مفكر يهودي ومؤلف كتاب صناعة الهولوكوست
بلا حدود

صناعة الهولوكست

لماذا كتب نورمان فينكلشتاين كتابه (صناعة الهلوكوست) في هذا التوقيت بالذات؟ هل يتعرض فينكلشتاين لما تعرض له من قبل هيلبرج وإيرفنج؟ متى ظهرت صناعة الهولوكست؟ ولماذا تأخرت حتى حرب 1967م؟

undefined

undefined

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود). منذ صدور كتابه (صناعة الهولوكوست) في منتصف شهر يوليو الماضي عن دار (فيرسو) في لندن ونيويورك و نورمان فينكلشتاين Norman Finkelstein أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك يواجه عاصفة حادة عبر شطري الأطلنطي، فرغم أن الكتاب لا يتجاوز عدد صفحاته 160 صفحة إلا أن عدد المقالات التي كتبت عنه حتى الآن لا تعد بالعشرات بل مئات المقالات نشرت في معظم الصحف الغربية لاسيما الرصينة منها والمشهورة لأن الكتاب باختصار يقدم دراسة جريئة تفضح صناعة  (الهولوكوست) والجماعات التي تقف وراءها وأهدافها ووسائل وأساليب اللوبي اليهودي في ابتزاز دول العالم والحصول على عشرات المليارات من الدولارات من الدول الغربية كتعويضات لضحايا (الهولوكوست) فيما يتم توزيعها على إسرائيل والجماعات اليهودية وطبقات المحامين والمستفيدين الآخرين حيث لم تتوقف عملية الابتزاز على ألمانيا التي دفعت وحدها حتى الآن ما يزيد على 60 مليار دولار، وإنما دخلت في دائرة الابتزاز كل من سويسرا وفرنسا وهولندا وإيطاليا والنرويج وبريطانيا. كما نشرت مجلة تايم (Time) الأمريكية في 14 من أغسطس الماضي أن العرب أيضا دخلوا دائرة الابتزاز حيث تطالبهم إسرائيل بدفع 15 مليار دولار كتعويضات أولية عن ممتلكات اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية، وهاجروا إلى إسرائيل، وسوف تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على الدول النفطية للسداد، فيما لا يزال يعيش ملايين الفلسطينيين في الشتات والمخيمات من جراء ما فعل اليهود بهم، ورغم محاولات اللوبي اليهودي لمنع نشر الكتاب في الدول المختلفة، حتى أنه كتب حتى الآن في ألمانيا وحدها ما يقرب من 300 مقال لمنع نشر الكتاب بالألمانية إلا أن (فينكلشتاين) أكد لي أنه سيصدر قريبا بالألمانية والبولندية والهولندية والدانماركية والسويدية كما أكدت دار الآداب في بيروت أنها سوف تصدر طبعته العربية في الأسبوع القادم. 

إعلان

لكن القنبلة الأكبر التي فجرها نورمان فينكلشتاين أنه كاتب يهودي، عاش أبواه مأساة الهولوكوست، وكان من ضحاياها في (وارسو) قبل هجرتهما إلى الولايات المتحدة، ومن ثم فإنه يقدم صورة من الداخل، هي التي فجرت هذه الثورة اليهودية العارمة ضد ما كتب. ولد (نورمان فينكلشتاين) في نيويورك عام 1953م لأبوين يهوديين مهاجرين من بولندا، ويعمل الآن أستاذا للعلوم السياسية في جامعة نيويورك، شُغل مبكرا بالصراع العربي الإسرائيلي، وقضى صيف سنوات 1988م إلى 1995م مع أسر فلسطينية في (بيت ساحور) وقرى ومدن فلسطينية أخرى فاستطاع أن يدرك حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وقد عبر عنها في كتابيه (الحقيقة والخيال في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) و (محاكمة أمة) الذي اعتبرته مجلة نيويورك لمراجعة الكتب من أهم الكتب التي صدرت عام  1998م. نحاوره في حلقة اليوم عبر الأقمار الاصطناعية من نيويورك حول كتابه الأخير (صناعة الهولوكوست) و الحقائق التي أوردها فيه، وردود الفعل الهائلة التي لا زال الكتاب يثيرها في الغرب، وفي جميع أنحاء العالم، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة  يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأبناء على الأرقام التالية 00944888873

أما رقم الفاكس فهو 4885999

[فاصل للإعلان]

أحمد منصور:

دكتور فينكلشتاين سؤالي الأول عن الأسباب التي دفعتك إلى كتابة هذا الكتاب في هذا الوقت بالذات.

د.نورمان فينكلشتاين:

أعتقد أنه كان هناك سببان لكتابة هذا الكتاب أولهما وهو السبب المباشر هو أنه طُلب مني أن أستعرض كتابا آخر حول موضوع مشابه لأحد دور النشر في بريطانيا، وبعد الاستعراض فإن أحد الناشرين اقترح علي أن أدخل في عمل مطول، وهذا هو ما خرج بنا إلى هذا الكتاب، وكان ذلك هو السبب الرئيسي ولكن هناك سبب آخر وسبب أكثر عمقا وهو أن والدي اللذين نجيا من المحرقة النازية قد توفيا في عام 1995م، وتصورت أن الوقت مناسب لكي أتحدث بصراحة عن صناعة الهولوكوست، والتي -في رأيي– شوهت وأساءت إلى ذكرى والدي.

أحمد منصور:

لكنك سببت غضبا عارما في صفوف المنظمات اليهودية والصهيونية جميعا..

هل كنت تدرك أن كتابك سوف يثير هذا الغضب لديهم؟

د.نورمان فينكلشتاين:

لم يدهشني أن يسبب كل هذا الغضب ضمن المنظمات اليهودية المنظمة لأنهم كانوا الهدف الرئيسي لكتابي، ورغم ذلك فإنني يجب على المرء أن يميز بين غضب المنظمات اليهودية المنظمة من ناحية، ورد فعل الضحايا الفعليين و من نجوا من الاضطهاد النازي، ومن ناحية  أخرى فإنني كنت دائما على اتصال مع العديد من الناجين من الاضطهاد النازي، وكلهم حتى رغم عدم اتفاقهم معي في العديد من القضايا، مثلا الكثير منهم لا يتفقون معي حول آرائي فيما يتعلق بالفلسطينيين، ولكن حتى في اختلافهم معي على هذه القضية فإنهم يدعمونني بشكل كامل في القضايا الحاسمة من أن المحرقة النازية قد استغلت لأسباب ومكاسب سياسية ومالية من قبل اليهود الأمريكيين، ومن ناحية يجب أن أقول أن دأب مؤيدين.. بأن الذين كانوا ضحايا الاضطهاد النازي فيجب أن أؤكد أيضا أن السلطات في –خاصة هيلبرج– كاتب العمل الأساسي حول هذا الموضوع وتدمير اليهودية الأوروبية، قد قدم ثلاث مقابلات حتى الآن حول كتابي أحدهما مع مجلة برازيلية والثاني مع محطة إذاعة سويسرية، والثالثة مع صحيفة ألمانية، وفي كل هذه المقابلات التي أجراها فقد خرج بشكل قوي جدا، دعما قويا.. مقدما دعما قويا لكتابي، وأنه يقول أنه بالغ الدقة، ذلك بالنسبة لفئتين من الناس الذين يعنيهم أو يعنيني أمرهم، فإن الضحايا الفعليين للاضطهاد النازي هو العالم الأكاديمي فإن كتابي قد لاحظ نجاحا في رأيي، أما بالنسبة للأرباح التي حصل عليها المجتمع اليهودي فإنني لا يهمني ما يرونه.

إعلان

أحمد منصور:

أنا اطلعت على كثير من الأشياء التي كتبت خاصة ما يتعلق بـ (هيلبرج) وأعتقد أن هيلبرج قد حكم عليه في بلده –سويسرا– بسبب بعض الآراء التي طرحها قبل عدة سنوات، والتي لا تختلف كثيرا عن الآراء التي طرحتها أنت الآن، هل كنت تعتقد أنك يمكن أن تتعرض لما تعرض له هيلبرج، ولما تعرض له مؤخرا في بريطانيا المؤرخ البريطاني المعروف (ديفيد إيرفنج) بسبب إثارته لقضية الهولوكوست، وما حدث فيها؟

د.نورمان فينكلشتاين:

أعتقد أننا يجب أن نميز بين شخصية مثل (راؤول هيلبرج) و هو سلطة و حجة أخلاقية و تاريخية، حول الهولوكوست وشخصية مثل ديفيد إيرفنج، الذي قدم مساهمة هامة جدا أو لفهمنا للجانب النازي من الحرب العالمية الثانية، ولكن عندما نأتي إلى مسألة المحرقة النازية فيبدو لي أنه يجب أن نستبعده لأنه ليس جادا بالقدر الكاف، لذلك يجب أن أميز وأضع خطا واضحا، تميـيز ما بين السيد هيلبرج والسيد إيرفنج، لا أريد أن يستخدم هذه الفرصة لكي استنكر السيد إيرفنج فقد استنكره ما يكفي من الناس في وسائل الإعلام ومن زملائه، ورغم ذلك فإنني أعتقد أنه ليس من الإنصاف أن نضعه في نفس المستوى مع راؤول هيلبرج الذي كان إلى حد كبير أكثر المصادر حجة حول هذا الموضوع  وأعتبر أنه مبعث للكرامة أن راؤول هيلبرج قد أظهر الصلابة، كان من الصلابة ومن القوة بأن يقف، ويدافع عني رغم كل الهجمات التي تعرض لها، وتعرضت لها  ولذلك فإنني أعبر عن امتناني وشكري له، ودائما كنت أقدر أعماله والآن أقدره شخصيا.

أحمد منصور:

لا أريد أن أدخل في القضايا الشخصية الآن، ولكن أريدك أن تحدثني تحديدا متى ظهرت صناعة الهولوكوست؟ وكيف استغلت من قِبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة تحديدا؟

د.نورمان فينكلشتاين:

يبدو لي أننا يجب أن يكون لدينا منظور تاريخي حول هذا السؤال، لأنه ما لم نضع هذا السؤال في منظوره التاريخي فسيكون.. فلن يكون مفهوما ما حدث بالضبط  فالنقطة الأولى التي يجب أن نثيرها هنا هو أنه فيما بعد المحرقة النازية مباشرة، من خلال ومنذ 1967م لم يكن هناك أي ذكر للمحرقة النازية في الحياة الأمريكية  وقد يكون ذلك مبعث دهشة العديد من مشاهديك الذين كانوا قد يفترضوا أنهم.. اليهود كانوا يتحدثون عن المحرقة منذ نهاية اضطهاد النازي، ولكن هذا ليس  صحيحا فالنقطة الهامة التي يجب أن نفهمها هنا هو أنه مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية فإن الولايات المتحدة دخلت في تحالف مع ألمانيا الغربية أو ألمانيا التي أصبحت في عام 1949م ألمانيا الغربية، وفي تحالف ضد الاتحاد السوفيتي، ولدعم هذا التحالف وتقويته بمن كان عدوا لنا قبل عامين فقط، لكي يدعموا هذا، ويقووا هذا التحالف ودعمه فإن المحرقة النازية كان يجب أن تنسى لأنه إذا ظللنا نذكر بالمحرقة النازية، وحقيقة الأمر هو أن التحالف الذي دخلت فيه الولايات المتحدة مع ألمانيا في عام 1949م كان يعني الدخول في تحالف مع ألمانيا التي بالكاد تخلصت من آثار النازية، وإذا ما أثرنا ذكرى المحرقة النازية فإنك ستكون تقول أن الشعب الأمريكي يتحالف مع نفس الشعب الذي قام بالقضاء في غرف الغاز  على ستة مليون يهودي، لذلك كان يجب أن يمحى المحرقة النازية من الذاكرة لتقوية التحالف. واليهود الأمريكيون الذين كانوا دائما يتلقون الاتهامات من الحكومة الأمريكية انضمت إلى الصفوف، وفي عداء ضد الاتحاد السوفيتي، وانضمت إلى دعم التحالف الأمريكي الألماني.

وتبعا لذلك فإن المحرقة النازية أصبحت من الموضوعات المحرمة في الحياة اليهودية الأمريكية، وأيضا في الحياة الأمريكية بشكل عام. وفي يونيو عام 1967م تغيرت الأمور بشكل جذري، فبعد حرب 1967م دخلت الولايات المتحدة في تحالف إستراتيجي آخر وجديد مع إسرائيل، والنخبة من اليهود الأمريكيين حتى يونيو 1967م لم تكن فقط تلتزم الصمت فيما يتعلق بالمحرقة النازية، ولكن قد يثير ذلك دهشة العديد من مشاهديك، النخبة اليهودية الأمريكية كانت أيضا صامتة فيما يتعلق بإسرائيل، لأنه منذ تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948 وحتى عام 1967 كان اليهود الأمريكيون -النخبة منهم- كان يخشون من أنهم إذا تشبهوا بإسرائيل فإنهم سوف يتهموا بازدواجية الولاء: الولاء للولايات المتحدة والولاء لإسرائيل. قبل يونيو 1967 لم تكن إسرائيل حليفا هاما للولايات المتحدة، وبعد يونيو 1967م عندما أصبحت إسرائيل حليفا هاما للولايات المتحدة فإن نخبة اليهود الأمريكيين احتضنوا إسرائيل، وأصبحوا مناصرين لإسرائيل، وعندما أصبحوا مناصرين لإسرائيل فإنهم –فجأة– أيضا

إعلان

-اكتشفوا– وسأضع العديد من الخطوط تحت كلمة -اكتشفوا- المحرقة النازية، لأن المحرقة النازية أصبحت أكثر الوسائل الأيديولوجية أو الأسلحة الأيديولوجية المفيدة التي يمكن أن تضع كل نقاد إسرائيل في صفها، وكان رأيي أنها كانت اكتشاف انتهازي –عفوا– كان اكتشافا انتهازيا للمحرقة النازية..

أحمد منصور[مقاطعا]:

دكتور فينكلشتاين.. اسمح لي اسمح لي أنت ذكرت هنا معلومات هامة للغاية هو أن حرب العام 1967 وانتصار الإسرائيليين على العرب في تلك الحرب، هو الذي شكل ما عرف بصناعة الهولوكوست، وهناك حقيقة أخرى هامة ذكرتها أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قبل الحرب –حرب العام 1967– لم تكن بالقوة التي كانت عليها فيما بعد، وهذه أشياء ربما تكون حتى في مفهوم كثير من العرب ليست أشياء واضحة، إذن حرب العام 1967 شكلت مفصل هام في التاريخ اليهودي الحديث، وجعلت اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يسعى لتأسيس ما عرف باسم صناعة الهولوكوست.. كيف نجح اليهود في استغلال حرب العام 1967م في تأسيس هذه الصناعة؟ وما هي الوسائل التي استخدموها؟

د.نورمان فينكلشتاين:

النقطة الهامة التي يجب أن نذكرها دائما هنا وهي أن هناك سوء فهم –ليس فقط في العالم العربي– لكن أيضا في كل العالم الغربي، فهناك افتراض يتوارد كثيرا بأن اليهود الأمريكيين يؤيدون إسرائيل بدافع من الصلة القبلية، بأن اليهود يؤيدون اليهود، ولكن السجلات التاريخية لا تدعم هذا الادعاء، فاليهود الأمريكيين يدعمون إسرائيل عندما تقوم الحكومة الأمريكية بدعم إسرائيل، وعندما تقرر الحكومة الأمريكية أن إسرائيل تعتبر تبعة وعبء فإن اليهود الأمريكيين ينسون أو يتناسون إسرائيل، أي أن فكرة اليهود الأمريكيين لديهم علاقة خاصة ورابطة خاصة بإسرائيل والتي تنحدر..

أحمد منصور[مقاطعا]:

دكتور نورمان اسمح لي أكمل معك هذا الشق الهام –اسمح لي– هذا الشق الهام أكمله معك بعد موجز قصير للأنباء حول العلاقة  بين اليهود الأمريكان وبين إسرائيل، وكيف استغل اللوبي اليهودي حرب العام 1967 لتأسيس ما عرف باسم صناعة الهولوكوست؟

[فاصل لموجز الأنباء].

أحمد منصور:

دكتور نورمان.. كان سؤالنا عن طبيعة العلاقة بين اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وبين إسرائيل قبل حرب العام 1967 م، وكيف استغل اللوبي اليهودي حرب العام 1967 م لتأسيس ما عرف باسم صناعة الهولوكوست؟

د.نورمان فينكلشتاين:

هذا سؤال له العديد من الجوانب، سأحاول أن أتحدث عن كل جانب منها بشكل مختصر، فالوسيلة الواضحة التي استغلوا فيها المحرقة هو أنهم استخدموها ضد الأنظمة العربية وبهدف تحويل العرب إلى نازيين جدد أي أن مرتكبي المحرقة النازية الألمان تم نسيانهم، وأصبح العرب هم تمثيل للنظام النازي، وبهذا المعنى فإن العدد من الناس قد كتبوا بأنهم بالإشارة إلى الفلسطينيين بأنهم كانوا ضحايا الضحية أي أن الضحايا كانوا ضحية، ضحايا الاضطهاد النازي، ولكن يجب أن نضيف لهذه الصياغة –في رأيي- بأن العرب والفلسطينيين أصبحوا الضحية الثانية للمحرقة النازية لأن المحرقة الآن أصبحت تستخدم ضد العرب والفلسطينيين الذين لا يملكون شيئا، ولا علاقة لهم بالتأكيد بالمحرقة النازية، فأشخاص مثل (أبا إيـبان) يشيرون إلى حدود ما قبل يونيو 1967 بأنها حدود -التي يستخدم فيها عبارة ألمانية– يبرر بها الاحتلال الإسرائيلي للأرضي العربية، بالإضافة إلى ذلك فإن الإسرائيليين واليهود الأمريكيين يستخدمون الادعاء أو المزاعم بأن معاناة اليهود كانت فريدة من نوعها لكي يبرروا عدم التزام إسرائيل بالمقاييس والمعايير الأخلاقية والقانونية الطبيعية، لأن اليهود عانوا بشكل فريد، لذلك فإنهم يجادلون بأنهم ليسوا ملزمين بتنفيذ الالتزامات الطبيعية القانونية بموجب القانون الدولي.

كي نأخذ أكثر القضايا وضوحا، رغم أن قرار الأمم المتحدة 242 نَص على أنه الرجوع إلى حدود..

أحمد منصور[مقاطعا]:

دكتور نورمان اسمح لي لا أريد أن أدخل في تفريعات الآن، نحن نريد أن يكون الكلام قدر المستطاع مختصرا ومركزا في المحاور التي نتحدث فيها، وسوف نأتي إلى هذه الأمور تباعا ما هي الأهداف الحقيقة لصناعة الهولوكوست؟

إذا كنت تريد أن تكمل، أرجو أن تكمل باختصار.

د.نورمان فينكلشتاين:

الهدف الأساسي من صناعة الهولوكوست هو تحييد أو إعطاء مناعة لإسرائيل من كل نقد بإثارة اضطهاد النازي لهم، في أثناء الثمانينات فإن المحرقة في ذلك الوقت كانت تستخدم أيضا لإعطاء مناعة لليهود الأمريكيين ضد النقد بعد أن تحركوا إلى أقصي اليمين، وبدءا من التسعينيات –في رأيي– فإن المحرقة تحولت إلى أسلوب للابتزاز بإثارة ذكرى ضحايا الاضطهاد النازي واستغلالها لابتزاز مبالغ طائلة من أوروبا وأوروبا الغربية وأوروبا الوسطى، وحتى أوروبا الشرقية، وفي الوقت الحاضر –كما قلت من قبل- فإنني في رأيي أن المحرقة النازية تستخدم ببساطة للابتزاز المالي.

إعلان

أحمد منصور:

هل لديك معلومات عن حجم الأموال التي تم تحصيلها فعليا، والدول التي تم ابتزازها في هذا الموضوع؟

د.نورمان فينكلشتاين:

ليس لدينا أرقام دقيقة ومحددة حول هذه الأمور، ولكن ما يمكنني أن أقوله هو ما تقوله المنظمات اليهودية الأمريكية  قد ذكرت بنفسها مؤخرا أحدث الأرقام الذي وضعها المؤتمر اليهودي العالمي وهو أنهم قاموا بتجميع ما يقرب من تسعة مليار دولار كتعويض، كأموال للتعويض، وسواء كان هذا الرقم متدنيا أو كبيرا مبالغا فيه فنحن لا نعرف لأن سجلات هذه المنظمات مغلقة للجمهور، وأود أن أضيف أيضا بأن هذه المنظمات ليس لديها أي مصداقية ديمقراطية، فهي مجرد منظمات على الورقة ومعلنة ذاتيا، وأود أن أؤكد على ذلك، والقادة اليهوديين نصبوا أنفسهم قادة و يجوبون أوروبا، ويغلفون أنفسهم بعباءة ضحايا النازية لابتزاز مبالغ طائلة من الأموال. وواقع الأمر أن ضحايا الاضطهاد النازي لم يحصلوا على أي درهم من هذه الأموال، لذلك هذا ما أسميته في كتابي الابتزاز المزدوج، وأنهم يبتزون الدول الأوروبية، وأيضا يستغلون الضحايا الفعليين للاضطهاد النازي من ناحية أخرى.

أحمد منصور:

طيب، بصفة أبويك من ضحايا النازية، من ضحايا الهولوكوست، هل حصل أبويك على أي أموال من هذه الأموال والمليارات التي تم تجميعها، هذا تقرير  عندي صدر من المؤتمر اليهودي العالمي -يرد عليك- في 12 من أغسطس ويؤكدون أن المعلومات التي ذكرتها بخصوص الأموال معلومات مضللة، ويفندون ما جمعوه وما أنفقوه، بالنسبة للقسم الأكبر من هذا يقال أنه وزع على ما يسمى بضحايا النازية، هل استفاد أبويك من هذا الأمر؟ أو من تعرف من ضحايا الهولوكوست – عفوا ؟

د.نورمان فينكلشتاين:

يجب أن نميز هنا، فإن الحكومة الألمانية، وأود أن أكرر أن الحكومة الألمانية قامت بتوزيع ما يقرب من خمسين إلى ستين مليار دولار كأموال تعويضات، وهذه الأموال التي وزعتها الحكومة الألمانية وصلت إلى ضحايا الاضطهاد النازي، ومهما كان ما يرغب أن يقوله أي إنسان عن الحكومة الألمانية، يجب أن نحترم السجلات أو سجل هذه الحكومة فيما يتعلق بتوزيع أموال التعويضات، وأيضا يجب أن نعترف أيضا عندما نفكر في الحكومة الألمانية بأن سجلاتها حول التعويضات أفضل من أي حكومة أخرى في العالم اليوم، وبالتأكيد فإنها أفضل كثيرا من سجلات الحكومة الأمريكية و بالتأكيد أفضل من سجلات الحكومة الإسرائيلية في تعويض ضحايا اضطهادهم للشعوب الأخرى، فيما يتعلق بالحكومة الألمانية يجب أن ننظر إلى المنظمات اليهودية التي حصلت على أموال تعويضات من قبل ألمانيا لكي توزعها على ضحايا الاضطهاد النازي، وهذا السجل -في رأيي، وقد سجلت ذلك في كتابي– بأن هذا الكتاب عار، فإن الأموال لم تصل إلى ضحايا الاضطهاد النازي، ونعود..

أحمد منصور[مقاطعا]:

إلى من وصلت هذه الأموال؟

د.نورمان فينكلشتاين[مستأنفا]:

إلى سؤالك الأساسي فإن أبي تم تعويضه من الحكومة الألمانية، الأموال التي كان يفترض أن تذهب إلى ضحايا الاضطهاد النازي ذهبت إلى مناطق أو مواقع مختلفة قد ذهبت إلى الجاليات اليهودية في العالم العربي، وإلى المتاحف اليهودية و منح دراسية، وكل أنواع المشروعات الصغيرة التي تمارسها المنظمات اليهودية، ولكن الضحايا الفعليين الذين صرفت بشكل محدد لهم من الحكومة الألمانية فإن الضحايا الفعليين لم يحصلوا على أي شئ من هذه الأموال.

أحمد منصور:

هناك اتهامات للعرب.

د.نورمان فينكلشتاين:

اسمح لي أن أواصل للحظة.

أحمد منصور:

تفضل.

د.نورمان فينكلشتاين:

حصل أبي على معاش من الحكومة الألمانية، وعندما توفي وبالقيمة الحالية فقد بلغ ما حصل عليه حوالي ربع مليون دولار، وأبي كان يكره الألمان كما يكره الشعب الهولندي، ورغم ذلك –وأود أن أؤكد هنا– أنه لم يشك، ولو مرة واحدة حول التعويضات التي حصل عليها، فقد كان الألمان يوزعون الأموال بسرعة وبكفاءة كل شهر طوال حياته بعد الحرب.

أما أمي –من ناحية أخرى– كان يفترض أن تحصل على تعويض من قبل.. بالأموال الألمانية التي أعطيت إلى المنظمات اليهودية، ولكنها لم تتلق درهما واحدا من هذه الأموال، وأود أن أؤكد هنا على السخرية في كل ذلك، فإذا تحدثت إلى الضحايا الفعليين للاضطهاد النازي كما تحدثت كثيرا معهم، وأتحدث معهم كثيرا وبصورة شبه يومية، سنجد أنهم يختلفون في العديد من الأمور، ولكن هناك نقطة واحدة يتفق عليها كل ضحايا الاضطهاد النازي وهي أنهم يريدون الحكومة الألمانية، وليس المنظمات اليهودية يريدون الحكومة الألمانية أن تتولى توزيع أموال التعويضات الجديدة، وهذا بالنسبة.. هذه هي السخرية المطلقة فإن الضحايا الفعليين للاضطهاد النازي يثقون بالحكومة الألمانية أكثر مما يثقون بالمنظمات اليهودية.

أحمد منصور:

اسمح لي دكتور نورمان، هنا اتهام موجه إلى العرب بأنهم شاركوا –من المنظمات الصهيونية– بأنهم شاركوا مع الألمان فيما يسمى بالهولوكوست عبر العلاقة التي ربطت بين الحاج أمين الحسيني وبين هتلر.. هل حقيقة أن اليهود والآن يتهمون العرب بالمشاركة في الهولوكوست، ويطالبون الدول العربية بأن تدفع لهم تعويضات أسوة بما فعلت ألمانيا؟

[فاصل للإعلان]

أحمد منصور:

دكتور فينكلشتاين تفضل بالإجابة.

د.نورمان فينكلشتاين:

لا شك في أن الحاج الحسيني لعب دورا بشعا في دعمه لهتلر في الحرب العالمية الثاني ورغم ذلك فلنكن واقعيين حول هذه الأمور، في ما فعله كان تافها بالنسبة  لنطاق الأحداث التي حدثت في ذلك الوقت، وإذا كان هناك أي شك حول أهمية الدور الذي لعبه فلدينا اختبار بسيط فالسيد الحسيني كان يعيش في لبنان بعد الحرب العالمية الثانية، والإسرائيليون يعتبرون (آيخمن) مجرم حرب، وذهبوا إلى الأرجنتين، وقاموا باختطافه ووضعه أمام المحكمة في القدس فإذا كانوا يشعرون نفس الشعور تجاه الحسيني فإن السؤال هو: لماذا لم يذهبوا إلى لبنان ويختطفوا السيد الحسيني أيضا؟ إن حقيقة الأمر هي أنه إذا كان من المفيد أن نلطخ الغرب بالنازية، فلم  يكن هناك من يفكر في دور العرب أثناء الحرب العالمية الثانية دعما لهتلر، هذا اختراع  واختلاق جديد لكي يلطخوا العرب بسمعة النظام النازي، أما فيما يتعلق بدفع التعويضات فحد علمي لا يوجد أي منظمة يهودية قد تقدمت بمثل هذا الطلب ولكن بشكل عام يجب علينا أن نذكر دائما بأن المنظمات اليهودية ستفعل كل ما هو ممكن لكي تحول أنظار العالم من حقيقة أساسية واحدة وهي أنه طوال كل هذه المناقشات والمباحثات حول التعويضات فإن القضية الأساسية التي كانت تثار هو ما يعتبر رد الممتلكات فمثلا السيد (أيزستاد) وكيل وزارة الخزانة. 

أحمد منصور:

أنا فقط اسمح لي، أود أن أُصحح بعض المعلومات التي ذكرتها فيما يتعلق بالحاج أمين الحسيني فقد كان لاجئا في ألمانيا، وكان مطاردا من اليهود، وأنت تعرف هذا الأمر، فلا نريد أن نخلط، فرجل واحد لا يستطيع أن يدعم دولة، وهارب وفار مما كان يتعرض له على أيدي اليهود آنذاك، أنا أريد أن أبقى في موضوع اتهام العرب في ظل ما نشرته مجلة (تايمز) في 14 من أغسطس الماضي من أن إسرائيل سوف تُطالب العرب بدفع 15مليار دولار قيمة الأشياء، أو الممتلكات التي كانت اليهود العرب الذين هاجروا إلى إسرائيل، ونقلت الصحيفة حوارا عن الرئيس بل كلينتون أدلى به إلى التليفزيون الإسرائيلي أكد فيه أن الفلسطينيين وافقوا في كامب ديفيد الأخيرة على دفع تعويضات للإسرائيليين.. ما هي معلوماتك عن هذا الأمر إن كان لديك معلومات؟

د. نورمان فينكلشتاين:

أعتقد أن هذه قضية منفصلة، وليس لها تأثير مباشر على مسألة جرائم عهد النازي، ولكن هذه المسألة لها صلة بقضية المطالب التي يدعيها مئات الآلاف من اليهود الذين تركوا الدول العربية مقابل الفلسطينيين الذين طردتهم إسرائيل، وفي هذا الإطار فإن قضية المطالب اليهودية ضد العالم العربي قد أثيرت كهجوم مضاد لمزاعم أو ادعاءات العرب ضد إسرائيل، و..

أحمد منصور[مقاطعا]:

أما يدخل ذلك في دائرة الابتزاز التي يمارسها اللوبي اليهودي وإسرائيل على مختلف دول العالم الآن تحت نطاق تعويضات تمنح لليهود؟

د. نورمان فينكلشتاين:

في رأيي فإن إسرائيل قد حصلت نسبيا على مبالغ طائلة من الأموال كتعويضات على مدى الخمسين عاما الأخيرة من كل المصادر، سواء كانت من ألمانيا أو من الولايات المتحدة، المبالغ الطائلة من المعونات، ومن المنظمات اليهودية الأمريكية  ولقد حان الوقت بالفعل على إسرائيل أن تبدأ في دفع أو صرف تعويضات إلى ضحايا جرائمها، وأن تتوقف عن مجرد طلب تعويض على ما عملته..

أحمد منصور [مقاطعا]:

من هؤلاء الضحايا؟ من ضحايا جرائم إسرائيل في تصورك؟ ليسوا فقط هم الضحايا، ولكن أيضا..

د. نورمان فينكلشتاين:

إنها ليست مسألة الصراع، لم تعد كذلك في رأيي بأن الضحايا الفعلي، وأن تأسيس دولة إسرائيل كانوا الفلسطينيين وقد مر الوقت على أن ندفع لهم بالتعويض الكافي مقابل المعاناة التي عانوا منها، إذا ما استعرضنا القائمة كاملة وضمَّنا ذلك اللبنانيين الذين عانوا كثيرًا من الجرائم الإسرائيلية، أم غيرها من الدول المجاورة فإنه لا شك فإننا سنضع قائمة انتظار طويلة جدا، ولكن أعتقد أن على رأس القائمة يجب أن يكون تعويض كريم وصادق على المعاناة التي عاناها الفلسطينيون..

أحمد منصور [مقاطعا]:

هل تعتقد يا سيدي أن سلب ونهب أرض ووطن يمكن أن يقابله أي تعويض في المنظور الذي تتحدث أنت عنه الآن؟

د. نورمان فينكلشتاين:

لا أعتقد أنه هناك أي شك في ذلك كما قلت من قبل، فعندما قال (سيويد أينسيس) اللي هو وكيل وزارة الخزانة، يقوم بجولات في أوروبا لما يسميه رد ممتلكات، فإن رد الممتلكات يهم أو من المواضيع الهامة أمام الحكومة الأمريكية، وإذا كان الأمر كذلك فإن على رأس القائمة، وأنا أتحدث كأمريكي  يجب أن يكون الأمريكيين الذين يحق لهم رد ممتلكات لهم، وفي المرتبة الثانية يجب أن يكون الفلسطينيون الذين يحق لهم أيضا الحصول على تعويضات لرد ممتلكات كحليف كبير للولايات المتحدة.

أحمد منصور:

ما هو سر دعم الولايات المتحدة لما يسمى بصناعة الهولوكست، أو محترفو هذه الصناعة؟

د.نورمان فينكلشتاين:

سأكون صادقا معك، هذا واحد من أكثر الأسئلة تعقيدا، ولا أعتقد أن له أي إجابة واضحة، فحقيقة الأمر هي أن صناعة الهولوكست قد جندت كل الحكومة الأمريكية بأكملها بدءا بالرئيس كلينتون وحتى إلى 12 وكالة حكومية ومجلس الشيوخ ومجلس العموم وكل المجالس المحلية في كل الولايات المتحدة في جهود تبذلها لابتزاز الأموال من أوروبا، يجب أن نذكر أنه لم يكن هناك فقط جلسات استماع في الكونجرس، ولكن أيضا تهديدات من الحكومات المحلية لوقف أموال المعاشات أو الرواتب من البنوك السويسرية إذا لم يقدموا الأموال المطلوبة، والسؤال كما تطرحه هو: ما الذي يفسر رغبة الحكومة الأمريكية بأكملها لكي تنضم في عملية ابتزاز أوروبا؟ هي أن تعمل مع صناعة الهولوكست، ولا يمكنني أن أقدم إجابة واضحة على هذا السؤال فهو أمر ما زال يحيرني.

أحمد منصور:

كيف نجح محترفو صناعة الهولوكست في تغيير العقلية الأمريكية بل والعالمية  وجعل اهتمام العالم أو الحدث الأبرز الذي ظهر في العالم خلال هذا القرن، وربما خلال قرون عديدة هو ما تعرض له اليهود على يد هتلر، في الوقت الذي تعرض فيه اليهود لنكبات كثيرة على مدار التاريخ بسبب جشعهم، وأنت تقرأ التاريخ جيدا وتعرفه، ففي الوقت الذي اتهم فيه هتلر بما فعل، فعل ذلك أيضا (ستالين) وفي قبل عدة قرون فعل في اليهود في أوروبا ما دفعهم إلى الهجرة منها، هذه الأشياء ليست جديدة بالنسبة لليهود، فما الذي جعلهم يستخدمون الهولوكست تحديدا، وأن يصنعوا منه هذا الذي تعتبره أنت أيضا شيئا من الخرافة والتزييف؟

د. نورمان فينكلشتاين:

دعني أوضح النقطة الأخيرة إن الاضطهاد الفعلي لليهود، وإبادة حوالي خمسة إلى ستة ملايين يهودي هي حقيقة تاريخية، أما أسلوب استغلالها من قبل صناعة الهولوكست مسألة منفصلة، وأنا أتفق معك في أن هناك مسألة مثيرة للاهتمام هنا حول كيف تمكنت صناعة الهولوكست من تعبئة كل هذه الموارد الهائلة لفرض هذه الأيدلوجية ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن-كما قلت وعلى حق– في كل أنحاء العالم . النقطة الوحيدة  التي أود أن أذكرها هنا هو أننا يجب أن نكون واضحين، فإن ذلك لم يكن حدث طبيعي أو غير حتمي، لأنه لم يحدث إلا بعد يونيو ( 67 ) لو كان هناك حدثا طبيعيا أو حتميا لكان حدث، من المنطقي أن كان حدث في عام (1948) أو (50) أو بعد الحرب العالمية الثانية، والنقطة الأهم التي يجب أن نؤكد عليها هنا هو أنها كانت حدثا تمت صياغته وإدارته سياسيا وليس تطورا طبيعيا.

أحمد منصور:

أما يعتبر ما فعلته الولايات المتحدة في (فيتنام) من إبادة الملايين هناك، وما فعلوه في (هيروشيما ونجازاكي) وهي فترات بعضها أقرب كثيرا من الناحية التاريخية مما يدعي اليهود أن هتلر فعله بهم، أما يعتبر ذلك أيضا أشياء شبيهة بالهولوكست؟ وما هو موقف صانعو الهولوكست مما حدث لتلك الشعوب؟ أليست هذه الشعوب أيضا لها حقوق، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني وما يفعله اليهود به منذ ستين عاما؟

د. نورمان فينكلشتاين:

أعتقد أنه يجب أن نميز هنا ما بين المقارنات التاريخية والمقارنات الأخلاقية، من الواضح بأن ما حدث في أثناء المحرقة أو الهولوكست النازي يختلف، وفي نفس الوقت مشابه لما حدث في حرب فيتنام أو فيما حدث في (هيروشيما ونجازاكي) فهناك ملامح خاصة مميزة للمحرقة النازية، وهناك ملامح متشابهة، هذه مسألة تاريخية، ويجب أن نتركها للتاريخيين، المؤرخين لكي يـبحثوا فيها، أما على المستوي الأخلاقي فإن القتل هو القتل، والمعاناة هي المعاناة، ولا أود أن أميز هنا سواء أكان من الأفضل أن أموت في غرفة غاز، أم أن أموت بأن يحترق لحمك بقنابل النابالم، لا، أريد أن أُميز ما بين من الأفضل أن أموت في معسكرات الاعتقال، أم في هيروشيما، وعلى المستوى الأخلاقي فإن المعاناة هي المعاناة  والموت والقتل هو القتل، والضحايا هم الضحايا، وعلى هذا المستوى أتفق تماما  معك في أن حوالي من أربعة إلى خمسة ملايين من الأصل الهندي الصيني قد قتلتهم الولايات المتحدة على مدى الحرب الهندية الصينية والحروب الهندية الصينية، وإذا كان ستة مليون يهودي يستحقون التعويضات على معاناتهم، فمن المؤكد أن الفيتناميين أيضا يستحقون التعويض على معاناتهم.

أحمد منصور:

لا أريد أن أدخل معك في جدل حول عدد الذين أبيدوا في المحرقة، لأنك أنت الآن تؤكد على أنهم ستة ملايين فيما تؤكدون على أن الناجون حوالي ربع مليون، وهذه لا أريد أن أدخل معك فيها، اسمح لي أشرك بعض المشاهدين حيث يضغطون علي منذ بداية الحلقة.. عبد الحميد خضر من ألمانيا، وأرجو من الإخوة المشاهدين أن تكون مداخلاتهم مختصرة وأسئلتهم مباشرة قدر المستطاع، من أجل المساعدة في الترجمة، وإتاحة المجال أمام أكبر قدر ممكن من الإخوة المشاهدين للمداخلات، عبد الحميد خضر تفضل.

عبد الحميد خضر:

السلام عليكم أستاذ أحمد.

أحمد منصور:

عليكم السلام، حياك الله يا سيدي .

عبد الحميد خضر :

السيد فينكلشتاين، البروفيسور فينكلشتاين، أنا لم أقرأ كتابك القيم، ولكنني قرأت لعدم توفره باللغة، بأي لغة ألمانية أو إنجليزية هنا عندنا في ألمانيا، ولكن قرأت معظم المقالات التي كتبت حول هذا المقال، وخاصة ردكم الأخير على الاتهامات غير المنصفة من خصومكم، وأستطيع القول أنه كتاب علمي أكاديمي حصيف، خاصة وأنه صادر عن رجل عانى، عانى بسبب موت أبويه بسبب اعتقال أبويه في المعتقلات النازية، هذا العمل العلمي الجليل هو مساهمة رائعة ليس في عقلنة البحث العلمي فحسب، وإنما سيسهم في بناء قوة إنسانية متسلحة بالمعرفة والحقيقة.

أحمد منصور:

هل لديك سؤال أستاذ عبد الحميد؟

 عبد الحميد خضر:

سآتي إلى السؤال أخ أحمد انتظرت أكثر من نصف ساعة.

أحمد منصور:

أنا آسف، ولكن غيرك أيضا ينتظر، تفضل.

عبد الحميد خضر:

وحتى تستقيم الأمور، فلابد من بحث ظاهرة، ظاهرة صناعة الأصولية الإسلامية  فالحركات الإسلامية التي شهدها العالم الإسلامي في عشرينيات القرن الماضي هي جزء من الحركة الإنسانية نحو التحرر والعدالة الاجتماعية ومحاربة الهيمنة  والاستعمار الغربي وإقامة نظم سياسية تحترم إرادة الأمة وهويتها، في الخمسينات قبلت هذه الحركات الإسلامية.

أحمد منصور:

أستاذ عبد الحميد أرجو ألا نخرج عن إطار موضوعنا، سؤالك؟

عبد الحميد خضر:

نعم إنها ظاهرة إنها مصنعة تماما كما صنعت صنع الهولوكست، والآن العالم يعاني، العالم الإسلامي يعاني من هذه الصناعة البشعة التي تؤدي إلى حروب، تؤدي إلى جرائم.

أحمد منصور:

يعني أنت تريد أن تقول أن الذين احترفوا صناعة يا أستاذ عبد الحميد؟

سؤالك صار واضحا أشكرك، شكرا لك، دكتور فينكلشتاين سؤاله عن أن الذين.. طالما أن الهولوكست صناعة هل تعتقد أن الأصولية الإسلامية أيضا صناعة اخترعت لديكم في الولايات المتحدة من أجل محاربة الإسلام والمسلمين؟

د.نورمان فينكلشتاين:

لست خبيرا حول الأصولية الإسلامية، ولكنني لا اسميها صناعة، فكل شعب إلى حد ما –وهذا أمر حتمي– كل شعب يود بوسيلة ما أن يفيد أو يتربح من معاناته السابقة، ودائما يكون ذلك للذين تعرضوا لاستغلال، ولكن يجب أن نتحدث عن الكمية عندما تتحول إلى نوعية، في حالة صناعة الهولوكست فإننا نتحدث الآن عن مشروع ضخم كما وصفت وكما أشرت أنت بشكل صائب إنه على نطاق عالمي، وهو مشروع قد جند كل الحكومة الأمريكية، وهو مسؤول عن العديد من التشوهات في التاريخ، ليس فقط لا يعاني منها فقط اليهود، ولكن أيضا العرب بشكل عام والفلسطينيين يعانون منها، وعندما ننظر إلى أبعاد هذه الصناعة وهي أبعاد ضخمة وهائلة، أعتقد أنه من الإنصاف أن نسميها صناعة، مقارنة بأي ظواهر أخرى، لا أعتقد أنها لها نفس القدر من الحجم.

أحمد منصور:

ميلود كمكوم من ليبيا، اتفضل يا أخ ميلود.

ميلود كمكوم:

يا أخ أحمد منصور.

أحمد منصور:

مساك الله بالخير يا سيدي.

ميلود كمكوم:

سأحاول ألا أطيل لإعطاء الفرصة للبروفيسور.

أحمد منصور:

أرجوك.

ميلود كمكوم:

عموما لطرح أفكاره، واستفادة المشاهدين من أفكاره.

أحمد منصور:

شكرا لك.

ميلود كمكوم:

السؤال باختصار ما هو دور اللوبي الصهيوني اليهودي في أمريكا وراء محاكمة المفكر الإسلامي الفرنسي (جارودي) الذي حاول فضح الجرائم النازية ضد اليهود  وحوكم في الوقت الذي يقولون في الغرب بأن حرية الفكر مفتوحة عندما تجرأ (سليمان رشدي) على أمة كاملة؟

أحمد منصور:

حتى لا نخلط الأمور سؤالك واضح شكرا لك، تفضل دكتور فينكلشتاين.

د.نورمان فينكلشتاين:

أود أن أبدأ ردي بملاحظة وتمييز مبدئي، الملاحظة هي أنني أؤمن تماما بحق كل إنسان في أن يتحدث ويقول رأيه، وأن يكتب ما يرغب في كتابته، وألا يعاني من أي عواقب اجتماعية أو قانونية على أفكارهم والتعبير عن رأيهم، هذا مبدأ أساسي للتنوير، وأنا أؤيده تماما، هذه ملاحظة مبدئية، ولكن طالما أني أقول ذلك فيجب أن أصر على أن السيد جارودي كعالم.. كاتب في موضوع الهولوكست لا يمكن أن نأخذه بمحمل الجدية، وهو لا يقدم أي خدمات بل يسئ إلى العالم العربي بأن يضعه كـ.. فأنت عندما تضعهم في هذا الوضع فأنت تسبب الحرج لنفسك، وأنت تجلب العار على نفسك، ولا يجب أن تأخذه كعالم، فهناك أعمال أكاديمية ممتازة باللغات الإنجليزية والألمانية حول موضوع  الهولوكست النازية كتبها أفراد على أعلى مستوى أخلاقي وأكاديمي، وأحدهما ذكرناه في بداية هذه الحلقة وهو (راؤول هيلبرج) إذا أردت أن تحصل على الحقائق التاريخية وعلى الحقيقة فإنك يجب أن تقوم بترجمة أعمال (هيلبرج) وأن تدعوه للتحدث وأن يلقي المحاضرات، لا أن تدعو أو تترجم أعمال شخص بمثل حماقة وعدم جدية السيد جارودي، له الحق أن يتكلم، ولا يجب أن يعاني أي عقوبات قانونية مقابل حقه في التحدث، ولكن يجب ألا يعامل كعالم أو كاتب محترم، وأنت تحرج نفسك باعتباره كذلك.

أحمد منصور:

يعني هذا رأيك أيضا وكثير يختلفون معك فيه على اعتبار أن جارودي أيضا له آراؤه، وكذلك أنت تعلم جيدا أن المؤرخ البريطاني (ديفيد إيرفنج) أيضا له احترامه، وقدم معلومات خطيرة عن النازية لكل المؤرخين، ومع ذلك لك رأيك فيهما يعتبر رأيا خاصا لك، محمد باقر من فرنسا.

محمد باهر:

أنا أصلح الاسم.

أحمد منصور:

تفضل يا سيدي.

محمد باهر: 

طيب عفوا أول شي بشكر الدكتور فينكلشتاين نورمان على –طبعا– الشجاعة الكبيرة  لأنه في الحقيقة إحنا بالعالم العربي نفتقد إلى الناس الشجعان، يعني أنا بشوفه عنده شجاعة أكثر من عرفات.

أحمد منصور:

سؤالك.

محمد باهر:

السؤال اللي بدي أطرحه هو كالتالي: هل يعتقد السيد نورمان فينكلشتاين لو كان في العالم العربي لوبي ضاغط خاصة من دول البترول على أمريكا، هل ممكن لصناعة الهولوكست أن تنجح، وخاصة بعد عام 67؟ وشكرا جزيلا.

أحمد منصور:

شكرا لك، تفضل دكتور فينكلشتاين.

د.نورمان فينكلشتاين:

أرجو أن تكرر السؤال لأن اللغة العربية كانت تطغي على صوت اللغة الإنجليزية. أحمد منصور:

السؤال هو: لو أن هناك لوبي عربي ضاغط على الولايات المتحدة بعد حرب العام 67.. هل كان هذا يمكن.. هل كان لصناعة الهولوكوست أن توجد في ظل هذا اللوبي العربي الضاغط؟

د.نورمان فينكلشتاين:

لا أظن ذلك في رأيي، لأن القضية الأساسية في رأيي ليست قوة أو ضعف مجموعات الضغط المختلفة سواء كانت اللوبي اليهودي أم اللوبي العربي، ولكن القضية الأساسية هنا هي التحالف الإستراتيجي للحكومة الأمريكية بعد 1967 وبعد أن أثبتت إسرائيل أنها قوة فاعلة، قتالية فاعلة في عام 1967، وكانت راغبة في التحالف مع الحكومة الأمريكية، وقامت بخدمة، واعتبرت كلب حراسة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فإن الحكومة الأمريكية احتضنت إسرائيل منذ ذلك الوقت، وليس لم يكن اللوبي اليهودي هو الذي شجع الولايات المتحدة على اتخاذ هذا القرار، ولم يكن اللوبي اليهودي هو الذي كان مسؤولا عن هذا القرار، ولكنها كانت قدرة إسرائيل على إثبات قوتها القتالية التي أدت إلى تغيير وإعادة توجيه السياسة الأمريكية.

أحمد منصور:

سؤال مشترك من الدكتور أسامة أبو قورة من الأردن من عمان، والدكتور  حسن اليوسف من الرياض من السعودية عن أحقية الفلسطينيين والمتضررين من جرائم الإسرائيليين التي تحدثت عنها في المطالبة بالحصول على تعويضات أسوة بما يطالب به اليهود من الحصول على تعويضات من خلال ما تعرضوا له على يد النازية.

د.نورمان فينكلشتاين:

في رأيي فإن القضية الفلسطينية وحالة الفلسطينيين قوية، وبصراحة إن القضية الفلسطينية لا يمكن تفنيدها على مبدأ عام، ولكن القضية الفلسطينية تصبح أكثر قوة عندما ننظر إلى الجدل والمطالب والمزاعم التي يدعيها صناعة الهولوكست عندما تبتز الأموال من أوروبا، إذا أخذنا التصريحات التي أدلى بها السيد كلينتون أو السيد (أيزستاد) وكيل وزارة الخزانة وغيرهم، فلننظر إلى هذه التصريحات ونطبقها على الحالة الفلسطينية يصبح من الواضح أنه ما لم يحصل الفلسطينيون على تعويضات فإن سياسة الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بسويسرا وألمانيا وبولندا  وغيرها، فإن هذه السياسة مجرد نفاق مطلق، لا يمكنك أن تطالب برد ممتلكات في بولندا، ولا تقدم نفس المطالب بأن تعيد إسرائيل ممتلكات الفلسطينيين، إما أن يطبق هذا المبدأ في كلا الحالتين أو أنه لا يطبق في أي منهما، ولكن لا يمكن أن تطبقه في بولندا، ولا نطبقه في فلسطين.

أحمد منصور:

عندي مشاهد من سويسرا يصحح لك معلومة فيما ذكرته عن الحاج أمين الحسيني لم يكتب اسمه، ولكن من رقم الفاكس جلجل صبحي إن الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي كان محكوما بالإعدام من قبل بريطانيا، وهُرِّب بثياب نساء إلى ألمانيا، وطلب حق اللجوء السياسي ليس لأنه ضد اليهود، بل لأنه كان مطاردا من البريطانيين باعتباره قائد الثورة الفلسطينية مِن عام 36  إلى 39 وكان محكوما عليه بالإعدام، هذه المعلومة لتصحيح ما ذكرته.  أشرف السعد من لندن تفضل. أستاذ أشرف.

أشرف السعد:

السلام عليكم أستاذ أحمد منصور.

أحمد منصور:

عليكم السلام يا سيدي أهلا بك.

أشرف السعد:

حضرتك سألت الضيف ما هو سبب تمسك أمريكا بحادثة المحرقة، معلش أنا ماأعرفش أقول إسمه بالإنجليزي الطويل ده ، فأنا أجاوب حضرتك عن السؤال ده بعد إذن حضرتك، ولو لقيتني طولت قاطعني وأنا هسكت على طول.

أحمد منصور:

لا أنا عايزك تجاوب عليه في دقيقتين إن استطعت.

أشرف السعد:

طيب، هو حضرتك القصة ببساطة إن صورة الاستعمار اتغير، وأمريكا والغرب هم حبوا يوفَّروا جنودهم في صورة الاستعمارات اللي كانوا بيستعمروا بيها بلادنا، فهم المسألة ببساطة زي (بودي جارد) جابو (بودي جاردات) حطوهم في المنطقة علشان زي ما تقول حضرتك كده يعني مش عارف يعني يحاولوا يظهروا الأخلاق السيئة بهم يعني، وبعدين حضرتك إحنا ما نقدرش نفصل وجود اليهود عن القرآن، هو حضرتك ربنا سبحانه وتعالى قال في القرآن (ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق) فيه إشكال لو الآية دي لوحديها (وحدها) الآية الثانية فسرت حضرتك، أنا عاوز يعني..

أحمد منصور[مقاطعا]:

أستاذ أشرف اسمح لي، نحن نحاور مفكر يهودي غربي، نرجو أن نحاوره –اسمح لي– نحاوره بعقله يا سيدي، نحاوره بعقله وبأسلوب تكفيره.

أشرف السعد:

طب حضرتك اسمعني لمدة دقيقة.

أحمد منصور:

أنا بس لا أريد أن نلقي محاضرة إسلامية على الضيف، إحنا نتكلم معاه بالمفهوم الذي يتكلم به، إذا نملك هذه الأداة نتحدث بها، لا نريد الآن أن نتكلم بلغتين مختلفتين وبأسلوبين وبعقلين مختلفين، اسمح لي، خليني أسمع رأيه فيما ذكرته، رأيك دكتور فينكلشتاين فيما ذكره الأستاذ أشرف السعد من لندن.

د. نورمان فينكلشتاين :

أود أن أذكر نقطة واحدة، أعتقد أنها من المهم أن أؤكد عليها، وهو أنه صحيح أن الحكومة الأمريكية كثيرا ما تـثير ذكرى المحرقة النازية، ولكن يجب أن نذكر  أيضا بأنها تـثير هذه الذكرى بشكل انتقائي، وأن نأخذ مثالا واضحا على ذلك  فالحقيقة موثقة أنه حوالي ما يقرب من مليون طفل يهودي قتلوا أثناء المحرقة النازية، في أثناء الحرب العراقية أو تدمير العراق في عام 1990م و91  كثيرا ما كان السيد صدام حسين ما يقارن بهتلر في وسائل الإعلام الأميركية وكانوا يسمونه في تلك الوسائل، صدام هتلر وتم تغيير شاربه لكي يبدو مثل شارب هتلر، لقد أثاروا قضية الهولوكست  عندما كان الأمر يتعلق بصدام حسين في عام 1990 / 91 ورغم ذلك فإنه منذ فرض العقوبات على العراق فإن التقديرات تقول: إن حوالي مليون  طفل عراقي قد قتلوا، هذا يتصادف مع نفس رقم اليهود الأطفال الذين قتلوا أثناء الهولوكست النازي، رغم ذلك فإنك لن تسمع أبدا الحكومة الأمريكية أو وسائل الإعلام الأمريكية أو المنظمات اليهودية تقارن هذه المقارنة الواضحة هناك بين أطفال العراق الذين قتلوا بالعقوبات الأمريكية على مدى السنوات العشر الماضية وبين الأطفال اليهود الذين قتلوا أثناء المحرقة النازية، ربما يشعر البعض بإهانة من ذلك، ولكن على المستوى الأخلاقي لا يمكن أن أرى فارقا، عندما تتحدث وزيرة الخارجية (أولبرايت) عندما سألها (لازلي ستول) على شبكة تليفزيون الـ C B S ما رأيك في هذه الأعداد الهائلة من الموتى من أطفال العراق؟

قالت: نعتقد أنها تستحق الثمن. يجب أن أقول: أنه لا يمكن أن نتصور أن مسؤولا ألمانيا في، ضابطًا ألمانيا في الحرب العالمية الثانية كان سيقول مثل هذه العبارة المخزية اللا أخلاقية كما قالت أولبرايت حول أطفال العراق.

أحمد منصور:

يبدو أنك تصر على أن الضحايا كانوا ستة ملايين، لكن الدكتور نور المرادي من مالما من السويد يرد عليك فيما يتعلق بالعدد يقول أنه كتب كتابا قبل ثلاث سنوات اسمه المراجعة تحدث فيه عن الهولوكست، وبرهن على عدم صحته فقد كان عدد اليهود قبيل الحرب في كل أوروبا واسكندنافيا حسب الموسوعة اليهودية هو مليوني يهودي فقط، وهتلر لم يحتل من مجمل مساحة أوروبا أكثر من 15 % تقريبا، ناهيك عن أن أغلب يهود الجزء المحتل هذا بقي حيا إلى ما بعد الحرب، والبعض هرب قبيل الحرب بكثير، فمن يهود بولونيا الذين كانوا ثلاثين ألفًا هرب منهم 27ألفًا إلى السويد، ولم يحدث شئ ليهود الدولتين أسبانيا وإيطاليا حليفي هتلر، والمفارقة الأكثر هو ادعاء اليهودية العالمية بأن أبا هتلر، نغل من فعل.. أي لو صح الهولوكست.. يعني  أن هتلر أباه يهودي، يعني لو صحّ الهولوكست لكان من فعل شخص تجري فيه دماء يهودية، هناك نقاش كثير وتفنيد لعدد الستة ملايين الذين تتحدثون عنهم دائما، ما رأيك – باختصار– في هذه المعلومات؟

د. نورمان فينكلشتاين:

أعتقد أن هذه الردود ليست جادة، ولا يجب أن تؤخذ بمحمل الجدية، وهي تجلب العار على من يثيرون هذا الجدل، فلا توجد أي أرقام دقيقة حتى في مدينتي نيويورك لا نعرف بكل الوسائل الحديثة لدينا فإننا نتصوّر أن بمقدار 500 ألف بعدد السكان في نيويورك ما يزيد أو ينقص بمقدار 500 ألف فإن وسائل التعداد في أكثر المدن تقدما ما زالت بدائية نسبيا، فعندما نتحدث عن أوروبا الشرقية في أثناء المحرقة النازية وأثناء الحرب فإن الأعداد سوف تكون مجرد تكهنات، ولكن هذه التخمينات والتكهنات من أفضل الباحثين تضع الرقم ما بين خمسة إلى ستة ملايين  وحتى لو كان أربعة ملايين فقط فإنني لا أرى الفارق هنا، فليست هذه هي القضايا التي يجب أن نناقشها هنا، فإن المحرقة النازية حقيقة  والمعاناة الهائلة لليهود وغيرهم من الأجناس الأخرى في أثناء الحرب العالمية الثانية حقيقة واقعة، ولا يجب أن نناقش هذه الحقائق، يجب أن نناقش الاستغلال الرخيص لهذه المعاناة لجلب المعاناة على شعوب أخرى، هذه هي التي يجب أن تكون القضية، وهي أن معاناة اليهود وغيرهم من الشعوب تستخدم أو تستغل بشكل قاس لخلق معاناة جديدة على شعوب لا تستحق ذلك مثل الفلسطينيين، هذه هي القضية بالنسبة لي، ليس ما إذا كان عددهم أربعة أو خمسة أو ستة ملايين يهودي.

أحمد منصور:

ما هي القوة التي يستند إليها المؤتمر اليهودي العالمي واللوبي اليهودي في عملية الابتزاز، لاسيما وأننا تابعنا اعتراض البنوك السويسرية على عملية ابتزازها ثم رضوخها للمطالب الصهيونية التي تطالبها بدفع عشرين مليار دولار، إلام يستند اللوبي الصهيوني في عملية الابتزاز؟

د. نورمان فينكلشتاين:

أعتقد –كما قلت– بأنه ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، فهناك من يشعرون بأن اللوبي اليهودي هو الذي يحدد  سياسات الحكومة الأمريكية في الشرق الأوسط، وهناك آخرون يشعرون بأن الحسابات الإستراتيجية للنخبة الحاكمة الأمريكية التي تحدد سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأنا أؤيد وجهة النظر أو التفسير الثاني، وأعتقد أنه من الناحية الأساسية فإن الحسابات التي يجريها النخبة الحاكمة حول الأسلوب الفاعل للتحكم في الشرق الأوسط وخاصة النفط هناك، وكيف يمكن السيطرة عليه بشكل فعال.. ذلك هو الذي يحدد سياسية الحكومة الأمريكية  وطالما أنني أقول ذلك فإنني لا أريد ولو للحظة واحدة أن أقلل من القوة الكبيرة التي يتمتع بها اللوبي اليهودي، فلا شك أنها موجودة، وأنهم يبذلون كثيرا من الضغوط، ويمكن أن يسببوا الكثير من الضرر، ولكن في نهاية الأمر فإنه يبدو لي أن القوة الدافعة الأساسية وراء السياسة الأمريكية هي التخطيط الاستراتيجي للنخبة الحاكمة هناك.

أحمد منصور:

عبد الله الصالح من السعودية

أحمد منصور:

إنقطع الخط مع عبد الله..

فهد الحماد من ألمانيا، تفضل يا أخ فهد..

فهد الحماد:

السلام عليكم.

أحمد منصور:

عليكم السلام ورحمة الله.

فهد الحماد:

أنا سؤالي للأستاذ، أنا لا أعرف تاريخه العلمي، ولكن سؤالي بشكل مختصر ومحدد: ما هي مطامحه في تحقيق مكاسب شخصية من إثارة مثل هذا الموضوع  خاصة أنه موضوع مثير؟

أحمد منصور:

شكرا لك، سؤال هام، تفضل دكتور فينكلشتاين.

د. نورمان فينكلشتاين:

اهتمامي أو ما يعنيني هنا، لنقل أن هناك ثلاث نقاط تعنيني هنا، الكتاب رغم أنه كتاب صغير فهناك ثلاثة دوافع وراء كتابته، أولا: فإن الكتاب كان تصريحا شخصيا مني، وأعتقد أن ذكرى والدي ومعاناتهما تستحق بأن أكرمها، وأعتقد أنها تستحق بأن نذكرها، وأعتقد أن صناعة الهولوكست قد جلبت العار لهذه الذكرى، واستغلتها بشكل رخيص، وحولتها إلى وسيلة ابتزاز. وثانيا: أعتقد أنه من المهم ألا يستغل الهولوكست النازي لتبرير معاناة الآخرين، خاصة معاناة الفلسطينيين والمعاناة التي تحملوها بسبب الاستغلال الأيديولوجي للهولوكست النازي.

و ثالثا: أعتقد أنه من الهام أن نحافظ على التكامل ونزاهة السجلات التاريخية فلا نتعلم إلا من الماضي إلا إذا تعلمنا الحقيقة من الماضي، وصناعة الهولوكست في رأيي قد شوهت وحرفت السجلات التاريخية الحقيقية، ولكل هذه الأسباب الشخصية والسياسية والتاريخية فإن هدفي الأساسي

–كما قلت في نهاية كتابي– فإن هدفي الرئيسي هو أن أضع حدا لصناعة الهولوكست.

أحمد منصور:

يعني أنت تعلم جيدا أن الذي يطرح مثل هذا الطرح الذي تطرحه الآن أقل ما يمكن أن يتعرض له، خلاف التهديدات والمحاصرة وغيرها هو أن تتعرض للمحاكمة بتهمة معاداة السامية وبتهمة انتهاك القوانين، وكل حتى أستاذك أو صديقك الذي تستشهد به دائما السويسري هيلبرج أيضا حوكم بهذه التهمة  أيضا حوكم جارودي، وحوكم المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفنج، وأنت تتحفظ عليهما، وكلاهما كان ضيفين عندي –أيضا– في هذا البرنامج، وسوف أسعى لاستضافة هيلبرج أيضا. أما تخشى من المحاكمة أم أن هناك لوبيا يهوديا آخر يدعمك –أيضا– ويقف وراءك؟

[ فاصل لموجز الأنباء]. 

أحمد منصور:

دكتور فينكلشتاين كان سؤالي حول أن كل من يتعرض إلى الهولوكست بمثل ما تعرضت له يتعرض للمحاكمة، وأقرب الأمثلة على ذلك ما حدث للبروفيسور هيلبرج في سويسرا وجارودي في فرنسا وإيرفنج في بريطانيا.

أما تتوقع أن تحاكم أنت الآخر أم أن هناك قوى تقف وراءك وتدعمك؟

د. نورمان فينكلشتاين:

لست واثقا إن كنت أفهم سؤالك جيدا، ولكنني أود أن أميز هنا أن من يتعرضون للاضطهاد بسبب ذكرهم لحقائق أساسية ووقائع أساسية، ومن  يتعرضون للاضطهاد لهذا السبب، أو أعتقد أن ما يقولونه ليس صحيحا لا يجب أن نخلط بين الفئتين. كل شخص –كما قلت– له الحق في أن يتحدث والحق في حرية التعبير عن رأيه ويجب أن يدافع عن هذا الحق، ولكن المصاعب التي يواجهها السيد هيلبرج على مدى سنين كانت –في رأيي– بسبب أنه عالم شريف ونزيه، ناهيك عن الذكر أنه كان ألمعي لم يكن يخشى أن يذكر الحقيقة مهما كانت اتجاه هبوب الرياح، أما بالنسبة لي شخصيا فإنني لم أكن للحظة أجرؤ على أن أقارن نفسي بمنجزات السيد هيلبرج، فإن صعوباتى نجمت أعتقد ربما كان ذلك يدعو إلى السخرية أو يبدو أنه يدعو للسخرية، بالنسبة لمشاهديك فإن مصاعبي سببها هو أنني أقول ما هو واضح تماما، ولكن لا أحد لديه الشجاعة أن يقوله علنا، لأنه يخشى من الهجمات التي قد يتعرض لها، لأن تصريحاتي في الكتاب ليست عميقة بشكل خاص بل أن واقع الأمر أن كثير مما ذكرته في كتابي سواء بالنسبة لليهود أو غير اليهود يقولونه بشكل شخصي، فالكل يقول فيما بينه وبين أنفسهم: ما مدى حماقة وعدم جدية (إيلي ويزانو) ولكنهم ليس مسموحا لهم أن يقولوا علنا بأن الإمبراطور لا يرتدي أي ملابس، وبسبب نوع المناعة التي أتمتع بها وهي حقيقة أنني يهودي، وأن والدي قد كانا من الناجين من الهولوكست النازي، ولأن لدي مناعة خاصة فإنني قررت أن أُطبع، وأن أقول علنا ما يخشى الجميع، ما يتهامس به الآخرون.

أحمد منصور:

يعني أما تخشى أيضا.. لم تجبني، أنت الآن تخطط للذهاب إلى بريطانيا وإلى ألمانيا وإلى كثير من الدول التي توجد بها قوانين تجرم من يتعرض إلى مثل هذه الحقائق التي تعرضت لها، أما تخشى من خلال زياراتك لهذه الدول أن تـتعرض أيضا  لشيء من الاضطهاد أو من المحاكمة أو من غيرها من الأشياء الأخرى بعيدا عما تعرض له الآخرون؟

[فاصل للإعلان].

أحمد منصور:

دكتور فينكلشتاين أعتقد أنك تسمعني، ما هي باختصار إجابتك على هذا الأمر؟

د. نورمان فينكلشتاين:

دعني أجيب على هذا السؤال، الصعوبة الأساسية التي أواجهها الآن ليست الاضطهاد في أوروبا، ولكنها حقيقة أننا في الولايات المتحدة فإن كتابي لم يذكر  فهو موضوع لا يمكن ذكره في الولايات المتحدة، وإذا قارنت -عقدت مقارنة بسيطة لك- في ألمانيا جرت هناك العديد من المناقشات لكتابي، حتى أن هناك كتابين منفصلين سينشران قريبا عن كتابي في ألمانيا في الولايات المتحدة، وهذا قد يدعو إلى الدهشة، أو ربما لا يدعو إلى الدهشة، وأنه في كل أنحاء الولايات المتحدة فإن كتابي حصل فقط على مقالتين فقط في كل أنحاء الولايات المتحدة وفي ألمانيا هناك العديد من المقالات حتى أنه يتم جمعها الآن في كتابين منفصلين وسأضيف –أيضا– إلى المشاهدين بأنني حصلت على أنباء سارة هذا الصباح من اهتمام دار الآداب في لبنان بأنها ستقوم بترجمة كتابي إلى العربية، ويجب أن أضيف أن هذه هي الترجمة السابعة لكتابي منذ نشر الكتاب في يوليو، أما في الولايات المتحدة فإن الكتاب ليس موجودا ببساطة، والمشكلة ليست الاضطهاد وإنما أن الولايات المتحدة هي المقر الرئيسي لصناعة الهولوكست، ومن المستحيل أن نحصل على جلسة استماع على القضايا التي أثرتها.

أحمد منصور:

أبلغتني دار الآداب –أيضا– أنهم سوف يقومون بطباعة كتابك وإصداره في الأسبوع القادم باللغة العربية، كما أني طالعت عشرات المقالات على (الويب سايد ) (Web side) الخاص بك على الإنترنت، وأرجو من الإخوة المشاهدين الذين يريدون متابعة هذه القضية أن يدخلوا على الويب سايد الخاص بالدكتور فينكلشتاين.

WWW.normanfinKelstein.com

سعيد دودين من برلين، تفضل أستاذ سعيد.

سعيد دودين:

مساء الخير.

أحمد منصور:

مسّاك الله بالخير.

سعيد دودين:

في الحقيقة أنا بتابع النشاط العلمي للبروفيسور نورمان فينكلشتاين والنشاط السياسي من عام 1982م، ومن المؤسف إنو عدد كبير من الأبحاث العلمية القيمة جدا اللي نشرها، ومن بينها بحثين حول القضية الفلسطينية بحث سنوات الانتفاضة وبحث الحقيقة والخيال حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يتم ترجمتها لغاية الآن للغة العربية. في الحقيقة لا يخشى البروفيسور فينكلشتاين من أي محاكمة لأنو في في أوروبا وفي ألمانيا خاصة لا زال القوى المناهضة للفاشية اللي بتعتبر الكتاب هذا خطوة جريئة جدا باتجاه الحقيقة، هناك مواقف كثيرة جدا والبروفيسور نورمان فينكلشتاين أعتقد لم يرغب في بحث علمي عميق جدا، إنما الاتجاهات الأساسية لهذا البحث تتطابق مع ما توصل إليه البحث العلمي لعدد كبير من الباحثين هنا، فيه عندي فقط نقطتين أحب أتطرق إليهم وبسرعة.

أحمد منصور:

تفضل.

سعيد دودين:

النقطة الأولى: حول استغلال الصهاينة لضحايا النازية ، يوسف فايتس اللي هو كان مدير قسم الوكالة اليهودية ومدير الصندوق القومي نشر مذكراته في تل أبيب عام 65 والمذكرات بتحتوي –في الحقيقة– بشكل صريح جدا على خطة صاغها يوم 10 يوليو عام 1941م من قسمين القسم الأول هو إبادة وجود الشعب الفلسطيني في فلسطين، مكتوب في هذا الكتاب: علينا ألا نبقي عربيا في قرية أو مدينة في فلسطين، وأن نوسع المجال من أجل جلب ملايين من المستوطنين الجدد، ولتمويل هذه الخطة بيكتب السيد فايتس: علينا حصر قيمة الثروات اليهودية في ألمانيا، وسنطالب بهذه الثروات لتمويل خطة الترانسفير للفلسطينيين، 10 يوليو عام 1941م.

أحمد منصور:

النقطة الثانية؟

سعيد دودين:

النقطة الثانية بخصوص قوة الهولوكست في الولايات المتحدة الأمريكية، أنا بعتقد أنه في السبعينات نشأ ثلاث حاجات نشأت قوات التدخل السريع من 300 ألف جندي نشأ التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل، ونشأت مؤسسات الهولوكست. وسؤالي المحدد: ألا تعتقد أن واحد من الأهداف الأساسية لهذا الهولوكست هو تحضير الرأي العام الأمريكي على الاجتياح العسكري للمشرق العربي وتبرير هذا الاجتياح اللي هو في صميم المصلحة الأمريكية بحجة حماية اليهود، وخاصة بعد الهزيمة في الحرب الفيتنامية كان الولايات المتحدة بحاجة إلى سلاح من أجل تعبئة الرأي العام لتبرير الاجتياح العسكري والعدوان على المشرق العربي؟

أحمد منصور:

شكرا لك، تفضل دكتور فينكلشتاين.. سؤال هام، باختصار لو سمحت لأن لدي كثير من المشاهدين –أيضا– تفضل.

د. نورمان فينكلشتاين:

نعم أعتقد أن هذه نقطة هامة، ويجب أن توضع في إطارها التاريخي كما تقترح في عام 1967م كانت الولايات المتحدة غير موفقة في جهودها للانتصار على الفيتناميين، وبشكل عام فإنها كانت تواجه تحديات طوال في كل أنحاء العالم الثالث وإن كانت سعيدة جدا بهذا الجانب في أن إسرائيل انتصرت على العرب المتخلفين كما كانوا ينظرون إليهم، وهذه أحد الأسباب التي دعت بالرئيس (جونسون) والعديد من أعضاء الحكومة الأمريكية، احتضنوا إسرائيل بسبب أنها أظهرت أن شعوب العالم الثالث يمكن أن توضع في حجمها.

أحمد منصور:

حياة الحويك من الأردن، تفضلي.

حياة الحويك عطية:

آلو.

أحمد منصور:

تفضلي يا سيدتي.

حياة الحويك عطية:

مساء الخير.

أحمد منصور:

مساكِ الله بالخير.

حياة الحويك عطية:

 حقيقة فيه سؤال وجه للبروفيسور فينكلشتاين، على كل أولا كتابه نحن جبناه وترجمناه في عرض خاص يصدر ابتداء من الغد عندنا في جريدة الدستور، ولكن سئل ما إذا كان يخشى الاضطهاد في أوروبا؟ يا سيدي القوانين التي يضطهد بموجبها في أوروبا، وفي مقدمتها قانون (جايسو) في فرنسا، هي القوانين التي تحظر مراجعة نتائج نورانبرج، ليست هناك قوانين تحظر مناقشة استعمال الأسطورة. ومن هنا أدخل إلى النقاط الهامة: البروفيسور تعرض لاستعمال أسطورة الهولوكست وابتزازها في الولايات المتحدة الأمريكية وربما في أوروبا، ولكنه لم يتعرض إطلاقا للنقاط الأساسية التي تعمل المنظمات اليهودية على تـثبيتها بخصوص الهولوكست، وهي تتلخص في العدد، الخصوصية، أداة الجريمة، وهذه ليست نقاط سطحية، ولا من قبيل الكلام، العدد هو أساس، هو أرضية عملية الابتزاز، الخصوصية هي أساس المشكلة، وقد رأينا في الحكم الذي صدر ضد جارودي قبل شهرين، قبل شهر مش شهرين، أن الحكم كان على هذه النقطة بالذات، أن جارودي قد ساوى بين موت اليهود وموت الآخرين، هذا نص الحكم كان، إذن.. ودكتور فينكلشتاين الليلة أكد على الخصوصية، قال بالحرف: إن هناك خصوصية. النقطة الثالثة: بعد الخصوصية هي أداة الجريمة، وهي أفران الغاز والحرق، لأن ذلك في اللاهوت اليهودي يعطي معنى ديني لقضية المحرقة، لا مجال لتفصيل كل هذه الأمور، ولكن النقاط جوهرية أساسية..

أحمد منصور[مقاطعا]:

أشكرك وهي نقاط هامة، وهو قال أنه هنا بصدد عملية استغلال أو صناعة الهولوكست، وهي –أيضا– المحور الخاص بنا، لكن أعتقد أن الأشياء الأخرى هي معتقدات ثابتة لديه مثل قضية العدد هي معتقدات ثابتة لديه مثل قضية العدد ومثل الأمور الأخرى، هو لا يناقش في هذا أو يعتبر هذه أيضا مثله مثل الآخرين كأشياء أساسية.. أليس كذلك –باختصار– دكتور فينكلشتاين؟

د. نورمان فينكلشتاين:

كلا، أعتقد أن الناس يسيئون فهم ما أقوله، فإنني أعتقد بأن الأرقام الحقيقية للضحايا اليهود تتراوح ما بين خمسة وستة ملايين، إن صناعة الهولوكست التي تتفق أساسا مع ديفيد إيرفنج وروجيه جارودي، دعوني أكرر ذلك لأن الناس لا يفهمون ما أقوله، إن صناعة الهولوكست هي التي تـتفق مع روجيه جارودي والسيد إيرفنج، لأن صناعة الهولوكست هي التي تزعم بأن كان هناك الملايين من الناجين، وهم يطالبون بأموال التعويضات، لأنهم يقولون أن الملايين من اليهود نجوا من عمليات الإبادة النازية، وكما كانت أمي تقول: لو أن كل من يزعم أنه من ضحايا المحرقة النازية كان بالفعل كذلك فمن الذين قتلهم هتلر إذن؟ فإن صناعة الهولوكست هي التي تعيد ذكرى الهولوكست، وفي  نفس الوقت  تجد نفسي في ذلك الوقت، وأنا أعتقد بأن هناك عدد قليل من الناجين اليوم على قيد الحياة، وأعتقد أن قليل جدا من اليهود نجوا من معسكرات الموت..

أحمد منصور [مقاطعا]:

دكتور فينكلشتاين اسمح لي اسمح لي اسمح لي بقيت هناك دقيقة واحدة: كيف تنظر إلى مستقبل صناعة الهولوكست؟

د. نورمان فينكلشتاين:

مستقبل صناعة الهولوكست يعتمد على عاملين: العامل الأول: المدى الذي تكون مفيدة فيه سياسيا للحكومة الأمريكية والمنظمات اليهودية لكي تستغلها، أما إذا أصبحت عديمة الفائدة كما كانت قبل يونيو 67، فإنها سوف توضع طي النسيان، هذا العامل الأول.

والعامل الثاني: هو عامل أنها سوف تستمر وحتى تكون لدى الناس الشجاعة لأن يتقدموا، ويقولوا الكثير مما يحدث، ويقال باسم المحرقة النازية هو مجرد أقوال زائفة، وأن العديد من معاناة اليهود لا يتم ذكرها أو إثارتها الآن تكريما لذكراهم ولكن تلك المعاناة تستغل من قبل حفنة من الأشخاص الذين لا يعنيهم المعاناة ولا تعنيهم الذكرى، ولكنهم ببساطة انتهازيون، ويسعون للمكاسب المالية.

أحمد منصور:

شكرا جزيلا لك، شكرا دكتور نورمان فينكلشتاين، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأشكر المترجمين أسامة الباي وسمير خضر.

حلقة الأسبوع القادم –إن شاء الله– أقدمها لكم من القاهرة، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحيـيكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة