أسباب ودوافع قرارات 12 ديسمبر في السودان
مقدم الحلقة: | أحمد منصور |
ضيف الحلقة: | الفريق عمر حسن البشير: الرئيس السوداني |
تاريخ الحلقة: | 29/12/1999 |
– الأسباب والدوافع التي أدت إلى اتخاذ قرارات 12 ديسمبر
– قرارات 27 ديسمبر ومدى تناقضها مع قرارات 12 ديسمبر
– مستقبل المصالحة الوطنية في السودان
– الموقف العدائي لأميركا من نظام الحكم الإسلامي في السودان
– ازدواجية السلطة في السودان
– تعديل الدستور السوداني
![]() |
![]() |
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة السودانية الخرطوم، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).
أثارت القرارات التي اتخذها الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الثاني عشر من ديسمبر الجاري، أثارت ردود فعل واسعة النطاق على الصعيدين العربي، والعالمي، وحتى الإقليمي، وقبلهما الصعيد المحلي، حيث أعلن الرئيس حالة الطوارئ في البلاد، وحل البرلمان، وتعطيل بعض مواد الدستور، وقد اعتبر كثير من المراقبين هذه القرارات تعبيراً عن انشقاق داخل صفوف المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، وعزلاً وإبعاداً للدكتور حسن الترابي (الأمين العام للمؤتمر الوطني الحاكم، ورئيس البرلمان).
لكن قرارات الرئيس البشير قُوبلت بارتياح واسع لدى قطاعات كبيرة في الشارع السوداني، كذلك لاقت ترحيباً كبيراً على الصعيد العربي، لاسيما من دول الجوار وعلى رأسها مصر، التي قام الرئيس البشير بزيارتها بعد زيارة قام بها إلى ليبيا، التقى خلالها رؤساء ليبيا، وأوغندا، وإريتريا، والكونغو، فيما اعتبر انفراجاً سريعاً للسودان مع دول الجوار، غير أن قرارات شورى المؤتمر الوطني التي صدرت في السابع والعشرين من ديسمبر الجاري، أي أول أمس، أصابت مؤيدي قرارات الثاني عشر من ديسمبر بشيء من بالإحباط، والتشويش، والاضطراب، وأخذ الجميع يتساءلون هل تراجع الرئيس البشير عن قراراته التي أصدرها في الثاني عشر من ديسمبر؟
وما هي الرؤية السياسية للواقع والمستقبل السوداني؟
تساؤلات ومحاور عديدة حول الواقع السياسي في السودان أطرحها في حلقة اليوم على فخامة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على الأرقام التالية:
11559983 00249، أو 553519، أما رقم الفاكس فهو 557604.
وآمل أن يسعى المشاهدون الذين يشكون من انشغال خطوط الهاتف بإرسال أسئلتهم عبر الفاكس مرحباً فخامة الرئيس.
عمر حسن البشير: أهلاً وسهلاً، مرحباً.
الأسباب والدوافع التي أدت إلى اتخاذ قرارات 12 ديسمبر
أحمد منصور: نرحب بك بلا حدود في برنامجنا، وأود أن أسألك في البداية عن الدوافع والأسباب الحقيقية التي أدت إلى اتخاذ قرارات الثاني عشر من ديسمبر؟
عمر حسن البشير: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، ونصلي ونسلم على رسول الله، تحية لكل مشاهدي (الجزيرة)، والتقدير للقائمين على أمر هذه المحطة، حقيقة يمكن للكثير من المراقبين للأمور في السودان، والسودان ليست بالدولة الهامشية، وإنما دولة مهمة في.. خاصة في محيطها العربي، والأفريقي، والإسلامي، كل المراقبين كانوا يرون أن هنالك أوضاع غير عادية في السودان، تتمثل في ازدواجية مركز القيادة، ومركز اتخاذ القرار، أن هنالك تضارب واضح وتعارض بين المؤسسات في السودان، وأن هنالك ضياع لهيبة الدولة، وهذه الإجراءات والقرارات هي لم تكن ضد المؤسسات، وإنما الهدف منها هو وضع الأمور في نصابها، حتى لا تتجاوز المؤسسات صلاحياتها وسلطاتها، والتي تمثلت في التنازع على مركز القيادة، والذي –هو بكل التأكيد- يجب أن يتجمع في رئاسة الجمهورية، أيضاً هناك تجاوزات واضحة من الحزب في الأعمال اليومية، وأعمال السلطة التنفيذية، وهذه تعتبر من العمليات الشاذة، في أن تدار الدولة من خلال أجهزة الحزب، مع تجاوز لمراكز اتخاذ القرار في الحكومة، أيضاً هنالك عدم التوازن حتى في بناء الحزب، لأن الحزب تمَّ بناؤه في ظل خلاف، واستخدمت الغالبية الميكانيكية في مواقع الحزب العليا لخلق مراكز قوة تتجاوز السلطة التنفيذية.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، هل هذه الأشياء تمَّ اكتشافها بعد 10 سنوات من التواجد في السلطة؟
عمر حسن البشير: والله، قطعاً هي بدأت يمكن بصورة مبكرة، ولكن تصاعدت –حقيقة- في الأيام الأخيرة خاصة خلال المؤتمر القومي للمؤتمر الوطني وما صاحبه من الكثير من الممارسات الغريبة على الحركة السياسية في السودان، وأيضاً ما تبع من تصعيد في المجلس الوطني، وأجهزة الحزب بعد المؤتمر.
أحمد منصور: سؤال هام -بناءً على هذا التوضيح- هل معنى ذلك أنك لم تكن تحكم السودان بشكل مطلق كرئيس للدولة طوال العشر سنوات الماضية؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: فخامة الرئيس، هل كنت طوال السنوات العشر الماضية لا تحكم السودان بشكل مطلق كرئيس للدولة؟
عمر حسن البشير: حقيقةً، نحنا أول حاجة ضد السلطة المطلقة للفرد، ونحنا مع المؤسسية، ولذلك حاولنا منذ البدايات الأولى لثورة الإنقاذ أن نعمل من خلال المؤسسات، وكان مجلس قيادة الثورة، ومجلس الوزراء، ومن ثم كان المجلس الانتقالي الذي كان معين ليشارك في التشريع والرقابة على السلطة، ثم كان المجلس المنتخب، بدأت –حقيقةً- مشاكلنا حينما انتخب المجلس الوطني الأخير، وحاول قيادة المجلس أن تسيطر، وتهيمن، وتصادر حتى العمل التنفيذي، أو الجزء من اللي يهم الرئاسة في عملية التشريع، أيضاً الحزب حينما انتقلنا نحنا لمجلس.. المؤتمر الوطني، وبدأنا في بنائه والالتزام تجاه مؤسساته، حصل تغوُّل كبير جداً، وكما قلت: تم بناء أجهزة الحزب في ظل خلافات، واستخدمت هذه الأجهزة في السيطرة على مراكز القرار، وخلق مراكز قوة، وأصبح الحزب يتدخل حتى في الشؤون العمل اليومي متجاوزاً سلطات الرئاسة وسلطات مجلس الوزراء، بل يهمِّشُها تماماً.
أحمد منصور: لكن يعني معنى ذلك أن الازدواجية الحقيقية في السلطة بدأت في العام 95، وتحديداً منذ دخول الدكتور الترابي إلى مجلس الأمة، وانتخابه رئيساً للمجلس؟
عمر حسن البشير: نعم، نقدر نقول أنه مع المجلس المنتخب بعد وصول الأخ الدكتور حسن الترابي كرئيس لهذا المجلس، بدأ هذا المجلس في ممارسة صلاحيات هي مش من صلاحيات المجالس عموماً، وأصبحت هنالك تداخلات وتجاوز
–حقيقة- للسلطة حتى في إصدار القوانين، لأنه معروف أنه حتى في الأنظمة البرلمانية، المبادرة لمشروعات القوانين بتأتي من الرئاسة، وإذا أخذنا مثال زي (بريطانيا) رغم أن هنالك حزب حاكم، ويحكم من خلال البرلمان، لكن المبادرة دايماً تأتي من رئيس الوزراء.
أحمد منصور: يعني بريطانيا ربما لها أيضاً دستورها الذي يحدد العلاقة، لكن ألا تعتبر 4 سنوات فترة طويلة جداً في عمر السودان كدولة مستقلة، وفى عمر نظام حكمكم كعشر سنوات لاتخاذ قرار، يعني هذا ما دفع الكثيرين يعني ليقولوا أنكم تأخرتم في اتخاذ الخطوة؟
عمر حسن البشير: هي قطعاً، المسألة تبدأ بالحدة الكبيرة، وكنا نأمل تجاوزها، وكانت هنالك محاولات عديدة، لتجاوز الأزمات التي تصحو من وقت لآخر، لكن قطعاً بعد المؤتمر الأخير وما صحب هذا المؤتمر من تجاوزات حتى داخل المؤتمر، وإجراءات الانتخابات للمؤسسات المختلفة بتاعة المؤتمر، وبعد هذا المؤتمر بدا التصعيد بصورة واضحة جداً، كان يصعب معها استمرار هذا الوضع، وبعد أن تيقَّنا تماماً أن كل محاولات الوصول إلى حل قد باءت بالفشل.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، هل سعيت للحصول -أنت اتُّهِمتَ بأنك اتخذت هذه القرارات بشكل فردي دون حتى أن تبلغ وزراءك في الحكومة- هل سعيت قبل اتخاذ قرارات الثاني عشر من ديسمبر إلى أخذ دعم بعض القوى الداخلية على سبيل المثال؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا.. أنا شخصياً كان رأيي أن اتخاذ هذه القرارات مباشرة بعد نهاية المؤتمر القومي، لأن –حقيقةً- الممارسة اللي تمت في المؤتمر القومي، أوصلتنا إلى قناعة أن الأمور قد اختلطت تماماً، وأن الممارسة اللي تمت في خلال المؤتمر هي ممارسة لا تشبه الإنقاذ ولا أهداف الإنقاذ، ونحنا معروف من الأهداف اللي رفعناها، والشعارات اللي.. رفعناها أنه نمكن من ممارسة سياسية خالية من كل الشوائب والأخطاء اللي صاحبت الممارسات السياسية في السابق، أو ما سبق الإنقاذ، لكن ما حدث في المؤتمر قطعاً هو عودة إلى ما كان قبل الإنقاذ من ممارسات سياسية، وقتها كان رأينا أنه نتخذ الخطوة اللي اتخذناها…
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي القوى التي.. ما هي القوى التي دعمتك داخلياً في اتخاذ هذه الخطوات قبل أن تتخذ القرار؟
عمر حسن البشير: هاديك القوة.. هي ليست هنالك قوى محددة، لكن إحنا كان بقناعتنا أن هذه هي رغبة الشارع السوداني.
أحمد منصور [مقاطعاً]: قناعتك الشخصية، أم قناعة من يحيطون بك؟
عمر حسن البشير: قناعة.. قناعتي الشخصية، وقناعة عدد من الإخوة المساعدين، أنا لم أتخذ هذا القرار مفرداً، ولو كنت اتخذته مفرداً لكان هو في.. مع نهاية المؤتمر القومي، ولكن بعد التشاور مع عدد من الإخوة المختارين، فإحنا في مسألة زي دي ما حبينا إن إحنا نوسع قاعدة المشاورة، لأنه كان حتأدي إلى استقطاب، والاستقطاب قد يؤدي إلى بعض المشاكل حين اتخاذ القرار..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل يمكن أن تعلن عن أهم الأشخاص الذين دعموا خطواتك ووقفوا إلى جوارك في أثناء التفكير في اتخاذ القرار؟
عمر حسن البشير: هو طبعاً ابتداءً من الإخوة في رئاسة الجمهورية.. الأخ النائب الأول، والأخ نائب رئيس الجمهورية، عدد من الوزراء.. وليس كل الوزراء، ساهموا في اتخاذ القرار، لكن كلهم قطعاً كانوا في مرحلة من المراحل على قناعة تامة طبقاً لاستطلاع الرأي لعدد من الوزراء، كان هناك قناعة أنه يجب وضع حدٍّ ونهايةٍ لهذه الممارسة، لكن متى وكيف؟ تمَّ التشاور بها على نطاق ضيق.
أحمد منصور: هل فاجأت كل الجيران بهذه الخطوات بما فيها مصر؟ أم أبلغت مصر قبل أن تتخذ خطواتك؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً، نحنا لم نبلغ أيَّ جهة بهذه القرارات، لكن لكل المهتمين بالشأن السوداني وخاصة دول الجوار كانوا أكثر الناس اهتماماً بما يدور في السودان، ونقول: أن مصر على هذه الدول التي تراقب أحداث السودان، كانوا يتوقعوا حدوث شيء ما.
أحمد منصور: لكن علموا بما حدث من خلال بيانك التليفزيوني، أم قبله؟
عمر حسن البشير: علموا مباشرة من البيان التليفزيوني.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، تفسيرك إيه للارتياح الواسع الذي قوبلت به قراراتك من قبل دول الجوار، وعلى رأسها ليبيا ومصر على وجه الخصوص؟
عمر حسن البشير: أنا –كما قلت في حديث سابق- أنه السودان ليس بدولة هامشية، وأن الأمور في السودان تؤثر قطعاً على محيطه، وخاصة دولة الجوار، ودول الجوار التي أكثر ارتباطاً بالسودان زي مصر وليبيا –حقيقةً- كانت تتأثر بصورة مباشرة جداً بما يدور في السودان، وكان لديهم الرغبة الأكيدة في التعامل مع السودان.
ولكن كانت الضبابية التي حدثت نتيجة لقناعة الكثيرين أن رئاسة الجمهورية والحكومة في السودان لا تستطيع أن تلتزم بما تلتزم به من اتفاقيات، وتعهدات، ومعاهدات، وهم لا يستطيعون التعامل مع أي قوة أخرى ليست لها الصفة الرسمية في الالتزام تجاه التعهدات والمواثيق، فلا يمكن أن تتعهد و(توافق) جهة لا تستطيع أن تلتزم بهذه القرارات وفى الوقت أنه جهة غير رسمية هي التي تستطيع أن تتجاوز هذه الاتفاقيات، فكل هذه الضبابية….
أحمد منصور [مقاطعاً]: أما ترى فخامة الرئيس أن هذا الكلام يحمل شيئاً من الاتهام لنظام حكمكم أنتم طوال السنوات الماضية؟
عمر حسن البشير: نعم، نحنا لا ندعي الكلام، نحنا نقول: أنه هناك كانت مشاكل تعتري الحكم لذلك كانت القرارات، القرارات لم تأت من فراغ، ولم تأتي إشباعاً لسلطة أو شهوة، وإنما جاءت لأن هنالك أوضاع سائدة كان يجب وضعها في النصاب… نصابها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هل كان.. هل كان الدكتور الترابي تحديداً، والذي اعتبرت هذه القرارات مساساً به، هل هذا.. يعني كان هو مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لمصر تحديداً وليبيا؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً الممارسة، إحنا لا نقول.. إحنا لا نوجه الاتهام لشخص أو هي ضد شخص، وإنما هي بالممارسة كانت سائدة وتجاوز لمؤسسات بصلاحياتها وسلطاتها، وحتى ما يتمثل حتى في الأعراف في الدول الأخرى.
أحمد منصور: هل أرسلت مصر -فعلاً- قوات خاصة لكم في أول يوم للإعلان تحسباً لأي حركة مضادة للحركة التي أعلنتموها، لاسيما وأن الأجواء كانت متوترة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً، نحنا لم نستقبل أي قوات، ولسنا في حاجة لاستقبال أي قوات، لأنه نقول إحنا واثقين من أوضاعنا الداخلية.
أحمد منصور: ما هي طبيعة الدعم الذي تلقيتموه من مصر تحديداً بعد الثاني عشر من ديسمبر؟
عمر حسن البشير: الدعم الذي تلقيناه هو في التحرك الخارجي لمصر، خاصة تجاه الدول العربية، بقبول ما تمَّ في السودان من قرارات.
قرارات 27 ديسمبر ومدى تناقضها مع قرارات 12 ديسمبر
أحمد منصور: في السابع والعشرين من ديسمبر أول أمس صدرت بعض القرارات عن الشورى المؤتمر الوطني، اعتبرها كثير من السودانيين -تحديداً- وبعض المراقبين إلغاءً لقرارات الثاني عشر من ديسمبر.
عمر حسن البشير: هو قطعاً ما صدر من قرار.. من قرارات لمجلس الشورى هي أولاً: تثبيت لكل الأهداف التي من أجلها اتخذت قرارات الرابع من رمضان فهي أولاً: أكدت أن الولاء لرئاسة الجمهورية من خلال البيعة لرئيس الجمهورية، وأصبحت العلاقة مع الحزب هي علاقة توافق وسند فقط، لأنه أصبحت الآن في.. قراره واضح جداً، أنه السلطة التنفيذية عند الحكومة، وتمارسها الحكومة بالكامل تخطيطاً وتنفيذاً، حقيقةً القرارات أعلت من شأن المؤسسية، ووضحت الفواصل ما بين المؤسسات المختلفة، فنحن نؤكد أنه هذه القرارات لم تمسّ -بأي حال من الأحوال- الأهداف التي من أجلها أُعلنت قرارات الرابع من رمضان، فهي وحَّدت القيادة، وأكَّدت على توحيدها من خلال البيعة، منعت التضارب والتغُّول من أجهزة الحزب على أجهزة الدولة وصورة واضحة جداً.
أحمد منصور: يعني أنتم تعتبرون قرارات السابع والعشرين من ديسمبر تعضيداً لقرارات الثاني عشر من ديسمبر، فيما يعتبر الطرف الآخر أن القرارات أيضاً في صالحه، وليست في صالحكم أنتم، مما يدفع بشكل من أشكال الضبابية لدى المواطن السوداني العادي، الذي شوش بالفعل من قرارات 27 ديسمبر، أرجو فخامة الرئيس -لأهمية الأمر- يعني أن توضح الصورة بشكل جلي أنت ترى الآن أنها دعَّمت قراراتك في 12 ديسمبر، فيما يرى الآخرون أنها دعَّمت موقفهم هم المضاد لقرارك أنت.
عمر حسن البشير: أول حاجة، لو تحدثنا على.. النقطة اللي أحدثت هذه الضبابية، هي التي تحدثت عن بقاء الرئيس والأمين العام في موقعيهما.
أحمد منصور: سعادتك، سأعود لها بشكل من..
عمر حسن البشير: نعم، ولكن اللي إحنا نيجي عنده أول حاجة هي أكدت القيادة، تمركز القيادة من خلال البيعة الملزمة لرئيس الجمهورية.
أحمد منصور: هذه أيضاً من تشويش، قضية البيعة عاملة تشويش كبير عندى السودانيين؟
عمر حسن البشير: لا.. لا، البيعة أكدت وين مركز القيادة الذي يبايع، وبيعة هي بيعة ملزمة، وهي الطاعة الكاملة في المنشط والمكره، أيضاً هذه القرارات أكدت على إعادة هيكلة أجهزة الحزب اللي إحنا تحدثنا عن أنها هي تمَّت في إطار خلافي، وتمَّت بصورة فيها كثير من التجاوزات، أيضاً أكدت هذه القرارات على أنه الحزب ينتهي دوره في السياسات والخطط العامة زي أي حزب في العالم، وأنه لا تدخل من الحزب على أعمال الحكومة اليومية هذه وضحت بصورة واضحة جداً، لأنه الحزب كان يتدخل في أدق التفاصيل ويتخذ القرارات في أدق التفاصيل، ويتخذ هذه القرارات من أجهزة الحزب مباشرة من المجلس الوطني وتجاز من الحزب بأغلبية ميكانيكية، وتؤخذ للمجلس الوطني دون المرور بالسلطة التنفيذية…
أحمد منصور [مقاطعاً]: مع هذا التوضيح، -اسمح لي فخامة الرئيس- أيضاً كثير من المراقبين ويصلوا إلى حد مثقفين سودانيين الآن بعد قرارات الثاني عشر من ديسمبر وقرارات السابع والعشرين من ديسمبر، يؤكدون أن ما حدث في السودان لم يكن سوى مسرحية بينك وبين الدكتور الترابي.
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: فخامة الرئيس، الكثيرون يؤكدون على أن ما حدث لم يكن سوى مسرحية في ظل قرارات الثاني عشر من ديسمبر وقرارات السابع والعشرون من ديسمبر ماردُّ فخامتكم؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً، هي ليست تمثيلية، والمتابع في –كما قلت- للأحداث في السودان قبل اتخاذ هذه القرارات، يعلم أن الأمور قد تصاعدت وأن الخلافات قد وصلت مدى بعيداً بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني، والحياة القيادية في المؤتمر الوطني، فلذلك كانت القرارات الخامس أو الرابع من رمضان، أما القرارات المجلس الشورى فهي –حقيقية- نتاج لتحرُّكِ مجموعة من المخلصين (..)، وهذه المجموعة توصلت إلى ما أجيز في مجلس الشورى، والذي تحدثت عنه أنه قد أكد كل الأهداف التي من أجلها صدرت قرارات الرابع من رمضان في توحيد مركز القيادة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن بقى –عفواً- بقيت أنت في موقعك كرئيسٍ للدولة ورئيسٍ للحزب، وبقي الدكتور الترابي كأمين عام، أما يدل ذلك على بقاء الازدواجية التي قامت قرارات الثاني عشر من ديسمبر لإلغائها؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً قرارات الرابع من رمضان لم تلغ منصب الأمين العام،ولم تعزل الأمين العام من منصبه كأمين عام للحزب، إنما أتت لتحدد مراكز القرار، وتوحيد القيادة على مستوى الدولة، فرغم بقاء الأخ الدكتور حسن الترابي أمين عام الحزب، لكن الآن الولاء لرئاسة الجمهورية من خلال البيعة، أيضاً القرارات، أي قرارات مجلس الشورى حددت بوضوح أنه الحكومة تمارس سلطاتها التنفيذية دون تدخلات من الحزب، وده الأمر اللي كان غير موجود قبل قرارات الرابع من رمضان، وجعلت الحزب هو المساند والمرافق، ودوره يعني في وضع السياسات والخطط العامة فقط زيه زي أي حزب، كان في الماضي، هنالك –كما قلت- الحزب يتدخل في أدق التفاصيل في السلطات والعمل اليومي للحكومة.
أحمد منصور : فخامة الرئيس، أما تخشون أيضاً يعني الضبابية الموجودة لدى الشارع السوداني تجاه قرارات الثاني عشر والسابع والعشرين، تكاد تكون نفسها ربما موجودة أيضاً لدى الدول التي تدخلت بشكل سريع لاستمرار إقصاء وإبعاد الدكتور الترابي، وفتح العلاقات مع السودان، هل أبلغتكم هذه الدول عن قلقها بعد قرارات السابع والعشرين من ديسمبر أيضاً؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً إحنا لم نتلق أي ما يثبت أن هناك.. القلق في لدى هذه الدول، ولكن أيضاً إحنا شعرنا أن هنالك سوء فهم لقرارات مجلس الشورى، ولكن الذي يريد أن يطلع على كل القرارات لمعالجة القضية بصورة متكاملة سيجد أن هنالك فصل كامل الآن بين ما يقوم به الحزب وبين ما تقوم به الحكومة، وهو تأكيد لكل ما هدفنا إليه، فلم تكن هي هذه القرارات موجهة ضد شخص معين، وإنما موجهة لتثبيت المؤسسية، للقضاء على مراكز القوة، لتوحيد القيادة، والمؤسسية الحقيقية، وليست لتثبت سلطة فرد أو لإقصاء فرد.
أحمد منصور: كثير من السودانيين الذين لاقيتهم خلال الأيام الماضية حملوني سؤالاً، وأيضاً كذلك كثير من رسائل الفاكس، يقولون أنك ظللت طوال العشرة.. السنوات العشر الماضية، تنفي وجود أي علاقة لك بالحركة الإسلامية، وفجأة بعد الخلاف مع الدكتور حسن الترابي أعلنت أنك أحد أبناء الحركة الإسلامية، وأن انقلاب 89لم يكن سوى بأمرٍ صدر لك، ما تفسير هذا الأمر؟ وسبب هذا الإعلان؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: فخامة الرئيس، طوال عشر سنوات تنفي أي علاقة لك بالحركة الإسلامية وفجأة أعلنت أنك أحد أبناءها؟!
عمر حسن البشير: هو حقه إحنا نفرق بين الحركة الإسلامية، وتعبير الجـبهة الإسـلامية القومـية، ونحنا –حقيقة- كتنظيم ضباط إسلاميين كان هدفنا منذ البداية في التأسيس أنه هدفنا النهائي هو قيام حكم يستند على الإسلام، وعلى الشريعة الإسلامية، وما كان لنا أن نحكم السودان بدون سند جماهيري وقوة سياسية تقف خلف هذا التنظيم، لأنه تنظيم ضباط معزول لا يستطيع أن يعيش في السودان، مهما قدم للشعب السوداني وهنالك تجربة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هذا ثمار لتجارب الانقلابات.. التي سبقتكم؟
عمر حسن البشير: نعم، نعم، فيه تجربة مثلاً لحكمت عبُّود كان من أكثر الفترات اللي نعم فيها السودان بتطور وتنمية كبيرة جداً، ولكن رغم ذلك لم يستطيعوا البقاء في السلطة لعدم وجود السند الشعبي، فكان لابد وجود سند، ونحن نلتقي مع كل الحركات الإسلامية الأخرى والتنظيمات الإسلامية، في هدف وهو تحكيم شرع الله –سبحانه وتعالى- كان هنالك اتصال، كان هنالك تنسيق كامل قبل الثورة وبعد الثـورة، وتم –حقيقة- قرار بحل الجبهة الإسلامية القومية ليصبح هنالك إنهاء للأزمة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك كلام كثير عن هذا الحل -أيضاً- من أنه كان اتفاق بينكم وبين الدكتور الترابي، وأنه كان شكلاً من أشكال العمل المسرحي -أيضاً- على الساحة السياسية السودانية.
عمر حسن البشير: هي قطعاً ما كان فيه اتفاق، نحن حتى لم نعلم بهذا الحل إلا بعد أن تمَّ، واجتمعت قيادات الجبهة، وقررت حل تنظيمه والاندماج في ثورة الإنقاذ، هذا الذي تمَّ وبدون تنسيق مسبَّق قطعاً.
أحمد منصور: يعني أيضاً بعض الفاكسات التي جاءت تقول: أن يعني إدخال المؤسسة العسكرية في الصراعات السياسية أما يعتبر تسيس -أيضاً- لموقف الجيش السوداني وأنكم قمتم بهذه الخطوة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا لا نستطيع أن ننكر تسيس القوات المسلحة السودانية، وظلت القوات المسلحة السودانية في قلب العمل السياسي، ويمكن تأثيرها على العمل السياسي أكثر من تأثير الأحزاب نفسها، والفترات التي حكمت بعد انقلابات عسكرية هي الغالب في الأوضاع السودانية ما بعد الاستقلال، فالقوات المسلحة مسيَّسة، وسيِّست منذ عام 58.
أحمد منصور: لكن هذا يخالف نحن أو قوانين المؤسسة العسكرية؟
عمر حسن البشير: نحنا يعني نحب.. ما حقه إلى النصوص، لأنه النصوص في الواقع…
أحمد منصور [مقاطعاً]: يحتكم إلى الواقع يعني.. الواقع يفرضها.
عمر حسن البشير: لا.. ليس كذلك، لكن الواقع يقول: أن القوات المسلحة ظلَّت في قلب السياسة السودانية، وتؤثر فيها أكثر من أيِّ قوة سياسية أخرى منذ عام 58، وهو الانقلاب اللي أوصل الرئيس عبود والمجلس الأعلى إلى السلطة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل هذا الذي دفعك أيضاً إلى أن تسعى لأخذ دعم المؤسسة العسكرية في خطواتك الأخيرة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً أنا جزء من المؤسسة العسكرية، ولازلت ضابط، ألبس الزي العسكري وأحمل الرتبة العسكرية، وأنا القائد العام للقوات المسلحة، والقوات المسلحة هي اللي نفذَّت ثورة الإنقاذ الوطني، فكان يجب إخطارهم كأول قوة سياسية، أو كأقوى قوة داخل السودان فكانت لذلك التنوير الأول هو لقيادات القوى المسلحة.
أحمد منصور: اسمح لي فخامة الرئيس، أشرك بعض الإخوة المشاهدين.
دكتور نبيل الشريف رئيس تحرير صحيفة "الدستور" الأردنية من عمان، اتفضل يا دكتور.
د. نبيل الشريف: (رئيس تحرير جريدة الدستور الأردنية) مساء الخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير.
مستقبل المصالحة الوطنية في السودان
د. نبيل الشريف: وتحية لسيادة الرئيس السوداني الذي نحترم ونقدر جهوده الكبيرة في خدمة السودان أولاً، وفي خدمة الواقع العربي بشكل عام، ولا شك أن قلوبنا الآن مع السودان الشقيق خلال هذه الظروف التي يمر بها، ونأمل من الله
-إن شاء الله- أن تمر هذه الظروف على خير، ولكننا نتساءل بالفعل عن.. عما إذا كان يعني لم يكن هناك خيار آخر أمام سيادة الرئيس سوى اتخاذ هذه الخطوة، رغم ما تشكله من بعض الخطر على الوضع الداخلي في السودان، خصوصاً أن كوادر الجبهة -كما نعلم- ورجال الترابي موجودين بقوة في الحكومة وفي مؤسسات الدولة، ألا يخشى سيادة الرئيس على يعني الوضع الداخلي في السودان، قدر من التفكك والصراع الذي السودان في غنى عنه، لأنه مستهدف من الخارج، والأعداء يتربصون به من كل حدب وصوب، هذا السؤال..
أحمد منصور: شكراً يا دكتور.
د. نبيل الشريف: الشق الآخر المكمل له إذا سمحت لي.
أحمد منصور: نعم، اتفضل.
د. نبيل الشريف: هو حول هل هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مصالحة وطنية سودانية شاملة، وأمام إمكانية عقد مؤتمر وطني في السودان يدعى له قادة المعارضة من الخارج والتأسيس لمرحلة جديدة في السودان الشقيق؟ وشكراً سيادة الرئيس.
أحمد منصور: شكراً يا دكتور.
عمر حسن البشير: حقيقة قلت بالنسبة للخيارات نحنا كما ذكرنا إنه نحنا يمكن بدأت الخلافات تتصاعد في خلال الأربع سنوات المـاضية، وتصاعدت بصورة كبيرة جداً بعد المؤتمـر في أكتـوبر الماضي، وحقيقة جرت عدة محاولات من مجموعات وأفراد، داخل السودان ومن خارج السودان، ولكن كلها باءت بالفشل، وظل التصعيد هو الشيء الملاحظ يمكن في ممارسات المجلس الوطني والمؤتمر الوطني، لذلك لم يكن هناك خيار بعد أن تأكد لنا أن كل محاولات الحل قد باءت بالفشل ووصلت إلى طريق مسدود، الحديث…
أحمد منصور [مقاطعاً]: أما تخشى فخامة الرئيس في هذه .. نعم، في هذه النقطة أما تخشى أيضاً من -كما يقول البعض- أن هناك ميليشيات مسلحة لدى الدكتور الترابي يمكن أن تؤدي إلى قيام حرب أهلية في داخل البلاد، أو نزاع ما بين القوات المسلحة التي تقف إلى جواركم، وأيضاً هناك من يدعم الدكتور الترابي داخل القوات المسلحة، وبين الميليشيات الشعبية المنتشرة في السودان المسلحة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً لما نتحدث عن ميليشيات الترابي، وكوادر الجبهة داخل القوات المسلحة، والأجهزة المختلفة دا حديث بتنقصه الدقة كثير جداً، لأنه أنا لا أقتنع بذلك، بما يسمى بميليشيات الترابي ولا رجال الترابي…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا تقتنع؟ أم تؤكد على عدم وجودهم؟
عمر حسن البشير: هي ميليشيات الإنقاذ وكوادر الإنقاذ هي قطعاً هذه تابعة للإنقاذ …
أحمد منصور [مقاطعاً]: ممن تتلقى أوامرها؟
عمر حسن البشير: هي قطعاً بتتبع لمؤسسات، هذه الميليشيات تتبع لتنظيمات شبه العسكرية، هي الدفاع الشعبي، الدفاع الشعبي إدارياً وقيادياً يتبع للقوات المسلحة، وكل الكوادر التي تعمل في هذا المجال نحن على قناعة بأنها كوادر ملتزمة تجاه الخط العام، وأيضاً مؤيدة لقرارات الرابع من رمضان، وكنا نحن نثق في ذلك، فما كانت هناك أي خشية من أن هنالك ميليشيات قد تدخل في صدام مع القوات المسلحة، وداخل القوات المسلحة نحن نعلم أن داخل القوات المسلحة.. كنا نضمن التأييد لمثل هذه القرارات، ونحن لولا تأكيدنا أنه هذه القرارات ستجد التأييد والدعم من القوات المسلحة، من الشرطة، من الأجهزة الأمنية، من قوات الدفاع الشعبي، ولو كنا نشك للخطة أن مثل هذه القرارات قد تؤدي إلى صدام مسلح، هو قطعاً سيكون أسوأ من الحالة التي كنا عليها قبل القرارات، لذلك إحنا على ثقة أنه هذه القرارات ستجد القبول والدعم، وأنا بأؤكد ذلك مرة أخرى والأحداث أثبتت ذلك.
أحمد منصور: يعني.. يعني هناك بعض المخاوف مازالت قائمة في هذه النقطة، وأن هذه القوات أو ربما الميليشيات يمكن أن تتحرك حينما تتلقى الأمر بالتحرك؟
عمر حسن البشير: هي قطعاً أنا بأؤكد أنها لن تجد الأمر بالتحرك من أي جهة معادية لقرارات الرابع من رمضان.
أحمد منصور: السؤال الثاني حول المصالحة الوطنية..
عمر حسن البشير [مقاطعاً]: أما.. المصالحة الوطنية لا يمكن قبل هذا القرار، بدأنا حركة واسعة في الوفاق مع تشكيل اللجنة الوزارية للوفاق والسلام، وما اتخذته من إجراءات وقرارات، وما تبعها من ذلك من اللقاء اللي تمَّ في جيبوتي وإعلاننا عن قيام جبهة وطنية عريضة، نحن الآن سنطرح برنامج وطني، نتشاور فيه مع القوى السياسية الأخرى سواء التي تعمل الآن مسجلة أو الغير المسجلة، أو الموجودين في المعارضة في الخارج، على أساس إن إحنا نعمل على الاتفاق على برنامج، ومن ثم تكوين جبهة وطنية عريضة، يمكن أن يتم إخراج كل هذا العمل من خلال المؤتمر.. مؤتمر الحوار الوطني الجامع، الذي يتم الترتيب له الآن لعقده، سواء في القاهرة، أو طرابلس، أو الخرطوم.
ونحنا نتوقع أن نتائجه -إن شاء الله- تكون تقيم عن هذه الجبهة العريضة، التي يمكن من بعدها أن يعاد هيكلة وتكوين المؤسسات في الدولة.
أحمد منصور: ولي محمد من (لوس أنجلوس) في الولايات المتحدة، يقول لك: إذا كنت تدعي فعلاً أنك تمسك بزمام الأمور، لماذا لا تقوم باعتقال الدكتور الترابي وهو يشكل خطراً على نظامكم الآن؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا على قناعة تامة إنه لا يشكِل خطر، ويمكن أن نقدر حتى بعد إعلان حالة الطوارئ، وتعطيل بعض مواد الدستور، المواد التي عطلت هي 4 مواد فقط، وكل المواد التي عطلت لم تمس الحريات، البند الثاني من الدستور اللي بيتحدث عن الحريات، هذه القرارات لم تمس الحريات إطلاقاً، واللي يعايش الشارع السوداني والصحافة السودانية.. أن الحريات مكفولة مطلقاً، نحن لم نخشى من وجود الترابي خارج المعتقل أو تحركه، ولأن هذه القرارات لم تستهدف الدكتور الترابي بشخصه، وإنما استهدفت ممارسات، استهدفت بعض التجاوزات من خلال المؤسسات.
أحمد منصور: دكتور مالك حسين من الخرطوم، اتفضل يا دكتور.
د. مالك حسين: السلام عليكم سيادة الرئيس، تعلمون حرصنا على الوفاق بينكم وبين الدكتور الترابي، ولكن هنالك سؤالان، السؤال الأول: طبقتم قانون الطوارئ قبل حل المجلس الوطني، وهذا يعني أنكم لا تستطيعون حل المجلس الوطني إلا بعد أن يجتمع لإجازة قانون الطوارئ، ولذلك تكون السلطة الدستورية قد انعقدت للمجلس في أن ينظر أمر قانون الطوارئ؟ السؤال الثاني: ماذا تفسرون عبارة "أن الشورى مُلزِمة وليست مُعلِمة" و"أن التنظيم هو الحاكم"؟ شكراً سيدي الرئيس.
أحمد منصور: شكراً لك.
عمر حسن البشير: أول حاجة طبعاً الترتيب هو حقيقة تمَّ حل المجلس قبل إعلان حالة الطوارئ، ولم يتم حل المجلس بموجب قانون الطوارئ، ونحنا واثقين من الإجراءات اللي اتخذناها في أن هي أيضاً في إطار الدستور، الشورى حقيقة ملزمة وأن الحزب الحاكم، الحزب الآن بموجب قرارات مجلس الشورى كحزب يحكم من خلال حكومته، ومن خلال الرئاسة، لا يحكم بأمانته، الأمر السائد قبل قرارات الرابع من رمضان، الشورى حقيقة لما تكون المؤسسات تعمل في حدود اختصاصاتها، فهي مؤسسات شوريَّة وشورتها ملزمة، لكن حينما تجاوزت في قبل الرابع من رمضان حصل تجاوز لهذه المؤسسات، لصلاحياتها وسلطاتها.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، محمد هارون عبد الكريم من جدَّة، يقول لك: ألا تعتبر فخامة الرئيس مسؤول مسؤولية تامة عن كل المصائب التي حلت بالشعب السوداني، بسبب قبولك الازدواجية طوال السنوات الماضية؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا نقول: نحنا كنا نعمل في إطار مؤسسة، لكن حصل التجاوز من هذه المؤسسات، وأنه قد أصاب هذه البلاد والشعب السوداني ضرر من هذا التجاوز، لكن نحنا كنا نتحسب أنه تجاوز هذه الثنائية وحسمها بصورة لا تؤدي إلى مزيد من المشاكل، فلذلك كانت المحولات.. الحلول اللي جرت في الماضي وحينما تأكد لنا أنه كل المحاولات في الحل قد باءت بالفشل لجأنا لهذه القرارات.
أحمد منصور: يوسف علي جامع من عدن من اليمن، يقول لك: فخامة الرئيس، هل أنت غير معترض على انفصال جنوب السودان فإذا كنت كذلك فلماذا الاعتراض على انفصال جمهورية أرض الصومال عن بقية أجزاء الصومال؟
عمر حسن البشير: إحنا –حقيقة- لم ندعوا لفصل جنوب السودان، هو…
أحمد منصور: لكن أعطيتم لهم حق تقرير المصير؟
عمر حسن البشير: نحنا أعطينا حق تقرير المصير، بهدف تأكيد الوحدة الاختيارية، نحنا –الحقيقة- نعمل لتحقيق هذه الوحدة وسنسعى لها، وسنقود حملة الوحدة، ونحن حتى الاتفاقيات والجهات التي وقعنا معها الاتفاقية التي تنص على حق تقرير المصير، كان اتفاقنا أنه إحنا سنتعاون جميعاً مع هذه القوة لتحقيق الوحدة الاختيارية من خلال قناعة واختيار أبناء السودان في جنوب السودان.
الموقف العدائي لأميركا من نظام الحكم الإسلامي في السودان
أحمد منصور: تصورك لمستقبل وضع الجنوب الآن في ظل الموقف الأميركي الضبابي من التحركات الأخيرة لكم.
عمر حسن البشير: هو قطعاً الموقف الأميركي ليس في السودان فحسب، وإنما في أفريقيا عامة، واضح أنه هنالك سياسات أميركية، وأميركا لا تعرف أفريقيا معرفة لصيقة، لذلك أصاب كثير من قراراتها التخبط، وصاحب كثير من سياساتها الفشل.
أحمد منصور: لكن هي تلقى دعماً من بعض الدول التي لا تتحرك إلا بموافقة أميركية ومنها زعماء الدول الثلاث الذين التقيتم بهم في طرابلس.
عمر حسن البشير: هو قطعاً الآن فيه رؤية مختلفة جداً، يعني الآن في أفريقيا فيه موقف مختلف من الموقف اللي كان حقيقة يمكن ساد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة، وحرب الخليج، زي.. كانت هنالك بعض القناعة أنه أميركا تستطيع أن تفعل ما تشاء، وأنه ما يحدث يجب أن يكون هي رغبة أميركا، ولكن حقيقة بعد فشل السياسات الأميركية في منطقة البحيرات وفى القرن الأفريقي، الآن فيه نظرة جديدة، ورؤية جديدة وقناعات مختلفة تماماً عن القناعات السابقة.
أحمد منصور: لكن قبيل تحرككم الولايات المتحدة كانت تدعو إلى رصد 400 مليون دولار من أجل إسقاط نظامكم في الخرطوم، وكذلك تحركت (أولبرايت) في ذلك.. في المنطقة، وأميركا لم تملّ ولم تيئس من أن تسعى لاحتواء المنطقة، والموقف الأميركي الآن أعتقد -على وجه الخصوص- يهمُّكم بالدرجة الأولى، هل هناك اتصالات -فعلاً- مصرية أميركية بهدف فتح قناة جديدة للتعاون معكم، دعماً لخطواتكم الأخيرة في الثاني عشر من ديسمبر؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً إحنا لو بدأنا على التحركات المصرية، فيه تحرك مصري حقيقي تجاه الولايات المتحدة، لشرح الأوضاع في السودان، وأن هنالك موقف جديد في السودان يستوجب إعادة النظر في أي سياسات تجاه السودان، نحن ليس لدينا الآن ما يؤكد أن هنالك قبول لهذا الطرح المصري.
أحمد منصور: لكن بقاء الدكتور الترابي سوف يقلق الأميركان أيضاً؟
عمر حسن البشير: هو بقاء الترابي.. أصل إحنا لم نستأصل الترابي، ونحن ضد السياسات الاستئصالية أصلاًلكل القوى، سواء لقوى مؤيدة أو قوى معارضة أو مهما، كان إحنا ضد سياسات الاستئصال، مهما كان الموقف الخارجي من سياساتنا، فنحن سياساتنا نتخذها بقناعتنا أولاً، هو ما يهمنا هو وما يثبت المصلحة الوطنية، وما يؤكد يمكن أهدافنا وسياساتنا ومبادئنا التي نؤمن بها.
أحمد منصور: هل تتوقع -بشكل عام- تغير في الموقف الأميركي تجاهكم؟
عمر حسن البشير: والله إحنا نتوقع تغيير الموقف، لأنه كل السياسات الأميركية الماضية تجاه السودان فشلت في أنها تحقق أهدافها، العداء الأميركي للسودان لم يكن جديداً، ولم يبدأ بجولة أولبرايت ولا بما خصص لدعم حركة التمرد، ظلت الولايات المتحدة تدعم حركة التمرد، سياسياً، ومادياً، وعسكرياً، طوال السنين الماضية، ولم تؤدِ سياستها إلى النتائج التي ترجوها.
أحمد منصور: لكنها أجهدتكم أيضاً كحكومة، الموقف الأوروبي يختلف عن الموقف الأميركي تجاهكم؟
عمر حسن البشير: قطعاً، الآن فيه موقف أوروبي مختلف تماماً.
أحمد منصور: دائماً أوروبا تدفع الولايات المتحدة في سياستها، ما دوافعها في اختلاف موقفها بالذات فيما يتعلق بالسودان؟
عمر حسن البشير: حقيقة، السياسات الأوروبية يمكن اتبنت على مراقبة الأوروبيين للأوضاع في السودان، وجود سفراء أوروبيين في السودان حقيقة يمكن ساهم مساهمة فعَّالة جداً في عكس التطورات الإيجابية التي ظلت تنادي بها أوروبا والولايات المتحدة، وكل هذه القوى من حريات وديمقراطية، وتثبيت لحقوق الإنسان ولتوصيل الإغاثة للمحتاجين والمتضررين، فتعاون السودان في هذه المجالات جميعاً أكيد كان له انعكاس واضح جداً حتى في قرارات الأمم المتحدة.
سواء في لجنة حقوق الإنسان، الإشادات التي وصلت إلى السودان من الأمين العام، وكل منظمات الأمم المتحدة، لكل ما يقوم به السودان من دعم للجهود الإنسانية في السودان، فكل.. هذه أدت إلى تغيير واضح في الموقف الأوروبي، بعكس الولايات المتحدة التي ظلت على موقفها واللي كان غير مبرر حتى بالنسبة للأوروبيين.
أحمد منصور: الأخ عبد الله القرني من السعودية، اتفضل يا أخ عبد الله.
عبد الله القرني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.
عبد الله القرني: تحية طيبة، وأتمنى من الله -سبحانه وتعالى- أن يعني يوفق الأخ الرئيس والشعب السوداني لتحقيق كل طموحاتهم، سؤالنا، هل يعني سيبقى الرئيس السوداني والنظام السوداني على توجههم الإسلامي، أم سيرضخون للضغوط الأميركية، خاصة بعد توجههم لبعض الدول القريبة المعروفة يعني بالخضوع للضغوط الأميركية؟ ثم ألا يرى سيادة الرئيس أن الاستثمارات في السودان ستتأثر بما جرى من تطورات في هذا الشهر، وماذا سيفعل تجاه العديد ممن تسلقوا ثورة الإنقاذ وكانوا حجر عثرة أمام كثير من المستثمرين الذين يعني جاؤوا إلى السودان في العشر سنوات الماضية، وخرجوا، وواجهوا العديد من العقبات والمشاكل من هذه الفئات؟
أحمد منصور: شكراً يا أخ عبد الله.
عبد الله القرني: وأتمنى لكم الخير والتوفيق، وخاصة أن السودان هو سلَّة غذاء للعالم العربي، ويتمتع بالعديد من المقومات القوية البشرية، والمادية، والطبيعية، والجغرافية وأتمنى لهم التوفيق.
أحمد منصور: شكراً لك، فخامة الرئيس اتفضل.
عمر حسن البشير: أول حاجة بالنسبة للتوجه الإسلامي، نحنا قناعتنا شرعيتنا في السلطة مبنية على التوجه الإسلامي، وليست هنالك أي مساومة في هذا التوجه، ونحن على قناعة…
أحمد منصور [مقاطعاً]: أما ترى أنه سيُغْضِبُ الأميركان فخامة الرئيس؟
عمر حسن البشير: والله نحنا بنسعى لإرضاء الله –سبحانه وتعالى- ولن نشتري رضاء الأميركان بغضب الله –سبحانه وتعالى- فنحنا رضاء الله –سبحانه وتعالى- مقدم عندنا على كل شيء، ودي قناعتنا، شرعيتنا هي في التوجه الإسلامي، ولن يكون هنالك توجه غيره –إن شاء الله- ولا هنالك نكوص، ولا تراجع، ولا مساومة في هذا التوجه إن شاء الله.
أحمد منصور: يعني قرارات.. الثاني عشر من ديسمبر ليس لها أي تأثير على توجهات ثورة الإنقاذ وثوابتها؟
عمر حسن البشير: قطعاً، ليس هنالك أي تأثير على الثوابت أو التوجهات، ولن يكون إلا دعماً لهذه الثوابت، ودعماً لهذه التوجهات، وتقديم –حقيقة- نموذج إسلامي حقيقي، هذا ما.. يمكن واحد من أهم الأسباب التي دعتنا إلى اتخاذ قرارات الرابع من رمضان، ويمكن تأكيدنا على البيعة، وشروط البيعة، وإلزامية البيعة، هي في هذا الخط الذي تحدثنا عنه، أما الحديث عن الاستثمارات في السودان، أنا أرى المستثمر يريد أن يضع أمواله واستثماراته في بلد يعرف.. وأين مركز السلطة فيه، فهذه الاستثمارات هي الدعم لمركز السلطة، دعم لسلطة الحكومة، الأمر الذي يطمئن المستثمرين، نحن نقول: الآن هنالك قانون جديد للاستثمار، يشجع الاستثمار في السودان، وأن حقوق المستثمرين الآن محفوظة بالقانون…
ازدواجية السلطة في السودان
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هناك نقطة أشار ليها الأخ عبد الله –الحقيقة- وأنا التقيت خلال الأيام الماضية مع بعض المستثمرين العرب من قبيل المصادفة هنا، وأكدوا لي أنه رغم القوانين الرئاسية التي تُشجع على عمليات الاستثمار إلا أنه أشار هنا إلى أن بعض المتسلقين لثورة الإنقاذ يحولون دون وصول الاستثمارات العربية إلى السودان، ويعرقلون هؤلاء، وبعض المستثمرين حقيقة أمدُّوني ببعض الوثائق التي تثبت أن الجمارك والضرائب رغم وجود قرارات رئاسية لإعفائهم منها، إلا إنها يعني يلزمونهم بالدفع رغم أن هؤلاء يبرزون لهم هذه القرارات، أما تجد أيضاً أن هناك بعض سودانيين يعملون ضد مصلحة السودان من خلال عدم الالتزام بهذا الأمر، وعدم تشجيع المستثمرين العرب وغير العرب حتى على الاستثمار في هذا البلد البِكْر.
عمر حسن البشير: هو قطعاً القوانين قوانين ملزمة، والآن -والحمد لله- فيه عندنا قضاء، وقضاء يعني ناجز وفعَّال يمكن لأي شخص متضرر من أي إجراءات أن يلجأ للقضاء، وأنا أعلم عدد من المستثمرين الذين لجؤوا للقضاء وأنصفهم القضاء وردَّ حقوقهم لهم..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هذا يؤثر بشكل عام..
عمر حسن البشير: آه قطعاً، لأن هي مرات… قد تكون هنالك بعض الرسوم التي لا تشملها قرارات الإعفاء، هذه الرسوم.. الموانئ مثلاً، هذه إذا كان بنتحدث عن الضرايب نتحدث مثلاً عن ضرايب أربـاح الأعمـال، نتحدث عن ضريبة الجمـارك، فهـنالك -مثلاً- هناك فرق بين ضريبة الجمارك ورسوم الموانئ، فنحنا ألغينا الجمارك مثلاً على الاستثمارات وعلى كل السلع الرأسمالية في الاستثمار، وبعض مدخلات الإنتاج، هنالك ضريبة من أرباح الأعمال، فهذه واضحة بصورة كبيرة جداً، لكن هنالك رسوم قد تكون رسوم خدمات هو…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا هي.. هي خلاف ذلك لكن يبدو أنه يدور في إطار.. وهذا ما يدفع البعض إلى القول: بإنه مازالت الازدواجية قائمة، وأن الدكتور الترابي ليس وحده الذي يمثل الازدواجية في السودان، وإنما بعض الموظفين الصغار الذين يفرضون بعض الضرائب، أو الإتاوات، أو الغرامات على الناس، يمثلون أيضاً شكلاً من أشكال الازدواجية في السودان؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا نقول في الفترة السابقة كانت بعض الولايات تتجاوز القوانين الاتحادية، وتفرض بعض الرسوم اللي هي تتعارض مع القانون الاتحادي، ولكن دايماً نجد أن هنالك رسوم ولائية وسلطات ولائية، لا يستطيع المركز أن يتدخل فيها، برغم أنه العرف السائد أن القوانين الاتحادية هي اللي بتعلو على القوانين الولائية، ويمكن دي بعض الأشياء اللي من أجلها اتُّخِذَتْ قرارات الرابع من رمضان لتجاوز الولايات لسلطات المركز هي واحدة من الأشياء التي أردنا أن نعيد فيها الأمور إلى نصابها.
أحمد منصور: دكتور أحمد يوسف (مدير المؤسسة المتحدة للدراسات والبحوث في واشنطن) اتفضل يا دكتور.
د. أحمد يوسف: سيادة الرئيس، يعني لقد أثلجت صدورنا جهود المصالحة القائمة للآن، لتطويق الأزمة الأخيرة بينكم وبين الدكتور الترابي، أنا عندي لربما تعقيب وتساؤل، لقد تعوَّدنا إحنا في الحركة الإسلامية أن نعيب على الأنظمة العربية بشكل عام، استبدادها السياسي، واحتكارها للسلطة، وتحويلها إلى مُلْكٍ عَضُوضٍ، وكنا دائماً نجادل بأن المشروع الإسلامي هو النموذج الأصلح للحل والاقتداء، ولقد صفَّقنا -طبعاً- مطولاً لتجربة الإنقاذ الإسلامية في الحكم، وحرصنا أن نتابعها وندافع عنها دائماً، ولكن ألا ترى معي سيادة الرئيس أنه آن الأوان لمراجعة تجربة الحكم عندكم، والبحث عن مخرج حقيقي للصراع القائم على السلطة؟
إننا نقدَّر جهادكم، وجهدكم وجهادكم أنتم والدكتور الترابي لأكثر من عشر سنوات، لكن مستقبل السودان بحكم التربُّص والتآمر الواقع عليه وعلى مشروعه الإسلامي، بحاجة ماسَّة إلى التغيير، ورؤية الجيل الجديد من الشباب الإسلامي بمختلف انتماءاته القبلية والحزبية، يتآلف ويستلم الراية، ويمضي على نهج رسمتموه، ولكنه ربما متخفف أكثر منكم من عدوات الجيران وتناقضات القبيلة.
لقد كنا هنا نتابع تغطيات الصحافة العربية والغربية، وكان من السهل علينا إدراك ملامح التشفِّي والشماتة لما حدث بينكم وبين الدكتور الترابي، والمسألة كانت واضحة للمتابع للشأن السوداني أنها شماتة بالمشروع الإسلامي، وإنه هذا الترحيب والمباركة لما وقع كان يعكس –حقيقة- حجم الكراهية والبغضاء في قلوب أعداء السودان ومشروعه الإسلامي.
سؤالي سيادة الرئيس، ألا ترى أننا بحاجة الآن إلى تحديد عُمْر زمني لأي حاكم للسلطة، وبعدها لابد له أن يترجل ويعطي الفرصة لغيره من القيادات الشابة التي نشأت وترعرعت تحت ظل حكمه؟ حتى لا تكرر أخطاء معظم الرئاسيات العربية، التي تظل تنتظر مَلَكَ الموت، أو حدوث انقلاب عسكري، إنني أُكِنُّ لكم، وللشعب السودان، وللدكتور الترابي كل التقدير والاحترام، ونتمنى لكم الخير، وهذا يعني نقوله من باب حرصنا على تجربة السودان الإسلامية، وحتى لا يظل الجميع يقول: إنه الإسلاميين هم دعاة سلطة ودعاة حكم…
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك سؤالك واضح يا دكتور.
د. أحمد يوسف [مستأنفاً]: .. أن يبارك الله جهودكم ويُثبت أقدامكم وشكراً.
أحمد منصور: شكراً.. فخامة الرئيس اتفضل.
عمر حسن البشير: شكراً جزيلاً، حقيقة نحنا قرارات الرابع من رمضان هي قرارات تصحيحية، هي لتصحيح المسار، لإزالة كثير جداً من الأخطاء اللي صاحبت التجربة بتاعتنا في الفترة الأخيرة، وهي تجاوز المؤسسات والمؤسسية، ويمكن تجاوز ذات المؤسسات لسلطاتها ومسؤولياتها، فكل ذلك هي محاولة لإعادة صياغة مسيرة حكم الإنقاذ، بما يزيل كل التضاربات والتعارضات، وأن يجعل كل الأجهزة في الدولة ومؤسساتها تعمل بنسق متكامل، وليس بتعارض كما كان يحدث قبل قرارات الرابع من رمضان، كان هناك التعارض، كان هناك الصراع واضح جداً وبيَّن، حقيقة أَقْعَد بالدولة، وشغل الناس بمسائل هامشية، وخلافات، وتصفية حسابات دون الاهتمام بمسائل الدولة الهامة، ويمكن -على سبيل المثال- الموقف الأميركي وقرارات أولبرايت وقرارات كلينتون بتخصيص 400 مليون دولار هذا الموقف جاد وموقف خطير، وإعلان للحرب من قبل الولايات المتحدة تجاه السودان، لكن هذا الأمر لم يجد الاهتمام، لأنه الصراعات الداخلية والمكايدات اشغلت الناس تماماً، فنحن أردنا بهذه القرارات أن نعيد الأمور إلى نصابها، وأن نؤكِّد على المؤسسيَّة، وهذا ما أكدته قرارات مجلس الشورى، إحنا حقيقة بنسعى لأن نبني دولة، نستطيع بيها الاستمرارية، نحن لا نريد فترة حكم مؤقتة تنتهي بانتهاء الرئيس، أو الأمين العام الموجود حالياً.
ولكن إحنا نريد أن نبني دولة مؤسسات، وأن نتيح الفرصة –حقيقة- لأجيالنا المتصاعدة والمتشوقة، نحن نريد أن نؤسس هذا العمل على قواعد ثابتة، إحنا في الدستور، هنالك نص واضح جداً أنه فترة الرئاسة للرئيس خمس سنوات يمكن تجديدها لفترة واحدة مرة أخرى.
أحمد منصور: فقط يعني.
عمر حسن البشير: فقط فهي عشر سنوات ليست هنالك زيادة.
أحمد منصور: يعني لن يجري تعديل على هذه الفقرة بعد عشر سنوات؟
عمر حسن البشير: لن يجري تعديل –إن شاء الله- لأنه نحنا نريد أن نُسلِّم الأمانة، إن شاء الله.
أحمد منصور: الأستاذ محمد البريني (رئيس تحرير صحيفة الأحداث المغربية) من الرباط، اتفضل يا أستاذ محمد، أستاذ محمد البريني من الرباط اتفضل.
محمد البريني: (رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية) نعم.
أحمد منصور: اتفضل.
محمد البريني: سيادة الرئيس، وصلتم إلى السلطة بعد الإطاحة بحكومة منتخبة، وألغيتم التعددية الحزبية وألغيتم المعارضة.. السياسية.. وبعد سنوات من ذلك أقمتم خلافكم مع حليفكم حسن الترابي قرارات أصدرتموها أنتم.. وأعلنتم حالة الطوارئ، تحدثنا اليوم عن البيعة لرئيس الجمهورية، والطاعة الكاملة له والولاء، سيادة الرئيس، أتعتبرون أن هذا هو الأسلوب الأمثل لحل مشاكل السودان؟ في نفس الوقت تتحدثون عن حوار وطني، وتكوين جبهة وطنية، هل.. ألا تعتقدون أن الوقت حان للرجوع إلى النهج الديمقراطي لإدارة شؤون السودان؟ شكراً.
أحمد منصور: شكراً لك، فخامة الرئيس.
عمر حسن البشير: حقيقةً نحنا لما نتحدث عن الولاء، لأنه كانت هنالك ضبابية داخل السلطة، والازدواجية في قيادة الدولة، فالبيعة والولاء لرئيس الجمهورية حسم هذه الازدواجية، أمَّا الحديث عن الحوار الوطني، فنحنا –قطعاً- قطعنا شوط كبير جداً، وخاصة بدعم من مصر وليبيا، في المبادرة المصرية الليبية لتحقيق الوفاق السوداني، أما الحديث على الديمقراطية فنحن الآن بنحتكم إلى دستور بيتيح حرية التنظيم السياسي، ولدينا الآن الأحزاب المسجلة حوالي 18 حزب مسجَّل، ونحن نسعى الآن إلى الأحزاب التي تعارض الإنقاذ ولا زالت ترفض الانخراط في العمل السياسي، وكما قلت: قطعنا معها أشواط -إن شاء الله- ستكون نتائجها إيجابية في الأيام القادمة، حتى نمكَّن كل القوى السياسية في السودان من الممارسة، وأنه يكون هناك تبادل للسلطة بصورة سلمية، بناءً على قواعد الديمقراطية.
أحمد منصور: أودُّ أن ألفت نظر المشاهدين الكرام إلى أننا سوف نمدُّ وقت الحلقة لكثرة الأسئلة من الإخوة المشاهدين، لو سمحت فخامة الرئيس بذلك، عندي (أكتي) من النرويج مواطن إريتريٌّ، يقول لك: هناك مساعي جارية الآن لتحسين العلاقات الإريتريَّة السودانية، هل سيكون ذلك على حساب فصائل الثورة الإريتريَّة كما كان الأمر دائماً خلال التجارب الماضية؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا بنتحدث عن نهج إسلامي، والنهج الإسلامي يعني بيلزم احترام العهود والمواثيق، ولا مجال طبعاً لنقض هذه المواثيق تحت أيِّ مُسمى، فنحن حينما نصل إلى عهد وميثاق مع أي جهة فنحن شرعاً ملزمين بهذه الميثاق.
أحمد منصور: خضر عطا المنان (الأمين العام لرابطة الإعلاميين العرب) بالدنمارك يقول: السودان الآن يقف على مفترق طريق بعد أن تكالبت عليه المصائب من كل اتجاه،كما باءت كل المحاولات لجمع الشمل على اختلاف مشاربهم تحت راية السلام، ألا ترون أن الوقت قد حان لإصداركم قراراً جمهورياً صريحاً تعترفون فيه بالتجمع الوطني الديمقراطي كوعاءٍ لكافة التيارات السياسية؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا الآن بنتحاور مع التجمع، وبعدها هم أحرار، يعني في أنه هل ستعامل معنا كتجمع أو كأحزاب، ونحنا حينما قبلنا المبادرة الليبية المصرية، هي كانت –حقيقة- مبادرة للحوار ما بين الحكومة، وبين التجمع الديمقراطي، ونحن قبلنا هذه المبادرة، وأعلنا عن تسمية ممثلين الحكومة في اللجنة التحضيرية، ولكن الإشكـالية بأنه فشل التجمع –حتى الآن- في أن يتفق حتى على تسمية أعضاء في اللجنة التحضيرية، هنالك الآن جهود مع كل من مصر وليبيا، والقوى الفاعلة داخل التجمع في إنه إحنا نتجاوز هذه النقطة، ويمكن أن نذهب مباشرة إلى المؤتمر.
أحمد منصور: آسيا عمر من الخرطوم، تفضلي يا آسيا.. آسيا تفضلي بسؤالك.
آسيا عمر: آلو، السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
آسيا عمر: نحيي السيد الرئيس، وبنحيي الدكتور الترابي، أنا بس عايزه أعلق تعليق بسيط، إحنا بنشيد جداً بالقرارات اللي اتخذها السيد الرئيس، وبنقدِر جداً للدكتور الترابي، لأنه عقلية جبارة جداً، ودور مؤثر جداً في تاريخ السودان.
ولكن الواحد ما كان بينتمي إنه يعني المشاحنات الحاصلة دي تظهر كده يعني على الملأ، أنا كنت بأتمنى إنه يعني الدكتور الترابي والسيد عمر البشير يعملوا زي ما المثل السوداني بيقول: "أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب".
أحمد منصور [مقاطعاً]: سؤالك يا آسيا.. سؤالك..
آسيا عمر [مستأنفة]: بمعنى إنه إحنا كلنا نتكاتف عشان نوحد السودان عشان نرفع السودان.
أحمد منصور: سؤالك لو سمحتي.
آسيا عمر: بأسأل السيد الرئيس، يعني الناس يعني بتتوقع فيه.. بيحصل، هل فيه حيحصل وفاق؟ هل حيرجع الوضع اللي كان زمان؟ ولا حتحصل كما يقال انقلاب عسكري؟
أحمد منصور: شكراً لك.
عمر حسن البشير: طبعاً البلد ما محتاجة لانقلاب عسكري حقيقة، ونحنا نعتبر أنه القرارات أعادت الأمور إلى نصابها، وأنه قرارات مجلس الشورى أيضاً أكدت على المؤسسية، والفصل بين هذه المؤسسات، وأن تقوم كل مؤسسة بدورها فيما يليها من مهام، فنحنا في هذا الإطار، وما اتفق عليه في مجلس الشورى، بنرى أنه فيه حل الإشكالية، وأن يلتزم كل منا بما صدر من قرارات في مجلس الشورى، ونبدأ أولاً بتحديد القيادة، والولاء للقيادة، والبيعة الملزمة للقيادة، ومن ثمَّ إعادة هيكلة المؤسسات.. المؤتمر كما ورد في قرارات مجلس الشورى، لنتجاوز بيها الشكل المُعيب اللي خرجت بيه هذه المؤسسات بعد المؤتمر الأخير، وبعد كده نحنا.. إعادة النظام الأساسي للمؤتمر، بما يضمن عودة الأمور إلى نصابها، ووضعها الصحيح دون تجاوز من هذه المؤسسات لصلاحياتها، أو التغول على سلطات وصلاحيات الرئاسة والحكومة.
أحمد منصور: دكتور عز الدين سليمان من ألمانيا، اتفضل يا دكتور.
د. عز الدين سليمان: مساء الخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير.
د. عز الدين سليمان: مرحباً، سؤالي للفريق البشير إن دعوتكم بعد الإجراءات الأخيرة في 4 رمضان للمعارضة السودانية اقتصرت فقط على المعارضة الشمالية، سؤالي هو: ما هو من القوى السياسية الجنوبية، وأقصد تحديداً الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وفي سياق قضية الحرب والسلام في السودان، لا أقول قضية الجنوب ولكن قضية الحرب والسلام في السودان…
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً يا دكتور.
د. عز الدين سليمان [مستأنفاً]: لأن الدعوة للحضور واقتسام السلطة لم تشمل هذه القوى؟
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك.
د. عز الدين سليمان [مستأنفاً]: سؤالي الثاني.
أحمد منصور: اتفضل.
د. عز الدين سليمان: بدعوتكم للأحزاب تحديداً حزب الأمة بقيادة السيد الصادق المهدي، والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة السيد محمد عثمان الميرغني، وبقية الأحزاب الشمالية المعارضة للحضور واقتسام السلطة، إنما يعني تراجعاً وعودة لنقطة ما قبل الانطلاق في 30 يونيو في التخلي عن جوهر كل برنامجكم وهو تحكيم الشريعة الإسلامية بنظام الحزب الواحد.
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك.
د. عز الدين سليمان [مستأنفاً]: وذلك يعني بالضرورة اتباع نهج ديمقراطي، ومن ثم الوعد بإجراءات انتخابات ديمقراطية مثلما أوضحتم في إجراءاتكم الأخيرة.
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك.. فخامة الرئيس..
د. عز الدين سليمان [مستأنفاً]: وهل يعني ذلك أنكم قد استبصرتم.. استبصرتم خطر انقلابكم، وفكرتكم في أن حزب الجبهة الإسلامية لن يمكنه.. لن يمكنه أن يحكم السودان لوحده، وأنكم…
أحمد منصور [مقاطعاً]: دكتور سؤالك واضح شكراً لك، اتفضل فخامة الرئيس.
عمر حسن البشير: طيب بالنسبة للحديث عن دعوتنا إحنا للمعارضة الشمالية، حقيقة دعينا كل القوى، ومعروف أنه التجمع الديمقراطي بيضم كل القوى السياسية الشمالية، والجنوبية المعارضة، وعلى رأسها الحركة الشعبية، أو ما يسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان، فهذه القوى كلها مدعوة من خلال الدعوة للتجمع وللمبادرة المصرية الليبية، فليس هنالك فرز، لكننا لا نرفض لأي قوى من هذا التجمع أن تنضم إلى مسيرة الوفاق مع الحكومة، ويمكن المبادرة اللي تمت مع حزب الأمة، لأنَّ حزب الأمة يرغب في ذلك ونحن نرغب في ذلك، فلذلك كانت النداء الوطني اللي تمَّ في جيبوتي، ونحن على استعداد أنه أي قوى تريد أن تنضم لهذا النداء، أو أن نوقع معها اتفاق فنحن على استعداد، إذا التجمع أتى مجتمعاً إحنا نرغب في ذلك، ونحبذ ذلك، ولكن إذا فشل التجمع في أن يأتي مجتمعاً فنحن لن نمانع أو نمنع أي قوى تحاول أن تنضم إلى الوفاق في السودان.
قضية الحرب والسلام بالطبع هي القضية المحورية، وحقيقة قضايا السودان، ومشاكل السودان كل أسبابه يمكن تكون من الحرب الدائرة في الجنوب سواء: السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية كلها أسبابها هي الحرب الدائرة في الجنوب، ولكن لحد أن يتحدث عن حل مشاكل السودان، دون أن يمر بمحطة الحرب في جنوب السودان، وإيقاف هذه الحرب، أما التخلي عن المنهج بتاعنا، نحنا لم نتخلَ عن منهجنا، ونحن تطور طبيعي، ونحنا…
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هناك أيضاً -عفواً فخامة الرئيس- في هذا الإطار، نُشِرَ أنكم أعلنتم، أو قدمتم عرضاً إلى (جارنج) بإمكانية تخيلكم عن النظام الإسلامي، وإعلان نظام علماني، حتى تدخل أو يدخل جارنج ضمن هذا النظام.
عمر حسن البشير: هي حقيقةً.. دي فرية.. قالوا إن إحنا تحدثنا على التخلي عن النظام الإسلامي، والقبول بنظام علماني، هذه ليست حقيقة، وهذه خالية تماماً من الصحة، إحنا في كل مباحثاتنا مع التمرد، في كل جولاته، يمكن توقفنا في هذه النقطة: أنه رفضُنا التام للعلمانية في السودان، أنا أكرر الآن لن يكون هناك أي حل في السودان على حساب الشريعة الإسلامية.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، بالنسبة للحكومة..
عمر حسن البشير [مقاطعاً]: .. السؤال.
أحمد منصور: سوف أعطي لك المجال، بالنسبة للحكومة القائمة الآن، هل تنوون حلها، وإقامة حكومة ذات قاعدة عريضة؟
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: فخامة الرئيس، مع القرارات التي صدرت في 12 ديسمبر أما يستوجب ذلك حل الحكومة القادمة.. القائمة وتشكيل حكومة جديدة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا بنفكر في المرحلة الجديدة، وهنالك اتصالات مع القوى المعارضة كما هو معلوم، وأنه كل هذه الاتصالات قد تقود إلى اتفاق، والاتفاق –قطعاً- يحتاج في تنفيذه إلى بعض الإجراءات، فأي حديث الآن يعني عن حل الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة قد يكون سابق لأوانه، قبل ما تنجلي بعض الرؤى.
أحمد منصور: هل يمكن للمعارضة أن تدخل –أيضاً- ضمن تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا نتكلم عن حكومة ذات قاعدة عريضة، جبهة وطنية عريضة، ذات برنامج واحد، إحنا حيكون حديثنا بالأول عن الاتفاق على برنامج، ونحاول أن نجمع لهذا البرنامج أكبر قاعدة ممكنة من القوى السياسية السودانية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هناك صراع، القوى السياسية في السودان يعني حتى في داخلها لا تكاد تتفق، كيف يمكن جمع القوى السياسية في السودان على برنامج ذو قاعدة عريضة؟
عمر حسن البشير: والله –حقيقة- اللي حصل في معاهدتنا مع النداء الوطني اللي وقع مع مثلاً حزب الأمة، وجدنا أن هنالك كثير جداً من القواسم المشتركة، وهو قطعاً أنت عندما تصل إلى برنامج لا تصل إلى اتفاق بنسبة 100%، لأنه كما قلت داخل الحزب الواحد، أو حتى إحنا داخل القوى السياسية بتاعتنا، لا ندعي أن هناك تطابق في الآراء، لكن هنالك خطوط عريضة ومصالح كلية للوطن يمكن الناس يجتمعوا حولها، اللي هي بتسمى البرنامج الموحد، بعد الوصول لهذا البرنامج يمكن لكل القوى أن تساهم.
أحمد منصور: أنتم عرضتم على المعارضة المجيء إلى السودان، والمعارضة السودانية لم تكن معارضة سياسية فقط، وإنما معارضة حملت السلاح أيضاً ضدكم، وضد الشعب السوداني، هل ستتجاوزون عن جرائم هؤلاء، التي ارتكبت ضد الشعب السوداني، ويدخلون ضمن منظومة الحكم؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً أي اتفاق يجب ما قبله.
أحمد منصور: حتى لو كان جرائم؟
عمر حسن البشير: حتى لو أي شيء، بيترتب على هذا الاتفاق، هو حقيقة عفوٌ شامل، لكن هذا لا يمنع أنه إذا كان هناك شخص متظلم، أو متضرر في أنه يكتب ظلامته، لكن بالنسبة للحقوق العامة، حقوق الدولة، هو قطعاً الاتفاق يجبها تماماً.
أحمد منصور: هل هناك ضمانات -فخامة الرئيس- تقدموها للمعارضة، لاسيما وأن بعض قطاعات المعارضة تشكك في عرضكم بسبب موفقكم السابق المعلن من الأحزاب؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا بعد إجازة الدستور، وإقرارنا للدستور في عام 98، وفى ذلك الدستور أثبت بوضوح كامل أنه هنالك حرية للتنظيم السياسي، ونعتبر أن الدستور من صدور قانون تنظيم التوالي السياسي، والأحزاب التي سجلَت حتى الآن دي كلها أخذت ضمانات كافية جداً، حتى نحنا إجراءاتُنا الأخيرة والمواد التي عطلناها لم تمس هذه الحريات بأي شكل من الأشكال، ويمكن للمتابِع للساحة السياسية السودانية يجد أن الحريات مكفولة بصورة كاملة، وأنها مضمونة بالدستور، ونحن لم نحل المحكمة الدستورية، التي تضمن كل الحقوق الدستورية الموجودة في الدستور.
أحمد منصور: أنتم الآن لجأتم، أو سمحتم للطرف المعارض لكم باللجوء للمحكمة الدستورية، ماذا لو حكمت المحكمة الدستورية لصالح الدكتور الترابي وبعدم دستورية القوانين والقرارات التي أصدرتموها في الثاني عشر من ديسمبر؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا ملتزمين تجاه هذه المحكمة، وأنه نحنا –كما هو معروف هو الآن- قيادة المجلس الوطني رفعت عريضة أو دعوة في المحكمة الدستورية نيابة عنها، رفعها الأستاذ عبد الوهاب الدوب المحامي، رفع هذه الدعوى، ونحن قناعتنا أنه هذه المحكمة محكمة عادلة، وقناعتنا أيضاً أنه نحنا إجراءاتنا كانت في إطار مسؤولياتنا الدستورية لحفظ الأمن والاستقرار في السودان، فنحن لا نخشى هذه المحكمة، ونحن نعلن عن التزامنا بما يصدر من قرار، لأنه هو قرار ملزم ونهائي، القرار اللي يصدر من هذه المحكمة، ولو كنا نشك، أو أردنا أن نتجاوز هذه المحكمة لاتخذنا قرارات تجاه المحكمة نفسها، لكن نحن على التزام.
تعديل الدستور السوداني
أحمد منصور: لكن فخامة الرئيس، أنتم قمتم بتعطيل بعض مواد الدستور، هل يعني ذلك أنكم سوف تعيدون النظر في الدستور نفسه وتعديل بعض مواده خلال الفترة القادمة؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا عندنا رؤية في كثير جداً من المواد اللي شملها الدستور، وأنها محتاجة لتعديل، ويمكن الحديث عن تعديل الدستور لم يأت من طرفنا، طرفنا كان يريد حتى من الطرف الآخر، اللي هو الدكتور الترابي، والمجلس الوطني، أنا في خطابي الأخير للمجلس الوطني، تحدثت عن أن إزالة بعض المواد التي تحتاج إلى تعديل، لكن يجب أن يتم التعديل بناءً على تشاور واسع، الآن الدستور ليس وثيقة حكومية، وليست وثيقة تمثل قوى سياسية معينة، نحن نريد للدستور أن يعبر عن كل أهل السودان، وأنه يجب مشاركة كل القوى السياسية في مناقشة أي تعديلات قادمة.
أحمد منصور: سيد عبد القادر من الخرطوم، اتفضل يا أخ سيد.
سيد عبد القادر: آلو السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
سيد عبد القادر: سعادة الرئيس، القرارات الأخيرة 4 رمضان قرارات جيدة جداً، ولكنها متأخرة تأخر كبير للغاية…
أحمد منصور: الصوت غير واضح لفخامة الرئيس.. اتفضل بسؤالك، وأنا أسمعك، وأطرح السؤال.
سيد عبد القادر: النقطة الثانية تتحدثون عن الديمقراطية والحريات المتاحة، متى يكون إلغاء المرسوم الدستوري الثالث حتى تتاح الحرية من تاني للشعب السوداني ليمارسها.
أحمد منصور: شكراً لك..
سيد عبد القادر [مستأنفاً]: السؤال الثاني هل ما تم هو خلاف حول كراسي السلطة، أم حول مصلحة الوطن؟! وهل مصلحة الوطن مُقدمة على مصلحة الأشخاص؟
أحمد منصور: شكراً لك، فخامة الرئيس، اتفضل.
عمر حسن البشير: أنا لم أسمع الجزء الأول من السؤال.
أحمد منصور: لنأخذ الثاني أو الثالث منه..
عمر حسن البشير: أول حاجة طبعاً كل المراسيم الدستورية أنا بأقول سقطت تلقائياً بإجازة الدستور، فليس هناك مرسوم تاني، دستور تاني.
أحمد منصور: يعتبر سقط.
عمر حسن البشير: نعم مع بداية الدستور، الدستور أسقط كل المراسيم الدستورية السابقة، والمرسوم أكد على قيام.. الدستور قصدي، أكد على قيام أحزاب في صلبه، قطعاً نحنا بنتحدث عن مصلحة الوطن، متجاوزين تماماً مصالح الأفراد والخلافات.
أحمد منصور: فيه الآن بالنسبة لإعلان الطوارئ، أعلنتم أن الطوارئ ستمتد إلى ثلاثة أشهر، وهناك توصية في قرارات 27 ديسمبر برفع الطوارئ في أقرب فرصة ممكنة هل يمكن أن ترفع الطوارئ قريباً، لاسيما ونحن مضى علينا أكثر من 10 أيام في الخرطوم لا نرى أي مظاهر للطوارئ أصلاً في البلد يعني؟
عمر حسن البشير: الحمد لله أنك أكدت يعني ليست هناك مظاهر…
أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا أقول أنا رؤيتي الشخصية، لا أعرف ماذا وراء الأسوار يعني.
عمر حسن البشير: هو حقيقة قرار مجلس الشورى هو.. الأجل فيها يخص.. حينما نقتنع أنه هنالك ليست هنالك أسباب لاستمرار الطوارئ، سنرفعها إن شاء الله.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، هل متوقع أيضاً أن يتم الإعلان قريباً عن انتخابات برلمانية في السودان؟
عمر حسن البشير: دا متروك للتشاور مع الهيئة الانتخابات ومع القوى السياسية، سواء المسجلة أو حتى غير المسجلة.
أحمد منصور: معنى ذلك أن الوضع القائم هذا يمكن أن يستمر لسنوات؟
عمر حسن البشير: قد يستمر لسنة، لكن ليس هنالك الآن تحديد بالضبط.. متى تكون هذه الانتخابات.
أحمد منصور: لا تتوقع موعد قريب لإعلان الانتخابات لاسيما وأن هيئة الانتخابات هي تتبع هيئة الرئاسة أيضاً؟
عمر حسن البشير: ما هيئة الانتخابات هي تتبع الرئاسة، لكنها هيئة مستقلة، فحينما يكون هنالك ظروف مواتية لإعلان الانتخابات، أيضاً هناك رؤية القوى السياسية، إحنا إذا شعرنا أن هنالك تقدم في الحوار مع القوى السياسية الخارجية قطعاً سنتشاور معها حول موعد الانتخابات، لأنه إذا تمت هذه الانتخابات، معروف أن عمر المجلس 4 سنوات، وإذا كان من المتوقع أن نصل لاتفاق مع القوى السياسية الأخرى، وأنها تنضم لمسيرة العمل السياسي داخل السودان، فأي انتخابات قبل مجيئها فهي معناتها حرمانها من المشاركة بصورة حقيقية وفاعلة مدة أربع سنوات قادمة.
أحمد منصور: معنى ذلك -فخامة الرئيس- أنك تؤكد أنه لن تكون هناك انتخابات برلمانية في السودان، قبل أن يكون هناك وصول إلى اتفاق واضح مع قوى المعارضة، وعودتها وممارستها لأدوارها على الساحة السودانية.
عمر حسن البشير: إحنا نقول أنه دا الاحتمال الأكبر، أنه إذا هنالك بوادر لاتفاق قريب فنحنا سنقوم بالاتفاق مع هذه القوى تأجيل الانتخابات، إذا وجدنا أنه ليس هنالك ما يؤكد أن هنالك اتفاق في القريب العاجل فيمكن أن تجري الانتخابات.
أحمد منصور: سيد محمد عوض من الرياض من السعودية يقول، هل فكرتم في تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل؟
عمر حسن البشير: نحن لن نفكر في هذا الأمر إطلاقاً.
أحمد منصور: ليس هناك أي علاقات سرية بينكم وبين الإسرائيليين؟
عمر حسن البشير: الحمد لله، ليس لدينا أية اتصالات سرية، نحنا عملنا كله في العلن والحمد لله.
أحمد منصور: ماذا لو قامت باقي الدول العربية بإعادة العلاقات مع إسرائيل؟
هل ستأخذون موقفاً فردياً أم أنكم سوف تتبعون الموقف العربي؟
عمر حسن البشير: علاقتنا مع أي جهة بنقيمها، أو بنتبعها دون التأثير بالآخرين، ونحن عندنا قناعة بعدم قيام أي علاقات بين السودان وإسرائيل.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، بعض التحاليل تشير إلى أن ما حدث من قرارات في السابع والعشرين من ديسمبر هو بمثابة هدنة مؤقتة فقط بينكم وبين الدكتور الترابي، ما رأيك في هذا؟
عمر حسن البشير: والله –طبعاً- نحنا لا نتحدث عن.. عن هدنة، نحنا نتحدث الآن عن قرارات اتخذت، هذه القرارات ترتبت عليها إجراءات حتى الآن مثبتة، حتى قرارات مجلس الشورى –كما ذكرت في حديثي- هي لم تلغِ هذه القرارات ولم تسع لإلغاء الأهداف اللي من أجلها ألغيت فهي نحن داخلون مرحلة جديدة تماماً.
أحمد منصور: عثمان محمد صالح من السويد يقول: هل قرار الحكومة المصرية بإعادة سفيرها فوراً إلى الخرطوم يمكن أن يتأثر بعد قرارات السابع والعشرين من ديسمبر، ووجود أصدقاء الدكتور الترابي في موقعه في المؤتمر الوطني؟
عمر حسن البشير: هو طبعاً ما حيتأثر إحنا نؤكد أنه بقاء الدكتور في موقعه في المؤتمر، ليس كما كان قبل القرارات، وقبل قرارات مجلس الشورى.
أحمد منصور: هل هناك أي اشتراطات.. حازم علي عبد الله أيضاً من الخرطوم يسأل هل هناك أي اشتراطات سرية مصرية على إعادة العلاقات بينكم وبين مصر وتقويتها باستبعاد النظام الإسلامي القائم، أو بعض الشخصيات الموجودة في السلطة؟
عمر حسن البشير: طبعاً ما فيه أي اتفاق، إحنا كل الأمر اتفقنا على أنه نعيد العلاقة إلى ما كانت عليه، ونحيي الاتفاقيات السابقة بين السودان ومصر خاصة في مجال التكامل.
أحمد منصور: هناك أكثر من سؤال منهم محمد أحمد عبد الوهاب أيضاً من الخرطوم، يتحدثون عن وجود بعض الشخصيات القريبة من السلطة المتهمة بالفساد، والتي استطاعت التسلق على جبهة الإنقاذ، وهي تسيئ إلى النظام الحاكم.
هل تسعون أيضاً أو أن هناك دقة لوجود مثل هؤلاء في السلطة؟
وهل هناك سعي أيضاً لعملية تنظيف السلطة السياسية السودانية من آثار هؤلاء؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً نحنا لا نأخذ الناس بالشبهات، والحديث عن الفساد حقيقة كواحدة من الأشياء التي تم الترويج لها لهز صورة الحكومة وإضاعة هيبتها، ونحن بنتحدث مرة أخرى في أنه كل من لديه اتهام لا نبحث حتى عن الدليل!
كل من لديه اتهام تجاه أي مؤسسة أو فرد في موقع المسؤولية فهو يعني.. مع كامل الحماية، ممكن أن يلجأ إلى المحاكم.. يلجأ إلى النيابة في عرض ما عنده، من معلومات واتهامات دون أن يمس بسبب..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل هناك من يحمي الناس؟ والموجودين في السلطة يستطيعون أيضاً أن يحولوا دون تحقيق ذلك.
عمر حسن البشير: هو قطعاً ليست هنالك حماية لشخص، وليست هنالك أي معاملة خاصة لأي شخص، ونحنا سبق أنه لما ثبت لدينا أنه أحد المحافظين قد قام بتبديد المال العام، لم نتردد في رفع الحصانة عنه وتسليمه للشرطة في نفس اليوم.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، ما مستقبل العلاقة بينك وبين الدكتور الترابي؟
عمر حسن البشير: والله دي يحددها الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الشورى هي اللي يمكن أن تحدد العلاقة على المستوى العام يعني.
أحمد منصور: ما مستقبل العلاقة بين المؤتمر الوطني الحاكم وبين السلطة؟
عمر حسن البشير: طبعاً المؤتمر هو الحزب الحاكم، ولكن هذا الحزب كانت الممارسة في الماضي قبل الرابع من رمضان يحكم من خلال الأمانة والهيئة القيادية، ولكن الآن هذا الحزب حيحكم من خلال الحكومة والرئاسة والحزب هو مكانه بعد السياسات العامة هو السند والدعم والمعاضدة للحكومة في إنفاذ السياسات والبرامج التي توضع.
أحمد منصور: مصطفى حسين من الدوحة يقول لك: ما هي البيعة التي تتحدث عنها في ظل أنك انتخبت انتخاباً مباشراً من الشعب السوداني، وهذا الانتخاب لا يلزم الناخب في الاستمرار في ولاء للرئيس إذا رأى الناخب أن الرئيس قد أخل ببعض ما التزم به أثناء فترة ترشحه، وفكر الناخب أيضاً في اختيار شخص آخر؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً البيعة.. هنا بيعة شرعية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: غير التصويت؟
عمر حسن البشير: بيعة شرعية غير التصويت.. نعم، بيعة شرعية.
أحمد منصور [مقاطعاً]: وهذه تدخل ضمن إطار النظام الإسلامي الذي تضعونه..
عمر حسن البشير [مقاطعاً]: نعم لأنه ربنا -سبحانه وتعالى- قال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) فإذا كان هو عنده هو أي موقف إحنا المرجعية بتاعتنا هي الكتاب والسنة ولا مرجعية غيرها.
أحمد منصور: الأخ عثمان عبد الرحمن من السودان، اتفضل يا أخ عثمان.
عثمان عبد الرحمن: آلو السلام عليكم فخامة الرئيس.
أحمد منصور: اتفضل بسؤالك.
عثمان عبد الرحمن: هل القرارات الأخيرة بتاعة مجلس الشورى هي تراجع وعودة الترابي إلى النظام مرة أخرى.
أحمد منصور: شكراً لك.
عمر حسن البشير: عزيزي، إحنا جاوبنا على هذا السؤال، هي ليست عودة إلى ما كان قبل القرارات، وكما ذكرت أن الدكتور الترابي سيظل هو الأمين العام للمؤتمر، ولكن قرارات مجلس الشورى، حددت بصورة قاطعة جداً وفصلت بين سلطات المؤتمر وسلطات الحكومة، وأطلقت يد الحكومة في تنفيذ برامجها والقيام بعملها التنفيذي دون تدخل.
أحمد منصور: فخامة الرئيس، في حالة استمرار الإشكال السياسي القائم في السودان الآن، لوحظ أن الجيش السوداني كان دائماً يتدخل في معمعة الخلافات السياسية، ومن المعلوم أن وزير الدفاع السوداني يتمتع بتأييد مع شعبية كبيرة، هل تتوقع –أيضاً- إذا استمرت الأزمة أن يكون هناك تدخل من الجيش بشكل واضح؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً الجيش مؤيد تماماً لهذه القرارات والخطوات التي اتخذت بكل قطاعاته، فما أظن هنالك سبب لتدخل القوات المسلحة.
أحمد منصور: منتصر صلاح محمد من جدة يقول: كيف ترى مستقبل.. المستقبل السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في ظل القيادة الحالية؟
عمر حسن البشير: هو قطعاً الحزب محتاج لإعادة بناء، حتى نعيد الثقة لمؤسساته، لأنه –كما قلت- إنه صاحبت عملية بناء المؤسسات في فترة خلافية، كثير جداً من التجاوزات في بناء هذا المؤتمر، ونحن نعمل على إعادة –كما أتى في قرارات مجلس الشورى- أن يعاد انتخابات مؤسسات هذا الحزب، حتى تكون هي محل ثقة القواعد للحزب.
أحمد منصور: هل هناك مخططات لديكم لإمكانية تشكيل حزب خاص بكم إذا استمر الوضع على ما هو عليه؟
عمر حسن البشير: إحنا نقول: إنه حزبنا هو حزب المؤتمر.
أحمد منصور [مقاطعاً]: والآخرون يقولون أيضاً حزبنا هو المؤتمر.
عمر حسن البشير [مستأنفاً]: هو حزب المؤتمر، ونحنا من خلال حزب المؤتمر سننفذ سياستنا إن شاء الله.
أحمد منصور: كيف ترى مستقبل جنوب السودان في ظل الوضع الراهن والمشاكل الحالية؟
هل المخطط الأميركي على وجه الخصوص –الغربي- لفصل جنوب السودان عن شماله، لازال قائماً أم أنه يمكن يحدث فيه شيء من التراجع؟
عمر حسن البشير: والله قطعاً –طبعاً أنا كما قلت- السياسة الأميركية في أفريقيا عموماً فشلت، ونحن نتوقع إنه بعد فشل هذه السياسات إنه الولايات المتحدة تعيد النظر في سياستها في أفريقيا، وأن يكون من ضمن المناطق التي تعيد فيها حساباتها هي سياساتها تجاه السودان، وطبعاً النظرة الآن.. للتوجه في أفريقيا
-وخاصة بعد مؤتمر القمة الاستثنائي اللي تم في سقف الجماهيرية- التوجه نحو توحيد أفريقيا، بل قيام الولايات المتحدة الأفريقية، فما أظن في ظل التوجه الأفريقي الآن نحو الوحدة تكون هنالك تشجيع للانقسامات داخل أفريقيا.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن تعلم -فخامة الرئيس- إن كل الدول الأفريقية دول تبعية، يعني لا توجد دولة قرارها من رأسها كما يقال يعني، الدول كلها تتبع والولايات المتحدة تسعى بالذات لدى دول القرن الإفريقي وغيرها لأن يكون لها السيطرة عليها في القرار.
عمر حسن البشير: هو قطعاً هذا الحديث على إطلاقه ليس صحيحاً، وواضح الآن أن هنالك يعني في أفريقيا الآن فيه نزعة استقلالية واضحة جداً، ويكفي أنه القرار بتاع القمة الأفريقية في (واجادوجو) اللي قرر رفع الحظر على الجماهيرية الليبية، واللي قاد في النهاية إلى تغيير الموقف الأميركي ورفع الحظر عن ليبيا كان هو قرار أفريقي، وكان ضد الإرادة الأميركية.
فأي حديث عن أنه هنالك إرادة أميركية غالبة أو تبعية لهذه الدول الأفريقية، أعتقد حديث غير دقيق، وتستطيع أفريقيا التي قادت حملة تحرر واسعة جداً في الستينات، أما الآن وبقناعة القيادات التي تجمعت في (..) في (سرت) أن تقود أفريقيا مرة أخرى -إن شاء الله- نحو الوحدة وتحقيق الميثاق اللي وضع لمنظمة الوحدة الأفريقية اللي وضعه المؤسسون ومعاهدة (أبوجا) اللي تحافظ على المعاهدة الاقتصادية أو السوق الاقتصادية الأفريقية المشتركة وفي أفريقيا كلها الآن مواثيق جديدة ستعمل على التغيير إن شاء الله..
أحمد منصور [مقاطعاً]: فخامة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأخص بالذكر وبالشكر الشعب السوداني الشقيق على حفاوته البالغة بقناة (الجزيرة) وبنا، وأقول لهم باللغة السودانية "ناس (الجزيرة) تحيي ناس السودان".
في الختام أنقل لكم تحية فريقي البرنامج من الخرطوم والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم من أم درمان من الخرطوم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.