المستقبل السياسي للعراق والمخطط الأميركي للمنطقة
مقدم الحلقة: | أحمد منصـور |
ضيوف الحلقة: | عبد الله النفيسي: الأمين العام للمؤتمر الشعبي الخليجي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني |
تاريخ الحلقة: | 04/06/2003 |
– مدى مصداقية أميركا في ادعائها تطبيق الديمقراطية في العراق
– مدى توفر الشروط الموضوعية لقيام ديمقراطية في العراق
– دلالات وانعكاسات زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة
– الدور الإسرائيلي وأهدافه في صناعة مستقبل العراق السياسي
– الحالة النفسية للجنود الأميركان في العراق
– مستقبل المقاومة العراقية للوجود الأميركي في العراق
– دور الشيعة في رسم مستقبل العراق السياسي
– مستقبل العراق السياسي في ظل الوضع الراهن
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).
لا يزال العرب يعيشون مرحلة الصدمة جرَّاء ما حدث في العراق من حرب خاطفة انتهت باحتلال الولايات المتحدة الأميركية لها، وسط مشهد ضبابي يلف العالم العربي والإسلامي بأجمعه، فالحكومات العربية فقدت القدرة حتى على مجرد الاعتراض على ما يحدث، والشعوب تعيش مرحلة الذهول والصدمة، تحركها العواطف وتتجاذبها ردود الأفعال هنا وهناك، أما الحكماء والعلماء والمفكرون والفقهاء فهم بين الحيارى والمحبطين أو يبحثون عن مصالحهم الخاصة وامتيازاتهم إلا القليل ممن يحفظون لهذه الأمة خيريتها والحفاظ على سنة التدافع بينها وبين الأمم الأخرى.
وفي حلقة اليوم نحاول فهم بعض جوانب المشهد العراقي والعربي في ظل الاحتلال الأميركي للعراق، وذلك في حوار مباشر مع الدكتور عبد الله النفيسي.
وُلد الدكتور النفيسي في الكويت عام 1945، حصل على البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في بيروت عام 67، وعلى الدكتواره من جامعة (كمبردج) في بريطانيا عام 72، عُين رئيساً لقسم العلوم السياسية في جامعة الكويت في الفترة بين عامي 74 و78 حيث ترك الجامعة، وانتقل للتدريس في جامعة (إكستر) في بريطانيا بين عامي 80 و 81، ثم إلى جامعة العين في الإمارات بين عامي 81 و 84 أصبح عضواً في مجلس الأمة الكويتي عام 85، غير أن المجلس حُلَّ في.. في العام 86، انتقل النفيسي بعدها للعمل أستاذاً زائراً للعلوم السياسية في جامعات أميركية مختلفة، منها جامعة (ستانفورد) ومعهد (هوفر) لدراسات الصراع في الشرق الأوسط، كما عمل أستاذاً زائراً في جامعتي (بكين) و (موسكو) وعضواً مؤسساً سابقاً في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وأميناً عاماً للمؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج، صدر له حتى الآن 18 كتاباً من أهمها "الشيعة في تطور العراق السياسي"، "الإطار السياسي والعسكري لمجلس التعاون الخليجي"، "إيران والخليج جدلية الدمج والنبذ".
ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الكتابة إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنت: www.aljazeera.net
أو عبر أرقام الهواتف والفاكس التي ستظهر تباعاً على الشاشة.
دكتور مرحباً بك.
د. عبد الله النفيسي: السلام عليكم.
مدى مصداقية أميركا في ادعائها تطبيق الديمقراطية في العراق
أحمد منصور: عليكم السلام. لا يزال بعض الزملاء من الصحفيين- لاسيما في الصحف الكويتية يروِّجون في كتاباتهم بأن القوات الأميركية جاءت إلى العراق من أجل إسقاط نظام صدام حسين وتأسيس نظام ديمقراطي ينعم فيه الشعب العراقي بالحرية والسلم والأمان، ثم يرحل الأميركيون بعد ذلك، بعد أن يكونوا قد أتموا هذه المهمة النبيلة، هل جاء الأميركيون حقاً من أجل تحقيق هذه المهمة النبيلة من أجل الشعب العراقي؟
د. عبد الله النفيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. أنا أعتقد هذا يعني تبسيط مُخل في فهم الاستهدافات الأميركية في العراق، أنا ألخص الاستهدافات الأميركية في العراق تحت أربع عناوين:
النفط العراقي. ليس باعتباره وقود بل باعتباره مصدر للقوة الدولية، يعني من يسيطر اليوم على العراق، وبُالتالي يسيطر على نفط العراق، يسيطر على أوروبا، ويسيطر على اليابان، ويسيطر على الصين اللي بتشكل كابوس بالنسبة لأميركا، فالنفط بالنسبة للأميركان هو مصدر للقوة الدولية، وليس مصدر للطاقة.
الهدف الثاني: ترتيب أربع قواعد – حسب تصريحات عسكرية رسمية من القوات الأميركية الحالية الآن موجودة في.. في العراق- أربع قواعد في الجنوب ثنتين، وفي الغرب والشرق ثنتين.
الاعتبار الثالث: الأمن الإسرائيلي، لا يخفاك أن العراق سنة 91 قصف الكيان الصهيوني بـ 42 صاروخ سكود، وأصدر (مركز جافي للدراسات في الجامعة العبرية) تقريراً حول ها الـ 42 صاروخ سكود ومدى الدمار النفسي والاجتماعي الذي سببته هذه الحركة من طرف العراق، بحيث تحولت بعض المدن إلى مدن أشباح – حسب تقرير جافي الإسرائيلي – فمنذ تلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: الرابعة..
د. عبد الله النفيسي: منذ تلك اللحظة والأميركان والصهاينة واعون بأنه لابد من إدماج العراق في العملية السلمية.
الرابعة.. وهي نقطة تخفى على الكثير من الناس: وهو الحؤول دون حصول أي تحالف بين العراق.. عراق صدام حسين وتنظيم القاعدة الذي لازال يشكل هاجساً أمنياً بالنسبة للولايات المتحدة.
أحمد منصور: يعني معنى ذلك أن المشروع السياسي الأميركي في العراق ليس واضحاً؟
د. عبد الله النفيسي: إطلاقاً.. إطلاقاً.
أحمد منصور: النموذج الذي تحدث عنه بوش من أن العراق ستكون نموذج ديمقراطي لدول المنطقة ليس له وجود؟
د. عبد الله النفيسي: لا.. لا.. لا أبداً، هذا كلام للاستهلاك الإعلامي، أخي أحمد، ينبغي أن.. أن نعي حقيقة، في فهم الدور الأميركي اليوم على مستوى العالم، اليوم الإدارة الأميركية يسيطر عليها – في تصوري وفي فهمي- قبيلة من المتطرفين الصهاينة المسيحيين (Christian -Zionists ) هذه الحركة لها قاعدة انتخابية في.. في أميركا تقريباً فيه 70 مليون إلى 90 مليون من الأتباع، وهذه القاعدة لها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما يسموا بالمحافظين الجدد في بعض..
د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: أو ما يسمى بالمحافظين الجدد، لكن هي هذه الحركة صدر في.. في.. في توصيفها كتب، يا ريت الأخ المصور..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا بول..
د. عبد الله النفيسي: (بول ماركلي) كاتب كتاب ضخم في هذا الموضوع، يصف فيه عقائد هذه الحركة، طبعاً هذه الحركة لها مرشدها الروحي (بل جراهام) و (جيري فالول).
أحمد منصور [مقاطعاً]: بل جراهام هذا الذي سب الرسول – صلى الله عليه وسلم – قبل مدة.
د. عبد الله النفيسي: عليه الصلاة والسلام، هؤلاء الأنجاس..
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهذا الذي يرتبط بعلاقة وثيقة مع بوش كما ذكرت "النيوزويك" في تقريرها..
د. عبد الله النفيسي: هو صديق العائلة.. صديق العائلة، بل جراهام والأنجاس (جيرى فالول)، و(بات روبرتسون)
أحمد منصور [مقاطعاً]: فالول عفواً الذي كان سب الرسول..
د. عبد الله النفيسي: بات روبرتسون و جيري فالول و بل جراهام، هؤلاء الموجهين الفكريين اليوم لحركة الـ (Christian- Zionist) اللي هم الصهاينة المسيحيين، طبعاً في البيت الأبيض على رأسهم (بوش) و (تشيني)، و(وولفويتس) و (ريتشارد بيرل) في وزارة الدفاع، كلهم هؤلاء في ضمن هذه الحركة، هذه الحركة مشروعها السياسي في الشرق الأوسط مشروع مرتبط بالأمن الإسرائيلي وليس بموضوع الديمقراطية لا علاقة له بالديمقراطية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لا مجال لقيام نظام ديمقراطي في العراق؟
د. عبد الله النفيسي: لأ.. لا أقول هذا، يعني النظام الديمقراطي..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ في ظل الطرح الأميركي والوجود الأميركي والاحتلال الأميركي أنا بأتكلم.
د. عبد الله النفيسي: لا لا أبداً، لا هم.. موضوع الديمقراطية غير وارد عندهم الأميركان، هو السيطرة على النفط وعلى العراق وبناء القواعد وتحقيق كل متطلبات الأمن الإسرائيلي من خلال السيطرة على العراق.
أحمد منصور: هل إعلان الولايات المتحدة مؤخراً عن أنها لن تشكل حكومة وطنية في العراق، كما أنها لن تُشكِّل مجلساً.. المؤتمر القومي الذي كان مزمعاً أن يتم الإعلان عنه أو انتخابه هل يعني ذلك فعلاً أن الولايات المتحدة ستكون قوة احتلال، لن يكون للعراقيين دور في إدارة بلدهم إلا لمن يتواطئون مع هذه القوة؟
د. عبد الله النفيسي: هي قوة احتلال بقرار مجلس الأمن، يعني.. يعني مجلس الأمن مؤخراً أصدر قراراً يُوصف ويُشخِّص الدور الأميركي والبريطاني في العراق على أنها قوة احتلال، هكذا يعني (Occupying Powers) قوة احتلال، فهذا رسمياً الآن معترف به على مستوى مجلس الأمن، موضوع الديمقراطية والحكي عن الديمقراطية هو ليس إلا(Camouflage) للمخطط الرباعي اللي وصفته لك، طبعاً الشعب العراقي خضع لنظام قمع استمر لمدة 35 عام، والشعب العراقي خرج تواً من تجربة مظلمة.. تجربة.. تجربة سرداب سياسي فيه من الظلمات والظلم الشيء الكثير، فثمة عدوان مكبوت عند الجمهور العراقي، وظلامات موجودة لدى الجمهور العراقي، ليس معقولاً إطلاقاً إنه الواحد بين يوم وليلة يصبح ديمقراطي يعني ثمة.. يعني ثمة شروط موضوعية لكي تتحقق الديمقراطية في أي مكان يا أحمد.
أحمد منصور: هل هناك أي شيء فيما يتعلق بالشروط الموضوعية لقيام الديمقراطية متوفراً في العراق؟
د. عبد الله النفيسي: آه طبعاً.
[فاصل إعلاني]
مدى توفر الشروط الموضوعية لقيام ديمقراطية في العراق
أحمد منصور: الشروط الموضوعية للديمقراطية هل يتوفر منها شيء في العراق؟
د. عبد الله النفيسي: لا أبداً، هناك شروط موضوعية يا أحمد يجب أن تتوفر حتى يقوم النظام الديمقراطي في أي مكان، أول هذه الشروط: اختفاء الديكتاتورية ليس كنظام، بل كثقافة وكموروث تاريخي واجتماعي، العراق خزينه التاريخي والاجتماعي والثقافي من الديكتاتورية لا ينضب، وأنا أتصور إنه هذه المراحل اللي مر فيها العراق سوف يتطلب منا المرور بمرحلة انتقالية، من مرحلة جمهورية الخوف إلى جمهورية السلام، أنا أعتقد هذا يتطلب سنوات طويلة حتى يتخلص العراق من الثقافة الديكتاتورية اللي هي أصبحت موروث اجتماعي وتاريخي في العراق.
الشغلة الثانية كشرط موضوعي لقيام نظام ديمقراطي: إنه يصير فيه تقاليد ديمقراطية، ليس في العراق تقاليد ديمقراطية، ربما ليس في العالم العربي كله تقاليد ديمقراطية يعني التقاليد الديمقراطية، تشكيل أحزاب، نقاش سياسي مفتوح، صورة.. صحافة حرة، انتخابات حرة، هذه لا وجود لها في..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ولا في أي مكان في الدول العربية إلا بشكل نسبي في بعض المناطق.
د. عبد الله النفيسي: بشكل نسبي، وفرق كبير ترى بين الحياة النيابية والحياة الديمقراطية، يعني الحياة النيابية يعني صورة مشوهة للديمقراطية، بس الحياة الديمقراطية أوسع بكثير غير متوفرة في كل أرجاء العالم العربي.
الشرط الثالث: التعاون بين الجماعات في المجتمع السياسي وهذا غير وارد في العراق، هناك سلاح..
أحمد منصور [مقاطعاً]: كل جماعة تحاول؟
د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: واقتتال في العراق، حكم القانون. ما فيه حكم قانون في العراق صار لها 35، 40 سنة لا وجود له، احترام حقوق الإنسان لا وجود لها في العراق صار له 40 سنة مو معقولة إطلاقاً إنه الناس تنام في الليل وتصحى الصبح، بعد كل هذه الظلمة والظلامة، فجأة هكذا يصبح الجمهور ديمقراطي! هو يحتاج إلى وقت، وإعادة تأهيل سياسي، وبالتالي أنا أجزم بأن الشروط الموضوعية لبناء نظام ديمقراطي غير موجودة في العراق..
أحمد منصور: طيب. الحالة الآن التي يمكن أن يعيشها الناس، حتى يتجاوزوا المرحلة؟
د. عبد الله النفيسي: الحالة الآن حالة فوضى وحالة عدوان مكبوت، وحكاية النهب والسرقات والفرهود اللي جاري في العراق وانعدام الأمن، دليل على أن هناك عدوان مكبوت لدى الجمهور العراقي ويحتاج إلى وقت طويل، لكي يتخلص منه، وجود الأميركان.. العسكر الأميركان قاعد يزيد الآن ويراكم من هذا العدوان المكبوت، ولذلك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: معنى ذلك أنه..
د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: أنا غير متفائل في موضوع يعني بناء نظام ديمقراطي.
أحمد منصور: يعني وهم ما روجت له المعارضة العراقية طوال الفترة الماضية من أن قوات التحرير قادمة من أجل بناء نموذج ديمقراطي هو لن يكون له واقع في العراق في المستقبل المنظور؟
د. عبد الله النفيسي: لم يحصل في التاريخ يا أحمد إنه قوة دولية تهاجم قُطر فرعي مثل العراق، لكي تؤسس فيه ديمقراطية، يعني.. يعني هي جمعية خيرية أم ناس يعني دراويش حتى يجيّشوا كل هذه الجيوش وهذه الأساطيل وهذه المصادمات في مجلس الأمن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هكذا روجت المعارضة عبر كل وسائل الإعلام، ولازال خطابهم حتى الآن فيه شيء من هذا يعني..
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد.. أنا أعتقد بأن المعارضة وقعت في فخ..
أحمد منصور [مقاطعاً]: تماماً مثل الكويتيين حينما اعتقدوا في العام 90 بأن القوات الأميركية جاءت من أجل سواد عيونهم.
د. عبد الله النفيسي: أنا لا أعتقد بأن كل هذا صحيح، وأن الموضوع الإعلامي شوَّه.. وشوَّه الكثير من فهومات الناس لواقع الأمر في.. في العراق وفي الخليج.
دلالات وانعكاسات زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة
أحمد منصور: هل هناك علاقة بين زيارة بوش الحالية.. قمة شرم الشيخ أمس، قمة العقبة اليوم، مجيء بوش اليوم إلى الدوحة، هل هناك علاقة بين هذا وبين الاحتلال الأميركي للعراق أو مستقبل العراق السياسي؟
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد كل الزيارات اللي يقوم فيها بوش الآن للمنطقة مرتبطة بالحملة الانتخابية داخل الولايات المتحدة، إنه أهُه أنا انتصرت على صدام حسين، أسقطت النظام العراقي، ها أنا ذا أزور الحلفاء في المنطقة، وأرتب الأوراق لهم، وهم يبصموا على الخطوات الأميركية، وأعتقد المسألة مرتبطة بالحملة الانتخابية أكثر منها ارتباطاً بمجريات المنطقة.
أحمد منصور: قراءتك.. قراءتك وتحليلك لقمة شرم الشيخ أمس، وما حدث فيها وقمة العقبة اليوم؟
د. عبد الله النفيسي: قمة شرم الشيخ يبدو أنها جاءت لنقطتين.
النقطة الأولى: الموضوع ما يسميه الأميركان الإرهاب في المنطقة ومواجهته.
والنقطة الثانية: خريطة الطريق بالنسبة للرئيس الفلسطيني الجديد اللي هو محمود عباس، بالنسبة للإرهاب أو ما يسميه الأميركان بالإرهاب لذلك حرصوا على حضور السعودية في هذا اللقاء، بفعل الحوادث المؤسفة الأخيرة اللي حصلت في السعودية، وبالنسبة لخريطة الطريق حرصوا على وجود محمود عباس، لمباركة هذه الخطوة من طرف الفلسطينيين والإسرائيليين، وأما بالنسبة للعقبة، فواضح جداً إنه صك الاستسلام الفلسطيني اللي قدَّمه اليوم محمود عباس لشارون أمام الجميع الكاميرات، أصبح واضح.. وفيه التزام الآن فلسطيني إزاء شارون أكثر من وجود التزام شارون إزاء الشعب الفلسطيني، لكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم..
د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: لكن -الحمد لله- حركة المقاومة الإسلامية ممثلة بحماس في فلسطين رفضت كل الخطاب اللي تلفظ به اليوم محمود عباس، وتكلم عن عذابات اليهود إلى آخره من الكلام الفارغ، وأعتقد إنه رد حماس على هذا الموضوع بلسان محمود الزهار من غزة كان رد جيد وفي مكانه.
أحمد منصور: برغم أنكم أنتم الكويتيين أنفقتم عشرات المليارات من الدولارات منذ العام 90 وحتى الآن فداء لرضا الأميركان، إلا أن الرئيس بوش قد اختار قطر، اصطفاها ليزورها اليوم إلى الغد، حيث ستحل بركاته على الشعب القطري، فيما أنتم الكويتيين رغم ما أنفقتم لن تنالوا حتى بركة مرور طائرة بوش من الأجواء الكويتية، هل تشعرون في الكويت بخيبة أمل جراء إهمال بوش للكويت رغم مجيئه إلى المنطقة؟
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: هل تشعرون في الكويت بخيبة أمل، كون أن الرئيس بوش قد نزل هنا في قطر لدى حلفائه الجدد، فيما أهمل أو ألغى زيارته للكويت؟
د. عبد الله النفيسي: هو لم ينزل في قطر، هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ هو بايت هنا النهاردة الكل يشعر ببركاته علينا.. هنا يعني.
د. عبد الله النفيسي: هو وصوله كان في مطار داخل القاعدة العسكرية..
أحمد منصور: قاعدة العديد. نعم.
د. عبد الله النفيسي: قاعدة العديد..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هي أرض قطرية.
د. عبد الله النفيسي: لأ هي أرض أميركية الآن، وغداً سيغادر بطائرته الخاصة من قاعدة أخرى اللي هي السيلية، وسيلتقي بين القاعدتين بأمير قطر، وبالتالي أنا لا أعتبر هذه زيارة لقطر إنما هي زيارة للقاعدتين وللجنود الأميركان. هاي بالنسبة لقطر، بالنسبة للكويت، في منظور الأميركان الآن الكويت انتهى دورها.
أحمد منصور: كيف؟
د. عبد الله النفيسي: أخذوا ملياراتنا، استعملوا أراضينا لغزو العراق، رموا علينا شوية خردة سلاح، وانتهى دورنا بعد تأسيس وتكريس وترسيخ وجودهم الآن العسكري الواسع في قطر وفي العراق، وهناك الآن خط عسكري وجسر عسكري مباشر ما بين القواعد العسكرية في قطر، والقواعد والوجود الأميركي في العراق، ولم يعد الأميركان بحاجة إلى الكويت إطلاقاً.
أحمد منصور: يعني أخذتم جزاء (سنمار) في.. في النهاية؟
د. عبد الله النفيسي: والله هناك اجتهادات يعني كثيرة في هذا الموضوع، لكن أنا أعتقد إن إحنا الآن في الكويت سندفع الثمن غالي جزاء غزو الأميركان للعراق، وموقع الكويت في الاستراتيجية الأميركية العليا سيضمر شيئاً فشيئاً..
أحمد منصور: ما هو الثمن الذي ستدفعونه؟
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد بأن الكويت.. الخيارات مفتوحة بشكل منفرج كثير، لأنه دورها سوف يضمر ليس فقط خليجياً، بل حتى عربياً.
أحمد منصور: كيف؟
د. عبد الله النفيسي: هذا موضوع طويل، أنا بودي أن أركز..
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا هأطلع منه.. هأطلع منه، بس قل لي..
د. عبد الله النفيسي: أنا بودي أن أركز على العراق.
أحمد منصور: هأطلع منه، بس..
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد إن إحنا بدأنا ندفع ثمن حرصنا على إعطاء الأميركان أكثر مما يطلبون.
أحمد منصور: هل ستشهد المنطقة بغض النظر الآن عن الكويت تحديداً، وإن كانت الكويت – في ظل الرؤى وفي ظل ما طرحته – ربما تكون الأكثر دفعاً للثمن فيما يحدث وفيما حدث بالنسبة للأميركان؟ هل ستشهد المنطقة ترتيبات جديدة بعد هذه الزيارة؟
د. عبد الله النفيسي: بعد زيارة بوش؟
أحمد منصور: بعد قمة شرم الشيخ الأولى حدثت ترتيبات أمنية معينة بعد هذه الزيارة لبوش، هل هناك ترتيبات جديدة في المنطقة؟
د. عبد الله النفيسي: لا أعتقد.. لا أعتقد أنا أعتقد بأن الإدارة الأميركية وقبيلة المتطرفين الصهاينة المسيحيين اللي بيسيطروا عليها، الآن مشغولين بالإعداد للانتخابات القادمة في الولايات المتحدة وكل وجودهم العسكري الآن في العراق مُعرض لكثير من المخاطر، والمشروع السياسي بتاعهم في داخل العراق مشروع يعني.. يعني يواجه عقبات كثيرة ومعيقات كثيرة، وأعتقد إن الأيام القادمة سوف تفصح عن.. عن حقائق غير مريحة للأميركان في العراق..
الدور الإسرائيلي وأهدافه في صناعة مستقبل العراق السياسي
أحمد منصور: لا يوجد مشروع سياسي واضح المعالم للولايات المتحدة في العراق.
د. عبد الله النفيسي: منذ أيام نشرت "معاريف" الإسرائيلية إنه الإدارة الأميركية كلَّفت إسرائيلي.. مواطن إسرائيلي اسمه (نوح ويلديمان) بوضع دستور للعراق..
أحمد منصور: هو أصله عراقي.
د. عبد الله النفيسي: وهو من أصل عراقي، وإنه يقدم هذه مسودة الدستور لـ(بريمر) ولكي تكون هذه المسودة مدار ومثار النقاش بين العراقيين لكي يحكموا الحركة السياسية في المجتمع العراقي المتململ والقلق.
أحمد منصور: ما هي دلالة ذلك؟ ما هي دلالة اختيار إسرائيلي من أصل عراقي لوضع دستور للعراق؟ فيه تجاهل تام لكل أساتذة القانون والدستور العراقيين والعرب.
د. عبد الله النفيسي: في العراق وحده، وليس فقط في العالم العربي، في العراق وحده العشرات بل المئات من الخبراء الدستوريين ذوو السمعة العربية والعالمية وتجاهل الإدارة الأميركية لهم وتكليف نوح ويلديمان اللي هو إسرائيلي أميركي الجنسية أيضاً، لأن (dual citizenship) عنده جنسيتين وتكليفه دليل على أن هذه الإدارة الأميركية حريصة على التجاوب مع متطلبات الأمن الإسرائيلي، فيا إسرائيليين حطوا في الدستور العراقي ما يضمن لكم الأمن من هذا النظام الجديد الذي سينشأ في بغداد.
أحمد منصور: معنى ذلك هناك نقطة هامة الآن هي طبيعة الدور الإسرائيلي في صناعة مستقبل العراق السياسي.
د. عبد الله النفيسي: نعم.. نعم، يجب أن.. أن.. أن نلاحظ شغلة كُلِّش مهمة يا أحمد في العراق أنه أكبر جالية عربية كانت موجودة في العراق..
أحمد منصور: إسرائيلية.. يهودية.
د. عبد الله النفيسي: يهودية كانت موجودة في العراق، لا بل إن كثير من الوزراء الإسرائيليين اللي صاروا وزراء في الحكومة الإسرائيلية يأتون أصلاً من أسر يهودية كانت في العراق قبل 48 منهم وزير الشرطة (شاحال) ومنهم (موردخاي) وزير الدفاع السابق، فيه وزراء يهود كانوا في العراق مثل وزير المالية السابق (ساسون حزقيل أفندي) أيام السلطة الوطنية في العراق سنة 21، 22، فالوجود اليهودي في العراق وجود قديم وتاريخي، ولليهود العراقيين تراث طويل عريض من.. من.. من الدور داخل العراق سواءً في السوق العراقية أو في صناعات الأدوية أو في الأدب الشعبي حتى العراقي، اليهود كان لهم دور كبير، ولذلك الآن الكيان الصهيوني بيطمح أن تستعيد الأقليات اليهودية اللي كانت مهاجرة من العراق إلى الكيان الصهيوني أن تستعيد دورها، لا بل إن الكيان الصهيوني أصبح يحرض اليهود اللي يتحدروا من أصل عراقي على إعداد ملفات مطالباتهم إزاء..
أحمد منصور: لحقوق آبائهم وأجدادهم ..
د. عبد الله النفيسي: إزاء العراق على المساكن اللي تركوها 48، إلى 56، يعني أنا أعتقد إذا.. إذا.. إذا تمكن الإسرائيليون من الزحف البطيء والدب مثل النمل إلى العراق فلن تنتهي الأمور على خير مع.. مع..
أحمد منصور: يعني في هذا.. في هذا الإطار يمكن أن نشهد نزوحاً للإسرائيليين من أصول عراقية في خلال هذه الفترة تحت أي غطاء في ظل أن الأميركان يحتلون والأميركان هم الذين يديرون شؤون العراق؟
د. عبدا لله النفيسي: هناك.. هناك من يقول يا أحمد.. هناك من يقول من المراقبين المستقلين من الغربيين أنه حتى الجيش الأميركي الذي غزا العراق كان ضمنه وحدات إسرائيلية.
أحمد منصور: هذا كان سؤال هام، فيه كثير من التقارير أشارت إلى ذلك، أن هناك وحدات إسرائيلية شاركت بالفعل بثياب أميركية في هذه الحرب لا سيما ما يتعلق بحرب المدن، ونُشر تقارير كثيرة عن الدور اللي لعبه الإسرائيليين في تدريب حتى الأميركان على قضية حرب المدن وعملية بغداد..
د. عبد الله النفيسي: هذا صحيح.
أحمد منصور: وغيرها، لكن ما هي المجالات الأساسية التي تهم الإسرائيليين في العراق؟
د. عبد الله النفيسي: المجال الأول هو مجال الأسلحة ذات التدمير الشامل يعني.. يعني..
أحمد منصور: طلع أكذوبة في النهاية لم يجدوا شيئاً إلى الآن.
د. عبد الله النفيسي: طلعت أكذوبة، لكن أول فرقة أميركية دخلت الأراضي العراقية قبل بداية الحرب توجهت إلى المنطقة الغربية من العراق اللي انطلقت منها صواريخ (سكود) سنة 91، ولذلك أول استهداف إسرائيلي داخل العراق موضوع التأكد من أنه العراق مستقبلاً ما يكون بمُكْنَتَه يكون عنده أي أسلحة ممكن تهدد الأمن الصهيوني.
الشغلة الثانية: الكيان الصهيوني بحاجة إلى مصدر طاقة النفط، وها هو العراق قريب جداً يستطيع أن يستورد هذا المصدر من منطقة قريبة وبأبخس الأثمان وتحت إشراف أميركي.
أحمد منصور: هناك الآن محاولات حتى لإحياء خط.. الخط القديم عبر حيفا..
د. عبد الله النفيسي: بالضبط إلى يافا.
أحمد منصور: عبر يافا، نعم.
د. عبد الله النفيسي: يافا نعم.. نعم، فالنقطة الثانية.
أحمد منصور: بعد إغلاق الخط عن سوريا طبعاً..
د. عبد الله النفيسي: بعد إغلاق الخط عن سوريا في أظن (بنياس) أو.. أي نعم، الاستهداف الإسرائيلي الثالث.. الثالث: أن تعود للجالية اليهودية العراقية أدوارها..
أحمد منصور: ونفوذها في العراق.
د. عبد الله النفيسي: ونفوذها في العراق و.. و.. والبنية التحتية لهذا النفوذ موجودة ترى داخل المجتمع العراقي.
أحمد منصور: في ظل مجتمع مدمر من السهل أن تدخل بالمال وتسيطر..
د. عبد الله النفيسي: في ظل مجتمع.. بالضبط.. في ظل مجتمع مدمر، و.. ومهمش كالمجتمع العراقي حالياً. أي نعم.
الحالة النفسية للجنود الأميركان في العراق
أحمد منصور: الكولونيل (فيليب دوكامب) (قائد الفرقة المدرعة الطلائعية التي سيطرت على العاصمة العراقية بغداد) قال لصحيفة "نيويورك تايمز" أول أمس فقط في تقرير نشرته الصحيفة عن الحالة النفسية للجنود الأميركيين في العراق، قال فيه: إن جنوده قلقون ومتعبون، ويسود لديهم شعور بأنهم قد خدعوا، ويشير التقرير بأن هناك تذمراً في صفوف القوات الأميركية في العراق. ما الذي يعكسه هذا في ظل إعلان الرئيس بوش بأن الوجود الأميركي في العراق لن يكون قصيراً؟
د. عبد الله النفيسي: فيه شغلة مهمة لازم نفهمها يا أحمد عن تركيبة القوات المسلحة الأميركية، في الولايات المتحدة هناك 22 إلى 30 مليون يعيشون تحت خط الفقر، يعني ما عندهم إمكانية..
أحمد منصور: دولار في اليوم..
د. عبد الله النفيسي: إنهم يأكلون ثلاث وجبات باليوم، عملية التجنيد الحاصلة الـ(Conscription) اللي حاصلة في الولايات المتحدة تأتي من هذا الخزين البشري اللي هم معظمهم من الزنوج..
أحمد منصور: السود والهنود الحمر و..
د. عبد الله النفيسي: والهنود الحمر والإسبانوز..
أحمد منصور: حتى اللقطاء.
د. عبد الله النفيسي: واللقطاء، فهؤلاء يبحثون عن أي فرصة للترقي المعيشي، فيأتي إليهم الجيش الأميركي ويأخذ من هذا المستودع البشري، ويضمن عائلاتهم، ويعطيهم وجبات ثلاث، ويلبسهم uniform ويخليهم يقبُّوا على وش الدنيا زي ما.. بتقولوا.
أحمد منصور: ويعطوهم تعليم جامعي مجاني.
د. عبد الله النفيسي: ويعطيهم تعليم جامعي مجاناً..
أحمد منصور: حتى الأسيرة الأميركية أذكر التي أُسرت قالت إنها التحقت من أجل أن تحصل على تعليم جامعي مجاناً، عمرها 19 سنة.
د. عبد الله النفيسي: بالضبط، ولذلك هذه الحقيقة حول التركيبة الطبقية للمجند والمجندة الأميركية هاي حقيقة لازم نضعها في الاعتبار عندما نقرأ هذا التصريح لهذا المسؤول العسكري، هؤلاء يأتون إلى المنطقة تحت خداع إعلامي إنه يزيلوا نظام ويبنوا نظام وكأن العملية يعني.. يعني مفتوحة لهم على المصراعين، الأمور ليس بهذه..
أحمد منصور [مقاطعاً]: نفس التقرير أشار إلى ذلك..
د. عبد الله النفيسي: السهولة..
أحمد منصور: قال: إنهم ينتظرون العودة إلى بلادهم لأنهم قد حققوا مهمتهم، هم جاءوا من أجل إزالة نظام وإشاعة.. وليس من أجل البقاء في العراق.
د. عبد الله النفيسي: بالضبط، نعم، يجب أيضاً أن نعرف شيء مهم بالنسبة للقوات الأميركية وبالنسبة للولايات المتحدة ككل يا أحمد، الولايات المتحدة أنا أشبهها بجيش عنده سلاح مدفعية بس ما عنده سلاح مهندسين.
أحمد منصور: كيف؟
د. عبد الله النفيسي: كيف، سلاح المدفعية هو لِدَك مواقع العدو والقضاء على العدو، لكن بعد أن تدك المدفعية مواقع العدو يأتي هنا سلاح المهندسين للبناء، البناء السياسي والإعمار و.. أنا أزعم بأن أميركا.. الولايات المتحدة وخاصة في ظل هذه الإدارة عندها سلاح مدفعية دكت النظام السابق.. نظام صدام حسين، بس ليس عندها (engineers) ليس عندها سلاح مهندسين يبنون النظام الجديد، ما عندها، وبالتالي شايف اللخبطة اللي حاصلة بين (جاي غارنر) وبريمر وتصريحاتهم المتلاطمة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: والآن مندوب الأمم المتحدة..
د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: وبين (كولن باول) و(رامسفيلد) وتصريحاتهم المتلاطمة، هذا ليس صراع أجنحة، هذا دليل مادي على أن الولايات المتحدة عندها آلة عسكرية، سلاح مدفعية، بس ما عندها آلة سياسية تكافئ هذه الآلة العسكرية أو سلاح مهندسين يساهم في البناء، أزعم بأن الإنجليز عندهم، ولذلك لو تقارن الحال في البصرة بالحال في بغداد ستلاحظ أن الحال في البصرة فيه شيء من التقدم والهدوء، بينما الحال في بغداد يعني يسوء يوم بعد آخر.
أحمد منصور: حتى ما تركه البريطانيون في المنطقة من إعمار، هم الذين أدخلوا السكك الحديد في المنطقة، وهم فعلوا أشياء كثيرة، ليس هذا مدحاً في الاستعمار أو في الاحتلال..
د. عبد الله النفيسي: لا، لا أبداً..
أحمد منصور: ولكن.
د. عبد الله النفيسي: تقريراً.
أحمد منصور: يعني فهم العقلية ليس أكثر..
مستقبل المقاومة العراقية للوجود الأميركي في العراق
أحمد منصور: "نيويورك تايمز" أشارت أيضاً إلى مخاوف أميركية لدى الإدارة من انتفاضة عامة في العراق لا سيما بعد ما أخفق 1200 جندي أميركي في إخماد ما حدث في مدنية..
د. عبد الله النفيسي: الفلوجة..
أحمد منصور: الفلوجة قبل أيام واضطروا إلى أن تأتي الفرقة المدرعة التي تضم أربعة آلاف جندي من بغداد إلى الرمادي حتى تقمع أناس ليس في يدهم شيء سوى بعض الأشياء البسيطة، ما هي احتمالات انتفاضة.. اندلاع انتفاضة في العراق رغم أن العراقيين منهكين وتوازن القوى لا يمكن أن يوصف؟
عبد الله النفيسي: شوف يا أحمد..
أحمد منصور: بصفتك أنا بأسألك أنت رسالة الدكتوراه بتاعك خاصة بالدور السياسي للشيعة في العراق، تعرف النفسية العراقية وتركيبتها، دارس التاريخ العراقي الحديث السياسي بشكل جيد ولك فيه كتابات كثيرة متميزة، من هذا المنطلق.
د. عبد الله النفيسي: نعم، الدكتور علي الوردي، الدكتور علي الوردي من كبار علماء الاجتماع في العراق، هذا الرجل توفي -رحمة الله عليه- درس في عدة كتب شخصية الفرد العراقي، يقول الدكتور علي الوردي بما معناه: إنه الشخصية العراقية تُخفي في ثناياها ثنائية.. ثنائية (Dichotomy) وهذه الثنائية تظهر أطرافها حسب نظام القيادة والسيطرة، بمعنى الشخصية العراقية فيها من الكرم والسخاء الشيء الكثير، يقابل ذلك في نفس الشخصية الكثير من البخل والشح والحرص، كذلك ممكن أن يتوفر في نفس الشخصية قسط كبير من الفروسية والشجاعة والإقدام في ذات الشخصية تجتمع أيضاً كل عوالم وظواهر الجبن والخوف والتردد، ويقول الدكتور على الوردي أنه حسبما يتعرض الفرد العراقي من نظام السيطرة عليه over control و under control يظهر نوع الشخصية العراقية، أنا أشوف -والله أعلم- على ضوء هذه النظرية اللي طرحها الدكتور علي الوردي -رحمة الله عليه- إنه اليوم في العراق ظاهرة النهب وظاهرة الفرهود وظاهرة السرقة تحت يعني الشمس، ها.. هذه ليس لأنه القانون أصبح معطل في.. في.. في.. في العراق، بل لأنه غياب السلطة القاهرة أصبح مؤكد، فعندما الإنسان يجد أن هذه السلطة القاهرة اللي تعوّد عليها على مدى 40 سنة غابت عن هذا تظهر الحقيقة لهذه الشخصية، ولذلك أنا أتخوف حقيقة.. أتخوف حقيقة على جمهور يعاني من.. من هذه الحالة أن.. أن.. أن.. أن تفتح عوالم النشاط السياسي على مصراعيها خاصة وإنه الآن في العراق فيه 82 حزب سياسي، تخيل 82 حزب سياسي في بلد كالعراق، 82 حزب سياسي ليس موجودة حتى في الولايات المتحدة، ليس موجودة حتى في الدول العريقة في التشكيلات الحزبية مثل المملكة المتحدة.
أحمد منصور: هو لا شك هناك يعني معاناة، ولكن أنا الآن أريد أن أبقى في إطار المقاومة للمحتل.
د. عبد الله النفيسي: نعم، أنا أتصور تأسيساً على ذلك إنه الآن صار التماس والاحتكاك بين الجمهور العراقي -الذي هذه هي توصيفاته، حسب كلام الدكتور علي الوردي- والقوات الأميركية أصبح تماس مباشر، وأعتقد.. وأعتقد أنه في الأيام القادمة أو الأسابيع القادمة سوف تظهر إلى أرض العراق وفي أرض العراق مقاومات في أقاليم شتى من العراق.
أحمد منصور: لكن كثير من السياسيين العراقيين يشيرون إلى أن المقاومة يمكن أن تنتهي خلال ستة أشهر في العراق، وأن المقاومة سببها هو الفوضى القائمة في البلد وليس معتقد العراقيين بأن يقاوموا، ومن هؤلاء بعض السياسيين من قادة المعارضة.
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد -وأرجو أن أكون مخطئ- أن الأميركان لا يحسنوا قراءة المشهد العراقي.
أحمد منصور: هذا ما قاله أمس تحديدا وزير الحرب الأميركي المستقيل في صحيفة "USA today" نفس العبارة هذه أمس قالها تحديداً.
د. عبد الله النفيسي: جيد.. جيد، ممتاز، هذا يؤكد كلامي، لا يقرءوا المشهد العراقي قراءة صحيحة، ولذلك إذا استمر الأميركان في الاحتكاك المباشر بالجمهور العراقي، تفتيش للنساء، تفتيش البيوت عن السلاح، الدخول إلى المدارس، إساءة استعمال سلطتهم في الشارع، نقل قوات من بغداد إلى الفلوجة، نقل قوات من بغداد إلى البصرة أو إلى مناطق أخرى، التدخل في الحوزة الشيعية وخواصها الداخلية وتحريض طرف على آخر، وتمني طرف على الآخر، أعتقد إذا دخلوا هذا المدخل راح يلوصون أكثر وراح تنشأ..
أحمد منصور: دخلوا بالفعل..
د. عبد الله النفيسي: وراح تنشأ..
أحمد منصور: يومياً في تقارير الصحف تقارير ليس لها نهاية عما يحدث على نقاط التفتيش، حتى إن عراقي بسيط لا يملك في.. سوى يده ممكن يضرب جندي عراقي وتقارير كثيرة نشرت عن إن يوميا ما لا يقل عن 200 حادث تحدث على نقاط التفتيش بهذه الطريقة.
د. عبد الله النفيسي: نعم، وأنا أعتقد هذه الأمور سوف تتصاعد و.. وكلها بفعل الجهل الأميركي، الجهل يعني أحط تحتها خط، لأنه فيه كتير ناس يعتقدون الأميركان لا يمكن أن يجهلوا، لأ الجهل الأميركي في شؤون العراق، ليس عندهم فريق من الاختصاصيين في شؤون العراق، ليس لديهم علاقات جيدة حتى مع النخبة العراقية، ترى النخبة العراقية نخبة (أنجلو.. بريتش أورينتد) Anglo.. Britich oriented يعني تميل إلى.. إلى.. إلى إنجلترا ولا تميل إلى أميركا، ولذلك مقر النخبة العراقية كان دائماً..
أحمد منصور: لندن..
د. عبد الله النفيسي: لندن وليس واشنطن، ومن هنا أنا أعتقد بأنه أمام الأميركان الكثير من المشاكل اللي هيشوفوها في العراق.
أحمد منصور: في ظل إن في خلال الشهر الماضي فقط قُتِل 20 جندي أميركي في المواجهات خلاف طبعاً آخرين كثيرين جرحوا يومياً يقتل جندي أو جنديين بالنسبة لعدد القتلى الأميركان، والملاحظة إن معظم هذه العمليات في مناطق السُّنة في الرمادي، في الفلوجة، في بغداد نفسها، وهذا يخالف كثير من التوقعات التي كانت تشير إلى أن المقاومة ستندلع في مناطق الجنوب وليس في مناطق السُّنَّة، ما هي قراءتك لهذا؟
د. عبد الله النفيسي: نعم، الأميركان من.. من.. من ثغرات قراءتهم القاصرة للمشهد العراقي إنه أصبحوا يضعوا أهل السُّنة بصفة الفئة المتواطئة مع نظام صدام حسين، حيث أنه سني اعتبروا أن كل أهل السُّنة في العراق كانوا يشكلوا القاعدة الاجتماعية لنظام صدام حسين، طبعاً فيه.. هذا شيء فيه شيء من الصحة، لكن ليس كل الصحة، ليس كل الدقة، كثير من أهل السنة تضرروا كثير من نظام صدام حسين، ولذلك راهن..
أحمد منصور: وكثير من الشيعة كانوا حول صدام، الصحاف وغيره وغيره كلهم.
د. عبد الله النفيسي: نعم.. نعم، سعدون حمادي، نعم.
أحمد منصور: سعدون، نعم كثير من.. من.. من القيادات التي كانت حوله، والرجل لم يكن ينظر للانتماء وإنما للولاء.
د. عبد الله النفيسي: صحيح، ولذلك راهن الأميركان قبل غزوهم على العراق.. قبل غزوهم للعراق راهنوا كثير على دور شيعي متواطئ معهم، طبعاً الشيعة تجربتهم السياسية تجربة ثرية للغاية، يعني.. يعني التشيع والشيعة وخاصة الشيعة العرب تجربتهم السياسية ثرية للغاية، يعني العراق حكموه العثمانيين 400 سنة، وأقصوا الشيعة، وراحوا الشيعة إلى الفرات الأوسط يزرعوا ويأكلوا، بينما أهل السنة والجماعة كانوا حول العثمانيين في الهضبة الوسطى اللي هي هضبة قاحلة، لا شيء فيها إطلاقاً يعني، وبالتالي أصبح أهل السنة مع السلطة العثمانية، و.. والشيعة والتشيع أصبحوا خارج إطار السلطة تماماً، وأبعدوهم العثمانيين تماماً، هذا الإقصاء السياسي للشيعة أعطاهم فرصة تاريخية لبناء تجربتهم السياسية، ولذلك الشيعة في العراق من.. من.. من الأغلبيات الاجتماعية اللي عندهم مقدرة هائلة على الحوار الداخلي.
أحمد منصور: في عام 72 أنت حصلت على رسالة الدكتوراة من كمبردج حول "دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث" كيف تقرأ دور الشيعة في المستقبل السياسي العراقي الآن بعد 31 عاماً من رؤيتك ودراستك السابقة؟
[فاصل إعلاني]
دور الشيعة في رسم مستقبل العراق السياسي
أحمد منصور: دكتور عبدالله النفيسي رؤيتك للمستقبل أو دور الشيعة في رسم مستقبل العراق السياسي؟
د. عبد الله النفيسي: طبعاً اللي يدرس تاريخ العراق الوسيط والمعاصر، سيلاحظ أنه الشيعة استُبعدوا بشكل أساسي وجوهري من.. من بغداد من السلطة المركزية في بغداد، طبعاً أربعمائة سنة من الحكم العثماني السني أبعد الشيعة، وبالتالي لما جاءت السلطة الوطنية سنة 21، وجاء البريطانيون بفيصل ليحكم..
فيصل الأول ليحكم العراق، حرصوا الإنجليز على إدماج الشيعة في الوزارات، ولذلك اللي بيقرأ "تاريخ الوزارات العراقية" لعبد الرزاق الحسني بتلاحظ إنه السلطة الوطنية برئاسة فيصل الأول كانوا حريصين إنهم يعطون الشيعة قسط من المسؤولية الوزارية، وزارة المعارف، وزارة التربية هناك، وزارة الشؤون الدينية، شغلة من ها النوع، بعد أن سقط النفوذ الإنجليزي في.. في العراق، وجاء الجمهورية سنة 58، سنلاحظ أن عبد الكريم قاسم حرص أيضاً على إعطاء الشيعة دور ما، لكن يبدو إنه بعد أن سقط عبد الكريم قاسم، وجاءت سلطة البعث لأسباب كثيرة -لا أود الخوض فيها- تحول الحزب.. حزب البعث إلى حزب عربي سني في تركيبته، وأبعد كثير من.. من الشيعة من صفوفهم..
أحمد منصور: كان فيه قيادات شيعية كثيرة، هو الحزب في بعض الأحيان كان رؤساؤه من الشيعة..
د. عبد الله النفيسي: كان فيه.. كان فيه أنا أتكلم.. أنا أتكلم.. أنا أتكلم يا أحمد يعني.
أحمد منصور: بعد 68.
عبد الله النفيسي: أنا أتكلم إنه.
أحمد منصور: بشكل عام.
عبد الله النفيسي: بشكل عام، يعني أنا لما أقول..
أحمد منصور: ليس هناك إقصاء، وإنما الأغلبية أو الكثرة..
د. عبد الله النفيسي: الأغلبية في حزب البعث كانوا من أبناء العشاير العربية السنية، وخاصة بعد محاولة ناظم جزار..
أحمد منصور: 72.
د. عبد الله النفيسي: 72.
أحمد منصور: اغتيال صدام والبكر مرة…
د. عبد الله النفيسي: بس أصبح.. أصبح البعث يعني متحسس من الدور الشيعي في إطاراته وفي كوادره، وفي مكاتبه، ومن ذلك التاريخ من.. من تاريخ ناظم جزار أصبحت القيادة البعثية حريصة على إقصاء العنصر الشيعي إلا ما ندر، والدكتور سعدون حمادي هو من النوادر اللي استطاعوا أن..
أحمد منصور: والصحاف.
د. عبد الله النفيسي: والصحاف من النوادر اللي استطاعوا أن يستمروا في.. في.. في انتمائهم البعثي.
أحمد منصور: وآخرين ربما لا أذكر أسماءهم.. أسماءهم بشكل أساسي.
د. عبد الله النفيسي: ولذلك الآن لما تجلس مع محمد باقر الحكيم، السيد محمد باقر الحكيم أو تجلس مع أيٍ من عائلة الصدر أو غيرهم في النجف في الحوزة التقليدية السيستاني وجماعته ستلاحظ إنه ثمة حرص الآن تاريخي لدى شيعة العراق إنه الآن هذه الفرصة يجب ألا تفوت، وأنه من حقنا كأغلبية في العراق أنه يكون لنا دور وأتصور إن العراق لن يستقر.. لن يستقر إلا إذا توفرت الحقوق الدستورية للمواطن العراقي وأيضاً للطوائف اللي تم إقصاؤها في فترة الحكم العثماني، ومن أهمها طبعاً الشيعة.
أحمد منصور: بسرعة، لأن لم نقف على موضوع المقاومة في مناطق السنة، لم تكمل لي.
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد إنه.. إنه.. إنه السُّنة الآن متخوفين جداً من عملية الإقصاء، يعني مثلما تم إقصاء الشيعة على أيام العثمانيين، ثمة تخوف لدى أهل السنة والجماعة إنه يتم إقصاؤهم على يد الأميركان، والأميركان حتى الآن لم يقرروا من هو حليفهم الاجتماعي، وواضح الضياع اللي عايشينه في.. في التعامل مع المؤتمر..
أحمد منصور: هذا يعكس ضبابية ومستقبل مظلم غير واضح.
د. عبد الله النفيسي: أنا أعتقد ذلك، وأعتقد إنه هذا سيضطر الأميركان للإبقاء على قواتهم في العراق لفترة طويلة.. لفترة طويلة.
أحمد منصور: أنا عندي مشاهدين كثيرين على الهاتف وعلى الإنترنت، محمود عثمان النمر رقم 10 على الإنترنت، يقول: أخي أحمد، أتوسل إليك لو أمكن أن تعطينا البريد الإلكتروني للدكتور النفيسي، ولأن التوسل بدأ كسياسة قطرية كنت أود أن أخدمه، ولكن الدكتور النفيسي -للأسف- لا يستخدم البريد الإلكتروني، أنا هذا طلب أتلقاه عشرات المرات على بريدي أنا الإلكتروني كطلبات من المشاهدين، وأعتذر إليهم عن ذلك.
مهدي الديجاني من القاهرة، اتفضل يا أستاذ مهدي، وأعتذر عن تأخري.
مهدي الديجاني: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
د. عبدا لله النفيسي: عليكم السلام.
مهدي الديجاني: والله أنا عندي تعليق على ثلاثة مقولات أساسية سمعتها من الدكتور النفيسي، وأتساءل عن مدى كونها صدى لبعض المقولات الأميركية التي سمعناها قبل الحرب وبعد العدوان، الأولى هي أن الحرب جاءت لتجهض تحالفاً محتملاً بين القيادة العراقية وبين تنظيم القاعدة، وهذه مقولة افتقدنا أي دليل لها سواء من الإدارة الأميركية أو الإنجليزية، بل إن كثيراً من أهل السياسة في الولايات المتحدة أنفسهم باتوا يشككون في هذه المقولة التي مثلها مثل مقولة البحث عن أسلحة الدمار الشامل، أثبتت أنها مقولة لم تكن سوى لترويج هذا العدوان، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: أن الدكتور النفيسي قال: أن ظاهرة السرقات، والتي كانت انتشرت عقب انتهاء عملية الإطاحة بنظام صدام حسين أنها كانت تعبر عن ظاهرة كبت سياسي واجتماعي واقتصادي لدى الشعب العراقي، وهذه أيضاً مقولة أميركية بحتة، تتجاهل تماماً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو قال أنها جزء من التركيبة النفسية العراقية، واستدل على ذلك بما كتبه الدكتور علي الوردي، ولكن أكمل..
مهدي الديجاني: والله أنا أتصور أن هذه المقولة تتجاهل تماماً أن الولايات المتحدة.. أن الجيش الأميركي نفسه هو الذي رعى وأشرف على عملية السرقة المنظمة، التي قام عدد من المحامين ومن أهل الخبرة القانونية برفع دعاوى ليثبتوا أن هذه الظاهرة لم تكن لتعبر عن الشعب العراقي لا اجتماعياً ولا تاريخياً، وأن هؤلاء النفر الذين ذهبوا إلى هذه الأماكن ليسرقوا إنما أُخِرجوا من السجون العراقية بمعرفة القوات الأميركية ليقوموا بهذه العملية.
المقولة الثالثة والأخيرة: هي أن صدام حسين شكل تهديداً استراتيجياً للبلدان العربية خلال العشر سنوات الماضية منذ احتلاله للكويت، وأنا أتساءل أيضاً عن مدى كون هذه المقولة هي الصدى لرغبة الولايات المتحدة في إظهار هذا النظام هذا النظام بأنه تهديد للدول العربية لكي يسوِّغ من ثم العدوان الأميركي على العراق، وهناك أتساءل عن إمكانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: إسرائيل هو.. هو هنا يا أخ مهدي حتى نصحح المعلومة، هو يقول إسرائيل وليس الدول العربية.
مهدي الديجاني: لا.. لا، أنا اتحدث عن مسألة أن صدام حسين عندما ضرب الاحتلال الإسرائيلي بالصواريخ، وعندما احتل الكويت شكل في المنطقة تهديداً على الصعيدين العربي وعلى الصعيد الإسرائيلي، وأنا أتساءل عن أنه متى يحين لنا أن نضع هذه الظاهرة.. ظاهرة ضرب الصواريخ العراقية لتل أبيب في سياقها التاريخي، نحن ننسى أن بوش في ذلك الوقت كان يريد أن يضغط على الإدارة الإسرائيلية إلى أقصى مدى، نحن نتساءل لماذا لم يستخدم صدام حسين هذه الصواريخ في حربه الأخيرة، وهي كانت في متناول يده؟ لماذا لم يستخدم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنا أريد.. عفواً يا أخ مهدي أنا أريد أن نفرق بين شيئين، أن نفرق بين قراءة إسرائيلية قدمها الدكتور ليبين أثر الصواريخ وبين أنه يؤيد قضية الصواريخ، أو يقول أنها يعني.. يعني تقديمه كان واضحاً في أن هناك دراسة لمعهد جافي قالت أن الصواريخ فعلت كذا، ولكن كون هو يؤيد صدام في هذا أو يقول هذه قضية أخرى أيضاً ينبغي أنها تكون واضحة.
مهدي الديجاني: لأ، بغض النظر.. هو..
أحمد منصور: أنا أشكرك حتى أعطي المجال للآخرين. شملان الشملان من البحرين.
شملان الشملان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.
شملان الشملان: سؤالي للدكتور من منطلق قوله أو اللي ما أشار له بأن التغلغل الصهيوني في العراق من خلال وضع الدستور الذي سيُعمل به في العراق، وعلى ضوء ما الاتفاقيات التي أو.. أو الاجتماع الذي عقد في شرم الشيخ والعقبة، أليس هناك خوف من انجراف الأنظمة العربية إلى السلام والاعتراف بالدولة الصهيونية، خاصةً وأن معظم القادة أو.. أو الأنظمة العربية مستبعدة دور شعوبها في مسألة الاعتراف بإسرائيل، وماذا تعليق الدكتور على أن الملك محمد ملك المغرب نأى بنفسه عن الحضور للاجتماع؟
أحمد منصور: شكراً لك.
شملان الشملان: شكراً.
أحمد منصور: حسين الحديثي من الإمارات، تفضل يا حسين.
حسين الحديثي: آلو، السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
حسين الحديثي: كيف الحال دكتور، كيف الحال يا أخ أحمد؟ أنا عندي تعليق أو تعقيب حقيقة على..
أحمد منصور: باختصار لو سمحت، تفضل.
حسين الحديثي: نعم، بالنسبة للدكتور عبد الله تحدث عن الشخصية العراقية، ويعني أنا لا أشكك في مصداقية وعلمية تعقيب الدكتور عبد الله، ولكن أقول أنه هو..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هو مرجعيته أكبر أستاذ علم اجتماع عندكم في العراق..
حسين الحديثي: لا شك.. لا شك.. لا شك، واستنادا على.. استناداً على.
أحمد منصور: لم يأتِ بشيء من عنده..
حسين الحديثي: استناداً على ما قاله الدكتور علي الوردي هو اللي حقيقة يسير بي إلى هذا التعقيب، لأن أنا مُطَّلع عليه يعني كتابات الدكتور علي الوردي -رحمة الله عليه- اللي.. اللي تم إغفاله أن الشخصية العراقية اللي ذكرها وحللها الدكتور علي الوردي والدكتور عبد الله النفيسي تعقيباً عليه كانت طبعاً نتيجة عقود بل قرون يعني من الأطماع المختلفة في العراق، ومن الظروف المختلفة اللي الدكتور عبد الله مُطَّلع عليها، لكن.. وهذا معلوم بالنسبة للجميع، لكن اللي تم إغفاله الـ 35 عام التي حكمها صدام حسين للعراق غيَّرت كثير من هذه الشخصية، وهذا الموضوع يتم إغفاله كثير، صدام حسين ظلم بعدالة، ظلم السني والشيعي والمسيحي، والجميع على حدٍ سواء، لم يسلم منه أقرب المقربين إليه، اللي هم أبناء عمه وأزواج بناته، هذا ولَّد.. ولَّد حقيقة موجودة حالياً في العراق، اللي موجود، أنا عراقي طبعاً، وأعلم والعراقيين أيضاً يعلمون أنه أصبحوا السنة والشيعة والمسيحيين وكافة الطوائف يدركون.. يدركون -لأول مرة ربما في التاريخ المعاصر- أهمية الالتفاف وأهمية التماسك، لأنه الأطماع تختلف، والأطماع تستهدف طائفة معينة، أقلية معينة، ولكن ليس حبًّا في طائفة وكرهاً في طائفة أخرى، بل بما.. بما تمليه المصالح، هذا تعقيبي على.. على.. على.
أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً، لك تعليق يا دكتور.
حسين الحديثي: وأيضاً عندي سؤال بسيط.
أحمد منصور: شكراً لك. لك تعليق على أي من التساؤلات الثلاثة، يعني ظاهرة السرقات وتحليلك ليها، أعتقد الأمور واضحة، أنت تكلمت بشكل واضح في مسار أو في اتجاه معين، ولكن كلامك فعلاً كان حمَّالاً لأوجه يمكن أن يفهم بشكلين، يفهم بشكل سلبي، ويفهم بشكل أنك تعرض ظاهرة لست مسؤولاً عنها، وإنما أنت تحللها وتقدمها إلى الناس، وأعتقد أنك تقصد الثانية وليست الأولى حتى نخرج من هذا المأزق.
د. عبد الله النفيسي: نعم، نعم.
أحمد منصور: موضوع التغلغل الصهيوني وإمكانية إن الدول العربية تدخل في ما قاله شملان الشملان: هل الدول العربية الآن أمامها إطار أن تدخل -الحكومات أقصد يعني- في صلح مع إسرائيل وتتغافل هذه الشعوب؟
د.عبد الله النفيسي: لا أعتقد.. لا أعتقد بأن الأنظمة العربية اليوم في عمومها قادرة على تجاوز هذه الحالة من الإحباط واليأس اللي أصابت الجماهير العربية إثر سقوط بغداد عسكرياً إنه.. إنه تقدم بالرغم من ذلك على خطوة كبيرة وخطيرة وذات يعني تفريعات تاريخية خطيرة، مثل خطوة التطبيع مع.. مع الكيان الصهيوني..
أحمد منصور: لك تعليق على ما يتعلق بالشخصية العراقية؟ ما أشار حسين الحديثي.
د.عبد الله النفيسي: والله يعني.. يعني.. يعني إحنا في الكويت تعرضنا إلى الغزو من جار الشمال اللي هو العراق، صح أو لأ؟
أحمد منصور: نعم.
د.عبد الله النفيسي: وأنا كنت موجود..
أحمد منصور: هو كان.. كان جاي يحرركم على مذهب الأميركان.
د.عبد الله النفيسي: أنا كنت موجود يعني في الكويت خلال الغزو على الأقل لمدة الشهرين الأوائل، وشفت بعيني وماحدش قال لي يعني.
أحمد منصور: وأنا أيضاً رأيت يعني..
د.عبد الله النفيسي: شفت بعيني النهب المدمِّر الذي تعرضت له الكويت على يد جنود عراقيين وناس شُيَّاب يعني شوفناهم بعيوننا، وأنا شخصياً تعرضت إلى.. إلى حوادث لا أود التطرق لها، بس فيه.. فيه.. فيه نزعه عدوانية في الشخصية العراقية شفناها بعيننا بالكويت، نزعة تخريب، نزعة تدمير، دخلوا الأسواق المركزية، ونهبوها بالكل.. دخلوا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني يا دكتور اخرجوا من التاريخ إلى الجغرافيا بقى، يعني كل يوم.. كل ليه يعني لازال الكويتيون يندبون إلى الآن ما حدث في العام 90، حدث للعراقيين ما هو أبشع.
د.عبد الله النفيسي: طيب.. طيب، يعني إذن يعني هذا رد على الأخ الحديثي.
أحمد منصور: وبعدين عايزين نعمل مصالحة تاريخية، يعني لا نريد أن نستمر في نكء..
د.عبد الله النفيسي: لا.. لا بأس، بالعكس.. بالعكس
أحمد منصور: ما حدث في العام 90، وما حدث في.. في..
د.عبد الله النفيسي: بالعكس إحنا الكويتيين أحرص العرب على المصالحة العربية، لكن إحنا تعرضنا إلى.. إلى أهوال يعني.
أحمد منصور: خاصة وإن فيه اتهامات.. كان فيه اتهامات كثيرة للكويتيين أنهم وراء ما حدث من عمليات تخريب في العراق، وأنهم كانوا يشجعون..
د.عبد الله النفيسي: ليس هناك.. ليس هناك..
أحمد منصور: هناك، وأنه قيل إنه شوهد كويتيين كانوا يحرضون على عمليات..
د.عبد الله النفيسي: لا.. لا هذا.. هذا كلام من.. من.. من فدائيي صدام وفلول النظام الصدامي إطلاقاً يعني، الكويت حريصة تماماً اليوم على علاقات سوية مع الشعب العراقي ومع النظام العراقي اللي سينشأ في بغداد.
أحمد منصور: أنتو الاثنين تحت الهيمنة الأميركية وما فيش..
د.عبد الله النفيسي: وهذا صحيح.. هذا صحيح.
أحمد منصور: يعني في مجال أنكم ترتبوا الأمور تحت المظلة الأميركية بشكل جيد.
د.عبد الله النفيسي: إن شاء.. إن شاء الله تترتب بشكل جيد.
أحمد منصور: سيغمركم الأميركان ببركاتهم.
د.عبد الله النفيسي: نسأل الله أن.. أن..
أحمد منصور: حتى يؤلفوا بين قلوبكم.
د.عبد الله النفيسي: نسأل الله أن.. أن ينجينا يعني من.. من الأميركان.
أحمد منصور: وكالة "يونايتد برس" نشرت تقريراً أمس نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن صدام حسين لازال حياً ومختبئاً تحت حماية شبكة من رجال العشائر وأعضاء حزب البعث، هل تعتقد أنه لازال هناك مجال أمام صدام أو حزب البعث لرسم أي شكل في مستقبل العراق السياسي؟
د. عبد الله النفيسي: هذا كله يعتمد يا أحمد على الأميركان، إن استمروا بالطريقة هذه لايصين وخايبين، وكل يوم لهم تصريح، وكل يوم لهم مشروع، ومرة عايزين مجلس وطني، ومرة ألغوا المجلس الوطني، وعايزين مستشارين، وإلى درجة إنه حتى أحمد الجلبي اللي هو يعني مرتبط تماماً فيهم، اليوم يعني أصبح ينتقدهم وينتقد دورهم، إذا استمروا الأميركان في الزجزاج (Zigzag) هذه السياسية، فأنا لا أستبعد إنه صدام أو غيره داخل العراق يستعيدوا أدوارهم لمقاومة الأميركان.
أحمد منصور: في دراسة نشرتها صحيفة "الحياة" في 25 مايو الماضي نقلاً عن تقرير.. أو تقارير لوزارة الخزانة الأميركية، مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية على حافة الإفلاس، ولا تملك الجرأة للاعتراف -بين قوسين- بهذه الحقيقة المفزعة، ومن ثم فقد حرصت أميركا على إطلاق يدها في شؤون العراق المالية حتى تخرج من ورطتها، هل يمكن لنفط العراق أن يكون مخرجاً للمأزق الاقتصادي والمالي الذي تعيشه الولايات المتحدة الآن؟
د.عبد الله النفيسي: الاحتياطي العراقي النفطي يعادل الاحتياطي الأميركي النفطي زائد الاحتياطي الروسي النفطي زائد الاحتياطي المكسيكي النفطي مجتمعة، فالاحتياطي النفطي العراقي احتياطي ضخم، ولا أستبعد إطلاقاً إنه هيمنة الولايات المتحدة على العراق أن لها علاقة قوية بالموضوع هذا، على الأقل ليس من زاوية سيطرتها على أوروبا واليابان والصين كمنافسين دوليين، بل اتصالهم بهذا الموضوع اللي ذكرته، أنا لا.. لست مُطَّلعاً على موضوع إنه الولايات المتحدة على حافة الإفلاس أو لا، ولكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لأ، صدر كتاب الحقيقة وأنا في.. في.. في بريطانيا صدر كتاب حديث الحقيقة لا أذكر اسم كاتبه بيشير إلى حقائق مفزعة حول هذا الموضوع بالنسبة للجانب الاقتصادي.
مستقبل العراق السياسي في ظل الوضع الراهن
سؤالي الأخير الآن في دقيقة بقيت، كيف تنظر إلى مستقبل العراق السياسي في ظل هذه الصورة التي يمكن أن نقول إذا يعني تفاءلنا بأنها ضبابية وليست مظلمة؟
د.عبد الله النفيسي: نيلة.. أنت قلت لي.. قلت لي في..
أحمد منصور: دي نيلة دي مصري خالص.
د.عبد الله النفيسي: آه، نيلة..
أحمد منصور: أو منيلة بستين نيلة زي ما بيقولوا..
د.عبد الله النفيسي: أنت قلت لي في دقيقة واحدة، أنا أقول لك: نيلة، ما فيه مستقبل، وأعتقد فيه اضطراب، وفيه اضطراب قوي داخل العراق وبوجود الأميركان، وأرجو أن يخيب ظني.. أرجو أن يخيب ظني.
أحمد منصور: دكتور، أشكرك شكراً جزيلاً.
د.عبد الله النفيسي: أهلاً وسهلاً.
أحمد منصور: على ما تفضلت به، آملاً أن نكون قد أضفنا للمشاهد شيئاً في قراءة متميزة لصورة الواقع العراقي الحالي ومستقبله ومستقبل التواجد الأميركي في المنطقة.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج ومخرجه عماد بهجت، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.