الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب
بلا حدود

أزمة الصحافة العربية والصحفيين العرب

دور اتحاد الصحفيين العرب، استقلالية اتحاد الصحفيين العرب عن وصاية الحكومات، أسباب تعقد العلاقة بين الحكومات والصحافة في العالم العربي، المقصود بتعبير حرية الصحافة في العالم العربي، صور التعذيب والملاحقة التي يتعرض لها الصحفيون، موقف اتحاد الصحفيين العرب من الصحفيين الداعين إلى التطبيع مع إسرائيل.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيوف الحلقة:

صلاح الدين حافظ: الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب

تاريخ الحلقة:

06/09/2000

– طبيعة دور اتحاد الصحفيين العرب.
– مدى استقلالية اتحاد الصحفيين العرب عن وصاية الحكومات.

– أسباب تعقد العلاقة بين الحكومات والصحافة في العالم العربي.

– المقصود بتعبير حرية الصحافة في العالم العربي.

– صور التعذيب والملاحقة التي يتعرض لها الصحفيون في الدول العربية.

– إشكالية الصحافة الصفراء المستشرية في العالم العربي وسبل مواجهتها.

– موقف اتحاد الصحفيين العرب من الصحفيين الداعين إلى التطبيع مع إسرائيل.

undefined
undefined

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).

تعيش الصحافة العربية والصحفيون العرب أزمة مستمرة بسبب تضييق هامش الحرية ومساحة التعبير، حتى أنه لم يعد يمر يوم دون أخبار عن اعتقالات ومحاكمات وحبس للصحفيين أو مصادرة للصحف أو منع صدورها أو توزيعها أو إغلاق لها في هذا القطر العربي أو ذاك.

وفي الوقت الذي تتوسع فيه رقعة الحرية الإعلامية عالميًّا، تتجه كثير من الدول العربية إلى إصدار التشريعات والقوانين التي تحد من حرية الصحافة، وتقيد الصحفيين حتى أصبحت مهنة البحث عن المتاعب هي مهنة المخاطر والملاحقات الأمنية والسجون والمعتقلات.

في نفس الوقت زاد حجم ومساحة وعدد صحف الإثارة، وظهرت طبقة طفيلية من الصحفيين الجدد لا هم لهم سوى الابتزاز وتناول أعراض الناس، ونشر الفضائح والمشكلات الخاصة بحيث أصبح يشكل هؤلاء أزمة أخرى، ويسيئون للمهنة والعاملين فيها.

غير أن الحرية لازالت هي الهم الأكبر الذي يؤرق الصحفيين، ويهدد مهنة الصحافة في أغلب الدول العربية، ومن ثم فإن هناك صراعًا شبه دائم بين حكومات لها مفهومها الخاص للحرية وحجمها، وصحفيين مهنيين يعتبرون أن همهم الأكبر هو نشر الحقائق، وتقديمها للناس، في عالم أصبحت المعلومات فيه تنهال على الناس من فوقهم، ومن تحت أرجلهم.

إعلان

وفي هذه الحلقة نفتح ملف أزمة الصحافة والصحفيين العرب، ونتعرف على أبعادها المختلفة، لاسيما وأن الصحافة الهادفة تمثل قلب الأمة النابض، ومرجع الناس الأساسي للتعرف على الحقيقة، وذلك من خلال حوارنا اليوم مع رجل يعيش المهنة وهمومها منذ أربعين عامًا، ويتبوأ مسؤولية الأمانة العامة لأكبر مظلة مهنية للصحفيـين في العالم العربي وهو الأستاذ صلاح الدين حافظ (الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب).

ولد صلاح الدين حافظ في مصر عام 1938م، تخرج من قسم الصحافة في كلية الآداب عام 1960م، حيث عمل في مؤسستي الأخبار والتعاون حتى انتقل عام 1965 إلى مؤسسة الأهرام التي يعمل بها حتى الآن.

انتُخب أمينًا عامًّا لنقابة الصحفيين في مصر عام 1968م وبقي إلى العام 1971، ثم أُعيد انتخابه مرة أخرى من العام 1973 إلى العام 1977م، كما انتُخب أمينًا عامًا لاتحاد الصحفيين العرب عام 1976 لمدة عام واحد، ومرة أخرى من العام 1996 وحتى الآن.

يعمل الآن مديرًا لتحرير صحيفة الأهرام ومشرفًا على الأهرام الدولي، علاوة على رئاسته لتحرير مجلة دراسات إعلامية.

صدر له حتى الآن اثنا عشر كتابًا، وله كتابان تحت الطبع.

ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا -بعد موجز الأنباء- على الأرقام التالية 009744888873

أما رقم الفاكس فهو 009744885999

أستاذ صلاح مرحبًا بك.

صلاح الدين حافظ: أهلاً وسهلاً بك.

طبيعة دور اتحاد الصحفيين العرب

أحمد منصور: في البداية أود أن أسألك عن طبيعة الدور الذي يقوم به اتحاد الصحفيين العرب، في الوقت الذي أُسس فيه هذا الاتحاد عام 1964م تحت مظلة الحكومات العربية.

صلاح الدين حافظ: اسمح لي في البداية: أولاً هي فرصة كويسة إن الواحد يتحدث بعض الشيء عن اتحاد الصحفيين العرب بشكل خاص، وعن الصحافة العربية بشكل عام الحقيقة، لأن كلاهما يعيش في أزمة -بوضوح شديد- منذ البداية، لكن كملاحظة شكلية وهو اتحاد الصحفيين العرب لم يتأسس تحت مظلة الحكومات أو بتوجيه منها.

أحمد منصور: دُعِي لتأسيسه في العام 1964 بعد القمة العربية الأولى في مصر.

صلاح الدين حافظ: نعم.. هو تأسس نتيجة إحساس عام لدى الصحفيين، وخصوصًا لدى بعض النقابات الصحفية التي كانت نشيطة في ذلك الوقت، فتأسس بمبادرة مباشرة من صحفيين وليس من الحكومات، يمكن كان على عكس هوى الحكومات في ذلك الوقت أن يتأسس اتحاد قومي أو منظمة قومية شعبية ليست لها ارتباطات حكومية بشكل عام، على أي حال دي جزئية فرعية، لكن الدور الأساسي اللي بيقوم به اتحاد الصحفيين العرب بينقسم إلى عدة أقسام الحقيقة.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: تفضل يا أستاذ صلاح ما هي الأقسام التي..

صلاح الدين حافظ: يعني كمنظمة أو كتنظيم نقابي مهني قومي عام له اهتمامات كثيرة، وله أدوار كبيرة، لأنه هنا -بقى- بيختلط فيه الدور السياسي بالمهني بالنقابي بالثقافي في المجتمع فله دور سياسي، وبتختلف المسألة من مرحلة لمرحلة، لكن له دور سياسي مهموم بهموم هذا الوطن العربي الكبير، يشارك في الأحداث، يتعرض لها، أحيانًا يتعرض لها بشكل مباشر، أحيانًا بشكل غير مباشر، لكن على وجه اليقين اتحاد الصحفيين العرب يتواجد في الساحة القومية بحس ونفس قومي واضح وصريح، يدافع عن المواقف الأساسية أو الثوابت الأساسية لهذه الأمة في مختلف الاتجاهات، وبأعتقد إن هذا الدور مسموع لدرجة إن بعض الصحفيين يعيـبون على اتحاد الصحفيين العرب أنه تسيس أكثر مما تمهن، دوره السياسي أصبح..

إعلان

أحمد منصور [مقاطعًا]: لكن دوره السياسي هو قاصر على إصدار بيانات شجب وإدانة، بيانات في مناسبات معينة أكثر منه دور فاعل ومؤثر في السياسة العربية.

صلاح الدين حافظ: لا، مش صحيح، لا يستطيع وليس مطلوبًا من اتحاد الصحفيين العرب أن يتحول إلى حزب سياسي، هو ده اللي بيؤثر في السياسة العربية، ولكن دوره في حدود أنه تنظيم نقابي ومهني، يـبقى هنا دوره المشاركة في الحدث العام سواء بالبيان، سواء بتنظيم مؤتمر، سواء بتنظيم ندوة، سواء بالمشاركة في نشاطات الآخرين، وهذا ما نفعله الحقيقة بشكل مباشر.

مدى استقلالية اتحاد الصحفيين العرب عن وصاية الحكومات

أحمد منصور: هل تعملون باستقلالية تامة أم أن هناك وصاية أو توصية من بعض الحكومات العربية؟

صلاح الدين حافظ: ليست هناك وصاية حكومية على الأقل في الفترة التي أعمل فيها، وتعمل فيها القيادة المنتخبة سنة 1996 حتى الآن.

إنما لا شك إن اتحاد الصحفيين العرب زيه زي أي نقابة أخرى من النقابات الصحفية في الوطن العربي خضعت بشكل من الأشكال لهذه الهيمنة أو السطوة في مراحل مختلفة، لكن أنا بأعتقد إنه في المرحلة الأخيرة هناك استقلالية بالفعل كاملة.

أنا عاوز أقول إن الدور السياسي مش هو الدور الرئيسي، إنما الدور الرئيسي هو الدور المهني والنقابي، لأنه زي ما قلت ده تجمع لنقابات الصحفيين العرب، له صفة النقابية أكثر مما له صفة العمل السياسي، فبنعطي المساحة الخاصة بالعمل النقابي والمهني مجال أكبر ابتداءً -بقى- من مشاكل الصحفيين، حقوق الصحفيين حماية الصحفيين، التشريعات الصحفية، تدريب الصحفيين، وهذه مهمة خطيرة جدًّا، وخصوصًا بالنسبة للصحفيين الشبان، وأنا بأعتقد إن التركيز على هذه القضية تركيز بيعتبر رسالة أساسية من وجهة نظري الشخصية، فيه بعض الإخوان في قيادة في اتحاد الصحفيين العرب بيختلفوا معايا في الحكاية دي، لكن أنا بأعتقد إن التركيز على الشباب وتربية أجيال جديدة من الصحفيين على أساس العلم والثقافة والاطلاع أو الاتصال المباشر بثورة العلم والمعلومات والإعلام والتكنولوجيا الحديثة وتكنولوجيا الاتصال اللي موجودة في العالم النهارده هو ده البناء الحقيقي اللي إحنا نقدر نبني عليه في المستقبل.

أحمد منصور: بس ما فيش شعور من الصحفيين -وأنا أحد هؤلاء الصحفيين- لا نشعر بانعكاس مباشر علينا مهنيًّا من خلال عمل الاتحاد، كما أن النقابات ضعيفة أيضًا في أدائها، إذا كانت النقابات هي الممثل بالنسبة للصحفيين في هذا الاتحاد.

صلاح الدين حافظ: بالضبط.. بالضبط، ما هي دي نقطة الانطلاق إنه الاتحاد انعكاس لحركة النقابات، لما يـبقى الوضع ضعيف يجب أن يكون الاتحاد قويًّا، لما تبقى النقابات قوية يجب أن يكون أيضًا الاتحاد أقوى، إنما الواقع الحقيقة إنه ده تجمع للنقابات، دي القضية الخطيرة، أنه ليس اتحاد للصحفيين بذواتهم وأفرادهم، ولكنه اتحاد لنقابات الصحفيين، والواقع إنه ده قيد من القيود التي تحُد إلى حد ما من انطلاق نشاط اتحاد الصحفيين العرب إلى ما نتخيله عن الاتحاد، ولذلك دايمًا يقع لَبْس شديد في الموضوع ده بين هل الاتحاد ده أي صحفي عادي.. فرد عادي يرى أنه عضو في هذا الاتحاد، وأن له حقوق على هذا الاتحاد، وواجبات وإلى غير ذلك، لكن الواقع..

أحمد منصور[مقاطعًا]: باعتباره صحفيًّا نقابيًّا في بلده، ويدفع الاشتراك، ويكون ملتزمًا.

صلاح الدين حافظ: لابد أن يكون صحفيًّا في نقابته، عضوًا في نقابته حتى يصبح عضوًا في اتحاد الصحفيين العرب، ودي قضية على فكرة بالمناسبة عاملة مشاكل كتيرة يمكن نتعرض لها.

أحمد منصور: سنتناولها بالتفصيل، لكن هناك دول -أستاذ صلاح- عربية ليس فيها نقابات مثل السعودية ومثل قطر.

إعلان

صلاح الدين حافظ: فيه خمس دول عربية أساسية ليست فيها نقابات السعودية، قطر، البحرين، الإمارات، سلطنة عمان، إحنا بنتعامل معاها إزاي؟ أولا: نحن نسعى إلى تشكيل نقابات أو شكل نقابي تنظيمي لتجمع الصحفيين في هذه الدول، وبذلنا مجهود خلال السنوات الماضية، أثمر هذا المجهود بشكل نجاح نسبي في بعض الحالات، ولم يثمر في حالات أخرى، إنما في الحالات التي أثمر فيها إنه حدثت استجابة وخصوصًا في المناخ العام والإقليمي اللي بيتحدث عن الديمقراطية والانفتاح ونسمع كلامًا كثيرًا عن الحريات، ولا نجدها على الواقع.

أحمد منصور: هل الحكومات في تلك الدول تعرقل؟

صلاح الدين حافظ: طبعًا.. طبعًا إنشاء نقابات لابد أن يأخذ إشهاره في ظل النظم الجارية في الوطن العربي من الحكومة، لكي تشهر جمعية أو تؤسس جمعية أو تؤسس نادي صغير يجب أن تأخذ إشهار من وزارة العمل أو وزارة الشؤون أو من وزارة الداخلية أو من وزارة الإعلام أو من خمسين وزارة أخرى، إحنا نجحنا نجاح نسبي، وأعتقد إن دي مبادرات جيدة من الصحفيين في البحرين، وفي الإمارات حتى الآن، في البحرين ثم تأسيس بالفعل جمعية تأسيسية تحضيرية لإنشاء جمعية للصحفيين على غرار الجمعية التي سبق إنشاؤها في الخليج هي أول جمعية (جمعية الصحفيين الكويتيين)، إنما تم إنشاء هذه اللجنة التحضيرية ويوم 28 سبتمبر الحالي، سيعقد المؤتمر العام وفقًا لآخر مراسلة وصلتني من الإخوان هناك سيعقد المؤتمر..

أحمد منصور[مقاطعًا]: لكن هناك مخاوف في البحرين، أيضًا تكون هذه النقابة هي نقابة حكومية تحت مظلة الحكومات.

صلاح الدين حافظ: دائمًا يجب أن تكون هناك مخاوف، ودائمًا تُطرح هذه الوساوس والهواجس، لأنه ده الطبيعي إنه تطرح في الظروف دي، لكن إحنا بنعتقد إنه مجرد إنشاء جمعية.. تجمُّع للصحفيين يساعد في التطور والبلورة أفضل من عدم إنشائها، الإمارات فيها لجنة تحضيرية أخرى، بس أعتقد مازالت في خطواتها الأولى لم تتم بعد، أنا بأتصور الآتي: إنه من الأدوار الرئيسية اللي لعبها اتحاد الصحفيين العرب في هذا الموضوع هو الضغط على الحكومات والمسؤولين لتأسيس تجمعات، سميها تنظيم، سميها هيئة، سميها جمعية، إنما يجب أن نبدأ في الدول المختلفة التي ليس فيها نقابات، هذه الحركة لكي نجمع الصحفيين، لهم هموم مشتركة، لهم مشاكل مشتركة، لهم أهداف مشتركة، لهم متطلبات مختلفة يجب أن تتجمع في تجمع واحد.

أحمد منصور: لكن الصحافة رغم أنها مهنة ذات طبيعة خاصة من المفترض أيضًا أن تحميها نقابات أو تحمي العاملين فيها نقابات تكون قوية، وتراعي طبيعة العاملين فيها، يعاني الصحفيون دائمًا من نقاباتهم في كل الأقطار العربية، ويُتهم دائمًا القائمون على النقابات بأن لهم مصالح مع الحكومات تحول دائمًا بين حقوق الصحفيين العاديين المنـتمين إلى هذه النقابات، وبين ما ينبغي فعله، سبب هذه المشكلة ورواسبها.

صلاح الدين حافظ: طبعًا لا يستطيع أحد أن ينفي إن هذا الحال موجود، إنما هو بطبيعة تركيبة العمل النقابي لازم يبقى مفهوم العمل النقابي واضح في ذهننا، هو مفهوم العمل النقابي هو ليس بالضرورة التصادم المطلق مع الحكومات، إحنا مش في حالة حرب.

أحمد منصور: وليس الولاء التام لها.

صلاح الدين حافظ: وليس الولاء.. وليس الخضوع المطلق للحكومات، لأن إحنا مش في حالة استسلام، لسنا في حالة حرب مع الحكومات ولسنا في حالة استسلام مع الحكومات، إنما الصحافة كما ذكرت باعتبارها مهنة ذات طبيعة خاصة، ولها ضغوطها، ولها شروطها، ولها ضوابطها.. سموها مرة مهنة المتاعب، هي النهارده مهنة المخاطر اللي أكثر مهنة بتؤدي للوفاة.

أحمد منصور: طبعًا في كل التقارير العالمية الصحية بتشير إلى ذلك إلى أن الصحفيين أكثر الناس إصابة بالأمراض.

صلاح الدين حافظ: آه.. وقوعًا تحت الضغوط فتؤدي إلى هذا، أنا باعتقد إنه ده علاقة مركبة باستمرار مش بين بقى النقابات وبين الحكومات، لأ بين الحكومات -السلطة الحاكمة- وبين الصحافة ككل، بما فيها بقى صحفيين، فيها نقابات أو ما فيش نقابات، صحف أو ما فيش صحف، صحف خاصة وصحف حكومية وصحف حزبية، صحف صفرا،صحف خضرا، إنما فعلاً العلاقة المركبة المعقدة بين الحكومات والسلطات وبين الصحافة.. هذه العلاقة موجودة..

أسباب تعقد العلاقة بين الحكومات والصحافة في العالم العربي

إعلان

أحمد منصور: سببها إيه في العالم العربي تحديدًا؟

صلاح الدين حافظ: سببها في العالم العربي كده بوضوح شديد … المبدأ، ليس هناك مجال للحديث عن الحرية، عن حرية للصحافة في مجتمع غير ديمقراطي، غياب الديمقراطية في المجتمعات العربية-خدت بالك- يؤدي إلى غياب حرية الصحافة، المناخ العام في المجتمع العربي بشكل عام الحقيقة مناخ غير ديمقراطي تاريخيًّا حتى الآن، في ظروفنا الحالية، حكومات لا تقبل النقد، حكام يعتبروا أنهم أنصاف آلهة في بعض الحالات، حكومات أو سلطات لا تتسامح مع فكرة الرأي والرأي الآخر، ما عندناش هذه الثقافة التي تسمى ثقافة الحرية أو ثقافة الديمقراطية، ولذلك نحن نكاد نكون المنطقة شبه الوحيدة في العالم الذين خاصمنا حركة التاريخ أكثر من مرة، وبالتحديد في هذه المرة اللي هيه.. موجة الديمقراطية الثالثة التهبت في العالم من أواخر التمانينات من 87، 88، 89-90، وطوال التسعينات، وطرقت أبواب كانت موصدة، وأسقطت نظم حكم كانت ديكتاتورية شمولية شيوعية أو يسارية أو فوقية أو تحتية، ولم تهب علينا هذه الرياح بشكل إيجابي أو بالشكل الذي كنا نأمله أو كنت آمله أنا شخصيًّا..

أحمد منصور [مقاطعًا]: إحنا لسه غير مهيئين، كما يقولون لها.

صلاح الدين حافظ: يا سيدي أمتي نُهيأ؟ نهيأ بالتجربة والخطأ، نهيأ بالممارسة، نهيأ باقتحام الأبواب الموصدة، إنما فكرة إننا لسه مجتمع غير مهيأ لكذا..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ستقتلنا لو جاءت لنا الديمقراطية.

صلاح الدين حافظ: هأفضل غير مهيأ للحكاية دي.. الحقيقة يحزنني جدًّا إن أنا أجد هذه الصورة في الوطن العربي، وأجد صور نقيضة في إفريقيا دولة زي السنغال فيها تطور حصل فيها تطور ديمقراطي أذهل الناس، نيجيريا حصل فيها، بنين حصل فيها انتخابات شهد العالم إنها ديمقراطية، والمكسيك.

أحمد منصور: الصومال، في الآخر..

صلاح الدين حافظ [مقاطعًا]: الصومال لها وضع خاص وظروفها، إنما شوف المكسيك واللي حصل في المكسيك، شوف اللي حصل في تايوان في الشرق، فأنا بأقول لك باخد من أقصى الشرق الآسيوي إلى أقصى الغرب الأمريكي اللاتيني مرورًا بأفريقيا، ده يحزن.. هل ده غياب الحريات بهذا الشكل التاريخي في الوطن العربي أو في معظم دوله يرجع إلى خطأ في الجينات العربية؟

أنا كتبت مقالة في الحكاية دي مرة، أنا قلت: يبدو إن فيه حاجة غلط في الجينات العربية تؤدي بنا إلى إنه التشبع بروح التحكم والانفرادية والاستبداد أكثر من التشبع بروح الحرية.

الخطورة إنه يبدو ما زلنا نعيش مرحلة المجتمع القبلي القديم، حيث شيخ القبيلة هو كل شيء، وكلمته هي المسموعة والنافذة على الجميع دون معارضة أو مجادلة أو حوار أو أي شيء، الحاكم يبدأ بريئًا وديمقراطيًّا، ثم يتحول بفضل الحصار الذي يُفرض عليه في كواليس الحكم إلى نصف إله.

هذه الحالة المرضية التي تسود العالم العربي يجب أن نعيد النظر إليها بشكل موضوعي بمزيد من الحوار، بمزيد من فتح الأبواب، بمزيد من إطلاق الحريات وبإدارة حركة في المجتمع ككل.

وأنا بأقول الكلام ده الحقيقة مش تعميم مطلق، أنا لا أميل إلى التعميمات، ولكن أجد رغم هذه الصورة السوداوية -التي قد يراها بعض الناس سوداوية، وأنا أراها واقعية- رغم هذه الصورة هناك ما نسميه هو من ديمقراطية فيه دول فيها هوامش ديمقراطية..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ولذلك كثير من الدول -اسمح لي- العربية بتصر على أنها الآن الناس ينعمون في الحرية، والصحافة فيها ليس عليها قيود، والصحفيون يقولون ما يشاءون، وهناك تقارير كثيرة تتحدث عن حجم الحرية الهائل الذي تنعم فيه هذه الدول وما فيه الصحفيون.

صلاح الدين حافظ: يا سيدي.. وهناك تقارير أخرى تتحدث عن العكس، فأنا عاوز أقول إن الكل يتحدث عن الحرية، الكل يدعي الديمقراطية، الكل يتغنى بحرية الصحافة وحرية الإعلام، والكل يمارس عكس ذلك.

ودي التناقض عشان كده بأقول الظاهر فيه حاجة في الجينات غلط.

أحمد منصور: لكن هناك اتهامات -عفوًا- هناك اتهام من بعض المراقبين إلى أنكم أنتم معاشر الصحفيين تبالغون في ما يتعلق بالحرية ومفهوم الحرية ومفهوم حرية الصحافة وتطلقون له مفاهيم مطاطة وواسعة، هل يمكن أن تحدد لنا بدقة ماذا تقصدون بحرية الصحافة تحديدًا؟

[موجز الأخبار]

المقصود بتعبير حرية الصحافة في العالم العربي

صلاح الدين حافظ: يعني أنا هألخص أو هأركز الإجابة في ثلاث نقاط أساسية في مفهوم حرية الصحافة:

المبدأ الأول: هي حرية الرأي والتعبير ليس للصحفيين فقط، ولكن لجميع القوى السياسية والاجتماعية والفكرية الموجودة في المجتمع.

حرية الرأي والتعبير قيمة إنسانية، وحق من حقوق الإنسان، اللي نصت عليها جميع المواثيق الدينية السماوية والوضعية، آدي مبدأ أساسي.

المبدأ الثاني: هو حق الصحافة في الحصول على المعلومات ونشرها وتوزيعها بالطرق الشرعية، فيه أبسط من كده؟ حتى هذا الحق محرومين منه.

المبدأ الثالث: بقى اللي يكمل دول إننا دايما بنقول يا إخوان نقول للحكومات يعني الحكومات.. تتصور إنه المطالبة بحرية الصحافة من جانب الصحفيين تعني إن هذه ميزة للصحفيين على باقي فئات المجتمع.. هذا غير صحيح، وهذا يعني الحقيقة مغالطة شديدة جدًّا، ويراد بها تهيئة مناخ مناهض لحرية الصحافة في مجتمعنا، حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير بشكل عام ميزة للمجتمع، ميزة لكل الفئات، لأن الصحافة لا تعكس رأي الصحفيين، إنما تعكس الرأي العام اللي حاصل في المجتمع..

الصحفيون ليسوا هم وحدهم الذين يكتبون ويحررون الصحافة، ولكنْ المساهمون من الرأي العام كثيرون الذين يحررون الصحافة.

فهنا الثلاث مبادئ الأساسية دي هي تلخيص بسيط ومبسط جدًّا جدًّا لمفهوم حرية الصحافة التي نطالب بها الآن.

أحمد منصور: هل هناك إجماع بين الصحفيين العرب حول هذه الثلاث نقاط -تحديدًا- لمفهوم الحرية؟

صلاح الدين حافظ: أنا عاوز أقول حاجة ده معيار دولي، ليس فقط عند الصحفيين العرب، ولكن هذا جزء من المعيار أو المعيار الدولي المتعارف عليه في العالم كله أنه دي مبادئ أساسية في التعامل مع حرية الصحافة، بتضبطها بقى تقول لي طبعًا ما فيش حرية مطلقة وإلا أصبحت فوضى مطلقة، إنما مقابل إنه ما فيش حرية مطلقة وإلا أصبحت فوضى مطلقة، أيضًا يا أخي ما فيش سلطة مطلقة، وإلا أصبحت مفسدة مطلقة.

أحمد منصور: طيب ما هي الضمانات.. ما هي الضمانات في ظل هذا المفهوم التي تحفظ أيضًا على الناس أعراضهم وتحفظ على المجتمع ألا يحدث عملية انحراف في استخدام هذا الحق؟

صلاح الدين حافظ: دي آه قضية بقى إنه إساءة استخدام حرية الصحافة، دي قضية مهمة الحقيقة، كلما ضاق هامش الحريات، كلما اشتد التضييق على ممارسة حرية الصحافة، كلما زادت الخروق، بمعنى نأخذ مثلاً قضية المعلومات كنموذج مبسط، كلما تشددت الحكومات في عدم نشر المعلومات وعدم تمكين الصحافة من نشر المعلومات الحقيقية كلما ازدادت على المقابل الإشاعات صح؟ وبالتالي الأخبار الكاذبة يا أخي إنت حارب الأخبار الكاذبة، بإنك تعطي المعلومة الصادقة.

دي معادلة تكاد تكون بديهية عند كل الناس النهارده، متى تزداد الإشاعات والأخبار الكاذبة، فتنشرها -بقى- ما تسمى الصحف الصفراء أو صحف الإثارة أو صحف التهييج اللي إحنا ممكن نتكلم عليها بتفصيل أكثر، تزداد عندما تمارس الحكومات والسلطات المعنية القبضة الحديدية على المعلومات، على نشر المعلومات، على حق الصحافة في الحصول على المعلومات من مصادرها الرئيسية وعلى واجب الصحافة في نشر المعلومات كما يجب أن تكون سليمة وصحيحة ومدققة وموثقة.

أحمد منصور: لكن هناك عملية إتاحة فرصة للصحفيين الموالين للحكومات على وجه الخصوص للحصول على المعلومات التي يريدونها، ويستخدمونها بشكل خاص في مقالاتهم، مما يعطي مقالاتهم شيئًا متميزًا، أي أنهم يعطون أسرارًا وأشياء خاصة جدًّا إلى الناس حتى أصبح الناس يتابعون بعض الصحفيين، لأن لهم مصادرهم في المعلومات.

صلاح الدين حافظ: ما هي دي فكرة التحكم في المعلومات، ما هي دي مرتبطة بنظرة السلطة الحاكمة في أي مجتمع لدور الصحافة..

أحمد منصور [مقاطعًا]: دور توجيهي ودور يقوم على..

صلاح الدين حافظ [مستأنفًا]: الحشد، فكرة أن الصحافة والإعلام بشكل عام سلاح من أسلحة الحكم، سلاح من أسلحة الدعاية، أو سلاح من أسلحة الحشد، أو هو سلاح من أسلحة التنوير والتثقيف والتسلية أيضًا.. التسلية المفيدة، والإعلام والإخبار وتوجيه الرأي العام وقيادته، وفتح الموضوعات أمامه، وفتح أبواب الحوار، هنا التناقض بين نظريتين ولذلك بصراحة شديدة جميع نظم ما يسمى العالم الثالث بما فيها النظم العربية -يمكن أن تتناقش أو تتسامح في كل المجالات إلا في مجالين يجب أن تكون أو تصر السلطات على القبض عليهم بقبضة حديدية: سلاح الأمن بأجهزته المختلفة، الأمن والشرطة والمؤسسة العسكرية يعني بالمفهوم العام، وسلاح الإعلام، ومن لا يقتنع أو يرضخ أو يطيع بالإقناع عن طريق الإعلام يُقمع بالطريقة التانية.

دي بأعتقد إنه هذا العصر انتهى أو يجب أن يكون قد انتهى بمعنى أوضح.

أحمد منصور: انتهى في أماكن أخرى.

صلاح الدين حافظ: في أماكن كثيرة في العالم، ويجب أن يكون منتهيًا.

أحمد منصور: لكن ليس في الدول العربية.

صلاح الدين حافظ: حتى في الدول العربية الحقيقة -يا أستاذ أحمد- فيه..

أحمد منصور: انحسر في بعض الدول.

صلاح الدين حافظ: في بعض.. وفيه قدر عشان نكون برضو موضوعيين إلى حد ما المسألة نسبية، يمكن أنا زمان وأنا صغير وأنا شاب كنت أكثر رفضًا وتمردًا وكل الناس بتمر بالمرحلة دي، بحكم الخبرة.

أحمد منصور: لكن كلنا نتابع الآن -يا أستاذ صلاح- المعلومات يعني لا توجد دولة عربية الآن لا يوجد فيها استخدام هذين العنصرين بشكل واضح: في بعض الأشياء يكون مرتفع للغاية وحاد للغاية وفي مناطق أخرى موجود، ولكن موجود بنسبة ربما أقل من النسبة الأخرى.. هل هناك جهات تتبنى عملية التحريض ضد الصحافة والصحفيين داخل الأنظمة العربية تحديدًا؟

صلاح الدين حافظ: قطعًا.. قطعًا.. قطعاً فيه اتجاهات، يعني مش عاوز أقول جهات بمعنى هنا فيه جهاز، وهنا فيه السلطة، وفيه هنا وزير، لأ فيه اتجاه فكري وسياسي، وبيـبان أكتر كل ما كان فيه هامش من الحرية وهأضرب أمثلة: نماذج محددة.

يعني إحنا يجب أن نعترف أن هناك هوامش نسميها الهوامش الديمقراطية في الوطن العربي، تجارب مختلفة في المغرب، وفي مصر، في لبنان، في الأردن، في الكويت، في اليمن، فيه هوامش ديمقراطية موجودة، وفيه انفتاح ملحوظ في حرية الرأي والتعبير، إنما الضوابط الأساسية موجودة، ليه؟ لأن زي ما بقول بقى من جهات إنما اتجاهات سياسية وفكرية..

نموذج موجود: المغرب الدولة المعروف عنها التجربة الليبرالية والتعددية الحزبية والصحفية المنـتعشة تعاني أزمة الصحافة فيها.

أحمد منصور: أزمة كبيرة.

صلاح الدين حافظ: مصر الدولة ذات التاريخ في الصحافة من القرن 18 حتى الآن وذات التاريخ في تراث العمل الصحفي وفي حرية الصحافة وفي التنظيم النقابي وفي حرية الرأي والتعبير وفي وجود المؤسسات المدنية تعاني أزمة بين فترة وأخرى، طبعًا بلغت مداها في قضية حرية الصحافة بالتحديد بالصدام الشهير جدًّا بين الصحفيين وبين أجنحة متشددة داخل.. وده أنا بأقوله بقى اتجاهات متشددة داخل نظم الحكم في مصر في قانون 95، القانون الشهير سيئ السمعة اللي اسمه 3/3/95 وعبر ثلاثة عشر شهر من الكفاح الحقيقي والنضال الحقيقي والوقفة الحقيقة مش بس للصحفيين المتوحدين في نقابتهم، ولكن مسنودين بقوى ديمقراطية، فعلاً في المجتمع المصري وبمؤسساته وبأحزابه وبأفكاره وبمثقفيه قِدِر يغير هذا القانون إلى قانون أفضل قليلاً، إنما خطوة إلى الأمام.

لبنان نفسها التي نضرب بها المثل بأنها بلد الليبرالية في الوطن العربي، أيضًا الصحافة والإعلام تعاني فيها ما تعانيه.

أنا عاوز أقول إنه رغم إنه فيه هوامش ديمقراطية في الوطن العربي، في الدول اللي أنا ذكرتها بتبان فيها المشاكل وده جه صحي يـبان فيه إن فيه صدام بين الصحافة والسلطة، يـبان فيه إن فيه اتجاهات مختلفة بتـتناقض، إنما الخطورة..

أحمد منصور [مقاطعًا]: لكن ده يؤدي إلى استنزاف، وإلى عمليات اختراق تقوم بها الحكومات إلى النقابات.

صلاح الدين حافظ: أنا عاوز أقول حاجة.. أنا عاوز أكمل بس إن ده واضح في دول الهامش الديمقراطي، الخطورة في غير ذلك من الدول التي لا تسمع فيها عن مشكلة، ولا تسمع فيها عن أزمة؟ هل معنى ذلك أن ليس فيها أزمة هل معنى ذلك أن حرية الصحافة فيها جيدة؟

هل معنى ذلك أن الحريات العامة مكفولة ومصانة والحقوق مصانة، أبدًا، إنما معناه أن الصمت يحكم الموقف، فأنا أفضل -علشان كده قلت المسألة نسبية- أنا أفضل إن يكون فيه هامش من الحرية 1% أفضل مما يـبقى فيه صمت 100% وهامش 10% أفضل من 1% وهكذا.

أرجع إلى نقطة اختراق الحكومات، هل لديك ذرة من الشك أن جميع الحكومات تحاول اختراق النقابات والتنظيمات السياسية والنقابية والحزبية والمهنية؟ أرجو أن تزيل هذا الشك من تفكيرك إذا كان لديك شك، ليه؟ لأنه ده طبيعي جدًّا وبنجده واضح في مختلف الاتجاهات، يا سيدي الاختراق الحكومي يتم للمنظمات، وخصوصًا المنظمات الجماهيرية أو المنظمات المهنية والشعبية النشيطة ذات الدور، ليه؟ ليفرملها من الداخل، ليُجهض نشاطها وده..

أحمد منصور: ويستخدم عناصر من داخلها.

صلاح الدين حافظ: من داخلها، طب أُمَّال يخترقها إزاي يخترقها إزاي؟ يخترقها من خلال تجنيد العناصر ..

أحمد منصور[مقاطعًا]: وبالتالي فإن الصحفيين الذين يعملون لصالح الحكومات-فعلاً- يلعبون دورًا في تخريب النقابات من الداخل لصالح الحكومات ضد مصلحة النقابة.

صلاح الدين حافظ: ليس بالضرورة يلعبون دورًا لتخريب النقابات، ولكن يلعبون دورًا لصالح الحكومة، طالما أنه مرتبط بالحكم، طالما أنه ارتباطه بالشخص، شخص الحاكم أيًّا كان ملك، أمير، رئيس، مدير، طالما ارتباطه بشكل مباشر، وله مصالح مباشرة يبقى ولاؤه هيـبقى لهذا …… البتاع، أنا بأعتقد إن دي برضو ظواهر قليلة، إنما القاعدة العامة للعاملين بالصحافة والقاعدة العامة التي أراها أنا بشكل مباشر وخصوصًا في السنوات الأخيرة اللي حاصل فيها انفتاحات كبيرة، وبالتحديد في دول الهامش الديمقراطي -اللي ذكرتها- قاعدة تؤمن بأن للصحافة رسالة سامية، وأنه لكي أؤدي الرسالة السامية يجب أن أتمتع بقدر من الحريات.

الحريات المتعارف عليها دوليًّا، وطبقًا للمعايير الدولية -خدت بالك- ويجب أن تُصان بقوانين عادلة، وأنا أضع تحت كلمة قوانين عادلة دي 100 خط، لأن كل الدول تصدر قوانين، بالمناسبة إحنا عملنا دراسة في اتحاد الصحفيين العرب بالاشتراك مع المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس استمرت سنتين، الجهد بتاعها استمر سنتين متصلتين عن فكرة حرية الصحافة في الوطن العربي والتشريعات والقوانين التي تحكم الصحافة في الوطن العربي من قوانين العقوبات وقوانين الإجراءات الجنائية.

أحمد منصور: إسقاط عام وليس على دولة واحدة.

صلاح الدين حافظ: عملنا دراسة على 19 دولة، دراسة ميدانية موضوعية على 19 دولة، أولاً خد الاستنتاجات السريعة كده: جميع دساتير الوطن العربي والدول العربية من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق تنص على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، ثم تُسند هذه المادة الجميلة في الدستور إلى القوانين، فتأتي القوانين فتجهض المادة نصًّا وروحًا، المادة الدستورية نصًّا وروحًا، 17 دولة عربية التشريعات التي تتعامل والقوانين التي تتعامل مع الصحافة مغلظة ومتشددة ومشددة للعقوبات في قوانين الرأي والنشر، 17 دولة..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ولذلك هناك أكثر من عشرين صحفي عربي في السجون الآن حسب مركز حرية الإعلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هناك 7 صحفيين في السجون في سوريا، الكويت 5 صحفيين، الجزائر 3 صحفيين، مصر 3 صحفيين، تونس 2 من الصحفيين، هذا طبعًا خلاف عشرات أو مئات القضايا المرفوعة ضد صحفيين في دول مختلفة، حتى إن عدد ما رفع من قضايا في مصر تجاوز ثلاثمائة قضية ضد الصحفيين في خلال الفترة الماضية.

صلاح الدين حافظ: يا سيدي، قضية إنه فيه عشرين صحفي في الوطن العربي وفي الدول العربية الاثنين وعشرين دولة محبوسين ده عدد قليل جداً، ده أنا أشكرك عليه.

أحمد منصور: على حسب..

صلاح الدين حافظ: ده أنا أشكرك، أشكرك على هذه البشرى.

أحمد منصور: عندك أرقام أخرى؟

صلاح الدين حافظ: عندي، عندي..

أحمد منصور: يعني هل لدى اتحاد الصحفيين أرقام أخرى أدق مما أرويه؟

صلاح الدين حافظ: أنا أعتقد إنه أنا أعتقد، نفرق بين حاجتين: بين الصحفيين الذين يحبسوا أو يسجنوا بعد محاكمات دُول معروفين، يعني في مصر لما تقول 3 صحفيين زملاء مسجونين حتى الآن بعد حكم قضائي، في اليمن حصل، في المغرب حصل حكم بالسجن، وتدخل الملك لإسقاط حكم السجن، في مش عارف المشكلة.. ده كلام جميل، أنا يا سيدي جاهز الآن لأن أمثل أمام القاضي العادل، وقاضيَّ الطبيعي لكي أُحاكم في أي رأي أنشره، ما فيهاش حاجة، وده الطبيعي، إن رقابة القضاء العادل والنزيه هي الفيصل في الخلاف.

أحمد منصور: نعم.

صلاح الدين حافظ: في قضايا النشر والرأي، إنما غير الطبيعي هو أخذ الصحفي من بيته إلى اختفاء نهائي، غير طبيعي إن إحنا لا نعلم، ولا أحد يعلم بدقة شديدة.

أحمد منصور: وهذا يحدث في كثير من الدول، أو في بعض الدول؟

صلاح الدين حافظ: يحدث.. يحدث في بعض الدول العربية، الأخطر إنه الحبس أو القتل الجسدي مريح، إنما القتل المعنوي بعد التعذيب، أو القتل المعنوي بعد الفصل من الوظيفة أو التشريد من العمل هو ده الشائع في الوطن العربي.

أحمد منصور: اسمح لي آخذ بعض الصور مما يتعرض له الصحفيون في العالم العربي من عمليات قتل معنوي، وعمليات تعذيب وسجون، واختفاء وغيرها.

[فاصل إعلاني]

صور التعذيب والملاحقة التي يتعرض لها الصحفيون في الدول العربية

أحمد منصور: ما يتعرض له الصحفيون من صور للتعذيب والمحاصرة والملاحقة في الدول العربية.

صلاح الدين حافظ: يعني باختصار شديد، لأنه في غياب الضوابط اللي تحدثنا عنها من قبل اللي هي ضوابط العلاقة المركبة المعقدة بين الصحافة والسلطة في الوطن العربي، وفي غياب المفاهيم، عارف سيولة الأوضاع، يسهل على السلطات والجهات الإدارية والأجهزة الأمنية البطش بالصحفيين إذا أرادوا، وحينما يريدون، وفيه صور متعددة، فيه الصور القانونية لمطاردة الصحفيين، اللي هي إدخاله في قضية، كثرة أو تعمد الإكثار من إدخالك في قضايا..

أحمد منصور[مقاطعًا]: استنزاف طاقتك مباشرة.

صلاح الدين حافظ: استنزاف طاقتك، وفيه من هذا، مثل على سبيل المثال في مصر أسهل شيء طبقًا لأن قانون الصحافة سنة 96 أسهل شيء أن يلجأ الإنسان إلى المحكمة ليرفع قضية على الصحفي -خدت بالك- ويتهمه بقى بأي اتهامات بإن هو أساء ليه، إن هو شَهَّر بيه رغم إن الصحفيين أكثر ناس بيتعرضوا للتشهير بالمناسبة يعني مش هم بس اللي يشهروا بالناس، لا بيتعرضوا لتشهير شديد، أنا عاوز أقول دي مفهومة، وأسلوب حضاري -إذا جاز التعبير-، إنه القانون والقضاء هو الفيصل، فيه أساليب أخرى بقى هي أساليب البطش المباشر وغير المباشر، ابتداءً من الفصل من العمل، أو التجنيد، أو النقل من الصحافة إلى مهن أخرى، أو إلى وزارات أخرى.

أحمد منصور: لديَّ تقارير كثيرة بتتحدث عما يحدث للصحفيين في الدول العربية المختلفة بمثل هذه الأساليب، ويعتبر قتل معنوي شديد جدًّا للصحفي.

صلاح الدين حافظ: طبعًا أهو ده القتل المعنوي، أنا بالمناسبة نُقلت مرتين، يعني عوقبت مرتين.

أحمد منصور: يعني مشاغب برضو حضرتك؟

صلاح الدين حافظ: لا يعني مش مشاغب يعني نُقلت مرة للاستعلامات، ونُقلت مرة إلى وزارة الإسكان، ويمكن لو استمريت في وزارة الإسكان كان أفضل لي، أحصل على شقة على الأقل، ففيه أساليب كثيرة، وصولاً بقى للأسلوب.. لقمة الدراما اللي هي القتل والاغتيال كما شاهدنا الحالة المأساوية التي دارت في الجزائر على مدى خمس سنوات، في خمس سنوات فقط، أو ست سنوات، قُتل في الجزائر من 65 إلى 70 صحفيًّا جزائريًّا وكاتبًا مثقفًا.

أحمد منصور: اسمح لي، لديَّ مكالمة من الجزائر صار لها أكثر من نصف ساعة شيراك ميلود من الجزائر.

شيراك ميلود: ألو، مساء الخير يا أستاذ أحمد.

أحمد منصور: أيوه، تفضل يا سيدي، مساك الله بالخير، وأعتذر إليك عن التأخير.

شيراك ميلود: لقد تأخرت عليَّ كثيرًا يا أستاذ أحمد.

أحمد منصور: أعتذر إليك، تفضل يا سيدي.

شيراك ميلود: أحييك، وأحيي الأستاذ صلاح الدين حافظ.

أحمد منصور: حياك الله.

شيراك ميلود: في البداية لديَّ ملاحظة شكلية، هو أن الأستاذ صلاح حافظ ذكر ثلاثة أو أربعة، أو خمسة بلدان عربية، ربما تشهد تجربة إعلامية ناجحة، وللأسف لم يذكر التجربة التعددية الإعلامية الناجحة التي تخوضها الجزائر منذ أكثر من عشرية، وهي تجربة إعلامية يجب التنويه بها من الأستاذ صلاح الدين، وهذه التجربة -الحقيقة- كانت.. دفعنا فيها ثمنًا غاليًا، ومن بين الثمن الغالي الذي دفعه الشعب الجزائري في إطار تحقيق مشروع الديمقراطية الصحيحة والثابتة.

وأريد أن أقول أستاذ أحمد: بأن حرية التعبير وحرية الإعلام هي من مظاهر
-حقيقة- الديمقراطية، لا يمكن فصلها عن مبادئ الديمقراطية أو مميزات الديمقراطية التي لا زالت تنعدم في الكثير من البلدان العربية -مع الأسف- لأنه لا يمكن أن نتصور حرية الإعلام في إطار حكم شمولي، أو نظام متسلط إلى آخره.

أحمد منصور: نعم.

شيراك ميلود: وعليه فإن.. فإن ما ذكره الأستاذ صلاح الدين حافظ، يبدو قد أغفل شيئًا من الحقيقة عندما يقول أن في الوطن العربي أو في بعض بلدان الوطن العربي ليست هناك تجارب.. يعني تغيب فيها التجارب الإعلامية الناجحة، ولكن أريد أن أؤكد له بأن التجربة الإعلامية التعددية في الجزائر، وإن كانت لم تكتمل بعد فهي تجربة يمكن أن نشيد بها ويمكن أن تكون -يعني- مثالاً أو نموذجًا لجميع الدول العربية أو لزملائنا من الصحفيين في الدول العربية الذين يجاهدون من أجل أن يحققوا مبدأ حرية التعبير والإعلام في أوطانهم، وشكرًا.

أحمد منصور: شكرًا لك، هند عمرو من الإمارات.

هند عمرو: مساء الخير.

أحمد منصور: مساكي الله بالخير يا سيدتي.

هند عمرو: شكرًا لحواركم حول حرية الصحافة، بودي الحقيقة، إنتم تكلمتم عن الصحفيين المسجونين والصحفيين المقتولين، لكن بودي أيضًا أن أضيف الصحفيين المضطهدين أيضًا أستاذ صلاح الدين.

أحمد منصور: ماذا تقصدين بالاضطهاد؟

هند عمرو: التضييق على بعض الإعلاميين بحيث لا يقومون بأعمالهم كما يجب، يعني هي من أبسط الأمور، ويطول الشرح في هذا الإطار، أريد الحقيقة أن أستشير الأستاذ صلاح الدين حافظ في مسألة: بين وقت وآخر يُدهشنا بعض المسؤولين بقولهم بإنه سقف الحرية رُفع، ولدينا سقف أعلى من الحرية، ويتحدون الصحفيين والإعلاميين باستغلال هذا العلو في السقف، لكن نُفاجأ على الجانب الآخر بأنه إخواننا الإعلاميين والصحفيين انقسموا إلى فريقين: فريق -اسمحوا لي أن أطلق هذه الصفة عليهم- وهم الصحفيين الملاكي كما تقولون في مصر، وهناك الصحفيين الموظفين على الجانب الآخر، الملاكي من يحملون أقلام (الباركر) المذهبة والمرصعة بالألماس، ويدخنون السيجار، والحقيقة يعني مليونيرات الصحافة وأنا -يعني- أحسدهم على ذلك فعلاً.

أما الموظفين فأبسط الأمور إنهم.. يعني أنا دائمًا عندي تعبير شائع وأردده أمام الزملاء في أماكن كثيرة أقول: حللوا رواتبكم يا زملاء، يعني لو هنسوِّد صفحات المجلات والصحف بالكلام عن الموضة وعن يعني ما نقرأه في الصحافة العربية عادة وأخبار البرستيج والرفاهية والقضايا هذه ونتغافل عن القضايا الأساسية والحيوية لمجرد أننا نقوم بأداء وظيفة ومهمة ليس إلا، مثل الكتبة في أي وزارة، في أي دائرة حكومية، إذن يعني هناك مجالات عمل أخرى كثيرة، بإعتقادي الاتحاد العام للصحفيين العرب، يعني ما بده أقول من واجباته، أعتقد من مهامه توجيه الجسم الصحفي العربي إلى أساسيات في هذه المهنة تغيب عن الكثير من الزملاء الحقيقة.

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي.. يعني لو طلبت منك يا هند في ختام مداخلتك أن -يعني- تحددي موجز لهذه المداخلة الجيدة.

هند عمرو: نعم، المشكلة بصراحة إنه إحنا الصحفيين والإعلاميين العيب فينا أولاً، أنا أقول ذلك، وأتحمل مسؤولية كلامي.. نحن من حوَّل الصحافة إلى وظيفة عادية وأقل من عادية؟ هذا ما أريد توضيحه.

أحمد منصور: يعني الآن أنتِ تشاركين بأن مستوى الصحفيين العاملين الآن أيضًا من الناحية المهنية أقل كثيرًا مما ينبغي أن يكون؟

هند عمرو: نعم، نعم، وللأسف، ولذلك نحن ليس لدينا صحافة حقيقية في الوطن العربي ، وأنا أقولها وليغضب مني من يشاء، شكرًا جزيلاً إلكم.

أحمد منصور: شكرًا لك يا هند، شكرًا لك، جمال طه من السعودية.

جمال طه: آلو، مساء الخير يا أستاذ أحمد.

أحمد منصور: تفضل يا سيدي، مساك الله بالخير.

جمال طه: إزي صحتك يا سيدي.

أحمد منصور: الحمد لله، تفضل.

جمال طه: تحياتي لأستاذنا الأستاذ صلاح ضيفك الكريم.

صلاح الدين حافظ: شكرًا.

جمال طه: لو أذنت لي يا أستاذ أحمد، والكلام لأستاذنا الأستاذ صلاح، إحنا بنـتكلم بالنسبة للصحافة، وكثر الكلام في الديمقراطية والحرية والرأي والرأي الآخر، أنا يعني يمكن مداخلتي، وبأعتبرها مداخلة متواضعة وبأكلمك من السعودية من الطايف، هأبدأ كلامي أو مداخلتي بعبارة بسيطة جدًّا وهي "من لا يملك قوته لا يملك قراره" دي نمرة واحد، لو جينا بالنسبة للصحف بحسب تقسيمها السائد هذه الأيام، بنقول: صحف حكومية، صحف معارضة، انتقلنا لصحف معارضة مستأنسة، ظهرت كلمة صحف صفراء، ظهرت صحف ما يقال صحف الإثارة أو الصحف الجنسية، أنا بأضم صوتي للأخت هند اللي كانت بتـتكلم قبلي في كلمة إن إحنا ما عندناش صحافة ولا صحف عربية، أنا عايز أسأل سؤال..

أحمد منصور [مقاطعًا]: أما ترى أنها نظرة متشائمة كثيرًا؟

جمال طه: والله أنا هأكلمك من واقع خبرتي، ومن واقع تجاربي، ومن واقع بعض علاقاتي، وبعض كتاباتي المتواضعة كانت في فترة من الفترات في الصحف، وأنا بأكلمك أنت كإعلامي وكصحفي قبل أن تكون إعلامي، ماشي يا أستاذ أحمد؟

أحمد منصور [مقاطعًا]: طيب أنا بس حتى توجز، حتى توجز مداخلتك في نقاط محدودة.

جمال طه: معلش، إديني الفرصة.

أحمد منصور: ما هو أنا أعطيك الفرصة، أعطيك الفرصة أن تعبر عن رأيك في دقيقتين أو ثلاث دقائق.

جمال طه: معلهش رجاءً، أنا باتصل أنت عامل هذا البرنامج لا لشخصك، ولا لشخص ضيفك، ده أنت عامله للعرب كلهم.

أحمد منصور: صحيح، وللمشاركين لأن هناك آخرين أيضًا يريدون المشاركة، تفضل.

جمال طه: وللمشاركين، مشاهدين، ومن تسعدهم الفرصة للاتصال بك.

أحمد منصور: تفضل.

جمال طه: لو قلنا كلمة صحف حكومية، المتأمل والمراقب ليها يتصور، أو يظهر له لأول وهلة إن الصحف حكومية وكأن الحكومة ليست من الشعب، دي فئة، والشعب ده فئة تانية، لو جينا لكلمة صحف صفراء، ودي اللي أنا عاوز أركز عليها صحف صفراء يا أستاذ صلاح -والكلام للأستاذ أحمد منصور- هذه الصحف عشان نقول صحف صفراء وإديناها هذا الاسم، وهذا اللقب، وهذا التشبيه اللي يعمل فيها بيعمل تحت اسم صحفي، وينـتمي لنقابة الصحفيين.

أحمد منصور[مقاطعًا]: ليس بالضرورة لأن هناك أعداد هائلة ممن يعملون بالصحافة، لا ينتمون إلى النقابة، وهذه قضية أيضًا سوف نناقشها.

جمال طه: ما هي دي النقطة اللي كنت عاوز أتكلم فيها مع سعادتك، ومع الأستاذ صلاح.

أحمد منصور: نعم.

جمال طه: القارئ العادي أول ما بيقرأ.. بيقرأ العمود أو المقال، بيقرأه تحت اسم صحفي، لا يدري إذا كان هذا الصحفي نقابي متخصص، أو غير نقابي، أو غير متخصص، مؤهل أو غير مؤهل، ولاَّ إيه يا أستاذ صلاح؟

أحمد منصور: إضافة إلى معلوماتك يا أستاذ جمال، هناك صحف تصدر في بعض الدول العربية بتصريح من دول أخرى خارجية، وهذه الصحف بكل ما تحويه من معلومات ومن أشياء، ومعظمها هي هذه الصحف، صحف الإثارة والصحف الصفراء.

جمال طه: ماشي، وبالتالي بتخضع للرقابة في الدول اللي بتوزع فيها.

أحمد منصور: وهذه نقطة مهمة، اسمح لي نسمع تعليق الأستاذ صلاح عليها، تفضل يا أستاذ صلاح.

صلاح الدين حافظ: يعني اسمح لي الأول أنا هأخد ملاحظات سريعة من الثلاث مداخلات.

أحمد منصور: مداخلة الجزائر هامة أيضًا.

صلاح الدين حافظ: مداخلة الجزائر آه، يعني الحقيقة الأخ ميلود في الجزائر له حق، بالطبع التجربة الجزائرية لها خصوصيتها، ولها ظروفها أيضًا، ولها ضغوطها، ولها تضحياتها، وأنا لم أضع الجزائر في دول الهامش الديمقراطي اللي ذكرتها، ليس تعسفًا، ولكن لأن الجزائر مرت بظروف استثنائية، بل بالغة الاستثنائية، وظروف وصلت بيها إلى ما يشبه الحرب الأهلية، وظروف قتل فيها الناس في بيوتهم، وفي مخادعهم، وفي شوارعهم وفي.. وظروف أدت إلى أكثر من 100 ألف قتيل، وظروف أدت إلى من بين هؤلاء 65 إلى 70 صحفي وكاتب، وهذه قضية ذكرتها قبل مداخلة الأخ ميلود، إنما حالة الاستقرار، أو شبه الاستقرار التي تمر بها الجزائر الآن تبشر بأنه يتحول الأمر الواقع إلى نوع من أنواع الاستقرار تزدهر فيه هذه التجربة التعددية التي نقدرها ونحترمها باستمرار في الجزائر.

تعليق سريع على مداخلة الأخت هند عمرو من الإمارات، وهي تحدثت طويلاً عن السقف الأعلى للحرية والصحفيين المضطهدين، وده الكلام اللي إحنا بنقوله يعني، فيه اتفاق عليه، إنما قضية المستوى المهني للصحفيين قضية مهمة جدًّا.

أحمد منصور: يعني فعلاً هناك انحدار في المستوى وفي الأساليب وفي أشياء كثيرة جدًّا بالنسبة للصحفيين؟

صلاح الدين حافظ: فيه أشياء، همَّ الصحفيين زي ما أنا بقول إنه ليسوا ملائكة مطهرين، ولا، لا كلهم ملائكة مطهرين، ولا كلهم شياطين مردة، ولكن إحنا فئة من هذا المجتمع واتربينا فيه، كل صحفي اتربى في مجتمعه، في أسرته الصغيرة، في أسرته الكبيرة وفي العائلة، في القبيلة، في المجتمع، فإحنا من هذا المجتمع، وفينا الصالح والطالح وفينا الكويس والوحش، إنما أنا مازلت بأقول إن الجسم الحقيقي للصحفيين في معظم الحالات العربية هو جسم سليم، الاستثناء باستمرار هو الانحراف.

أحمد منصور: لكن نسبة عالية من الاستثناءات.

صلاح الدين حافظ: نسبة موجودة ما قدرش أقول يعني إنها عالية..

أحمد منصور [مقاطعًا]: وليست بسيطة يا أستاذ صلاح، سواء كان هؤلاء، يعني الصحفيون الذين يدبِّجون، أو الذين يعملون في ظل الحكومات، أو الصحفيين الآخرين الذين يعملون في ظل المنافع الخاصة.

صلاح الدين حافظ: يا سيدي، لأن الصحافة مهنة براقة، فتبقى العيون مسلطة عليها، بمعنى إنه فيه مجالات ومهن أخرى كثيرة جدًّا، الطب، الهندسة، التعليم، مختلف المهن، فيها انحرافات أعلى بكثير، لكن لا أحد يراها، إنما المهن اللي لها طابع براق لامع إعلامي، في الصورة دايمًا مقالاته منشورة، أو اسمه منشور، أو صورته بتطلع على الشاشة، هو ده المثالب تبان فيه في هذه المهنة أكثر من غيرها، والضوء يركز عليها أكثر من غيرها، وهذا إنساني وطبيعي ومقبول، ولذلك يجب أن يكون الصحفيون والإعلاميون هم أكثر حرصًا على الاستقامة.

أحمد منصور: أيضًا هناك نقطة هامة جدًّا، هو أن مجال عمل هؤلاء لا يتصل بهم كأفراد مثل مهن كثيرة زي ما يتصل بالمجتمع بشكل عام.

صلاح الدين حافظ: آه جميع فئات المجتمع، بيشوف ابتداء من اللص الذي يسرق المسكن، إلى المجرم الذي يقتل، إلى رجل الأعمال الذي يهبُر مليار جنيه ويهرب، فبيشوف جميع الأشكال، أنا عاوز أقول -الحقيقة- في التوجيه للمستوى المهني للصحفيين، دي رسالة أساسية من رسائل اتحاد الصحفيين العرب، نعود إلى الاتحاد.

أحمد منصور: ما أنجزتم فيها شيئًا كثيراً.

صلاح الدين حافظ: بالعكس، أنت أحيانًا تصدر الأحكام.

أحمد منصور: بناءً على أني صحفي أيضًا وأتابع.

صلاح الدين حافظ: أنت صحفي تعديت مرحلة التكوين، لا تحتاج إلى تكوين، ولكن اسألني سؤال طب عملتوا إيه، بدل ما تقول لي لم تنجزوا، قول لي أنجزتم إيه، هأقول لك في خلال ثلاث سنوات.

أحمد منصور: عام 96 تقصد، 97

صلاح الدين حافظ: 96 انصرفت معظمها في إعادة بناء الاتحاد من جديد، ودي قصة طويلة عريضة، إنما من 97 إلى الآن، عقدنا 15 دورة تدريبية وورشة عمل للصحفيين الشبان.

أحمد منصور: في الدول العربية المختلفة.

صلاح الدين حافظ: من الدول العربية المختلفة بما فيها صحفيون من الدول التي ليس بها نقابات وهذه نقطة أحرص عليها دائمًا، حضرها 350 صحفي شاب.

أحمد منصور: عربي؟

صلاح الدين حافظ: عربي طبعًا.

أحمد منصور: من الذي يرشح هؤلاء؟

صلاح الدين حافظ: فيه نوعين من الترشيح، الدول اللي فيها نقابات تطلب منهم، نضع معايير الأول: أنا عاوز صحفي تحت الثلاثين سنة، في بعض الدورات، وتحت 25 سنة، في بعض الدورات الأخرى، المستوى التعليمي كذا، خبرته لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن عشر سنوات، لأنني عاوز فئة معينة، فئة عمرية، التي أستطيع أن أؤثر فيها بالتطوير والتثقيف والتدريب والتعليم.

أحمد منصور: التدريب بيتم في الأهرام طبعًا.

صلاح الدين حافظ: لا مش في الأهرام، التدريب يتم في اتحاد الصحفيين العرب، في مقر اتحاد الصحفيين العرب.

أحمد منصور: فين مجال العمل التطبيقي؟

صلاح الدين حافظ: مجال العمل التطبيقي يتم في الصحف المختلفة، وليست كل الدورات عقدت في القاهرة، عقدنا دورة في المغرب، عقدنا دورة في لبنان، عقدنا.. يعني بنوزع بس معظمها بالفعل في القاهرة، لأنه لدينا الإمكانيات الحديثة الآن، لدينا معمل للتدريب على اللغات الأجنبية، لدينا مركز تدريب على الكمبيوتر.

أحمد منصور: تابع للاتحاد؟

صلاح الدين حافظ: هو بتاع الاتحاد، مركز تدريب على الكمبيوتر، بنؤسس أو بنعيد تأسيس ما يسمى المعهد القومي لتدريب الصحفيين، إنما 350 صحفي شاب دخلوا دورات تبدأ من اللغات، إلى الدراسات المتخصصة: الاقتصاد، السياسة البترول، وفيه كتاب عاملينه عن ندوة عملناها عن البترول، احتمال التركيز الأكبر بيبقى على New Technology الثورة الجديدة في مجال المعلومات والإعلام والاتصال، التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت إزاي تستفيد؟ إزاي تخش على الإنترنت؟ ولما بتخش على الإنترنت بتقصد إيه؟ عاوز تروح فين؟ عايز تلعب Games أم عاوز تتفرج على مواقع التسلية والترفيه إياها، أو توصل لمعلومات محددة، فأنا بأعتقد إن اتحاد الصحفيين العرب هنا أنجز إنجاز غير مرئي، ولكنه معروف، وبالتحديد للصحفيين الشبان، من أخطر الدورات اللي عملناها فيه، هي الدورتين عن ترسيخ مفهوم حرية الرأي والتعبير وحدود الرأي والنقد والاختلاف عن حدود القذف عند الصحفيين.

أحمد منصور: لأن أيضًا.. كأن هناك شعرة تفرق ما بين القذف والسب الذي يقوم به بعض الصحفيين.

صلاح الدين حافظ: طبعًا.

أحمد منصور: الذين يعملون في بعض الصحف، وعمليات التشهير التي يقومون بها، وما بين إبداء الرأي والحديث بحرية عن قضية معينة، أو عن شخص معين طالما أنه شخصية عامة.

صلاح الدين حافظ: بالظبط كده، هناك شعرة رقيقة جدًّا ودقيقة، ولا تُرى بالعين المجردة.

أحمد منصور: يعني هي بس تدخل في عملية الحس الصحفي والمهني في المعالجة والتناول؟

صلاح الدين حافظ: والتثقيف، والثقافة المهنية عند الصحفيين، ما هو الفرق بين كاتب وكاتب؟

أحمد منصور: ما هو الفرق؟

صلاح الدين حافظ: الفرق بين كاتب قرأ وتعلم وتـثقف، فدرس ضمن ما درس قوانين القذف والسب، يستطيع أن يتفادى، أن ينقد بحدة وبشدة، ولكنه يستطيع أن يتفادى الوقوع في مصيدة القذف والسب، وكاتب آخر لم يقرأ ولم يدرس ولم يكلف خاطره بقراءة ميسرة وبسيطة في التشريعات وفي العلوم القانونية فيقع بسهولة شديدة في القذف والسبب عند أول مقال يكتبه، وهنا يمسك من رقبته لأن القضاء…

إشكالية الصحافة الصفراء المستشرية في العالم العربي وسبل مواجهتها

أحمد منصور [مقاطعًا]: لكن هناك فيه منهج تقوم به ما تسمى بالصحف الصفراء كلها قائمة تقريبًا على هذا الأمر، ومعظم من يكتبون فيها يتبنون هذه الأمور، حتى هناك المانشيتات التي تغلف هذه الصحف، يعجب الإنسان أنها تصدر في دولة عربية وبهذه العناوين وبهذه الأشياء التي تتناول أعراض الناس بشكل بارز.

صلاح الدين حافظ: صحيح، ده يشدنا للكلام اللي قاله الأخ جمال اللي تحدث من السعودية وواضح طبعًا أنه مصري، قضية الصحافة الصفراء، بس هنا أنا عاوز أصحح له حاجة، بيقول: الصحافة الصفراء التي أطلقنا نحن عليها كلمة الصفراء، لسنا نحن اللي أطلقنا، إحنا ترجمناها واستعرناها من التراث الإنجليزي بالمناسبة والتراث الأميركي، لكن تعبير الصحافة الصفراء ليس تعبير عن صحافة الإثارة، الصحافة التي تعتمد على الإثارة بتعتمد على محاور مختلفة: الجنس، الجريمة خذت بالك؟ الإشاعة، وده بقى يُدخلها في الدين أحيانًا باعتباره من دائرة المحظورات الحديث فيه أو في السياسة باعتبارها محظور جديد أضيف إلى المحظورات التي تفرض على..

لا نستطيع، ولا يستطيع صحفي نظيف ومهني شريف أن يتفق مع الصحافة الصفراء فيما تنشره أو تكتبه أو تمارسه.

أحمد منصور: لكن من يقف وراء هذه الصحف ووراء وجودها ووراء المجموعات والصحفيين الذي يعملون بها لاسيما وأن معظمهم ليسوا أعضاء في النقابة؟

صلاح الدين حافظ: تكاد تكون نسبة 99% في حالة زي حالة الأخ جمال طه بيتكلم عن حالة مصر، تكاد تكون نسبة 99% من الصحفيين الذين يعملون فيما يسمى الصحف الصفراء ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين، وأعتقد أن الفترة الأخيرة حدثت شكاوى كثيرة جدًّا بعد ارتفاع صوت ما تسمى هذه الصحافة الصفراء فبدأت نقابة الصحفيين، أنا أعلم حالات محددة تقدمت نقابة الصحفيين بصفتها وباسم نقيبها إبراهيم نافع ببلاغات إلى النائب العام، مش تشكو الحكومة أو تشكو صلاح أو تشكو أحمد منصور، لا.. تشكو هذه الصحف التي تسمى صحافة صفراء لسببـين: السبب الأول: أن الذين يعملون فيها يخالفون القانون لأنهم ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين.

السبب الثاني: أنها تؤدي إلى بلبلة الرأي العام في نظرته للصحافة، هي ده الصحافة؟ هي ده الصحافة اللي تنشر فضائح جنسية؟ لا.. مش دي الصحافة وأنا باطمئن الأخ جمال طه.

إن الصحافة الصفراء في جميع المجتمعات الديمقراطية وشبه الديمقراطية علشان ما نقولش: إحنا حالة استثنائية، الصحافة الصفراء موجودة في جميع المجتمعات المفتوحة، ولكن المعيار إيه؟ المعيار هل هي الصحافة السائدة أو هل هي الهوامش الضعيفة التي يقرأها القارئ لمرة واحدة..؟

أحمد منصور [مقاطعًا]: لكن يُقبل عليها يا أستاذ صلاح؟

صلاح الدين حافظ: يقبل عليها لأنها صحافة النميمة.

أحمد منصور: وتطبع، يعني بعضها يتجاوز المائة ألف نسخة في الوقت الذي توجد فيه.

صلاح الدين حافظ: فين؟

أحمد منصور: في مصر.

صلاح الدين حافظ: في مصر؟ لا.. معلهش اسمح لي.

أحمد منصور [مقاطعًا]: بعضها يتجاوز هذا بل يفخر.. وأنا قابلت بعض رؤساء تحرير هذه الصحف يتحدثون عن أعداد هائلة، يتحدثون.. يتحدثون بطباعتها، وهناك إعلانات أيضًا لدى بعضها تنم عن عملية توزيع.

صلاح الدين حافظ: يتحدثون، ولكن الحقيقة مختلفة، أنا أتحدى لو كانت صحيفة من هذه الصحف..

أحمد منصور[مقاطعًا]: يعني لديكم مخطط الآن لعملية حصار لهذه الصحف ومحاولة لتقليص وجودها وكذلك حصار لمن يسموا بصحفيين وهم في طبيعة عملهم ليسوا بصحفيين؟

صلاح الدين حافظ: دي قضية، فيه قضيتان: فيه قضية نقابية بحتة اللي هي خاصة بالصحفيين الذين ليسوا صحفيين ويدعون ويمارسون، وده أنا زي ما قلت لك إني أنا مثلاً أعلم حالات نقابة الصحفيين تقدمت ببلاغات للنائب العام، والنائب العام قبض على بعضهم، وقضية الأخ اللي عمل نقابة، وعمل نفسه نقيب شهيرة وحُكم عليه بالسجن.

أحمد منصور: صحيح.

صلاح الدين حافظ: فهنا فيه إجراء.

أحمد منصور: معنى ذلك أن فيه أعداد هائلة أيضًا، وهنا برضو هأسألك عن استبداد النقابات أحيانًا في عدم قبول كثير من الصحفيين الذين يمارسون المهنة بجدية، ولهم حضور بارز فيها وأداء بارز فيها، ومع ذلك ترفض النقابات انضمامهم إلا من خلال الصحف، وصحف -كذلك- بها عشرات من الصحفيين يعملون وترفض تسجيلهم فيها، أُشرك بعض المشاهدين لأنهم يضغطون عليَّ بشدة، الأستاذ داود الشريان من السعودية مدير مكتب "الحياة" في السعودية، تفضل.

داود الشريان: مساء الخير.

أحمد منصور: مساك الله بالخير يا أستاذ داود.

داود الشريان: في البداية أرحب بضيفنا الأستاذ صلاح حافظ.

صلاح الدين حافظ: شكرًا أستاذ داود.

داود الشريان: وأشكرك يا أستاذ أحمد على اختيار هذا الموضوع، لأن حرية الصحافة من أكبر عيوبنا في العالم العربي بالفعل، ولذا يجب أن تكون من أكبر همومنا، خاصة أنه نسير إحنا في اتجاه معاكس في مسيرة الحرية في بلاد العالم، وربما هي في أفضل الحالات أنها تراوح مكانها الآن، وأرجو أن تسمح لي بمداخلة صغيرة.

أحمد منصور: اتفضل.

داود الشريان: بعد ثلاثة أيام من توليه السلطة منع (لينين) صحف المعارضة، وقال تعليقًا على هذا القرار كلمة مشهورة: لماذا تسمح حكومة من الحكومات أن تعرض نفسها للانتقاد إذا كانت تعتقد أنها تتصرف بطريقة سليمة؟

ويضيف: أن أي حكومة من الحكومات يجب ألا تسمح للمعارضة باستخدام الأسلحة الفتاكة، والأفكار أشد فتكًا وخطورة من المدافع، في رأيي أن ها الكلمة هذه هي لسان حال الحكومات العربية التي تعيش أوضاع تتنافى مع الديمقراطية، وبالتالي تخاف من الكلمة، وتتعامل مع الصحفيين والكتاب كأنهم يحملون أسلحة فتاكة بالفعل، وهذه الكلمة تلخص في شكل دقيق واقع صحافتنا في العالم العربي، التي أصبحت ليست مجرد وسيلة للدعاية للحكومات، بل وسيلة لممارسة التوجيه والوصاية على الناس.

والأخطر أن دور الوصاية هذا أفضى إلى قضية خطيرة جدًّا، وهي أنه شكَّل القيم الإخبارية في الصحافة العربية التي تعتبر حجر الزاوية في العمل الصحفي، فأصبحت الأخبار تكتب انطلاقًا من مفهوم أن الصحافة جزء لا يتجزأ من نظام الاتصال الحكومي، والخبر فيها هو ما ترضى عنه الحكومة أو هو ما يرضيها، فضلاً عن أن الأخبار يجب أن تنقل الإيجابي وتتجنب كل المواضيع التي تظهر الجوانب السلبية، وتكتب بطريقة مشبعة بالآراء وإطراء الحكومة، كما أن الأخبار أصبحت وسيلة لتلقين المواطنين رأي المسؤولين في كل شاردة وواردة، وأصبحت الصحف مكرسة لخدمة بضعة أفراد في الحكومة على حساب ملايين الناس الذين تم تهميشهم، من منطلق أن تلميع رجال الحكومة يدعم هيبتها ويكرس شرعيتها إلى ما هنالك من كلام الذي ثبت أنه غير صحيح.

هذا الجو أوجد نمط من الصحافة الوطنية -بين قوسين- ملزمة بالوقوف مع تصرفات السياسيين وتقديم دعمها غير المشروط بكل ما تقوم به الحكومة، وعلى طريقة الفهم الظاهري للحديث الشريف "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" هذه الصحافة لا تفرق بين مفهوم الوطن والحكومة أو بين الدولة والحكومة، فالحكومة في نظرها هي الوطن، والوقوف مع الدولة يعني تأييد كل تصرفات رجال الحكومة، هذا النمط من الصحافة جعل الحكومات تستفز من الصحفيين اللي يكتبون تعبير عن ذواتهم، ويسخرون نصوصهم لآراء الناس.

ختامًا أقول: أن هناك صحفًا لا ينطبق عليها بالتأكيد هذا الكلام، لكنها الاستثناء الذي يثبت القاعدة، ومما يزيد شعوري وشعور الآخرين بالإحباط أن غياب مفهوم الحرية، في غياب مفهوم الحرية أن تجربة الصحافة العربية ليس فيها تراكم، ولو قرأ الإنسان تجربة كل بلد عربي لوجد أن الخط البياني لحرية التعبير يسير صعودًا وهبوطًا، وأن ما يعتبر ممكن هذه السنة يصبح محرما في سنوات أخرى، بما يعني أن الحرية لا زالت مثل الإعانات الحكومية تُصرف بقرار، وتحجب بقرار وهذه في رأيي ليست حرية، لأن حرية الصحافة لا تتم بقرار، فضلاً عن أن استقلال الصحافة شرط أساسي لحريتها.

أحمد منصور: شكرًا جزيلاً يا أستاذ داود.. عائشة عادت إلينا من المغرب.

عائشة رمادا: ألو أستاذ أحمد مساء الخير.

أحمد منصور: مساك الله بالخير.

عائشة رمادا: أنا قلت لك: عائشة رمادا، رمادا ده اسم استعاري يعني استعرته، أفضل أظهر بعائشة لأن عائشة رمادا في المغرب معناها السندريلا.

أحمد منصور: اتفضلي يا عائشة.

عائشة رمادا: أنا نفسي أعرف أولاً: سندريلا في قطر بيسموها إيه؟

أحمد منصور: لا.. قولي لنا مداخلتك في موضوعنا يا عائشة.

عائشة رمادا: مداخلتي أن كل الكلام ده صحيح اللي قاله قبلي الأستاذ الذي من السعودية.

أحمد منصور: داود.

عائشة رمادا: أستاذ داود، لكن للأسف ما فيش حل فيه، يعني الناس كلها عارفة مداراة الحقائق أو الضرب من تحت الحزام أو تجريح الناس أو فضيحتهم أو الكذب عليهم، أو أي نوع من أنواع القمع وأنواع الاضطهاد سواء للصحفيين، أو لغير الصحفيين المفروض ها الدول لاقية حل للحاجات دي، وأنا بأتكلم باللهجة المصرية اعتبارًا للأستاذ اللي حاضر مع حضرتك.

أحمد منصور: شكرًا لكِ، الأستاذ داود يعني أعطي موجز فعلاً واقعي وانعكاس لحال الصحافة والصحفيين وتعاملهم مع الأنظمة، بناء على الظروف التي تفرضها طبيعة ما يحدث في العالم العربي من علاقة بين الصحفيين والحكومات.

صلاح الدين حافظ: يعني أولاً: طبعًا أنا متفق مع الأخ الأستاذ داود الشريان فيما قاله، لأنه وأنا أعتقد قلت المعاني دي قبل كدة بشكل مباشر، وبأعتقد أن دي أفكار وآراء أساسية نتفق عليها، لكن أنا سعيد أن الأخ داود الشريان بيتكلم من السعودية، وبيقول هذه الآراء.

أحمد منصور: وهو يكتب في "الحياة" يومياً بشكل بارز.

صلاح الدين حافظ: وبأتمنى بالفعل أن هذا التيار المتحرر يزدهر في الوطن العربي كله، ما فيش شك نرجع ونقول نفس الكلام مرة ثانية: العلاقة المعقدة المركبة بين الصحافة والحكومات في الوطن العربي وفي العالم الثالث بشكل عام، هي دي اللي تفرض الوصاية على الصحفيين، هي دي اللي..

أحمد منصور[مقاطعًا]: هل يمكن أن نحدد لها يا أستاذ صلاح أسباب واضحة لهذا التأزم الدائم بين الصحفيين والحكومات، لاسيما الصحفيين المستقلين الذين يعبرون عن ضمير الناس وعن ضمير المجتمع العربي أو ضمير الشارع؟

صلاح الدين حافظ: هو صراع طبيعي وصراع موجود منذ القدم، صراع بين أفكار مختلفة وبين أنماط مختلفة، الحكومات المستبدة تريد السيطرة والهيمنة المطلقة، والاستبداد الكامل، وممارسة إنه الجميع يجب أن يخضع لرأيها ولسياستها ولتوجهاتها، الصحافة أيضًا -تحت خطين- الصحافة المستقلة والنزيهة والشريفة تريد رأياً آخر وهو تنوير المجتمع وإنه المساهمة والمشاركة، فكرة المشاركة وفكرة التعددية، تعددية الآراء والأفكار والاتجاهات السياسية المختلفة والاتجاهات الفكرية، ده صراع بين قوتين بيتصارعوا على شيء أساسي، إيه هو الشيء الأساسي؟

الوصول إلى الرأي العام، الوصول إلى الشعب، الصحافة تريد الوصول إلى الرأي العام عبر تنويره بحقوقه وواجباته وإبلاغه وإعلامه والترفيه عنه والتسلية وتـثقيفه باستمرار، والحكومات تريد العكس، تريد الوصول أو السيطرة على الرأي العام أي على الشعب بأساليبها ووسائلها المختلفة، هنا الصراع واضح وصريح، ولذلك لما بنقول إن العلاقة مركبة ومعقدة، بتظل تزداد تأزمًا كلما كانت الحكومات أكثر استبدادًا، وكلما كانت المجتمعات -أيضًا- أكثر تخلفًا تزدهر أو تتحسن هذه العلاقة كلما كانت الحكومات أكثر تسامحًا وتساهلا وتفهمًا لقضية الديمقراطية، وكلما كانت المجتمعات أكثر تقدمًا واستنارة وتـثقيفًا.

أحمد منصور: هناك ظاهرة خطيرة الآن بدأت تنتشر في جسد الصحفي العربي، وهي ظاهرة التطبيع مع إسرائيل، وأن يكون هناك صحفيون عرب في مؤسسات صحفية عربية وفي صحف عربية يروجون لإسرائيل بشكل بارز، ما موقف اتحاد الصحفيين العرب والنقابات من هؤلاء مع استمرار وعلو موجتهم؟

[موجز الأخبار]

موقف اتحاد الصحفيين العرب من الصحفيين الداعين للتطبيع مع إسرائيل

أحمد منصور: سؤالنا كان عن انتشار ظاهرة الصحفيين المطبعين أو الذين يترددون على إسرائيل، أو الذين يكتبون في الصحف العربية ومن بينها صحف مرموقة مثل الأهرام يروجون للعلاقات مع إسرائيل وغيرها.

صلاح الدين حافظ: أولاً: موقف معظم النقابات العربية، نقابات الصحفيين العرب، معظم النقابات الوطنية، موقف واضح ومتشدد أو على الأقل موقف واضح وسليم من ناحية التطبيع.

أحمد منصور: لكن ليس لها قرار.

صلاح الدين حافظ: ما أنا هأقول لك، ثانيًا: موقف اتحاد الصحفيين العرب موقف مش بس واضح، بالغ التحديد في رفضه التطبيع بشكل أساسي، وإدانته لكل صحفي يخرق هذا القرار، وهذا القرار ليس قرارًا جديدًا في اتحاد الصحفيين العرب، ولكنه قرار منع التطبيع ابتداءً من نقابة الصحفيين سنة 1978م أول نقابة على المستوى العربي سواء صحفيين أو غير صحفيين تأخذ هذا القرار من الجمعية العامة.

أحمد منصور: نقابة الصحفيين المصريين.

صلاح الدين حافظ: نقابة الصحفيين المصريين، المؤتمر العام الثامن لاتحاد الصحفيين العرب اللي هو عُقد سنة 1983م أخذ القرار ده أيضًا، وفِضل هذا القرار يجدد ويؤكد باستمرار حتى المؤتمر العام التاسع اللي هو سنة 1996م في القاهرة، وفيه تم بلورة موقف واضح ومحدد من قضية التطبيع وبالغ التشدد أيضًا وصولاً إلى قرار بمطالبة النقابات الأعضاء في اتحاد الصحفيين العرب بحصر ومعاقبة الصحفيين الذين يخرجون على هذا القرار، ويخرقونه بالتطبيع مع إسرائيل، هذا من الناحية العامة.

أما من الناحية التطبيقية: أنا أتفق مع الرأي القائل أن خرق قرارات التطبيع أو منع التطبيع كثيرة جدًّا، بلاش جدًّا، كثيرة وظاهرة وواضحة، ونراها في أكثر من مجال، نراها في الاختراقات اللي تتم عن طريق الصحفيين وتشجيع أحيانًا من الحكومات أو اتجاهات حكومية، وأحيانًا بتشجيع من صحفهم بشكل مباشر نراها واضحة، وده لا يتم حتى الآن، يمكن نقابة الصحفيين المصريين مرة أخذت إجراء ضد بعض الصحفيين..

أحمد منصور [مقاطعًا]: أي إجراء؟ هي التهديد كان بالفصل، ولم يتم، لم نسمع عن أن صحفيًا فصل حتى في الأردن حينما اتخذوا قرار في الأردن.

صلاح الدين حافظ: حتى تم التراجع فيه، يعني أنا عايز أقول: هو مش بالضرورة العقاب يبدأ بالفصل ولكن هناك عقوبات متدرجة..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ما هو على قدر ما يقوم به الصحفي على اعتبار أن هذا اتفاق من النقابات ومن الجمعيات العامة للنقابات.

صلاح الدين حافظ: لا هو مش اتفاق.

أحمد منصور: الجمعيات العامة للنقابات-كما حضرتك أشرت وكما تشير التقارير- هناك قرار من جمعيات عامة فيما يتعلق بهذا الأمر، على الأقل يُحترم هذا من النقابات ويُطبق، لو طُبق على صحفي واحد لارتدع الآخرون، لكن إحنا بنجد رموز بارزة في عالم الصحافة تتجول ذاهبة آتية إلى إسرائيل ومنها وإليها وتكتب تروج الآن، أصبح هناك أقلام صحفية عربية تعتبر أقلام صهيونية موجودة في الصحافة العربية.

صلاح الدين حافظ: متخصصة، يعني هي المشكلة ما أنا بأقول لك إيه؟ المشكلة قائمة، المشكلة لها جانبين جانب أن الظاهرة اللي أنت بتقول عليها دي ظاهرة انتشار المطبعين أو علو صوتهم واحتلالهم لمساحات في الصحف واحتلالهم لمساحات في الشاشة وبالمناسبة أنا معترض على قناة (الجزيرة) في التطبيع، لأن ده جزء أيضًا من الممارسات لأنه بالفعل، فكرة الحجة التي تقال من المطبعين إيه يا أستاذ أحمد؟ تقال إننا..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ممكن توضح لي اعتراضك على قناة (الجزيرة) في التطبيع؟

صلاح الدين حافظ: أنها تمارس التطبيع عبر الشاشة.

أحمد منصور: ما هو شكل ممارسته؟

صلاح الدين حافظ: استضافة الإسرائيليين بشكل شبه منتظم بحجة.. الحجة التي تقال أيضًا في مصر وتقال في الأردن، وتقال في المغرب، وتقال في الجزائر.

أحمد منصور: كنت سأقولها لك أن الجميع يبرر هذا في أنه لابد أن يتعرف على عقل الإسرائيليين أو الرأي الآخر لهم بشكل مباشر.

صلاح الدين حافظ: هل التعرف على الرأي الإسرائيلي والجانب الآخر من الصورة ومعرفة الآخر وحوار الآخر يستدعي بالضرورة أنني أجيب على شاشة بيشوفها ملايين الناس والتليفزيون المصري مرة ذاع برضه برنامج طلع فيه اثنان من الخبراء الإسرائيليين وحصلت ضجة، إنما هل ده مبرر أنني أجيب الناس دي لغاية عندي في بيتي، وأدخلها بيوت الناس؟ هل مبرر الكاتب أو الصحفي الذي يدعي أنه يريد أن يتعرف على إسرائيل، هل الذهاب إلى إسرائيل هو الذي يعرف إسرائيل؟

أنا أستطيع أن أعرف..

أحمد منصور [مقاطعًا]: هم يقولون ذلك أنهم..

صلاح الدين حافظ: هم يقولون، بس دي حجة واهية.

أحمد منصور: الصحفيون العرب، هؤلاء الذين يذهبون إلى إسرائيل حتى يكشفوا قاع المجتمع الإسرائيلي، وينقلوه إلى العرب.

صلاح الدين حافظ: هذه حجج واهية.. هذه حجج واهية لا تكشف لا قاع المجتمع، ولا هم عندما يذهبون إلى إسرائيل يعرفون شيئًا محددًا، ولا عندما يأتون بالإسرائيليين، الإسرائيليون يقولون شيئًا محددًا يكشف من هو الآخر، يا سيدي..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ما هي الصورة البديلة يا أستاذ صلاح؟ الآن هم لديهم حجتهم وأنت تقول أن هؤلاء تطبيع؟

صلاح الدين حافظ: حجة واهية.

أحمد منصور: إذا هو يريد أن يقول: أنا أعرض الرأي الآخر ما هو البديل الذي ممكن..؟

صلاح الدين حافظ: أستاذ أحمد هل مهمة الصحافة الوطنية والقومية والإذاعة والتليفزيون الوطني والقومي أن يعرض وجهة النظر الإسرائيلية؟

أحمد منصور: هناك سلام وتطبيع، يقولون الآن قائم بين الكثير من هذه الدول وبينها إسرائيل.

صلاح الدين حافظ: ليس هناك سلام، هناك محاولات للتطبيع، لكن ليس هناك سلام، لم يستقر السلام، لم يحدد السلام حتى الآن ولم يستقر ولم توقع اتفاقيات، هناك أرض محتلة، هناك شعوب محتلة، هناك قدس محتلة، هناك يـباع الاضطهاد وتمارس العنصرية على أعلى مستوياتها، هناك ما هو أخطر حتى بعد توقيع اتفاقيات السلام، يا أخي مصر وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل سنة 1979م هل بين مصر وإسرائيل سلام بالمفهوم الشامل؟

لا أستطيع أن أقول، مصر تشعر كما يشعر كل عربي أو يجب أن يشعر كل عربي أنه حتى بعد توقيع اتفاقيات السلام هناك الخطر الحقيقي الداهم على مستقبل هذه الأمة، وعلى وجودها وهو الترسانة النووية الإسرائيلية، هذا التهديد الدائم كيف تنام في منزلك ليلاً وأنت تشعر بهذا التهديد؟ وتتحدث عن التطبيع، وعن الرأي الآخر، وعن معرفة الآخر، وعن الحوار مع الآخر، أي آخر إذا كان هو يحتقر العرب؟

لقد سمعنا آخر ما قاله (باراك) نبي السلام عند التطبيعيين من أسبوعين، ووصف الفلسطينيين بأوصاف.

أحمد منصور: ماذا قال؟

صلاح الدين حافظ: قال: الفلسطينيون زي التماسيح كلما أطعمتهم ازدادوا شراهة فيجب أن تقتلهم، خذ بقى من عندك ده نبي السلام المعتدل والحمامة وجناح الحمائم الذي يتفاوض على السلام، فما بالك بالمتشددين والمتطرفين في الأحزاب والمنظمات الدينية والسياسية من الليكود سياسيًّا إلى شاس وبناة الهيكل ودعاة التوراة وما أعرفش كل المنظمات الدينية.

أحمد منصور: هل موقفكم من التطبيع مرهون بتوقيع اتفاقات تسوية نهائية مع إسرائيل أو ما هو دائر الآن حول القدس إذا وقع الفلسطينيون الآن اتفاقات نهائية ستغيرون موقفكم كنقابات وكاتحاد صحفيين عرب من قضية التطبيع؟

صلاح الدين حافظ: يا سيدي موقفنا يتمايز، ويختلف عن موقف الحكومات.

أحمد منصور: كيف؟

صلاح الدين حافظ: الحكومات توقع اتفاقيات، لا توقع اتفاقيات دي مسؤوليتها الحكومية، إنما توقيع الاتفاقيات، وهذا هو الطرح الذي طرحناه من أواخر السبعينات حتى الآن في مصر أن الحكومة عليها مسؤولية، وقعت اتفاقية تتحمل مسؤوليتها، وتمارس مسؤوليتها من خلالها، لكن الحكومة لا تلزمني أنا كمواطن ولا كنقابة أنني أطبع مع إسرائيل بدليل أن النقابات الرئيسية الأساسية صاحبة التأثير الحقيقي في المجتمع في مصر، مش لم تطبع مع إسرائيل وترفض وتمتنع وتدين حتى بدعوات رسمية، بما فيها نقابة الصحفيين، نقابة المحامين، نقابة الأطباء، نقابة المهندسين، النقابات اللي بتمثل الجسد الحقيقي للمجتمع وما يسمى المجتمع المدني في مصر، أنا عاوز أقول الآتي..

أحمد منصور[مقاطعًا]: عايز أسأل سؤال هنا تحديدًا.

صلاح الدين حافظ [مستأنفًا]: الحكومات توقع، لكن ليست.. الحكومات لا تملك أن تفرض على النقابات، ولا على السلطة.. ولا على … ولا السلطة تفرض على المواطنين أنه يطبع مع إسرائيل، هل نجح التطبيع الإسرائيلي مع مصر رغم مضي نحو 23 سنة على زيارة الرئيس السادات؟

أحمد منصور: الشعب يرفض هذا، وله موقفه.

صلاح الدين حافظ: هو ده اللي إحنا بنقوله، إحنا من الشعب، وليس من السلطة، إحنا من الشعب وليس من السلطة.

أحمد منصور: لكن هناك نغمة رفض التطبيع تغيرت، بعد ما كانت رفضًا نهائيًّا للتعامل مع إسرائيل ومع وجودها، أصبح هناك شق من الناس يقول: إن هذا مرهون بتوقيع اتفاقات، وسؤالي أيضًا الهام: هل النقابات ونقابة الصحفيين في مصر لا تملك وفي الأردن باعتبارهما من النقابات التي ذهب صحفيون منها إلى إسرائيل هل لا تملك القدرة على أن توقع عقابًا جازمًا على الصحفيين أم لا؟

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: تفضل أستاذ صلاح.

صلاح الدين حافظ: اسمح لي أولاً إن أنا أقول رأيي الشخصي كمان، يعني موقفي الشخصي .. أنا شخصيًّا من الذين يقولون: إن الصراع بين العرب وإسرائيل هو صراع حضاري، وصراع وجود مستمر، وليس صراع على شبر من الأرض، وعلى الحدود والسيادة الإلهية على القبة المشرفة وعلى الصخرة المشرفة، وعلى المسجد الأقصى، والقدس لإسرائيل.. لأ.. أنا أعتبر أن الصراع ده ممتد، توقع الحكومات جميعًا ما ترى أنه صالح من اتفاقيات ومعاهدات وتسويات، ولكن هذا لا ينهي الصراع العربي الإسرائيلي بالمفهوم الذي أتحدث عنه أنا، وأؤمن به، وأدافع عنه، وأكتب عنه في الصحف المصرية في الجريدة التي أعمل بها.

أحمد منصور: معنى ذلك أن الصراع مستمر، ولن يتوقف، أو لم توقفه الاتفاقات.

صلاح الدين حافظ: لأن هناك ضغوط أخرى، لأن هناك عناصر أخرى من الصراع، عناصر جوهرية لم تحل ولن تحلها التوقيعات على الاتفاقيات فمعنى ذلك إيه؟ معنى ذلك أن للشعوب اتجاهات أخرى، ووجهات نظر أخرى، وما تضطر الحكومة (X) أن توقع عليه الآن، قد لا يقبله الشعب، وأنا بأقول لك النموذج المصري في التطبيع، وأنا نموذج أعتز به جدًّا، ويعتز به كل عربي أصيل.. إنه عشرين عام..

أحمد منصور [مقاطعًا]: طيب اسمح لي آخذ بعض المشاهدين الذين أتركهم منذ مدة، سعيد محمود من مالطا.

سعيد محمود: السلام عليكم ورحمة الله.

أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله.

سعيد محمود: أشكر الأستاذين الكريمين الإعلاميين المتمرسين فعلاً على هذا البرنامج الذي يوحي فعلاً بجدية في طرح قضايا الأمة، ولي مداخلتان أو ملاحظتان قصيرتان، وسؤال لو سمحتم وأرجو ألا أطيل، يا سيدي: السياسة دخلت في كل شيء حتى لقمة الخبز وكأس الماء، وورق الجريدة وحبرها، والانشغال عنها بالهم اليومي المهني أو المعيشي -كما ورد على لسان الضيف في بداية الحديث- كأنه يجعلها ثانوية ويجعل الهم اليومي هو الأساس، ونخشى أن أكون أنا أخطأت الفهم، هو ذكر في بداية حديثه هذا الانشغال بالمهنة، الملاحظة الثانية..

أحمد منصور [مقاطعًا]: الأستاذ صلاح يصوب لك بأنه لم يقل هذا.

صلاح الدين حافظ [مقاطعًا]: لم أقل أن الهم اليومي غلب على..

سعيد محمود: طيب.. لعلِّي فهمت خطأ.

أحمد منصور: طيب.. ملاحظتك الثانية.

سعيد محمود: الملاحظة الثانية.. الكلمة واضح أنها في المجتمعات العربية هي البديل، الكلمة التي يعبر عنها الإنسان عن حريته -ولو صراخًا- هي البديل عن القبضة أو السكين أو المسدس، فإذا خُنقت الكلمة نشط البديل الآخر، وكلما اتسعت مساحة الكلمة ضاق هامش البديل الآخر، ونخشى أن يكون في عالمنا العربي ناصحون للحكام من أعوانهم بخنق الكلمة، بقصد سيئ ربما لتدمير هؤلاء الحكام، أو لأنانيات لدى الأعوان، لأن الأعوان إذا سقط هذا الحاكم يصفقون للبديل الذي يليه، لا يهمهم شيء..

أحمد منصور [مقاطعًا]: ملاحظتك هامة جدًّا يا أخ سعيد، أشكرك شكرًا جزيلاً عليها، أحمد داود من بريطانيا.

أحمد داود: السلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام.

أحمد داود: مداخلة بسيطة جداً، أنا أشكر سيادتك يا أستاذ أحمد وسيادة الضيف الأستاذ صلاح، وأنا استمعت كثيرًا جدًّا من البرنامج، أنا بأقول إن إحنا أنا دلوقتي بقى لي ثلاثين سنة في بريطانيا، إحنا وكل أصدقائي، الناس اللي نعرفهم في أميركا، وفي فرنسا وما بنقراش للأسف صحف عربية خالص، لأنه لا نثق بهذه الصحف، والحمد لله لأن لما نشوف صحيفة أي صحيفة يقول لك: زار الملك، جاء الملك، راح الأمير، جاء الأمير، الوزير، ما فيش الأخبار اللي هي الصحيحة الدقيقة اللي إحنا نثق فيها..

أحمد منصور [مقاطعًا]: لديك يا أحمد صحف عربية تصدر في بريطانيا رصينة، ولها وضعها العالمي ومصداقيتها أيضًا، صحف عربية.

أحمد داود: أيوه يا فندم، لكن صراحة الحمد لله إذاعة (الجزيرة) دي إحنا دلوقتي يعني إحنا أي واحد من صحابي عندنا الدش ستالايت بنسمع (الجزيرة)، لأن إحنا بنقارن المستوى بتاع إذاعة (الجزيرة) بمحطات تانية زي ال C.N.N ، وال A.B.C وال L.B.C ونشوف..

أحمد منصور [مقاطعًا]: شكرًا لك على هذا، ونتمنى أيضًا أن تكون (الجزيرة) فعلاً بهذا المستوى، أستاذ صلاح.. بشكل موجز الآن، ونحن في نهاية البرنامج، النقاط الأساسية التي ربما تشغل كثيرًا من الصحفيين الآن، حددنا أسباب الأزمة، تكلمنا عن محاور مختلفة، عندي كثير من بعض الأشياء التي وصلتني على الفاكس عن أن هناك بعض الناس ضحايا لعمليات التشهير، دكتورة سامية سعفان استشارية نساء وولادة من أبو ظبي تقول: إنها ضحية.. كانت ضحية عملية تشهير بدون أساس قام بها صحفي في جريدة محلية حكومية، بدون تحري الحقائق، والسؤال: هل هناك مجلس أو جهة متخصصة؟ والسؤال هنا: لماذا لا تسعون لإنشاء محكمة -فعلاً- مهنية لمحاكمة الصحفيين، والضغط على الحكومات لإبعاد عمليات المحاكمات التي تتم، وتحويل الصحفيين للقضاء؟

صلاح الدين حافظ: يعني طبعًا أنا الحقيقة أتعاطف جدًّا مع الدكتورة سامية اللي وقعت في قضية تشهير، أو وقعت ضحية للتشهير، وأتفهم هذا الموقف، وزي ما قلت في ملاحظة سريعة، إنه التشهير جزء من النشاط الإنساني أحيانًا يعلو وأحيانًا يهبط، وزي ما بأقول برضو وأؤكد إنه التشهير أحيانًا يتم من جانب الصحفيين والإعلاميين، ورجال السياسة هم أكثر من الصحفيين والإعلاميين في قضايا التشهير، ولكن أيضًا حتى يا سيدي زي ما السياسيين بيشهروا بخصومهم الخصوم يشهروا بالسياسيين، وزي ما الصحفيين والإعلاميين أحيانًا يرتكبوا جرائم التشهير بالآخر، يرتكب ضدهم جرائم، وأنا أؤكد للدكتورة سامية رغم أن أنا متعاطف معها جدًّا، أؤكد لها أن الصحفيين يتعرضون للتشهير بشكل خطير..

أحمد منصور [مقاطعًا]: لكن هنا يا أستاذ صلاح -لأنه لم يعد لديَّ وقت- هل هناك جهة يمكن أن تلجأ إليها؟

صلاح الدين حافظ: طبعاً.. طبعًا.. هناك جهات كثيرة، هي تختصر الطريق بصراحة، أنا أنصحها كصحفي أنها تختصر الطريق مباشرة، وتذهب إلى القضاء، يبدو أن اسمها مصري، يبدو من اسمها أنها مصرية. أنا أعتقد أنها تروح لمحكمة.

أحمد منصور [مقاطعاً]: يبدو ذلك، هي في أبو ظبي تقيم شكرًا لك.. أشكرك شكرًا جزيلاً، وأعتقد أيضًا أن هناك أشياء مهمة نأمل أن نعالجها مستقبلاً في حلقة أخرى، لاسيما وأنكم في الشهر القادم تعدون للمؤتمر العام للصحفيين العرب، وهناك قضايا محورية وهامة سوف تناقش فيه، أشكرك شكرًا جزيلاً على ما تفضلت به.

كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حلقة الأسبوع القادم هامة للغاية، حيث نفتح فيها ملف الهولوكوست أو المحرقة التي يزعم اليهود أنها وقعت لهم على يد (هتلر) أثناء الحرب العالمية الثانية، وذلك من خلال حوارنا مع كاتب يهودي أميركي مشهور معادٍ للصهيونية وهو (نورمان فنكلشتاين)، حيث فجر أزمة كبرى في الغرب خلال الأيام الماضية لاسيما في أوساط الحركة الصهيونية، بعد ما أصدر كتابه عن "صناعة الهولوكوست".

تابعوا معنا التفاصيل في حلقة الأسبوع القادم إن شاء الله، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم (بلا حدود)، والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة