفقد عملية الولاء والانتماء لبلده؟
أحمد عكاشة: لما يحس أنه هو صحته النفسية متأثرة بالظروف اللي حواليه يبتدي يفقد الانتماء، بمعنى أنه أنا لما أكون أشتغل عملا جديا جدا وذو كفاءة عظيمة جدا وأجد أن واحد ثاني أخذ المحل اللي أنا مفروض أعمله أنا لا يمكن أقدر أحب البلد دي. لما يكون أن كل السلوك في البلد بتاعتي رد فعل، بمعنى أن ما عندناش أي أحد يقوم بإستراتيجية طويلة المدى فيها فعل، يعني مثلا عيّل صغير يقع في البوكابورت فيقوم حملة لسد البوكابورتات، شايف إزاي، عبارة تغرق فيقوموا بالتفتيش على كل السفن، العيش يبقى مش موجود، فننزل الجيش والبوليس علشان أن هو يعمل تنظيم للعملية دي، المفروض يبقى عندنا.. طويلة المدى. كلما كان الإنسان حاسس أنه هو عايش يوم بيومه بيفقد انتماءه، لكن كلما كان حاسس أن هو حيتعالج كويس حيتعلم كويس حيتدفن كويس، دي بتدّي له نوع من أنواع الصحة النفسية.
أحمد منصور: ده واحد بريطاني بروفسور كنت قابلته فلقيت ما عندوش ثروة، فهو بيكلمني في الثروات المتراكمة هنا، فبأقول له ليه ما حرصتش يبقى لك ثروة وأنت الآن عندك 65 سنة؟ قال لي أعمل ثروة ليه؟ أنا مؤمن طبيا لما أموت، الآن بآخذ معاش قاعد في بيت كويس بأتعالج ببلاش بأركب مواصلات أنا senior citizen وبآخذ خصم في المواصلات ولي وضع كذا، ليه حيبقى عندي ثروة؟! ففعلا دي حاجة خطيرة.
أحمد عكاشة: في البلاد الإسكندنافية بيأخذوا الضرائب منهم 60، 65% ولما بأسأل زملاءنا الأساتذة هناك، بيقول لي ما يأخذوها، على كل حال أنا أولادي بيتعلموا أحسن تعليم وبيتعالجوا أحسن علاج، وزي ما حضرتك بتقول الدفن على حساب الحكومة، كل شيء على حسابها، أنا ما بأعملش حاجة غير اللي فاضل ده لي أنا لمتعتي بس، ما تفرقش معي لأن إذا ثروتي زادت حيأخذوا مني 65% برضه.
أحمد منصور: أنا يوم الأحد تقريبا حضرتك اتصلت علي، أنا كنت سايق وبعدين ما عرفتش صوتك فقلت لي إيه يا أحمد أنت بتتعاطى حاجة؟ قلت لك أيوه أنا بأتعاطى أنا بأتعاطى هموم. وواضح أن الناس بتتعاطى نسب متفاوتة من الهم في هذه الحياة بشكل كبير، يعني بعض الناس بتتعاطى جرعات عالية جدا من الهموم، ما تأثير هذه الهموم اليومية الحياتية على الصحة النفسية للإنسان؟
أحمد عكاشة: هو سبحان الله أن ربنا بنقول إحنا خلق مخين مش مخ واحد. المخ اللي في الجمجمة ده إحنا عارفينه، وفي جهاز المناعة. جهاز المناعة ده بيفرز نفس الإفرازات بتاعة المخ. وواضح جدا أنه إذا كان الهم شديدا حيؤثر على مراكز في المخ وهذه المراكز حتقول لجهاز المناعة تقل المناعة بتاعتك تبقى عرضة للقلب عرضة للسكر عرضة للروماتيزم عرضة للضغط عرضة للدهنيات عرضة أنك تشرب سجائر زيادة عرضة أنك تأخذ مخدرات عرضة أنك تعمل.. تبقى عايش رتيبة. فبالتالي الهم لما يزيد هو ده اللي بيعمل كده، فيعني أيام زمان آباءنا وأجدادنا كانوا يأكلون الفطير المشلتت وبسمنة بلدي ويشرب السجائر وبيعمل كل شيء ما كناش بنسمع الأمراض اللي بتيجي في سن أربعين وخمسة وأربعين وفي خمسين..
أحمد منصور (مقاطعا): لا، والثلاثينات والعشرينات.
أحمد عكاشة (متابعا): يبقى ده Stress، دي المشقة الجهد الكرب اللي حضرتك بتقول الهم.
أحمد منصور: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزَن.
أحمد عكاشة: يعني أنت عندك مثلا في أوروبا يقول لك إن أي عامل حيشتغل زيادة عن ثماني ساعات في اليوم ده حيؤثر على صحته النفسية مش حيقدر يدّي لي إنتاج، لازم يأخذ يومين في الأسبوع إجازة، لازم يأخذ كل سنة شهر وحأدفع له أنا فلوس يتفسح بالشهر ده ما يجيش عندي يشتغل.
أحمد منصور (مقاطعا): يقفل موبايله ويتمتع. يا عيني.
أحمد عكاشة: آه، إحنا عندنا الناس علشان الرزق بيشتغلوا الصبح وبعد الظهر، ده في كل البلاد العربية مش بس مصر.
أحمد منصور: لا، حتى دول الخليج الآن يعني أصبح التضخم والغلاء الفاحش وهذه الأشياء قاتلة للناس.
أحمد عكاشة: ده هم وكروب وحتزيد الأمراض النفسية والجسدية.
أحمد منصور: ما هو المخرج؟
أحمد عكاشة: المخرج أن إحنا يكون موجود من النخبة اللي إحنا تكلمنا عليها دي قدوة.
أحمد منصور: طيب النخبة دي الآن زي ما حضرتك قلت لا تفكر إلا في نفسها وعايزة الآخرين يخدموها، بل على العكس..
أحمد عكاشة (مقاطعا): لا، أنا ما قلتش أنا بأقول إن دول مفروض كده. اللي موجود عندنا أنه أحيانا بيفكروا فيهم لما يفوقوا شوية ويسألوا عليهم ويرجعوا نفسهم ثاني. لكن في نخبة من النخبة بقى اللي أنت حضرتك بتسمع عنهم أنه هم الصحوة اللي حاصلة، واللي هو يشكر النظام الحالي أنه مدّي هذه الصحوة الفرصة لهذه الصحوة لأنه برضه في بعض البلاد العربية مافيش هذه الصحوة إلى الآن، يعني يشكر أن هذا النظام أنه عمل حاجة بالشكل كده على أنه في، حقيقي بيعارضوه بيعتقلوه، ولكن على الأقل في صوت..
أحمد منصور (مقاطعا): مش قضية يسمح، لكن قضية أن أحيانا ما يحدث الآن يصعب على الأنظمة أن تسيطر عليه.
أحمد عكاشة: ده سبب ثاني.
أحمد منصور: فهو بيسمح بالمساحة التي لا يستطيع قمعها، وإلا لو قمع سيقمع الشعب. يعني في مصر على سبيل المثال أكثر من أربعمائة تظاهرة واحتجاج قامت في العام الماضي، هذا العام في تصريحات لك أنت الأمر مرشح لما هو أكبر. أول مرة في تاريخ مصر يُضرِب أساتذة الجامعات أول أمس، الأطباء أيضا يتظاهرون، العمال.. كل فئات الشعب بتتظاهر، فبالتالي النظام يجد نفسه في ورطة يعني، هذه الفئات عمرها فئات مستكينة ومستسلمة، قراءتك إيه للظاهرة ده؟
أحمد عكاشة: أنا بأقول أن قراءتي أن دي صحوة وهذه الصحوة حتخلي الناس تفوق. يعني مثلا الحدث اللي حصل لما الرئيس نزل بنفسه اجتمع مع مجلس الوزراء علشان مسألة رغيف العيش..
أحمد منصور (مقاطعا): طيب هو الرئيس من رغيف العيش للسلاح النووي، يعني هل هذه مهمة الرئيس؟
أحمد عكاشة (مقاطعا): لا معلش، أولا لما وجد أنه في..
أحمد منصور (متابعا): هل مهمة الجيش يخبز ولا يدافع عن البلد؟
أحمد عكاشة: لما وجد أن في خطر موجود نزل بنفسه لأن واضح جدا أن الثانيين مش قادرين يعملوا حاجة..
أحمد منصور: أصل في سؤال مهم جدا طالما أنك استعرضت هذه النقطة، يلاحظ أن المؤسسات الإدارية في الدولة كلها، حتى الرئيس نفسه اتهم الحكومة بالعجز في..
أحمد عكاشة (مقاطعا): مظبوط.
أحمد منصور (متابعا): أصبحت غير قادرة على أنها تحل مشاكل الناس. يعني نزل مدير أمن القاهرة اللي هو إسماعيل الشاعر، نزل حتى يبحث قضية رغيف العيش، الناس التفوا حوله حتى يخبروه بأن هناك استغلال لهم في المواصلات وهناك المجاري مش عارف ضاربة فين وهناك.. لقى أن الحكاية مخرمة من كل ناحية يعني الآن هل.. يعني في عجز تام، مصر بقيت مزبلة كبيرة كلها في أرقى الأحياء وفي أرقى.. يعني أصبحت هناك مشاكل رهيبة داخل المجتمع ما عادتش قضية رغيف الخبز بقى فقط، يعني رغيف الخبز ربما الشيء اللي طفا لأنه أهم شيء بالنسبة للناس.
أحمد عكاشة: هو زي ما أنا بأقول إن المصري بيتهم تملّي أن هو مستكين سلبي أن هو يعني بيخضع لأي شيء أن هو من النادر أن يثور، والكلام ده قاله بعض الناس وحتى في شخصية مصر لجمال حمدان، وأنا أختلف شوية أنا مش شايف أبدا أن هي…
أحمد منصور (مقاطعا): حأقول لك شيء، الحكومة مطمئنة أبدا أن الشعب ده يعني حتى حضرتك أكيد متابع النكت اللي هم بيطلعوها أنه هم مهما اتعمل فيهم يعني عايزين زيادة. في 13 ديسمبر الماضي الدكتور علي الدين هلال قال إن الذين ينتظرون ثورة شعبية هم أنبياء الفجر الكاذب. يعني في اطمئنان تام من النظام لما يحدث، لن يحدث شيء يعني. الناس اللي عمّالة تنتظر الثورات وتنتظر الهيجان وتنتظر كل هذه الأشياء يعني يقولون الشعب المصري طول عمره يؤله حكامه ويخنع لهم وكذلك الحاكم يتعامل مع الشعب بهذه الطريقة التي تلائمه، هذا الشعب لمن غلب كما وصفه سيدنا عمرو بن العاص حينما جاء هنا. فهذه طبيعة في الشعب المصري ولا ينتظر أن يفعل شيئا سوى أنه يعني مزيد من…
أحمد عكاشة: أنا أختلف مع كل الناس دول، لأن الشعب علشان يقوم عمره ما بيقوم الشعب نفسه لازم حد يقوده..
أحمد منصور (مقاطعا): ما فيش، ما عادش في نخبة.
أحمد عكاشة (متابعا): واللي بيقوده الـ 20% اللي أنا قلت لك عليهم. الثورة الشيوعية اللي قام بها مين؟ الفقراء؟
أحمد منصور (مقاطعا): طيب ليه حركة كفاية فشلت؟ حركة كفاية على سبيل المثال يوم الحكومة تركوهم يمشوا في شارع شبرا، هم مائتين واحد فضلوا مائتين واحد من أول الشارع لآخر، ولا واحد، الناس بتتفرج بس.
أحمد عكاشة: في احتمال أن الناس ما قدرتش تتوحد مع هذه القدوة، ولكن يعني زي ما بأقول لك اللي قام بالثورة الشيوعية ناس مثقفون وناس أغنياء وناس مبسوطين ولكن كانت لمصلحة الفقراء قاموا بها. اللي قاموا بالثورة الفرنسية ما كانوش الشعب الهمج اللي ماشيين، لا، في ناس كانوا بيفكروا فيها.
أحمد منصور (مقاطعا): بس السلوك النفسي لدى هذه الشعوب يختلف عن السلوك النفسي عند الشعوب هنا.
أحمد عكاشة: شوف الشعوب نفسيتها واحدة، النخبة هي اللي نفسيتها بتتغير. ولذلك..
أحمد منصور (مقاطعا): وإذا النخبة الآن كثير منها بتشتري ضميرها وذمتها. هنا "ثقوب في الضمير" ده مليان من هذه الثقوب، بتشتري ذمة أي واحد وأي أحد.
أحمد عكاشة: كلما كان النظام شموليا كلما كان في نوع من أنواع النفاق الشديد جدا. هي المشكلة عندنا هي أن كل واحد فاكر نفسه أن فكره هو الصح، ما فيش حوار. يعني إذا أنت بصيت للحاجتين الكبار جدا الحزب الوطني والأخوان المسلمين إذا بصيت لهم الاثنين كل واحد فيهم مصمم على رأيه، واحد بيقول لك أنا بأتكلم باسم مصر واللي أنا بأفكر فيه هو الصح وده لمصلحة الشعب، الثاني بيقول لك لا، أنا بأتكلم باسم الله وباسم الدين واللي أنا بأقوله ده هو ده الصح. الاثنين بيقعدوا مع بعض يقدروا، الصحة النفسية مرونة، ما فيش مرونة في اللي الموجودين حاليا اللي بيقوموا بالقرار السياسي، المرونة بسيطة جدا، وبالتالي طالما أنه مافيش مرونة يعني ما فيش حوار، طالما أن مافيش حوار يبقى كل واحد ماشي في اتجاه ولا يمكن يتقابلوا مع بعض.
أحمد منصور: وما الذي يمكن أن يقود له هذا في النهاية؟
أحمد عكاشة: أن يكون في قدوة من النخبة تساعد، أنا متأكد أن الناس الموجودين في الحزب المصري وطنيون، أنا متأكد أن الأخوان المسلمين وطنيون، أنا متأكد بتوع كفاية وطنيون، لكن مش عايزين يفهموا بعض، كل واحد مصمم على رأيه. في أي بلد ثانية بيقعدوا مع بعضهم بيتكلموا مع بعضهم يقول لك الحزب الوطني يقول لك أنا بتاع الكل، أنا بتاع كل الناس اللي ضدي واللي معايا، ده غير صحيح، فبالتالي دي عملية. وهنا أنت ذكرتني في حاجة لأن أحب أقولها، في بعض الناس بيلوموني بيقولوا، الله إيش دخل الطب النفسي..
أحمد منصور (مقاطعا): ده كان سؤالي، الناس كثير إحنا الآن بنتكلم في السلوك الإنساني وبنتكلم في الضغوط السياسية وتأثيرها، والناس بتقول الطب النفسي ده بيعالج المجانين…
أحمد عكاشة: أولا ما فيش حاجة اسمها مجنون، ما عندناش مرض اسمه مجنون، تصور ده!
أحمد منصور: فعلا؟
أحمد عكاشة:لا خالص ما فيش، كلمة مجنون دي كلمة قانونية وليست كلمة في الطب النفسي. الحاجة الثانية اللي عايز أقولها إن في فرع اسمه الطب النفسي السياسي، علم النفس السياسي، على أساس إيه؟ أن الطبيب النفسي محترف سلوك، والسلوك بناء على تفكير والتفكير ده هو التفكير والعاطفة والسلوك هو النفس فبالتالي أن أي شيء في نفسية الإنسان بتتأثر، وبما أن الزعيم عنده مخ وعنده تفكير وعنده سلوك إذاً يخش.. يعني أنا فاكر أستاذ طب نفسي زميل لي قال لي لما أنور السادات وبيغن راحوا علشان كامب ديفيد أنهم قعدوا شهر جايبين أطباء نفسيين والأخصائيين النفسيين السياسيين علشان يدرسوا شخصية السادات وبيغن بحيث أنهم حطوا قدام كارتر كل الأشياء اللي هي تقدر أن هم الاثنين يمضوا هذا الاتفاق. دراسة مش مسألة عشوائية، لا هم عارفين إيه نقاط الضعف هنا ونقاط البتاع دي.. دي اللي قام بها من؟ متخصصون في السلوك الإنساني. ففي بعض الناس متواضعين شوية في الثقافة بيقولوا لك إيش دخل الطب النفسي في السياسة، لا بالعكس، ده الطب النفسي في ناس بتنادي أن بدل ما يبص للفرد يبص للأمة يدّي نصيحة، هو ما بيأخذ قرار سياسي.
أحمد منصور: إذا كانت هذه الشعوب لديها كثير من الأمراض والضغوط وغيرها، دائما نتحدث عن الصحة النفسية للشعوب ولا أحد يتحدث عن الصحة النفسية للزعماء والرؤساء والملوك والسياسيين. أليس هناك أمراض نفسية تصيب هؤلاء؟ اسمح لي أسمع الإجابة بعض فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار مع الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسي، فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد، بلا حدود من القاهرة، ضيفنا هو الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي، موضوعنا حول الضغوط السياسية والاقتصادية والمعيشية على الإنسان العربي والأمراض التي تسببها له. كان سؤالي لك عن الأمراض التي تصيب الحكام والزعماء، الأمراض النفسية؟
أحمد عكاشة: إذا كنا حنعتبر الزعماء بشر وليسوا آلهة أو أنصاف آلهة يبقى بيعانوا بالضبط من كل الأمراض بتاعة الأمير والغفير، الغني والفقير، الزعيم والمواطن نفس الأمراض..
أحمد منصور(مقاطعا): ليس لهم أمراض خاصة؟
أحمد عكاشة: لا ما عندهمش يعني ..
أحمد منصور(مقاطعا): جنون العظمة؟
" جنون العظمة يأتي مع طول مدة الحكم فستالين في آخر أيامه كان يحس أن الناس تريد قتله " |
أحمد عكاشة: لا ده موجود جنون العظمة ده هو بيجي مع طول مدة الحكم، يعني مثلا ستالين في آخر أيامه ابتدأ يحس أن الناس عاوزة تخلص منه عاوزة تسمه وابتدأ أنه هو يشك، فالجماعة الأخوة اللي حواليه كلهم جابوا بعض الأطباء النفسيين..
أحمد منصور(مقاطعا): الرفاق بقى مش الأخوة.
أحمد عكاشة (متابعا): وشافوه وقالوا له لازم تأخذ علاج دي حاجة اسمها أعراض خيلائية زورانية بارانويية بتاعة أنك حاسس بالاضطهاد، عاوزين يموتوك عاوزين كذا كذا. وحاولوا يوصفوا له علاج، أعدم الأطباء النفسيين، إيوه أعدمهم. ولذلك نحن ما بندخلش خالص مع الزعماء.
أحمد منصور(مقاطعا): مالكوش دعوة بيهم، أحسن.
أحمد عكاشة: عندك مثلا ملك الدنمارك أعلن من كذا شهر.
أحمد منصور: الحالي.
أحمد عكاشة: الحالي نعم أعلن أنه هو عنده اكتئاب شديد جدا وحينعزل عن أن أي..
أحمد منصور(مقاطعا): أعلن مش سر أمني ولا حاجة يعني.
أحمد عكاشة: لا لا وأفتكر حضرتك الـ (سي.إن.إن) كانت لسه عاملة قريب جدا على رئيس وزراء النرويج اللي أصابه اكتئاب شديد وقام وقال أرجوكم الطبيب النفسي قال لي بأني لا أستطيع أن أقوم برئاسة الوزراء لأن كل قراراتي حتكون تشاؤمية سوداوية مافيش داعي الشعب يعاني معي.
أحمد منصور: خادم للشعب، لازم يصارحه.
أحمد عكاشة: بعد أربع خمس شهور قال لهم الطبيب النفسي سمح لي بالعمل ورجع لرئاسة الوزارة، بعد أيام أربع خمس شهور كان في انتخابات يعني انتصار ساحق.
أحمد منصور(مقاطعا): الشعب كله تعاطف معه.
أحمد عكاشة: ليه يقى؟
أحمد منصور: ليه؟
أحمد عكاشة: لأنهم أحسوا أنه هو بيعيا زيهم يمرض زيهم هو إنسان منهم ممكن يصاب بالسكر ممكن يصاب بالضغط ممكن يصاب بالشيخوخة ممكن يصاب بالاكتئاب، لأن أي واحد فينا ممكن يأتي له اكتئاب والأمثلة كثيرة جدا بين الزعماء والسياسيين.
أحمد منصور(مقاطعا): لكن في العالم العربي لا مساس ولا كلام عن صحة أي رئيس أو زعيم واليوم حكم على إبراهيم عيسى بالسجن ستة شهور لاتهامات له بخصوص صحة الرئيس. صحة الزعماء الآن لماذا في الغرب بقى الزعيم يخرج يصارح شعبه بما عنده، الرئيس بوش دخل المستشفى وسلم الزر النووي لنائبة، نائبه عمل عملية قلب مفتوح..
أحمد عكاشة (مقاطعا): وأولمرت جاء له سرطات بروستات.
أحمد منصور: سرطان بروستات وطلع وقال أنا حأتعالج وما فيش أحد، وشارون أهو بقى له أكثر من سنتين في الوضع اللي هو فيه. ولكن لماذا صحة الزعماء والرؤساء العرب سر وخط أحمر لا يمكن لأحد أن يتجاوزه وتأثير ذلك إيه على منظومة العلاقة بين الحاكم والمحكوم ؟
أحمد عكاشة: طبعا بتعمل فجوة شديدة جدا. كلما كان في تعتيم على أن هذا الشخص مش زي عامة الشعب يمرض ويعيا ويشفى كلما كان في تعتيم كلما كانت الثقة بين المحكوم والحاكم تقل جدا. وبرا بما أن الثقة موجودة أكثر من البلاد العربية وبالتالي الصراحة مهمة جدا لأنهم بيعتبروها جريمة أن يكذب واحد أنه هو ما يقولش عن صحته أو يكذب عن صحته ويكون مسؤول عن الدولة دي مسؤولية خطيرة جدا يعني الناس اللي كانوا حول ريغن كانوا عارفين أنه عنده الزهايمر في الآخر.
أحمد منصور(مقاطعا): وهو يحكم في أواخر أيامه.
أحمد عكاشة: في أواخر أيامه ولكن كان خفيف جدا ولكن منعوه تماما من اتخاذ أي قرار ولم يعلنوا لأن.. الحبيب بورقيبة لما جاء له الزهايمر حطوه في القصر بتاعه، هو مش حاسس لما اتشالش، ولكن بيتقال ولكن من النادر جدا أن الزعماء العرب بيقولوا أن ماأعرفش هل خوف أو رهبة أن الملك أو أي حاجة أن ده يتؤثر أن الشعب يفتكر أن هو ده زيهم..
أحمد منصور(مقاطعا): ده بالعكس الشعب بيتعاطف معه طبيعته كده.
أحمد عكاشة: أنا شايف كده من الناحية النفسة ولكن واضح جدا أنهم بيفكروا بطريقة مختلفة.
أحمد منصور: أيضا أسألك عن الطاقة النفسية أو الحاكم الملك الأمير، ما هي الطاقة النفسية التي يجب أن تتوفر في هذا الحاكم حتى يستطيع أن يتابع من رغيف الخبز إلى التسلح النووي؟
أحمد عكاشة: ما هو ده اللي هو نحن منقول عليه، الطاقة محدودة لكل إنسان وبيحتاج لناس يعاونوه، ماحدش يقدر يعمل كل حاجة لوحده صعب جدا ونطلب أكثر من طاقة أي إنسان بشري أنه هو يستطيع أن يقوم بكل حاجة. كل حاجة لها تخصصها وده اللي بيخلي الزعماء برا أنهم لازم يدوا تقرير سنوي عن صحتهم للشعب بتاعهم.
أحمد منصور(مقاطعا): للشعب.
أحمد عكاشة: أمّال.
أحمد منصور: حق الشعب.
أحمد عكاشة: حق الشعب أن يعرف بالضبط إيه اللي موجود عنده لأن كل حاجة حتعتمد عليه أو أنه هو بيدي بعض السلطة زي ما قلت لك رئيس وزراء النرويج إدّى السلطة للي بعده لمدة لغاية ما يشفى. مش عيب أبدا ما حدش أبدا بيقول نشيله علشان عيان، ما حصلتش أبدا في العالم أن واحد مريض بيقول لك نتخلص منه.. ما حصلتش.
أحمد منصور: كيف تقوم بالتحليل النفسي للزعيم السياسي؟
أحمد عكاشة: نحن عندنا حاجة في أخلاقيات الطب النفسي أنه لا يصح إطلاقا أنه أنا أعمل تشخيص أو تحليل لأي حد من المشهورين سواء فنان سواء سياسي سواء زعيم سواء أي حاجة إلا إذا كنت فحصته، وعند فحصه يبقى من الأسرار والخصوصية أنه لا يصح أخلاقيا أن نقول أي حاجة عنه. ولكن اللي بيتدرس وبيتقال ده من الظواهر السلوكية اللي موجودة ولكن ليس التشخيص لأن التشخيص عاوز علاقة خاصة بين الطبيب وبين الموجود ده. فأنت بتدرس تاريخ حياة الزعيم بتدرس تصرفاته بتدرس سلوكه بتدرس إذا كان هو إنسان انفعالي إذا كان هو إنسان مرن إذا كان هو إنسان جامد إذا كان هو ذكاؤه عالي إذا كان هو ذكاؤه متوسط إذا كان هو ذكاؤه لين..
أحمد منصور(مقاطعا): طبعا الحكام العرب كهم عباقرة من نسبة الـ 1%.
أحمد عكاشة: ما كشفتش عليهم.
أحمد منصور: يعني النجاحات اللي حققوها دي يعني جابوا الشعوب ما شاء الله. يعني عندي هنا دراسات بتقول إن الشعوب العربية هي أكثر شعوب العالم إحباطا ودي حاجات ما يحققهاش إلا العباقرة ولا حضرتك شايف إيه؟
أحمد عكاشة: أنا عايز أقول لك حاجة لطيفة جدا أن كينيدي وريغن كان ذكاؤهم عادي ما كانش عادي ولكن ذكاؤهم العاطفي اللي هو الكاريزما الجاذبية بتاعتهم كانت عالية جدا، كارتر كان 140 ما انتخبهوش مرة ثانية، بس ماعندوش الجاذبية العاطفية.
أحمد منصور(مقاطعا): كان 140 كذكاء لكن ما عندوش الكاريزما.
أحمد عكاشة: لكن الذكاء العاطفي في ذكاء أكاديمي وفي ذكاء عاطفي، كلينتون الاثنين كانوا عاليين يعني عمل العمايل دي كلها وانتخبوه تاني يعني عنده جاذبية.
أحمد منصور: طيب اللي بيحكم الوقت ده؟
أحمد عكاشة: بوش، هم بقى علماء النفس هناك بتوع الطب النفسي السياسي وعلماء السياسة حاطين له ذكاء متوسط يعني يا دوبك ذكاؤه وعنده صعوبات كانت في التعليم شديدة جدا وواضح جدا أن هو إمكانياته العقلية والفكرية ما توصلوش لهذا المنصب.
أحمد منصور: أمّال إيه اللي وصله؟
أحمد عكاشة: اللي وصله طبعا الرأسمال والناس اللي حواليه المحافظين هم اللي جابوه لأنهم هم اللي يقدروا يحركوه زي ما هو عاوز. يعني أنا كنت بأسأل واحد اسمه كيدلر، واخد نوبل، باقول له أنت يعني بذكائك ده تبقى موجود في هذا المنصب بهذا الذكاء وتسيب واحد زي بوش يحكم أميركا؟ قال لي هو في واحد ذكي يحب يبقى محل بوش.
أحمد منصور: للدرجة دي؟
أحمد عكاشة: هو تملي نحن منقول أن العلماء يُحكمون بواسطة من هم أقل منهم ذكاء ولازم كده لأن ده مخه مختلف خالص.
أحمد منصور: طيب هل هناك عمر افتراضي للزعامة السياسية للرئاسة للملك لغيرها؟ في الغرب تحدد بمدد أقصاها دوريتن الدورة أربع سنوات أحيانا أو خمسة أو ستة على أبعد تقدير أو سبعة زي الفرنسيين مثلا؟ فهنا في العالم العربي الرئيس القذافي عميد الزعماء العرب من سنة 69 إلى اليوم دخلنا في أربعين سنة، الرئيسي اليمني دخل في ثلاثين سنة، الرئيس المصري 27 سنة، الرئيس التونسي 22 سنة، يعني هل الزعامة في العالم العربي هي من القصر إلى اللحد؟ ليست مثل الأنظمة التي في العالم؟
أحمد عكاشة: في فرق بين الملكية، دي على طول ما لناش دعوة بها، في فرق بين الحكام رؤساء دول وفي فرق بين الزعامة، نيلسون مانديلا ساب، بعد 37 سنة سجن جاء ثلاث، أربع سنين وساب القيادة ولكن ما زال ..
أحمد منصور(مقاطعا): بقي زعيم ورمز.
أحمد عكاشة: في فرق بين.. ولكن العالم كله بيقول لك إن السيادة..
أحمد منصور(مقاطعا): سوار الذهب ترك الرئاسة وبقي رمزا.
أحمد عكاشة: ولكن العالم كله بيقول إن هو أكثر من مدتين، حتى في الجامعة عندنا رئيس القسم في الجامعة ما يقدرش يقعد زيادة عن مدتين.
أحمد منصور(مقاطعا): علشان الدماء تجري..
أحمد عكاشة: أيوه، لأن عادة الواحد لما بيقعد كثير في المنصب الرئاسي..
أحمد منصور(مقاطعا): إيه الأضرار بقى اللي تنتج؟
أحمد عكاشة (متابعا): بيجي حاجة اسمها تغير دائم في الشخصية، بيبتدي يتوحد مع العمل بتاعه يعني إذا كان رئيس قسم طب نفسي أو رئيس قسم جغرافيا أو رئيس كذا أي حد يعارضه يفتكر أنه بيهين الفرع بتاعه، زي لما بيقعدوا مدة طويلة أي حد بيهاجمه يبقى خائن، مش بيبقى مختلف في الرأي يبقى خائن. فطول المدة بتخلي الإنسان غير قادر على الإبداع غير قادر على الابتكار غير قادر على التغيير وفي جمود، علشان كده قال لك نحن علشان نمشي أي بلد لازم يقعدوا مدتين بس، في ناس أربع سنين مدتين ثمانية، وفي ناس ستة زي فرنسا ولو أن طبعا ساركوزي عايز ينقصهم يبقى يخليهم خمسة أفتكر أو أربعة، علشان المدد الطويلة دي ما بتجيبش إبداع وابتكار.
أحمد منصور: كيف ينجح القائد أو الملك أو الرئيس أو الزعيم في أن ينجح بشعبه ويجعل صحته النفسية في مستوى مقبول حتى بلاش ممتاز أو جيد؟
أحمد عكاشة: أنه هو يفكر باستمرار أنه حيسيب الكرسي، وأن القيادة الحقيقية في اختيار المعاونين بتوعك. وأنا بدي مثل لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، شوف الناس اللي قاموا حوله دي القيادة، شوف بقى كل العالم القيادات اللي حوله حتوصله لإيه، شوف القيادات بتاعة بوش وصلته لإيه، شوف القيادات بتاعة اللي قبليه كلينتون وصلته لإيه..
أحمد منصور(مقاطعا): ده أقال ثلاثة أرباعهم.
أحمد عكاشة: وهم استقالوا كمان بعضهم، فالرجل اللي زي ما منقول مليون عراقي ماتوا وأربعة مليون نزحوا غير أربعة آلاف أميركي مات غير 30 ألف متعورين إيديهم ورجليهم، بعد كده يطلع يقول انتصرنا. ده إنسان ما أعتقدش أن يكون تفكيره وسلوكه طبيعيا، وده اللي يقوله زملائي الأطباء النفسيون في الولايات المتحدة، ومن ثم لازم نأخذ بالاعتبار اختيار الناس اللي حولك مش اللي بيمدحوا فيك باستمرار. يعني أنا فاكر أن كثير جدا من الصحابة كانوا بيقولوا لسيدنا محمد يختلفوا معه..
أحمد منصور(مقاطعا): لأنه كان يتيح هذا.
أحمد عكاشة: فإذا كان سيدنا محمد يتيح الحوار ويتيح المناقشة وأنه يخطئ، يعني صعب جدا أن نحن زعماؤنا العرب لا يخطئون ومش عاوزين حوار.
الإحساس بالعجز واليأس، نتائجه وعلاجه
أحمد منصور: ده زي ما حضرتك قلت من يعارض أو يعترض فهو خائن. هناك بعض الظواهر أيضا التي نشأت نتيجة هذه التراكمات التي تحدثنا عنها ما بين الشعوب وما بين الحكام والسلوكيات التي تحدث، منها ظاهرة أن الإنسان العربي الآن مع عدم الانتماء مع النظام السياسي الموجود يريد أن يخرج يهرب، وكثرت المواكب التي يخرج فيها الناس إلى الموت في المغرب في دول شمال أفريقيا في مصر، فما هو السر الذي يدفع الإنسان إلى أن يخرج من هذه الحالة البائسة ولو إلى الموت؟
أحمد عكاشة: عندنا جملتين بتشرح ده هي helplessness و hopelessness العجز واليأس، لما يصل الإنسان للعجز واليأس يبقى لا مبالاة سواء بالحياة أو الموت وبيشوف مكان آخر يقدر يكمل فيه حياته، ودي بتفكرنا بالتجربة النفسية العظيمة جدا الفأر جابوه وحطوه في قفص وقعدوا يكهربوا فيه يصرخ يصوت ما فيش فائدة قاعد في القفص، بعد كده ابتدوا يكهربوه يبص لهم فوق كده كهربوا موتوا، لا مبالاة، عجز ويأس.
أحمد منصور: إلى أين ممكن أن يقود العجز واليأس؟
أحمد عكاشة: يقود لأربع حاجات، عنف وعدوان، اكتئاب، قلق نفسي شديد، والرتابة والخنوع. أربع حاجات ممكن أو خمس حاجات ممكن تحصل من الإحباط والعجز واليأس.
أحمد منصور: ما حجم ومساحة هذه الأشياء في الشارع العربي؟
أحمد عكاشة: عرضة لأي واحدة منهم ممكن قوي يجي لهم اللي نحن منسميه لا مبالاة.
أحمد منصور(مقاطعا): لا.. واقع موجود.
أحمد عكاشة: ممكن ده يتقلب لعدوان وعنف من ناحية الذات أنه يؤذي روحه زي ما منسمع أن واحد..
أحمد منصور(مقاطعا): حالات الانتحار 55 ألف مصري حاولوا ينتحروا في 2007 انتحر منهم فعليا 4 آلاف.
أحمد عكاشة: دي النسب دي منين؟
أحمد منصور: دي منشورة في شهر ديسمبر الماضي في صحيفة القدس العربي، ومنقولة عن مصادر في وزارة الصحة المصرية ونقلا عن وزارة الداخلية والصحة المصرية.
أحمد عكاشة: الانتحار صعوبة جدا أنك أنت في البلاد..
أحمد منصور(مقاطعا): وفي دراسة ثانية بتقول إن في 3 آلاف شاب انتحروا في 2007 من المصريين من بين العدد ده..
أحمد عكاشة(مقاطعا): في فرق بين محاولة الانتحار والانتحار الحقيقي..
أحمد منصور(مقاطعا): المحاولة كانوا 54 ألف.
أحمد عكاشة: المحاولة عشر مرات قد الانتحار، ولكن زي ما بقول لحضرتك بتصل فعلا أن الواحد يجد أن الحياة صعبة جدا، سمعنا عن واحد بيقتل عياله بعدين يموت نفسه دي حصلت برضه في مصر، دي حاجات موجودة والانتحار في البلاد المتقدمة سببه الاكتئاب ولكن في البلاد النامية والفقيرة سببه النواحي الاجتماعية والاقتصادية، أحد أسبابه يعني 60% من الأسباب بتاعته ما تبقاش اكتئاب مش زي برا يعني.
أحمد منصور: كيف يمكن عمل نوع من الإصلاح للصحة النفسية ما بين النظام الحاكم وما بين الشعوب على هذا الوضع الحالي التي هي موجودة عليه الآن؟ كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟ المسؤولية على حساب من؟ اعمل لنا روشيتة إديها للحكام وروشيتة للشعوب.
أحمد عكاشة: للشعوب التمركز ما يكونش حول ذاته، أن كل واحد يقدر يخدم الآخر، التكافل هو اللي يخلي الناس يثقوا ببعض ويحبوا بعض، إذا الناس أحبت بعضها إذا المصريون أحبوا بعض السعوديون أحبوا بعض الليبيون أحبوا بعض، تأكد أن ده حيخلي الشعب صحته النفسية أحسن، إذا الحاكم استطاع أن يبقى عنده المرونة الكافية أن ينسى أن السلطة والجاه مش هي اللي بتدي السعادة مش هي اللي بتدي الخلود، اللي بيدي الخلود حب الشعب له ويبقى قدوة إذا الحاكم أصبح قدوة الشعب أخلاقه حتتحسن، الحاكم ومن حوله، ده رأيي الخاص.
أحمد منصور: في ظل هذا الوضع الذي نعيشه، في نهاية 2004 فريدن هويدا أصدر كتاب سماه "ما الذي يريده العرب؟" قال فيه إن العرب هم أكثر الشعوب تعاسة فهم لا يثقون بحكامهم ويشكون شكا عميقا في الصفوة المثقفة ولا ينظرون لمستقبلهم نظرة تفاؤل. اليوم يعاني العرب من الاكتئاب، النسب كما ذكرت بعض النسب هناك عشرين مليون عربي مكتئب. هذه النسب العلمية وطبعا هناك أكيد أنت أدرى بحالات الناس، الناس ترد عليك من كل الدول العربية ومن كل الطبقات الاجتماعية، هذا الإحباط الموجود عند الشعوب والذي سببه العلاقة بينهم وبين الأنظمة السياسية، أيضا كيف يمكن ربط هذه العلاقة بحيث يتم تغيير هذه المجتمعات إلى الأفضل؟
أحمد عكاشة: زي كرة القدم.
أحمد منصور: كيف؟ أهم حاجة لي كرة القدم الناس كلها رايحة على كرة القدم.
أحمد عكاشة: أنك أنت يكون في شفافية ما فيش تعتيم، أن كل شيء واضح أنا أغيّر كدة أنا بعمل كذا يا جماعة اشتركوا معايا.
أحمد منصور: يعني اللاعب اللي بيغلط قدام الناس كلها بيأخذ إشارة حمراء قدام الناس كلها.
أحمد عكاشة(مقاطعا): هي المساءلة أن الكابتن إذا غلط بينطرد برا.
أحمد منصور(مقاطعا): حتى لو كابتن الفريق؟
" الشعوب العربية يمكن أن تكون من أسعد الشعوب وأنا لا أعتقد أن الحكام العرب يقصدون الإساءة فكل منهم يريد أن يخدم شعبه ولكنه لا يستمع إلى الآخر ولا يحاور " |
أحمد عكاشة: حتى إذا كان الكابتن محبوب للناس كلها ما بيهمهمش، ثالث حاجة أنه بيشيل أي واحد بيحط أي واحد ثاني بداله ما فيش واحد ما بيتغيرش، تبادل في السلطة. إذا قدرنا نعمل الثلاث حاجات دي يبقى أؤكد لك أن الشعوب العربية دي ممكن تكون أسعد الشعوب لأن ربنا إداها خيارات كثيرة جدا، وأنا ما أعتقدش أن أي واحد حتى في الحكام العرب قصده سيء، كل واحد عايز يخدم بس ما بيعملش حوار أنه هو يسمع الآخر.
أحمد منصور: نأمل أن تكون لهذه الحلقة صداها لمن يريد فعلا أن يعرف الحقيقة ويسعى لعملية التغيير. أشكرك شكرا جزيلا دكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم وأعتذر للمشاهدين الذين بقوا على الهاتف بسبب ضيق الوقت، في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من القاهرة والدوحة وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من القاهرة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.